العدد 4190 - الثلثاء 25 فبراير 2014م الموافق 25 ربيع الثاني 1435هـ

بناء الحل فوق ركام الأزمة

محمود الجزيري Mahmood.Ridha [at] alwasatnews.com

.

مع أن الأزمة والحل نقيضان لا يجتمعان في مكان واحد، إلا أن جماعات رسمية وسياسية وشعبية في البحرين تسعى لأن تصنع إعجازاً بديعاً لجمعهما في قالبٍ واحد يبني الحل فوق «ركام الأزمة».

خلاصة رؤية أصحاب هذا التوجه أنهم يعتقدون كغالبية أبناء الشعب بأن البحرين تمر بأزمة استثنائية في ظروفها وإفرازاتها، وأن سفينة البلد بحاجة للعبور إلى موانئ الاستقرار، ولكن الخلاف في أنهم لا يجدون الاستقرار بإنهاء مظاهر الأزمة كتبييض السجون، وتبريد الأجواء الأمنية، وإيقاف الشحن الإعلامي الشرس والممنهج تجاه المعارضة وجماهيرها، وإنما في المحافظة على هذه النتائج والتمسك بها ومحاولة تثبيتها إلى الأبد، ثم بناء الحل عليها لضمان استقرار البلاد.

للحقيقة والإنصاف؛ فإن هذه الهندسة الفريدة لعلاج الواقع الكارثي الذي تعيشه البلاد منذ 14 فبراير/ شباط 2011، ينبغي أن يحفظها الناس عن ظهر قلب باعتبارها واحدةً من أكثر التوجهات تحفيزاً وريادة في حفظ استقرار البحرين ومصالح شعبها من جهة، وكذلك في إعطاء دروس إبداعية للمسئولين على امتداد العالم عن كيفية التخلص من الأزمات السياسية العنيفة التي قد تضرب بلدانهم!

هنالك طرفان في البحرين يتمسكان ببناء الحل فوق منطق الأزمة، طيفٌ من السلك الرسمي، وآخرون من الموالاة والتابعين. وهذان الطرفان يتفقان في التوجه والهدف.

قوى الموالاة دافعها للإصرار على بناء الحل فوق منطق الأزمة، هو أن سنوات الأزمة الثلاث وبقدر ما كانت استثنائية في قسوتها على المعارضة وجماهيرها، كانت سنوات خير وبركة بالنسبة لهم، حيث فتحت السماء عليهم بركاتها حتى أخذوا يأكلون من فوقهم ومن تحتهم ومن بين أيديهم مكتسبات وامتيازات ومزايا ونفوذاً، كان من الصعب التحصل عليها بهذا الكم والكيف في ظل الأوضاع الطبيعية، ذلك ومن الطبيعي أن ترفض القيادات المغامرة بكل هذه المكتسبات التي حققتها عبر قبولهم بتسوية آثار الأزمة وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.

وهو مسعى يجد له مناصرة واحتضاناً رسمياً صريحاً. لكن في المحصلة انتصار هذا النوع من التعاطي مع الوقائع على الأرض يعني استمرار البلاد تحت سطوة الأزمة فترة أطول، لأنه من الصعوبة بمكان وبعد كل هذا العناء، أن تعود مراوح العملية السياسية المشلولة إلى الدوران بشكلها الطبيعي دون مشروع جاد يستوعب طموحات القيادات والنخب المتصدية، ويطمئن لعدم عودة البلد مرةً أخرى إلى المأزق الذي تعيشه الآن.

كما إن بناء الحل فوق منطق الأزمة والامتناع عن توفير المقدمات الجدية المهيئة للحل، يعني استمرار غليان بؤر التوتر غلياناً سيعيق تجاوب الجماهير مع مشروع لا يوفر الحدود الأولية الدنيا لنزع رداء الأزمة، فضلاً عن ما يمكن أن ينتجه من توافقات في مطالبها الجوهرية.

البحرين بحاجةٍ لأن تنهض قويةً من جديد، وبوابة نهضتها محو آثار الكبوة وتعويض المتضررين منها، ومن ثم الشروع في بناء حل جاد وقوي ومستدام.

إقرأ أيضا لـ "محمود الجزيري"

العدد 4190 - الثلثاء 25 فبراير 2014م الموافق 25 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً