العدد 4189 - الإثنين 24 فبراير 2014م الموافق 24 ربيع الثاني 1435هـ

ليس عبثاًً .. نيران المدافع فرضته تخصصاً طبياً

الجراحات التكميلية والتجميلية مصطلحان مختلفان لدى المختصين ولكنهما واحد لدى الكثير. يقول الدكتور أحمد دياب في مقال له في موقع الجراحة التجميلة والترميمية «أصبحت الجراحة الترميمية والتجميلية مصطلحات متداخلة في أعين الناس، لكن الحقيقة ليست كذلك في السياق الطبي والتاريخي، فالجراحة الترميمية - وهي الأقدم بالنشوء - تشير إلى الإجراءات الجراحية الهادفة لإعادة تشكيل التشوهات بهدف مظهر ووظيفة طبيعيين أو أقرب ما يكون للطبيعي، في حين أن مصطلح الجراحة التجميلية ينطوي على الإجراءات الجراحية الانتخابية المجراة لأسباب جمالية بحتة».

وتشير العديد من التقارير والبحوث التاريخية إلى أن نشوء الطب التجميلي بشقيه الترميمي، والتجميلي جاء نتيجة حاجة معالجة التشوهات الناتجة عن مرض أو حادث معين. ويختلف مؤرخو الطب حول بدايته هل كانت الحضارة الفرعونية هي السبّاقة أم الهند.

ويؤكد مؤرخو الطب أن البداية الحقيقية لهذا التخصص كانت في الهند في الفترة بين 600 و1000 سنة قبل الميلاد على يد الطبيب الهندي الكبير سوسروثا (Susrutha) الذي استخدم ترقيع الجلد في القرن الثامن قبل الميلاد، واستمر استخدام هذه التقنيات حتى نهاية القرن الثامن عشر وفقاً للتقارير المنشورة بمجلة جنتلمن «Gentleman’s Magazine» (أكتوبر 1794).

ولم يكن الرومان بعيدين عن هذا المجال، خصوصاً أنهم أمة محاربة ويصاب العديد من جنودهم بإصابات تحتاج إلى علاج، وترميم للجروح.

ومع بداية عصر النهضة بدأت العلوم الجراحية بالانتعاش من جديد، فقد بدأ الجراحون الأوروبيون يمارسون التقنية الهندية في تصنيع وترميم الأنف، كالجراح Heinrich von Pflapaint في ألمانيا وBranca في صقلية، وقد ورث ابن Branca هذه التقنية عن والده (والتي كان قد احتفظ بها سرّاً عائلياً) ثم طورها وعدل عليها بأخذ الشرائح الجلدية من الذراع (وهو ما أطلق عليه بالتقنية الإيطالية) خلافاً للطريقة الهندية التي يتم أخذ الشرائح فيها من الجبهة أو الخد، وقد تم إنجاز هذه التقنية بشكل تام قبل أن يصفها فيما بعد الجراح الإيطالي Gaspare Tagliacozzi وتسجل باسمه وذلك بعد مئة عام، حيث وصف هذا الجراح هذه التقنية في كتابه الذي نشر العام 1597م في فينيسيا، وقد أمضى سنوات كثيرة وهو يمارس هذه التقنية خلال القرن السادس عشر الذي شاع فيه وباء الأفرنجي (Syphilis).

وولدت الجراحة التجميلية من جديد في نهاية القرن الثامن عشر، حيث بدأت حقبة الجراحة التجميلية الحديثة العام 1794 عندما قرأ Joseph Carpue في مجلة «Gentelmen’s Magazine» في لندن رسالة تصف الطريقة الهندية في تصنيع الأنف، وانكب من بعدها على القيام بدراسات كثيرة عن هذه التقنية، ثم بدأ بممارسة هذه الطريقة في إنجلترا.

واستمرت الجراحات الترميمية في التطور حتى نشوب الحربين العالميتين الأولى والثانية اللتين ساهمتا بشكل كبير في تطوير الطب الترميمي والقفز به من ناحية العلاج والتقنيات واتساعه، بسبب استخدام الأسلحة الحديثة التي أحدثت أنواعاً ودرجات من الأذيات لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

ومع تقدم العلوم الحديثة تطورت العقاقير الطبية، والتقنيات الطبية، ما دفع بالطب لإنجاب أخ أصغر سناً للجراحات الترميمية، وأكبر منه حجماً وهو الطب التجميلي ذو الانتشار الواسع عالمياً.

ولاتزال هذه الجراحة تشهد الكثير من التطورات في العصر الحالي، بدءاً من تطوير تقنية استنبات الجلد لتغطية الضياعات الجلدية وصولاً إلى إجراء زراعة الوجه الكامل.

العدد 4189 - الإثنين 24 فبراير 2014م الموافق 24 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً