نلجأ إلى الرمز فيما نكتب إما لأن فعلنا مع الكتابة يذهب إلى الحدود التي نستطيع من خلالها رفع اللغة قليلاً عن الأرض، عن العادي والمباشر؛ وإما لأن الفضاء من حولنا محاصر، ولا يمكن مع تراكم الكوارث أن نلوذ بالرمز للاحتجاج. ثمة قضايا لا تتحمّل الرمز. قد يعمل على مواراتها.
في كل الدول التي تحترم القانون، وألزمت نفسها به لا تنتظر تنفيذ الوعيد والتهديد من طرف ما لتتحرك باتجاه اتخاذ موقف يحفظ سلامة البشر ويصون هيبة القانون. نتحدث عن قانون مفعّل دون تمييز، لا قانون المزاج والانتقام والثأر. ذلك موضوع مأساة لها وقتها وكتابتها.
قبل أيام انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو تهدّد فيه كائنة بحرق إحدى القرى. بعد البحث والتحري اتضح أن أصول التي هدّدت ترجع إلى دولة محتلة انتشر سكّانها الأصليون في أصقاع الأرض، بحثاً عن وطن بديل مؤقت. البعض استوطن في دول ولا مشكلة لديه إذا أحرقها بنص التهديد والوعيد أو بالفعل.
بعد أيام، نشرت بعض الصحف خبراً عنوانه: «حريق يطول روضتين في الدير، ومحاولة حرق ثالث». الفحص الأوّلي أشار إلى أن سبب الحريق «ماس كهربائي»! سبحان الله، في الروضتين ولو تم الحريق الثالث لكانت (التالته تابته): «ماس كهربائي»!
القانونيون والمحامون أعلم منا ولا ندس أنفنا فيما لا نعلم؛ لكن من أبسط البديهيات والمعرفة بالقانون أن التهديد بحرق منطقة مع تسميتها مع إضافة «ومحَّدْ راح يوقّفني»... «بَحْرقُهم كلهم»، وبالصوت والصورة، ومع صمت الجهات المعنية وعدم اتخاذها أي إجراء ولو شكلياً، يعطي رسالة - ولن يلام من يفهم ذلك الصمت - بأن «دربك خضر وعساك ع القوة»!
نحن نتحدث عن تهديد بحرق قرية بمن فيها وبصريح العبارة «ومحد راح يوقّفني». تلك الثقة وبشكل أدق «الوقاحة» لا تحضر إلا ثقة أيضاً في أن «القانون» غير معنيّ بالذين يناصرون ويهتفون وينبطحون أمام الخلل والتجاوزات ماداموا مستفيدين من كل ذلك، ويعتبرون ذلك ربيع أيامهم وأعمارهم في دناءة بالغة، ولو تحوّلت أوقات الناس وفصولهم إلى قبور وليس خريفاً فحسب.
ذلك شاهد واحد. شاهد آخر وأيضاً بالصوت والصورة لموتورة وصفت مكوناً رئيسياً - شاء من شاء وأبى من أبى - بـ «الكلاب»، وبلغةٍ تحريضيةٍ مريضةٍ تنمّ عن جبالٍ من عُقَد. الملفت في الأمر أن من كان يحاول تهدئتها وبـ «لُطفٍ بالغ» أحد الذين من المفترض أن يكون مُوكلاً بتطبيق القانون، وفي الوقت نفسه يتمنّى أن تستمر في نوبة الصرَع التي انتابتها!
سيقال في التهديد الأول: «إنه رد فعل طبيعي لحادث برز». وما نعرفه أن القانون من المفترض أنه لا يعير اهتماماً في نفاذه، وخصوصاً في تهديد من ذلك المستوى، لردّات الفعل؛ سواء كانت تهديداً أو مباشرة للفعل بتنفيذ التهديد، ولن نذكّر بـ «ولا تزر وازرة وزْر أخرى» لأن مفهوم ومضمون وتفعيل ذلك النص القرآني القانوني لا مكان له على خريطة الإجراء!
سيقال في التهديد الثاني الأمر نفسه، ليظل الناس في هذه الحمّى من شراسة الحقد وردات الفعل المَرَضية وتفرّج القانون، تحت رحمة التهديد ومن بعده الفعل، ولا بهيمة ستقتنع أن حرق روضتين ومحاولة حرق ثالثة جاء بمحض المصادفة إذا استثنينا حريقاً آخر يبعد كيلومترات عن موقع التهديد!
بين هذه وتلك، طلع علينا «داعية ديجيتال» ممن لم ينسَ الناس تاريخه السيئ والدموي، مُزبداً مُرعداً، مُستشهداً بكلام الله و «بلحْن يمكن تمييزه» في فضيحة بالألوان والصوت والصورة متكررة، تساهلاً وتجاوزاً لأبسط إمكانات ومؤهلات الداعية حفظاً للقرآن ووجوب معرفة قراءاته! مُثنياً على حال السُعار الذي انتاب من وصفت مكوناً رئيسياً بـ «الكلاب»، في خلط عجيب غريب لا يخلو من هلوسة بانعدام الرابط بين «أم ...» وأم ريكا و «لا نريد تطبيق القانون» و»نريد تطبيق شرع الله»، ولم ينقص كل ذلك إلا التذكير بشهادة التكريم التي نالها من المخابرات المركزية الأميركية و»عجين الفلاحة» و»أوباما مفتي عام الديار العالمية». تلك هي الخلْطة! والقانون بمنأى عن كل ذلك في تحريض لا يقبل تأويلاً وعميق تمعّن!
في الحقوق، وفي تبيُّن الخيط الأبيض من الأسود، والتفرُّج على التجاوزات والخلل، وتعطيل الحقوق لفئات، فقط لأن صوتها مرتفعٌ في المطالبة بحقوقها، لا يمكن التعامل مع من وما يهدِّد أرواح الناس بالحرْق باعتباره ردّة فعل بمعزل عن الشحْن والتجييش والطأفنة وممارسات لم تنطلِ على أحد في الداخل والخارج، وإن جُهّز لها ما جُهّز وأُعدَّ لها ما أُعدَّ وسُخّر لها ما سُخّر من أبواق وكَتَبَة وباحثين عن فرص في «جنة» الاستغلال وانتهاز الفرص!
نحن وبشكل واضح، إزاء تهديد وتحريض وشحن له عقوباته في كل دساتير الدنيا، حتى تلك التي عرفت بجمهوريات الموز. نحن إزاء تهديد بوصْفهِ فعلاً، وإزاء صمت بوصفه ضوءًا أخضر!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4195 - الأحد 02 مارس 2014م الموافق 01 جمادى الأولى 1435هـ
هذول ربعهم تبيهم يحاسبةنهم
يلعنون ابو اسلاف القرى الفقيرة وهم قريري العين اما اولئك فمرفوع عنهم القلم الى ان تتحقق المطالب ويأخذ كل ذي حق حقه اما اليوم القانون يسري علينا فقط اما هم فلا ، لذلك لا يريدون التغيير ويريدون ان يبقى الحال كما هو هم فووووووق انت الآخر في ستييييين . وهذا لن يدوم طويلا وسينالون ما يستحقون في يوم ما .
اقول الى الفارسة المغوارة اللي طلعت تهدد بتحرق القرية:
تراج في خطر صوت وصورة يعني انت ارهابية مع سبق الاصرار والترصد واذا حقت حقايقها بتدرجين تحت قانون الارهاب العلني وبضحون فيج يا حظي خصوصا المجتمع الحقوقي استانسوا بصورتج كمستمسك عليج وعلى من حرضج وياغريب كن اديب
على المنظمات الحقوقية ارسال شريط الفيديو ليتم تحليله من عدة زوايا قانونية الى الجهات الدولية المعنية لترى حجم التهديد العلني
ومدى رضا الحكومة عن هذه الفئة واعطائهم الضوء الاخضر فيما يفعلون وبحرية تحت مسمى (الابادة الجماعية ) ليرى العالم ويقيم
كم من المعتقلين تتوقعون وكم سيعترفون بالجريمة لو كانت في صالحهم؟
لو كانت القضية بالعكس وفي منطقة من مناطقهم لرأيتم عشرات المعتقلين من جماعتنا ولسمعتم اعترافاتهم كلهم يقول انا حرقت
جريمة مكتملة الاركان مسكوت عنها كيف لا تسألني
الجريمة مكتملة الاركان ولكن من سيحقق فيها ومن سيتابعها هذه المرّة حتى لجانهم التحقيقية التي لم تخرج علينا بشيء يذكر طوال 3 سنوات لم يكلّفوا انفسهم العناء بتشكليها راسا الحكم بماس كهربائي والمشكلة كيف يحدث هذا الماس لروضتين وكاد يحصل في الثالثة وبعد التهديد نفذ الوعيد
حرق مع سبق اصرار وترصد وعمد
الجريمة مكتملة الاركان في عرف القانون ولكن الفرق بين من هدد وفعل انه من طائفة ما لا يجري عليها القانون كما صرحوا مرارا
لا قانون يجري عليهم لو من باب الخجل على الاقل يستدعون التي هددت وتوعدت والتحقيق معها وحتى هذا لم يحصل
هي حرب علينا مكشوفة
بيض الله وجهك أيها الكاتب الشريف
وجب توثيق تصريحاتهم وكلامهم وكيفية تغطيتهم وحمايتهم هؤلاء الموتورين وإرسالها للمنظمات الدولية والحقوقية لنبين لهم كيف يتم أضعاف القانون ضدهم وتفعيل القانون للمطالبين بالحقوق شكرًا لك فضحتهم
قد لا تكون المتهم الوحيد
حقيقة شاهدت هذا الفيديو المدعوة ، وقطعا ان ما جاء على لسانها مرفوض رفضا باتا جملة وتفصيلا ، وقد انتقدتها فور مشاهدتي للتسجيل ،وأسفت للحال الذي وصلنا إليه ، ولكن ليس من المفيد حصر الإتهام فيها صحيح ان التهديد قرينة ولكنه لا يرتقي لمستوى دليل الإدانة!! وفي مثل هذه الأوضاع المتأزمة والمحتقنة طائفيا ، وهناك فعلا من ينفخ فيها، ليس بمستبعداستغلال الحادثة من هذا أو ذاك !!المهم البحث عن الحقيقة وإدانة الفاعل ، وعقاب من هدد حتى لا يعود لمثل هذا الفعل ، أو يوفر فرصة لحاقد ًعابث !