العدد 4196 - الإثنين 03 مارس 2014م الموافق 02 جمادى الأولى 1435هـ

البحرين ... الاتجار بالبشر!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قضايا الدعارة في البحرين ليست بالقضايا الجديدة، وقد تطرّقت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة منذ سنوات إلى تسليط الضوء عليها، وقامت بشن الحملات وغلق بعض المواقع المشبوهة، من مراقص ليلية وشقق مفروشة تمارس هذا النوع من التجارة، ولكنها واجهت حملة شرسة من متنفّذين، والسبب أنّ مدخول هذه التجارة يعتبر من أعلى المداخيل في العالم بعد السلاح والمخدّرات! فهل يعرف أحدنا معنى الدعارة؟ وما ارتباطها بالاتجار بالبشر؟

الدعارة فعل استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي، والبعض يعتبرها ببساطة «بيع الخدمات الجنسية»، أما الاتجار بالبشر فهي عملية توظيف أو تجنيد شخص وإيوائه ونقله أو الحصول عليه من طريق التهديد أو استخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه؛ وإخضاع الضحايا للعبودية رغماً عنهم، لغرض استخدامهم أو تسخيرهم أو إجبارهم على العمل القسري، أو العبودية، أو ممارسة الدعارة (البغاء)، أو استغلالهم لأغراض جنسية.

وهنا نجد الدعارة قد تكون أحد أصناف الاتجار بالبشر، وقد تكون برغبة الشخص دون الوقوع في فخ أو عن طريق القوّة والقسر، وهناك أمثلة كثيرة عليها في الحياة البحرينية، ونتذكّر بعضاً ممّا طُرح علينا وسمعته آذاننا.

تقول إحداهن: أنا فتاة بحرينية عمري 17 عاماً، نشأتُ في منزل محافظ فقير جدّاً، وساعدتني ابنة خالي للسير في طريق الرذيلة وأنا في الـ 14، وكنّا نذهب لأحد المجمّعات بنيّة دخول دور السينما، ومن هناك تأخذنا سيّارة إلى أحد المراقص الليلية، ونلبس غطاءً حتى لا يعرفنا أحد من دون لبس «الدفّة»، وما أن تبدأ الموسيقى حتى يبدأ أحدهم باختيار واحدة منّا، وبعدها نبدأ بالرقص ويدفع ذاك الرجل مبلغاً من المال، وما هي إلاّ ساعات ونخرج بمعيّة بعض الشباب لإحدى الشقق المفروشة، وعندما تم تشديد القبضة الأمنية وملاحقة بعض الأماكن، أصبحنا نذهب إلى بيوتٍ مؤجّرة حتى تدخل السيارة داخل البيت فلا يعلم أحد ما نصنع!

سألنا هذه الفتاة عمّا تقوم به في تلك الأماكن؟ فقالت إما أن نشرب الخمر معهم ونلاطفهم ونرقص ونمرح تمر السهرة على خير، وبعد ذلك يعطونا مبلغاً من المال، وإمّا نمارس معهم، ويعتمد على ما يريده صاحب الحساب! فسألناها إن كان أهلها على علم بذلك، فقالت لا يمكن أن يقبل أحد على «ضناه» هذا الفعل، ولكن لم يسألني أحد عن مصدر المال الذي بجعبتي أو سبب تأخري عن المنزل لما بعد الساعة 12 ليلاً، فأنا أصرف على أمي وأبي المتقاعد وإخوتي الصغار، والمسألة بسيطة لا تتعدّى ساعات في «الويك اند»، وما دام الخير موجوداً فالفم مكمّم ولا يُحاسب!

مسكينة تلك الفتاة، فلقد تصوّرت هذه التجارة قناة سهلة للمال، ونسيت المعايير البشرية أو حتى الدينية، وكل ذلك من أجل المال واللذة، ففي بعض الأحيان لا يُردع الإنسان عن طريق الدين، ولكنه قد يُردع عن طريق العادات والتقاليد، ولا نريد الخلط بين الاستمتاع بالوقت مع بعض الأصحاب من خلال شرب الخمر أو الرقص وإن كان حراماً في نظر المجتمع، ولكننا نتحدّث عن تجارة تؤدي إلى مهالك أخرى، فهذه الفتاة ليس لديها صاحب، وإنّما تتعرّض لمواقف وخبرات خطيرة في كل ساعة، فهي كما أخبرتنا، قد تنام مع 4 أو 5 أشخاص في الليلة الواحدة، وكل شخص لا يتعدّى الساعة، وكل ساعة بمبلغ مالي ضخم بالنسبة لها! ناهيك عن الأمراض الجنسية التي قد تتعرّض لها بسبب هذه الممارسات!

وحيث أنّ الجنس غريزة في الكائن البشري، فالجميع يتعرّض لخبرات جنسية متعدّدة ومتنوّعة، وبالطبع في مجتمعاتنا العربية خبراتنا الجنسية يجب أن تكون في إطار الزواج، ولكن كسر الحواجز وتجرّؤ الشباب سببه فقدان المجتمع للمعايير والقيم، ولا نقول بأن المجتمع البحريني متفسّخ، ولكننا نقول إن تسهيل الحرام والمجاهرة بالمعصية أدى إلى انتشار هذه الخبائث، وهو الذي جعل تلك الفتاة تشقّ طريقها على رغم صغر سنّها في تيّار يخالف توجهات أهلها وذويها!

لا نلوم الفتاة ولا أهلها ولا نلوم القانون بمواده الصريحة حول هذا النوع من التجارة، ولكننا نحتاج إلى تكثيف الجهود من قِبَل الجميع، سواءً القيادات الشعبية أو مؤسسات المجتمع المدني أو التعاون بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية ووزارة الحقوق، لتوعية الشبيبة بمضار وخطورة هذه الأمور. فالفتاة التي ذكرناها كانت ضحيّة ابنة خالها والمجتمع والفقر، لأنّها تُعتبر في القانون عديمة فكر، أي انّه من السهل النصب والاحتيال عليها في ظل غياب الوازع الديني. يتبع.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4196 - الإثنين 03 مارس 2014م الموافق 02 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 5:05 ص

      مريم

      خوش موضوع في يوم جميل..
      شنو بكيون ردج لو كان اخوج او زوجج او المقتول ؟؟

    • زائر 16 | 4:13 ص

      الارهاب

      اعتقد الاخت يجب ان تكتب مقال عن انفجار القنبلة يوم امس الارهابي والذي راح ضحيته شهداء الواجب. والله بس قادره على الشيخ عادل المعاودة

    • زائر 13 | 12:35 ص

      الاتجار بالفري فيزا ومن هم المستفيدون منها

      في قضايا كثيرة منها على سبيل المثال بعض الآسيويين من اصحاب الفيري فيزا يقومون بمنافسة اصحاب سيارات الاجرة ويتكّسّون عيني عينك ومن دون خوف من أي قانون يطالهم لأن اصحاب التاكسي قبضوا على بعضهم واشتكوهم للجهات المختصة فضاعت القضية لأنّ اربابهم هم من اصحاب المناصب.

    • زائر 12 | 12:32 ص

      طالما ان هناك ناس فوق القانون فلا طائل من الكلام

      الكثير اشتكى وتوقف عن الشكوى لأنه اصطدم بحائط ان القانون لا يطال البعض
      وهناك من هم في مناصب معينة لا يمكن للقانون ان يطالهم وهذه حقيقة

    • زائر 11 | 12:21 ص

      هناك مجموعات تسرق الخدامات من البيوت والقانون معاق

      عن نفسي خسرت قرابة 3000 دينار بسبب تهريب الخدامات ففي كل مرّة اجلب خادمة تأتي عصابة معينة لتستدرجها وتهربها.
      طبعا البعض يستغرب من هذا الكلام فأنا كوني اتعامل مع الخادمة على انها بشر ولها كرامتها فلا اضيّق عليها وكما قال الامام علي عليه السلام 3 إن انصفتهم ظلموك احدهم الخادم او الخادمة

    • زائر 10 | 11:45 م

      الدعاره تحت مسمى اي مسمى مرفوض

      ربما اكبر مسمى الى الدعاره هو السياحه ، هنا لا توجد قوانين صارمه لدعاره السياحه ، وخوف هروب السياحه من البحرين في حاله الاقتصار الميت

    • زائر 9 | 11:40 م

      الخلط ما بين السبب و النتيجة

      تجارة الرق اقدم تجارة في تاريخ البشرية و كانت تمارس في عهد الفراعنة و السومريين و كل الأقوام و زالت مستمرة. الأصل الاقتصادي الذي يؤثر علي حياة البشر مبني ومؤسس علي استغلاله. كل الثروات تنتج عن استغلال البشر. طالما هذا الأصل الاقتصادي و يليه الأصل الاجتماعي لا يتغيران فالأمور تبقي علي ما عليها و لا امل في التغيير. التجارة بالبشر نتيجة للأسس التي وضعها الانسان لحياته علي هذه الكرة و ليس السبب.

    • زائر 8 | 11:02 م

      ذكرتي أهم الأسباب وهو الفقر.. فمن عمل على إفقار هذا الشعب يساهم في إنتشار الرذيلة..

      فالفتاة التي ذكرناها كانت ضحيّة ابنة خالها والمجتمع والفقر ...

    • زائر 7 | 10:59 م

      حلمك يا رب

      موضوع الدعارة خطير جداً .ومع الأسف كما ذكرتم وذكر الكثير منتشر وبصورة شبه مطلقة ، والكل محاسب عند ااااا عن بقاءه لان الراضي به كفاعلة وهو من المعاصي والذنوب الكبيرة .

اقرأ ايضاً