العدد 4189 - الإثنين 24 فبراير 2014م الموافق 24 ربيع الثاني 1435هـ

“فلورز” متزايد وثقافة صحية مضطردة

الدكتور “انستغرام” ..

ليس من قبيل المبالغة وصف برنامج التواصل الاجتماعي «إنستغرام» بـ «الطبيب» أو «الدكتور»، فهذا البرنامج الذي يحظى بأعداد متزايدة من المتابعين (الـ «فلورز») مرشح لأن يصبح الوسيلة الأبرز والأفضل للوصول للناس وللجماهير.

ويتيح الـ «إنستغرام» الفرصة الممتازة لأصحاب الحسابات لممارسة أدوار اجتماعية وإعلانية متشعبة، إلى الدرجة التي بات فيها هذا البرنامج «الطبيب» الذي من خلاله يحصل الناس على استشارات طبية مجانية ومعلومات صحية يصعب الحصول عليها بوسائل أخرى.

صدى إيجابي

بوتيرة مضطردة، يجتذب الـ «إنستغرام» متابعيه، تساعده على ذلك جملة من التسهيلات والمميزات التي تتيح لمختلف الشرائح فرصة التعامل السلس والميسر مع البرنامج.

ويتحدث اختصاصي العلاج الطبيعي الدكتور أحمد العنزور عن تجربته في هذا الشأن بالقول «مشواري مع برنامج الإنستغرام يشير لصدى إيجابي وكبير، وهو بالمناسبة صدى لم أتوقعه لحظة الانطلاقة مع هذا البرنامج، فوقتها كانت أعداد المتابعين قليلة وغالبيتهم من غير البحرينيين، وعلى رغم محاولات التثبيط التي واجهتها من قبل البعض، إلا أنني قررت الاستمرار حتى زادت أعداد المتابعين وازداد تفاعلهم».

ويضيف «بفضل هذا الاستمرار وصلنا لمرحلة من التفاعل على صعيد الأفراد وحتى بعض المؤسسات، وقد ساهم نشاطي على الإنستغرام في حصولي على دعوات من قبل بعض الجهات الأهلية لتقديم محاضرات صحية، في الوقت الذي لاتزال فيه الجهات الرسمية المعنية قاصرة في هذا الشأن وهي مطالبة بالتفاعل والقيام بالدور التوعوي والتثقيفي المطلوب».

بين التجارة والتثقيف

بين غرضَي التجارة والتثقيف، تدور حلقة البرنامج، فهو اليوم يمثل أداة فعّالة للوصول لأكبر عدد من الجماهير، في إشارة بالغة القوة للإمكانات الإعلانية والإعلامية الكبيرة التي يمتلكها هذا البرنامج، والتي لا تتطلب كثيراً من المال.

ويرى العنزور أن «الدور التسويقي أو الإعلاني لبرنامج الإنستغرام حاضر وبقوة، وهو يفرض ويتطلب مصداقية كبيرة من الحساب نفسه؛ إذ كلّما زادت ثقة الناس فيما ينشر زاد إقبالهم، وشخصياً أعتمد منهجية في إدارة الحساب تتمثل في نشر تجاربي مدعمة بالدراسات العلمية التي يحصل عليها المتابع متى ما أرادها، وأنطلق في نشاطي هذا من رغبة صادقة في إيصال المعلومة الصحية الصحيحة للناس».

وعي متدنٍ

ولا يجد العنزور حرجاً من وصف وعي البحرينيين الصحي بالمتدني، متكئاً في ذلك على تجربته الشخصية مع برنامج الإنستغرام، إذ يقول «أتاحت لي هذه التجربة الوقوف على مقدار وعي البحرينيين الصحي، وهو وعي متدنٍ جداً، بل يصل في بعض الحالات لمستوى الغياب، فالكثير منهم يعتمد في ثقافته الصحية على العادات والموروثات الخاطئة وبعضهم يأخذ معلوماته من المنتديات الإلكترونية غير المختصة طبياً وصحياً، وهو سلوك خاطئ جداً قد تنجم عنه الكثير من المشاكل والأخطار، وقد شكل لي هذا دافعاً للاستمرار في إدارة حسابي على الإنستغرام بعد أن راودتني فكرة التوقف».

من جهته، يرى اختصاصي العلاج الطبيعي قاسم كويد أن البحرينيين «بحاجة للمزيد من الثقافة الطبية في إطارها العام، وتحديداً في مجال عملنا المتعلق بالعلاج الطبيعي؛ إذ يربط البعض ما نقوم به بالطب البديل، في الوقت الذي هو علاج طبي، لكنه بعيد عن استعمال الأدوية، ولعل هذا القصور في الوعي هو أحد أسباب وجود حساب عيادتنا، وقد فاجأنا الإقبال الكبير من المتابعين على الحساب وعلى ما ينشر فيه».

سلبية الـ « إنستغرام»

وفيما يتعلق بسلبيات الموضوع، يقول العنزور «يؤخذ على الإنستغرام مساحته المحدودة التي تتمثل في صورة واحدة وتعليق، واللذين يعجزان في بعض الأحيان عن إيصال الرسالة الكاملة وبترها، ما قد يتسبب في حصول الفهم الخاطئ للمتابع لمضمون الموضوع وهذا بدوره قد يتسبب له بالضرر بدل المنفعة، وإلى جانب ذلك فإنني أواجه عدم تقبل بعض المتابعين لبعض الصور اعتقاداً منهم بكونها مسيئة ومخالفة للأعراف والعادات».

إدارة شخصية ومباشرة

هل تشير التطورات المتلاحقة لبرامج التواصل الاجتماعي إلى حاجتها لفريق عمل مستقل، يديرها بدلاً من الاعتماد على الإدارة الشخصية والمباشرة؟

سؤال يجيب عليه العنزور بالقول «شخصياً وردتني عروض عدة لإدارة الحساب بدلاً عني أو لإنجاز التصاميم الخاصة بالصورة، إلا أنني قابلت كل ذلك بالرفض على رغم الوقت والجهد الكبيرين اللذين تستهلكهما إدارة البرنامج مني، وأسباب ذلك تتعدد ما بين استمتاعي الشخصي بالعمل وحرصي الشديد على نشر كل ما هو صحيح علمياً وطبياً وكل ما يفيد الناس في هذا المجال».

من جانبه، يقول كويد «لدينا حساب واحد يديره شخصان وهما نفساهما مالكا العيادة؛ الأول توكل له مهمة إعداد الصور وتصاميمها، فيما يقوم الآخر بإعداد المادة أو الموضوع الخاص بالصورة».

ويضيف «في حقيقة الأمر ننظر لعملنا على الإنستغرام بجدية بالغة، وهو يأخذ من أوقاتنا ما يقارب الساعتين يومياً، تتوزع على تصميم الصورة خلال نصف ساعة وإعداد الموضوع خلال ساعة ومتابعة التعليقات والرد على الاستفسارات وهذا يتطلب قرابة النصف ساعة أيضاً».

ويرفض كويد إيكال مهمة إدارة الحساب لشخص آخر أو حتى جهة متخصصة أخرى، مشدداً على وجود صعوبة في ذلك، فـ «المهمة تتعلق بالصحة، وهذا يستدعي دقة ودراية تامة بالتخصص الطبي وبكل معلومة تنشر على الحساب» حسب تعبيره.

ويشير إلى أن «عملنا على الحساب يومي، ونحن بصدد تطوير العمل عبر إحداث المزيد من التفاعل مع المتابعين، والعمل على تلبية الاقتراحات ومتابعة الأفكار التي تردنا وتنفيذها قدر الإمكان»، مستدركاً «يواجهنا تحدٍّ يتمثل في محدودية المساحة التي يوفرها برنامج الإنستغرام، ووقوعنا بين نارين؛ نار حاجة الموضوع لكلمات كثيرة لإيصال الرسالة الكاملة وبين نار ملل المتابع من كثرة الكلمات ورغبته في مشاهدة الصورة بتعليق بسيط».

الحاجة والوعي سبب التفاعل

من جهته، يقول الطبيب رمزي العريض الذي يدير حسابه شخصياً على برنامج الإنستغرام، إن «المتابعة موجودة لكنها بحاجة لتركيز في المعلومة بدل العمومية، لتجذب المتابع وتصل إليه، وحين تسألني عن مقدار حصول حسابات الأطباء البحرينيين على المتابعة فإنني أراها موجودة بالفعل تحديداً في تخصص الأنف والأذن والحنجرة».

ورداً على سؤال يتعلق بالسبب وراء هذا التجاوب وهذا التفاعل، يقول «أعتقد أن السبب مزدوج، بمعنى أن هنالك حاجةً وهنالك وعياً، فالمتابع البحريني لا يفتقر للوعي والثقافة في هذا الشأن، وهو يتابع في كثير من الأحيان لحاجته المباشرة للمعلومة التي ترتبط إما بمرض معين أو بغرض وقائي عام».

ويضيف «لم يعد الغرض من برنامج الإنستغرام محصوراً في الترفيه والتواصل، بل تجاوز ذلك بسبب زيادة أعداد المتابعين فيه وأصبح نتيجة لذلك أحد أبرز وأفضل الوسائل للوصول للجمهور، وبفضل ذلك يمكننا التواصل مع المرضى وغيرهم لإيصال المعلومة وتصحيح ما هو خاطئ منها»، وينوه إلى أن «الفائدة عكسية ومتبادلة بين الطبيب ومتابعيه؛ إذ يحصل الطبيب على فرصة معرفة اتجاهات الرأي العام، وهي فرصة جيدة توفر له الحصول على الأفكار والمقترحات التطويرية».

ويتابع «أتفق مع من يرى تفوق التجربة الكويتية على البحرينية في هذا الشأن، فالحسابات لديهم أكثر تطوراً من حيث الإدارة وهي تحظى بأعداد أكبر من المتابعين».

التجربة البحرينية لاتزال حديثة

من جانبه، يقول المسئول عن إدارة حساب «Bahrain_midical» أحمد الملا إن «تجربة القطاع الطبي البحريني في استثمار برنامج (إنستغرام) لاتزال حديثة، وهي بالمناسبة أقل تطوراً من مثيلتها الكويتية، والتي تمتاز بحسابات أكثر نشاطاً وأكثر تفاعلاً من المتابعين، وقد يعود ذلك لإدارة الطبيب الشخصية والمباشرة للحساب ووجود هدف التوعية والتثقيف الصحي إلى جانب الهدف التجاري أو الإعلاني».

ويضيف «من واقع تجربتنا، فإن المتابعين البحرينيين ينصب اهتمامهم على الموضوع أو الصورة التي تلمس جانباً يخصهم أو يخص أحد معارفهم، عدا ذلك يمر المتابع البحريني مرور الكرام على الموضوع».

ويتابع «في البحرين يطغى الغرض الإعلاني على عمل غالبية الحسابات الطبية، ويتراجع الغرض التثقيفي، ولعل هذا أحد أسباب وجود البحرينيين بكثرة ضمن متابعي حسابات الأطباء الكويتيين». ويشير إلى أن «هذا يفرض على الحسابات البحرينية أن تطور من خدمتها لتستعيد المتابعين البحرينيين وتجذبهم».

أدوار مهمة

ويرى الملا أن «الحسابات الطبية تناط بها أدوار مهمة جداً، يرتبط بعضها بتصحيح الكثير من السلوكيات والموروثات الخاطئة».

وفيما يتعلق بالحسابات الأكثر نشاطاً وفقاً للتخصص، يقول الملا «تحصل الحسابات التي تتناول موضوعات الريجيم وتلك التي تنشر المعلومات الغذائية والمحظورات في الأكل المتابعة الأكبر من قبل (الفلورز) البحريني، وبالتأكيد يعتمد ذلك أيضاً على مستوى التنوع في الحساب ومستوى جاذبية أسلوبه».

وإجابة على السؤال المتعلق بالتجربة البحرينية، يقول «التجربة لاتزال حديثة، فعدد الأطباء من أصحاب الحسابات لايزال قليلاً قياساً بالعدد الإجمالي للأطباء أو العيادات في البحرين، ويعبّر هذا عن عدم اغتنام القطاع الطبي للفرص الممتازة التي يوفرها برنامج الإنستغرام، سواءً عبر عمليات الإعلان والتسويق أو عبر عملية التثقيف وتطوير وعي البحرينيين الصحي».

العدد 4189 - الإثنين 24 فبراير 2014م الموافق 24 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً