وسط دكاكين الملابس والعباءات، ودكاكين بيع أدوات الزينة والتجميل والعطور، تسمعُ صوتاً يخترق حواجز كل الدكاكين، ويصل إلى آذان الجالسين فيها والمارة، فليفت انتباههم أن ذلك الصوت يصدر من بين أصابع يد رجل ملأ الشيب رأسه، وضعف بصره، وتشققت تلك الأصابع وهو يعجن ألواح المعدن أو ما تُعرف بـ «الچينكو»، وصوت آخر من آلات قديمة، لتتشكل مع هذه الأصوات تحفاً فنية يُطلق عليها اسم «المناقيش» و «البوادقير» و «المناقل».
ذلك الرجل لا يكل ولا يمل، فمنذ أن كان صغيراً يرافق والده، ويتعلم منه في ذلك الـ «دكان» الذي تجاوز عمره 80 عاماً، وارثاً مهنة أجداده، ومحافظاً عليها، لم يقبل الخروج من «قلب المنامة»، وبقي فيها يزاول مهنته، رغم انخفاض المردود المادي، ورغم تراجع الاهتمام بالمهنة.
ذلك هو الحاج حبيب عبدعلي الصفار، الرجل الذي بقي «يتيماً» يمارس مهنة «التناك» في سوق المنامة، أو ما يحلو للبعض تسميتها بـ «السوق العتيقة» رغم مغادرة كل جيرانه في السوق، وانتقالهم إلى مناطق أخرى.
الصفار الذي وصل عمره إلى 52 عاماً، تحدث إلى «الوسط» عن مهنة «التناك»، وعن أمنيته بعد الأعوام التي قضاها محافظاً على إحدى المهن التراثية في البحرين، فهو يحمل في قلبه أمنية أن تُنشأ سوق تجمع كل المهن التراثية، كما فعلت دولة الكويت، وتكون تلك السوق مقصداً للسياح، وتعرفهم بالمهن التي كان البحرينيون القدامى يمارسونها.
بنظرة من خلف نظارته التي يلبسها بعد أن ضعف بصره، وبـ «ابتسامة مناميّة» رحب الصفار بـ «الوسط»، وهو يحمل في يديه مقصاً خاصاً لتقطيع ألواح الـ «الچينكو»، ويعمل على تقطيع أجزاء صغيرة منه، فهو يعمل على صناعة 20 منقلة صغيرة تُستخدم للجمر أو للبخور، أوصته بها إحدى زبوناته الدائمات.
من «البادقير» إلى «الصناديق مختلفة الأحجام»
بعد أن كان يرافق والده الحاج عبدعلي الصفار إلى دكانه في المنامة، بدأ الحاج حبيب بتعلم صناعة «البادقير» وهو قطعة توضع على رأس ما يُعرف بـ «القدو» لتحافظ على الجمر، إذ كان والده يحثه على العمل حتى يحصل على المال، وكان الحاج حبيب كلما احتاج إلى المال خرج إلى السوق ليبحث عن العلب المعدنية الخاصة بالمكسرات، وتحديداً بـ «الكاجو»، فهي علب يمكن الاستفادة منها، وعمل «البادقير» أو «المناقل الصغيرة»، بحسب قول الصفار.
ولم يكن سعر «البادقير» يتجاوز 200 فلس، إلا أنه سعره الآن وصل إلى 500 فلس، إذ تغير سعره كما تطور الصفار في مهنته، وأصبح الآن قادراً على صناعة الصناديق الكبيرة والصغيرة وغيرها، وكذلك الحاويات المعدنية التي تُستخدم لحفظ الأرز والسكر، في حين أنه لم يكن يعرف في صغره سوى صناعة «البادقير».
ظهور البلاستيك
أثَّر على «التناك»
لم يكن الحاج الصفار يتوقع أن ظهور مواد البلاستيك والمعادن المختلفة، سيكون أثره سلبياً على مهنة «التناك»، إلا أن ذلك ما حصل بالفعل، بحسب ما أفاد، فظهور تلك المواد جعل الناس يتجهون إليها، وبدلاً من أن يستخدموا الأدوات المصنوعة من معدن «الچينكو» انتقلوا إلى شراء الأدوات البلاستيكية والحديدية وغيرها.
ويَعتقد أن كل تلك الأدوات لا تدوم، بخلاف المصنوعة من المعدن المذكور، فهي يمكن أن تنكسر أو تخرب في أية لحظة، إلا أن ما يُصنع من المعدن يدوم سنوات طويلة، إذ يشير في هذا الجانب إلى أن الحاويات المعدنية التي تستخدم لحفظ الأرز أو السكر، تمنع دخول أية حشرات أو فئران، بخلاف المصنوعة من البلاستيك.
«المناقل» الأكثر
إقبالاً على شرائها
رغم معرفته وقدرته على صناعة الكثير من الأدوات، إلا أن الناس أصبحت تقبل على شراء المناقل المخصصة للجمر، أكثر من أي شيء آخر، إذ تستخدم تلك المناقل إضافة إلى الجمر، إلى حفلات الشواء، وكذلك للتدفئة في مواسم التخييم في الصخير.
ويقول الصفار إنه يقوم بعمل المناقل بأحجام مختلفة، كما إنه ماهر في عمل الصناديق القديمة، وهي التي يُقبل على شرائها بعض الأجانب، على اعتبار أنها أكثر حفظاً لأمتعتهم عند سفرهم إلى دول بعيدة.
عبدالله بن ربيع...
نقيب الصفافير
«نقيب الصفافير» هكذا يحلوا للحاج حبيب الصفار أن يسمي جدّه الحاج عبدالله بن ربيع الصفار، فلقد كان بن ربيع رئيساً لمأتم الصفافير، الذي توفي قبل نحو 69 عاماً، وكان مفتاح حل المشكلات التي يوجهها الصفافير والممارسين لمهنة التناك.
وعن الرعيل الأول من الصفافير، يذكر أن من بينهم جده الحاج عبدالله، ومحمد كويتان، ومكي الصفار، ووالده الحاج عبدعلي الصفار.
سوق الظلام
كانت في المنامة سوق تسمى «سوق الظلام»، وكانت مخصصة للصفافير، ولا يوجد فيها إضاءة، ولذلك تسمى بسوق الظلام، إذ كان جميع الصفافير تحت مظلة هذه السوق، وهي معروفة قديماً، وكذلك عند بعض الخليجيين.
ويشير إلى أنه فوجئ في إحدى المرات، أن رجلاً خليجياً كان يتجول في سوق المنامة ويسأل عن سوق الظلام، وكانت المفاجأة بالنسبة له أن هذه السوق اندثرت، ولم يعد لها وجود.
وفي هذا السياق، جدد الصفار مطالبته بأن تُنشأ سوق تجمع المهن التراثية، ففي الكويت - بحسب قوله - توجد سوق فيها كل المهن القديمة، تستقطب السياح وكذلك المواطنين، وهي سوق نشطة تشهد حركة تجارية جميلة.
لا وجود لتشجيع
على مواصلة المهنة
تحدث الحاج الصفار عن الصعوبات والمعوقات التي يواجهها مع من بقي من الممارسين لهذه المهنة، فيقول إن عدم وجود ما يشجعهم على مواصلة ممارستها وعدم الاهتمام بها من قبل الجهات الرسمية، يشكل صعوبة ومعوقاً أمامهم، إلى جانب الإجراءات والرسوم المفروضة على العمال، وهو ما يأمل أن تُسقط عنهم وتخفف عنهم الأعباء المالية الشهرية، خصوصاً في ظل عدم وجود تشجيع أو اهتمام بالمهنة.
وبنبرة الخائف على شيء يحبه، يقول الصفار إن الجيل الجديد لم يعد يهتم بهذه المهن، وإنه يحاول أن يعلّم أبناءه «التناكة»، إلا أنهم سرعان ما يملّون، فهم يرافقونه إلى المحل، ويساعدونه قليلاً، إلا أن الوقت الذي يقضونه فيما يسمونه بـ «استراحة» أكثر من وقت مساعدته. ويؤكد أن تغير الجيل وانشغالهم بالأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية، يشغلهم عن هذه المهن التراثية القديمة.
العدد 4186 - الجمعة 21 فبراير 2014م الموافق 21 ربيع الثاني 1435هـ
عتيق الصوف ولاجديد البريسم
لقد اسمعت لوناديتة حياً ولاكن لاحياتة لمن تنادي ، الله يقيك ذخر لعيالك ، لوعاى بدهم يندثر كلشي اصلي فديرة ولاكن المشتكا لغير الله مذلة والله المستعان .
الله يحفظك
الله يخليك خلف المرحوم الحاج عبدعلي الصفار
رمز من رموز سوق المنامة
الله يعطيك العافية الشباب البحراني الذي رفع اسم البحرين بالعمل بالمهن الشريفه والبسيطة على تنوعها ياريت يتم تقديرهم وتشجيعهم بالدعم المطلوب...
يابو صادق لو كل من جا ونجر ما ظل في الوادي شجر
- بلمصري لاتبيع الماء في حارة السقايين
ابو صادق الشايب
البحرين جلبت مدرسين مصريون لتدريس مهنة الفخار رغم وجود الشاغر المحلي فعبط كلامي من قول لو زين يتم تدريس مهنة التناكلان الأجنبي هو الاولى
الله يعطيك الصحة والعافية
وطولة العمر
صباح الخير
الله يطول عمرة