الخبر الطريف الثالث الذي فاتني ذكره في مقال الجمعة، والذي يمكن ترشيحه للنشر في صفحات «الخفايف» في صحف الوطن العربي، يتعلق باستطلاع وزارة التربية والتعليم، بخصوص تمديد الدوام للمرحلة الإعدادية.

سقوط الخبر الثالث من المقال دفع بعض القراء لتوقع أو اقتراح الخبر المقصود، وكان أوله خبر اعتقال طفلٍ في الحادية عشرة (ربما هو أصغر سجينٍ في العالم)، واحتجازه 45 يوماً وعرضه على النيابة. أما القارئ الثاني فتوقع خبر إدانة النائبين السلفيين عادل المعاودة وحليم مراد لتنظيم «داعش» بصورة انقلاب في الموقف أدهش المراقبين! أما القارئ الثالث فتوقّعه الأخبار التي تكذب الأخبار الصحيحة! فكيف لوزير أو وزيرة يرى بأم عينيه الآلات تهدم 38 مسجداً فيصر على أنها أكاذيب! فيما اتفق قارئان آخران على أنه خبر حرق أو احتراق روضتين في منطقة الدير، بالصدفة، خلال فترة واحدة، وكلاهما بسبب ماس كهربائي، كاد أن يصيب أيضاً الروضة الثالثة! (وبالعربي... يعني ما تصير الماسات الكهربائية إلا في الدير)!

قارئ آخر صحّح لمراسل الـ (CNN)، الذي اعتقد أن بيت الشعر «ويشقى بنوها والنعيمُ لغيرهم» لشكسبير مرجّحاً أنه من مسرحيته «عطيل»، إذ قال قارئنا العزيز إنه بيتٌ لشاعر البحرين الكبير عبدالرحمن المعاودة (رحمه الله)، واستدل على ذلك بالشطر الثاني من البيت: «كأنها والحال عين عذاري». والمؤكد أن شكسبير لم يزر البحرين ولم يسمع في حياته باسم عذاري، فكلام القارئ صحيحٌ مئةً في المئة، فالمعاودة كان ينعى البحرين التي اشتهرت في الأمثال الشعبية، بأنها تسقي البعيد وتترك القريب يموت عطشاً! وإذا تكلّم أحدٌ أو اعترض أو طالب بحقوقه اتهموه بأنه مخرّبٌ أو عميلٌ للموساد الإسرائيلي!

هذه طبعاً تخمينات وتوقعات القراء، نقلنا بعضها لمعرفة اتجاهات الرأي العام وتوقعاته، إلا أن الخبر الثالث المقصود، بصراحة، يتعلق بوزارة التربية الموقرة، التي اكتشفت في استطلاعها التاريخي، أن نسبة المعارضين لقرار تمديد الدراسة بالإعدادية بلغت 100 في المئة! ومع أنها نسبة غير مسبوقةٍ على مستوى الاستطلاعات عالمياً، إلا أن الوزارة ستركب رأسها، وتصرّ على أن تمديد الدوام قرارٌ صحيحٌ وحكيم وممتاز! وأن الطلبة لا يعرفون مصلحتهم أصلاً! وأن أولياء الأمور في هذا الزمان لا يهتمون بمستقبل أبنائهم!

ولذلك لابد من ضرب آراء الجميع بعرض الحائط، وتطبيق القرار عليهم رغم أنوفهم، شاء من شاء، وأبى من أبى، و«يا جيل ما هزك ريح»! تماماً مثلما جرى في تمديد دوام المدارس الثانوية، رغم معارضة الطلبة وأولياء الأمور والمجالس الاستشارية بالمدارس، والهيئات الإدارية والتعليمية!

الاستطلاع نظّمته الوزارة على موقعها الإلكتروني، ولم يجر تسييسه من قبل الجمعيات المعارضة، أو التحشيد ضده من قبل أناس مندسين، بل أخذ فرصته ليطلع عليه الجمهور من مختلف المحافظات ويتفاعل معه بحرية، ويدلي برأيه فيه لفترة خمسة وسبعين يوماً، حيث بدأ التصويت في 19 نوفمبر 2013، وانتهى في 2 فبراير 2014. وصوّت فيه 177325 مشاركاً، في حين بلغ عدد المعارضين 176712، بينما لم يتجاوز عدد المؤيدين 535 وتحفظ 78 مشاركاً.

الوزارة التي تصم آذانها عن أي نقد، تعرف أن تمديد الدوام بالثانوية لم يسهم في تحسين مخرجات التعليم وتحسين أداء الطلبة بل في إنهاكهم وإنهاك المعلمين، وأن الحشو في المناهج الذي تتشبث به أصبح موضةً قديمةً في زمن التعليم بالآيباد.