«أرضهم حارة، بيوتهم حجارة، ينقصهم الماء ويلتحفون السماء، ومع بساطة الداء يستحيل الدواء»، بهذه الكلمات بدأ تسجيل فيديو قدمته مجموعة من الناشطين الذين قاموا بزيارة تطوعية إلى جيبوتي، بتنظيمٍ من «الرحمة العالمية» في منتصف العام 2013، واستمرت الزيارة لمدة أربعة أيام قاموا خلالها بتفقد مناطق الفقراء وأماكن سكنهم والاطلاع على معاناتهم، لينتجوا بعد ذلك فيلماً من بضع دقائق كانت كفيلة بأن تدخل الحزن والحسرة في قلوب من يشاهدونه، والعزم والإصرار في محاولة المساعدة ولو بالقليل الذي سيعني للفقراء الكثير.
المقاطع التي ظهرت في الفيلم لأماكن سكن بعض البشر في تلك الدولة كانت كفيلةً بأن تجعل المرء لا يكفّ عن حمد الله عز وجل على ما آتانا من نعم لا نجيد استخدامها، بل أجَدْنا تبذيرها بامتياز والتندر على حجمها باعتبارها ضئيلةً مهما كانت كثيرة.
في تلك البلاد يعيش الطفل من غير حذاء ولو كان بالياً، ليمشي حافياً على حصى وأحجار صعب على البالغين من الوفد المشي عليها وهم يرتدون أحذية من أرقى المحلات لتعينهم على جولتهم. وفي مقطع مؤلم من الفيلم كان على الطفل ذي الثمانية أعوام أن ينسى معنى اللعب ولو بالرمال اللاهبة ليكون أنيساً وجليساً لأخته ذات الأشهر المعدودات، وحارساً وراعياً لأغنام أهله الهزيلات، في حين كان على والديه أن يذهبا بعيداً بحثاً عن لقمة أو دثار.
البيوت لم تكن جديرةً بأن يطلق عليها اسم كوخ، أو حتى «عريش» أو «عشة»، فقد كانت أقل من ذلك بكثير، إذ ما هي إلا أكوام من بقايا الحطام من خشب وإطارات سيارات وصخور وأحجار وبعض شباك معدنية جمعت معاً لتكوّن ما يطلقون عليه منزلاً، في حين لا سقف يعلوه ليظلل ساكنيه، ولا جدران تصطلب لتحميهم من البرد والحر والشمس والمطر الشحيح إن سقط.
مثل هذه الأفلام وتقارير الزيارات إلى هذه المناطق والدول، تجعلنا نتساءل بألم عن جدوى الملايين التي يصرفها حكامنا العرب على سباقات الإبل والخيل والصقور، وتلك النقود التي يصرفونها على موائد الاستقبالات فيلقى نصف ما تحتويه في حاويات القمامة إن لم يكن أكثر؛ لأنها لم توضع إلا للـ «شو»، وهي في الوقت ذاته تجعلنا نتساءل عما نلقيه من بقايا الأطعمة التي تكفي أولئك البشر لأشهر طوال، لو أنها جمعت من حيٍّ واحدٍ فقط.
اختتم ذلك الفيديو المعنون بـ «حياة ليس بها حياة»، بدعوة المنظمين لتلك الزيارة للجميع بأن يتبرعوا ولو بالقليل الذي يعني الكثير لمحرومين لا يملكون ما يستر أجسادهم ويشبع جوعهم، ونحن بدورنا ندعو الحكام والمسئولين والوجهاء لتبني حملات تهدف لعون هؤلاء قبل أن تهدف لتلميع صورهم في وسائل الإعلام.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4184 - الأربعاء 19 فبراير 2014م الموافق 19 ربيع الثاني 1435هـ
اللهم
اللهم اشبع كل جائع وفرج هموم الناس اجمع المشتكى لله وقاتل الله الجهل
شفت الفيديو
الفيديو يصيح لكن يخلينا نشكر ربنا مليون مرة على نعمه علينا
سيحاسبكم الله
سيحاسبكم الله على هذه الموال التي تيذرونها على خيول وجمال وصقوروإعلام فاشل وحفلات باذخة ، وإخوان لكم يموتون من الجوع ويلتحفون السماء .
شكرا يا سوسن ولكن قد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .