تواصل دول الاتحاد الأوروبي، التي تعاني في الوقت الراهن من أزمات اقتصادية خانقة، ومن موجات النزوح الكبيرة، التي غزت أراضيها خلال السنوات الأخيرة، إصرارها على إجراء تغييرات جذرية في قوانين حماية حدودها من تدفق موجات النازحين الهائلة لأسباب سياسية واقتصادية وإنسانية، إذا ما كانت ترغب في حماية اقتصادها واستقرار أوضاعها السياسية والأمنية.
وضمن هذا السياق سعت كافة حكومات الاتحاد الأوروبي إلى التنسيق بين بعضها البعض، وكذلك حكومات الدول التي ليس لها عضوية في الاتحاد الأوروبي، التي تعاني من مشاكل مشابهة، في تبني نظام مشترك، يحمي حدودها من موجات النازحين المتنامية من مختلف مناطق التوترات والحروب والفقر حول العالم. وبدأت بإطلاق الأوامر المشدّدة لسلطات الحدود الخارجية للاتحاد، من أجل العمل على تنفيذ نظام مراقبة الحدود الأوروبية (يوروسور) الذي بدأ العمل به بالفعل في ديسمبر/ كانون الأول 2013، على رغم كافة الانتقادات الصارمة التي وجهت إليها من قبل المنظمات الحقوقية والبيئية الوطنية والدولية، بسبب اتخادها ذلك القرار الصارم، الذي يتعارض ـ بحسب هذه المنظمات ـ مع قوانينها الوطنية والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان.
واتفقت جميع حكومات الإتحاد الأوروبي، على وضع مشروع نظام متطور للغاية يعمل بواسطة أجهزة التكنولوجيا الحديثة، ويشتمل على مركز عام لجمع المعلومات وأقمار اصطناعية وطائرات مروحية وطائرات بدون طيار وضعت في حالة التأهب القصوى لمراقبة حدود دول الإتحاد الأوروبي. وقد بلغت تكاليف هذا المشروع العملاق حتى العام 2020 أكثر من 244 مليون يورو. وعلى رغم كل هذه التكاليف الباهظة، التي صرفت على بناء هذا المشروع، فإن المراقبين يرون أن شركات التهريب والاتجار بالبشر، التي تمرست على مختلف طرق الاحتيال ومخالفة كل الأنظمة والأعراف، لن تتوقف عن استخدام كافة الوسائل الملتوية والمحرمة، للوصول إلى أهدافها في أوروبا.
ويتوقع المراقبون أنه بحلول العام 2020 ستكون هناك موجات واسعة جديدة من النازحين، ولاسيما في بعض المناطق المضطربة في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تستعر هناك الحروب والصراعات القومية والطائفية المخيفة، وتشتد وطأة الفقر والفقر المدقع نتيجة السياسات الاقتصادية والأمنية الخاطئة، التي تمارسها الحكومات المتسلطة والمستبدة .
وفي الوقت الذي أخذت فيه حكومات الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن نفسها وعن مشروع نظام «يوروسور» الجديد العملاق بالقول، إن الهدف الأساسي من تشييده هو العمل على توفير شبكة عملاقة للحد من تنامي عمليات الجرائم المنظمة والعمل على حماية النازحين الذين يواجهون مخاطر الموت في البحر، والمحافظة على مرتكزات الاقتصاد الأوروبي، يرى العديد من المراقبين وكذلك المنظمات الحقوقية والبيئية الوطنية الأوروبية والدولية، في مشروع هذا النظام الجديد، خرقاً فاضحاً للأنظمة والقوانين والإجراءات التي كفلتها الدساتير الأوروبية بشأن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتراجعاً واضحاً عن تمسكها بالتزاماتها الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان.
وتقول بأنه عبر استخدام كل هذه التكنولوجيا المتطورة، سيتم الكشف بدقة متناهية عن مخابئ وأماكن تواجد النازحين، الذين سيواجهون بعد اكتشافهم، مخاطر الترحيل القسري، والذي سوف يعرضهم في النهاية، إما لممارسات صنوف التعذيب أو إلى أحكام الإعدام، ولذلك فإن فرض القيود
والإجراءات المشدّدة والصارمة والخطيرة، فيما يتعلق بقضايا اللجوء والهجرة، يجب وضعها بعين الاعتبار لدى كافة حكومات دول الاتحاد الأوروبي، التي يتوجب عليها احترام دساتيرها الوطنية والتزاماتها الدولية، والعمل الجاد على حماية الفارّين من جحيم التوترات والحروب والفقر والكوارث الطبيعية البيئية، ومن قسوة الأنظمة الفاسدة الاستبدادية والقمعية، بدلاً من التصدّي لهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم المشروعة والمكرّسة في القوانين والمعاهدات والمواثيق والأنظمة الدولية.
وتنطلق في هذه الأيام أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان في أوروبا بما يمكن القيام به في هذا الشأن، من الدعوات المتكررة إلى حكومات الاتحاد الأوروبي، بخصوص مراعاة أوضاع وظروف النازحين الصعبة، وعدم المبالغة في فرض القيود «الفولاذية» القاسية على تحركاتهم، والالتزام بحذافير نصوص دساتيرها وأنظمتها البرلمانية الدستورية، التي تعد ذات جذور راسخة وعميقة فيها.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4182 - الإثنين 17 فبراير 2014م الموافق 17 ربيع الثاني 1435هـ
القوانين
عند وضع تلك القوانين يجب النظر بانسانية عالية ال أوضاع النازحين القاسية.
كان الله بعونك
الله يساعدك يا استاذ هاني على الغربه والله يفرج لنا ولكم وتعود للوطن , ما اقسى ان بكون الانسان بعيدا عن ديرته .