نشرت وكالة أنباء البحرين (بنا)، تقريراً عن زيارة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجمهورية الهند الأسبوع الماضي، قالت فيه: «إن المدقق في نمط التفاعلات الذي دار بين البحرين والهند على مدار السنوات الخمسين الماضية، وكللتها الزيارة الملكية الأخيرة، يمكن أن يستخلص حقيقة واحدة مفادها أن البلدين يقدمان مثالاً لما ينبغي أن تقوم عليه العلاقات بين الدول، ويستطيعان ـ بحرصهما على تطوير علاقاتهما الثنائية ـ الوصول إلى آفاق أرحب من التعاون المشترك الذي يتجاوز الأطر السياسية والاقتصادية المعروفة، سندهم في ذلك أواصر الروابط التاريخية التي تربط البلدين، والأسس الوطيدة والأركان الراسخة التي تقوم عليها، والأطر التنظيمية الموضوعة لتنميتها والنهوض بها».
وأضافت أن الدليل على ذلك ما أسفرت عنه زيارة جلالة الملك من نتائج حيث يمكن عند قراءتها واستخلاص الدروس المستفادة منها التركيز على ثلاثة مشاهد حفلت بها، وخاصة مع الاستقبالات والمباحثات التي دارت خلالها، وكشفت ليس فقط عن رغبة عارمة لدى قادة البلدين في تعزيز العلاقات المشتركة، وإنما عن مستوى عال من التنسيق والتشاور شمل العديد من الملفات والقضايا، المحلية منها والإقليمية والعالمية.
وتابعت «المشهد الأول: الحفاوة التي حظي به جلالة العاهل عند وصوله وخلال لقاءاته مع المسئولين في دولة الهند الصديقة، وحتى مغادرته عائداً إلى أرض الوطن، ويمكن أن نرصد هنا عدة مؤشرات تبرهن على هذا المشهد وتوضحه، منها: مراسم الاستقبال الرسمية التي أقيمت في القصر الرئاسي بالعاصمة الهندية نيودلهي، حيث موكب الخيالة وإطلاق 21 طلقة ترحيباً بمقدم سموه، فضلاً عن عزف السلامين الملكي البحريني والهندي واستعراض حرس الشرف الذي اصطف لتحيته، كما كان على رأس مستقبلي سموه والوفد المرافق له الرئيس الهندي ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء في الحكومة الهندية».
وأردفت الوكالة في تقريرها «كما يلاحظ أيضاً تلك الكلمات القوية والصريحة والعميقة التي عبر فيها الرئيس الهندي عن اعتزازه وتقديره لمملكة البحرين، قيادة وشعباً ودوراً ومكانة، وخاصة عندما قال في مأدبة العشاء التي أقامها على شرف جلالة العاهل والوفد المرافق له: «هناك أدلة أثرية من علاقاتنا تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد (...)، وأن الهند والبحرين يشتركان في ماضٍ مجيدٍ وحاضرٍ حيوي (...)، وأن العلاقات تغطي الفضاء الكامل من العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والاتصالات الشعبية».
واعتبرت أن هذا التصريح يعكس حقيقتين، هما: جذور التفاعلات المشتركة بين البلدين، وحرص قيادتيهما على حمايتها والحفاظ عليها وتنميتها، ولا أدل على ذلك من احتضان البحرين عدداً كبيراً من المغتربين الهنود الذين يحظون برعاية كاملة من جانب البحرين، ويتمتعون بحقوقهم كافة، وخاصة الدينية منها والعمالية، التي مكنتهم من الازدهار والرخاء ورفع مستواهم البشري والمعيشي، والعمل بكل أريحية ليسهموا في مشروعات التنمية البحرينية وليشكلوا «جسراً قويّاً في تعزيز الشراكة البحرينية الهندية»، حسبما وصف الرئيس الهندي.
وذكرت «أما المشهد الثاني فهو المباحثات التي أجراها عاهل البلاد مع المسئولين في جمهورية الهند الصديقة، وفي مقدمتهم الرئيس ونائبه ورئيس الوزراء ووزير الشئون الخارجية، فضلاً عن المناقشات الثنائية التي أجريت على مستوى الوفود، وبدت أهمية هذه المباحثات من عدة أمور؛ أبرزها: البيان الختامي المشترك الذي صدر إثر انتهاء الزيارة، والاتفاق على إنشاء اللجنة العليا المشتركة برئاسة وزيري خارجيتي البلدين كبديل للجنة التعاون الاقتصادي والتقني الموقعة في إبريل/ نيسان 1981».
وأكملت «أما المشهد الثالث فهو الاتفاقيات ومذكرات التعاون والتفاهم التي تم التوقيع عليها بين قادة ومسئولي البلدين، وهنا من المهم ملاحظة أنها لم تقتصر على الجانب السياسي والاقتصادي فحسب، وإنما شملت أوجه التعاون العلمي والتكنولوجي والرياضي والشبابي والثقافي والمالي والتجاري كافة، كما لم تغفل الجانب غير الرسمي باعتباره قاطرة النمو في كلتا الدولتين، حيث فتح قادة البلدين عبر مباحثاتهما المستفيضة لمؤسسات القطاع الخاص الباب واسعاً للتحرك والاستفادة من الفرص المتاحة للنمو والازدهار المشترك، وذلك من قبيل: إنشاء لجنة لتطوير الروابط الاقتصادية بين البلدين، والاتفاق على زيادة التعاون بين مجلس التنمية الاقتصادية واتحاد الصناعات الهندية، والعمل على إنشاء منتدى البحرين والهند للأعمال، والمشاركة في استقطاب عدد من الوفود الاقتصادية بهدف تشجيع استثماراتهما في الدولتين».
وأشارت إلى استضافة البحرين معرض ومؤتمر البحرين الهند في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، ومشاركة البحرين في مؤتمر بتروتك 2014، ومؤتمر القمة للصناعات الهندية السنوي على المستوى الوزاري يناير/ كانون الثاني الماضي، وفعاليات المنتدى الاستثماري البحريني الهندي بمدينة نيودلهي خلال الزيارة السامية الأخيرة، ناهيك عن رعاية مجلس التنمية الاقتصادية لقمة CII للشراكة العام 2015، وغيرها، مما يوفر إطاراً قويّاً لتعزيز التعاون في الميادين كافة بين البلدين».
العدد 4187 - السبت 22 فبراير 2014م الموافق 22 ربيع الثاني 1435هـ