العدد 2462 - الأربعاء 03 يونيو 2009م الموافق 09 جمادى الآخرة 1430هـ

هل ينقذ «الفصل 11» صناعة السيارات الأميركية؟

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ستضخ الحكومة الأميركية ما قيمته 30 مليار دولار أخرى بالإضافة إلى 19.4 مليار دولار كانت قد قامت بتقديمها، في وقت سابق، لتمويل تغطية خسائر شركة صناعة السيارات الأميركية «جنرال موتورز» ونقفات تشغيلها. وستتملك الحكومة الأميركية لقاء ذلك 60 في المئة من أسهم الشركة الجديدة، التي ستتوزع حصصها المتبقية على مجموعة أخرى من المساهمين، من بينهم الحكومة الكندية و«إنتوريو» بحصة تبلغ 12 في المئة مقابل قرض قيمته 12 مليون دولار، ونقابة العاملين في صناعة السيارات بحصة مقدارها 17.5 في المئة، قابلة للزيادة بنسبة 2.5 في المئة. وسيحتفظ حملة الأسهم بما قيمته 10 في المئة فقط، قابلة للزيادة إلى 25 في المئة. أنجز كل ذلك بعد ان أعلنت «جنرال موتورز» إفلاسها رسميا، وقبول طلبها التي تقدمت به لحمايتها من الدائنين، بحسب الفصل 11 من القانون الأميركي.

ومثلما شكلت «جنرال موتورز» عند تأسيسها في العام 1908، أحد رموز ازدهار الاقتصاد الأميركي، تشهد اليوم، وهي تعلن إفلاسها، على تردي أوضاع ذلك الاقتصاد وتهاويه، جراء الضربات التي تلقاها على امتداد العامين الماضيين بفضل تدايات الأزمة المالية، التي انطلقت من الولايات المتحدة ذاتها. ومن المصادفات الغريبة أن تأسيس «جنرال موتورز» جاء إثر تملك مؤسسها «وليام بيلي ديورانت»، حصة كبيرة من شركة بويك للمحركات التي كانت تعاني من أزمة آنذاك.

وبخلاف ما قد يعتقده البعض، فإن أزمة صناعة السيارات الأميركية، ليست وليدة الأزمة المالية الحالية، إذ تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما فشلت تلك الصناعة على الوقوف في وجه غزو السيارات اليابانية الصغيرة التي انتعشت أسواقها أبان الأزمة النفطية الأولى التي عصفت بمعظم الأسواق العالمية الكبرى حينها. وتكرر المشهد في التسعينيات من القرن الماضي، لكن الشركة استعادت شيئا من عافيتها مع مطلع القرن الجاري، إثر النجاح الذي حققته السيارة الرياضية سوف (SUV).

وفي خطوة قريبة زمنيا، وفي سياق مساعي الشركة للخروج من عثراتها المالية والإدارية، أعلنت «جنرال موتورز» عن مجموعة من الخطط والإجراءات التي من شأنها أن تقلص الكثير من أنشطتها بما في ذلك «إغلاق 1100 مركز مبيعات في الولايات المتحدة وإيقاف علاقاتها مع 480 وكيلا من شركات ساتورن وهامر وساب، وتخفيض مراكز مبيعاتها بنسبة 42 في المئة بحلول نهاية العام 2010»، كما تناقلت مختلف وسائل الإعلام.

أما بالنسبة للفصل 11، فكما يبدو أن شركة «جنرال موتورز»، قد فكرت جديا، ومنذ مطلع شهر مايو/ أيار 2009، في اللجوء إليه من أجل الدخول في إجراءات إعلان الإفلاس، والتقيد بما تفرضه مواد ذلك الفصل من إجراءات إدارية ومالية وقانونية، تعيد هيكلة الشركة وطرق إدارة عملياتها الإنتاجية والتسويقية بشكل مختلف جذريا. وليست «جنرال موتورز» هي شركة السيارت الأميركية الوحيدة التي لجأت إلى ذلك الحل، فقد سبقتها إليه شركة أميركية أخرى هي «كرايسلر». من هنا فإن ردود فعل الحكومة الأميركية، الهادفة إلى إنقاذ صناعة، ولا ينبغي أن تفهم على نحو معاكس يقود، بأي شكل من الأشكال، إلى نيتها في المسير نحو مساعدة صناعة السيارات الأميركية، بما فيها «جنرال موتورز» على إغلاق أبوابها، بقدر ما هو استجابة من الحكومة لمساعدة هذه الصناعة على إعادة هيكلة نفسها من جهة، وإخضاعها للمزيد من المراقبة، ومن ثم المحاسبة من جهة ثانية، من ضمان استعادة أنفسها والاستمرار في السوق العالمية قبل الأميركية.

وبالنسبة للفصل 11، فهو يضع بين يدي الشركات التي تلجأ له مجالات واسعة للتغلب على المشكلات التي تواجهها، ليس على المستوى المالي فحسب، وإنما أيضا الإداري والبنيوي، إذ يتضمن «الفصل 11 معظم ملامح قوانين الافلاس الأميركيه كما أنه يعطي أدوات إضافيه للمدين ويمنح الوصي السلطه لإدارة الشركه المدينه. وطبقا لهذا الفصل فإنه يمكن للمدين العمل كوصي على شركته إلا إذا تم تعيين وصي خارجي لسبب ما. وهكذا فإنه طبقا لهذا الفصل يملك المدين الأدوات لإعادة هيكلة شركته ويستطيع الحصول على تمويل وقروض ميسره بشرط إعطاء الممولين الجدد أولويه في الحصول على أرباح الشركه وقد تعطي الحكومة للمدين حق رفض أو إلغاء عقود».

ما يستشفه المراقب من الخدوات التي أقدم عليها الرئيس الأميركي باراك أوباما هو تفاؤله المفرط في أن يكون هذا الإجراء بمثابة حبل الإنقاذ الذي بوسعه انتشال هذه الصناعة من الأوحال الغارقة فيها. هذا ما تتحدث عنه بوضوح كلمته التي حاول فيها تبرير إقدامه اعلى هذه الخطوة، حينما وصف الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الشركة على أنه «صعب لكن في الوقت نفسه عادل، وسيساعد الشركة كي تنهض من جديد».

لكن ذلك لا يتفق مع وجهة نظر اقتصادي متمرس الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد في العام 2001 جوزيف ستجليتز، وهو أيضا مؤلف كتاب «حرب الثلاثة تريليونات دولار»The Thre Trillion Dollar War بالاشتراك مع ليندا بيلمز، الذي يضع علامة استفهام كيبرة أمام جدوى ما أقدم عليه أوباما حيث نجده يدعونا للتمعن «أكثر في مسألة ما الجهات التي نقوم بإنقاذها ولماذا، إذ، لا ينبغي أن تنتهي هذه العملية باعتبارها مجرد حزمة إنقاذ أخرى لحملة السندات والأسهم».

لهذا تحيط بجدوى خطوة أوباما الكثير من الشكوك في مدى جدواها، حيث إن مشكلة صناعة السيارات الأميركية، هي جزء صغير من مشكلات أكثر تعقيدا ما يزال يعاني منها ذلك الاقتصاد الذي، كل الدلائل تشير إلى حاجته إلى أكثر من مجرد مليارات من الدولارات تضخ هنا أو هنا، حتى وإن كان هذا المكان هو قلب الاقتصاد الأميركي والذي هو صناعة السيارات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2462 - الأربعاء 03 يونيو 2009م الموافق 09 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً