العدد 4199 - الخميس 06 مارس 2014م الموافق 05 جمادى الأولى 1435هـ

أهمية تحسين الجودة الصحية لمرضى السكري (1)

فيصل جعفر المحروس comments [at] alwasatnews.com

طبيب استشاري وباحث في أمراض السكري

الصحة هي إحدى دعائم المجتمع السليم، اذ تسعى جميع الدول إلى الوصول إليه من خلال جميع الوسائل المتاحة لها. ولعل الوصول إلى الجودة الصحية هو الهدف السامي الذي يسعى إلى الوصول إليه أي نظام صحي، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من وضع الخطط الكفيلة بتحقيقه.

فمع اتساع قاعدة الخدمات الطبية المتاحة لأفراد المجتمع وخاصة خدمات رعاية الأمومة والطفولة فإن الهرم السكاني اخذ في التغيير لتصبح قمة الهرم، والتي تمثل الفئات العمرية الأكبر سنّاً، أكثر اتساعاً من القاعدة التي تمثل الفئات العمرية صغيرة السن.

أما هرم الخدمات الصحية فتمثل قاعدته خدمات الرعاية الصحية الأولية الثابتة والمتنقلة وتمثل قمته الخدمات الصحية التخصصية فائقة المستوى. وفي كل مراحل تدرج هذا الهرم يتنقل مفهوم الوقاية ليقلل أعداد المرضى الذين يتم نقلهم إلى مستوى خدمة صحية أعلى. ويقاس نجاح النظام الصحي بنجاح برامج الوقاية الصحية وبالتالي تناقص معدلات الإصابة بالأمراض ومعدلات الوفيات في إطار كل فئة من فئات الهرم السكاني.

ومن أهم أدوار الرعاية الصحية الأولية التي تستهدف فئات الهرم السكاني هو بث الوعي الصحي من خلال برامج التثقيف الصحي. وحقيقة يعتبر امتلاك المعلومات الصحية الصحيحة المناسبة للتداول العام لأفراد المجتمع، من أهم دفاعات مفهوم الوقاية. وتعتمد برامج الوقاية على أربعة عناصر تشكل أركان تلك البرامج.

الركن الأول: وهو الملقي أو الناقل، الركن الثاني الرسالة المراد توصيلها، الركن الثالث الوسائط التي تستعمل لنقل الرسالة، والركن الرابع المتلقي أو الهدف. ولنبدأ بالركن الأول وهو الملقي أو الناقل الذي لابد أن يستوفي العديد من الشروط للوصول إلى أحسن مستويات الأداء.

أول هذه الشروط هو فهم واستيعاب الرسالة المراد توصيلها ومن ثم ترجمتها بصورة مبسطة وباللغة التي يفهمها المجتمع المستهدف. ومن ضمن الشروط المهمة الأخرى هي انتماء الموصل إلى المجتمع المستهدف وذلك لسهولة تمازجه وتداخله مع المجتمع المستهدف وسهولة تخلصه من العوائق الاجتماعية التي تعوق الموصل غير المنتمي إلى المجتمع المستهدف. ودائما لابد أن تتداخل دوائر الخدمات المختلفة حتى يتم تعديل بعض المفاهيم الاجتماعية والمورثات الاجتماعية التي قد تعوق عمل الملقي أو الموصل (مثل النظرة العرقية الاجتماعية والاقتصادية).

الركن الثاني: وهو الرسالة المراد توصيلها، وهي هنا عناصر التوعية الصحية التي ترفع من وعي المجتمع لتجنب بعض العادات السيئة أو السلوكيات التي تؤدي إلى تفشي بعض الأمراض أو تساعد على ظهور بعض المضاعفات، وينبغي أن تكون تلك الرسالة سهلة ومبسطة وواضحة تراعي المستوى الفكري والعمري والتعليمي للفئة المستهدفة.

وتلعب الوسائط دوراً مهمّاً في توصيل الرسالة للفئة المستهدفة، فقد يتم توصيل الرسالة بصورة مباشرة مثل التحاور المباشر سواء بصورة فردية أو جماعية أو توصيل الرسالة بصورة غير مباشرة كاستخدام الملصقات أو نشرات التوعية أو استخدام الوسائل الإعلامية المختلفة مثل الدراما الإذاعية أو التلفزيونية لمناقشة بعض القضايا الطبية وطرق علاجها.

ويتم اختيار الوسيط الناقل وفق الخصائص الاجتماعية والفكرية والاقتصادية للفئة المستهدفة. أما المتلقي أو الهدف فهو الركن الرابع من أركان منظومة برنامج الوقاية الصحية. ويشكل المتلقي أو الهدف أحد عناصر المجتمع والذي تشمله مظلة الرعاية الصحية. لكن أكثر الأخطاء شيوعاً هو اعتبار الفرد متلقياً للخدمة الصحية دون واجبات، بمعنى أن الخدمة الصحية حق له، دون واجبات عليه يهدف تكاملهما على الحفاظ على وتطوير تلك الخدمة. ولعل انسياب الخدمة الصحية في اتجاه واحد دون النظر في تطوير الهدف (المريض) من خلال برامج التوعية الصحية من أهم مسببات إهلاك الموارد الصحية.

ويزداد الأمر سوءاً عندما يبدأ الفرد في التنقل عبر مستويات الخدمة الصحية دون ضوابط، والقفز فوق مستوى الرعاية الصحية الأولية التي تتولى الدور الوقائي إلى مستوى الرعاية التخصصية التي تهتم بالدور العلاجي. ويتم هذا التنقل دون محاسبة أو رقابة أو تنظيم.

ولعل أكثر الأمور خطورة هو إهمال الجانب النفسي في المتلقي وناقل الخدمة، ولعل مستوى العلاقة بين الناقل والمتلقي يتحكم في سير وتدفق الرسالة بينهما.

إقرأ أيضا لـ "فيصل جعفر المحروس"

العدد 4199 - الخميس 06 مارس 2014م الموافق 05 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً