قال أحد الحكام في الزمن القديم موصياً حاشيته قبل وفاته: وصيتي الأولى ألا يحمل نعشي عند الدفن إلا أطبائي ولا أحد غير أطبائي؛ والوصية الثانية هي أن ينثر على طريقي من مكان موتي حتى المقبرة قطع الذهب والفضة وأحجاري الكريمة التي جمعتها طيلة حياتي؛ وأما وصيتي الأخيرة فحين ترفعوني على النعش أخرجوا يديّ من الكفن وأبقوهما معلقتين للخارج وهما مفتوحتان. وحين فرغ من وصيته قام القائد بتقبيل يديه وضمهما إلى صدره، ثم قال: ستكون وصاياك قيد التنفيذ وبدون أي إخلال، إنما هلا أخبرتني سيدي بالمغزى من وراء هذه الأمنيات الثلاث؟
أخذ الحاكم نَفَساً عميقاً وأجاب: أريد أن أعطي العالم درساً لم أفقهه إلا الآن، فأما بخصوص الوصية الأولى، فأردت أن يعرف الناس أن الموت إذا حضر لم ينفع في رده حتى الأطباء الذين نهرع إليهم إذا أصابنا أي مكروه، وأن الصحة والعمر ثروة لا يمنحهما أحد من البشر؛ وأما الوصية الثانية، فحتى يعلم الناس أن كل وقت قضيناه في جمع المال ليس إلا هباءً منثوراً، وأننا لن نأخذ معنا حتى فتات الذهب؛ فيما كانت وصيتي الثالثة ليعلم الناس أننا قدمنا إلى هذه الدنيا فارغي الأيدي، وسنخرج منها فارغي الأيدي كذلك.
إن في حياتنا دروساً كثيرة لا ننتبه إليها إلا متأخرين، منها ما نستنتجه نحن من مواقف وأحداث نمر بها، ومنها ما نفهمه من خلال مواقف من حولنا وما يتعرضون له من أحداث، وعلى رغم ذلك فإن كثيراً منا يمر بما يصادفه من غير أن يفكّر بالتوقف عنده ليتعلم منه، فتراه يكرّر أخطاءه السابقة، وأخطاء من حوله إلى أن تجهد روحه من كثرة ما تمر به من مصاعب ومواقف يظلم بها نفسه وغيره.
وفي الربيع العربي كان أمام الرؤساء والحكام العرب الكثير من التجارب التي لو تعلّموا منها لنجوا وحقنوا دماء شعوبهم من جانب المعارضة والموالاة، ولوفروا كثيراً من المصادر المادية والمعنوية، وكثيراً من الوقت والجهد لأوطانهم التي عانت أكثر مما ينبغي، فالتاريخ العربي والعالمي مليء بالتجارب والثورات والانتفاضات، وفي كل تجربة يكون الخاسر هو الوطن حين تمتد أوقاتها قبل أن تستقيم الأمور في نهاية المطاف، وتحقق الشعوب أهدافها التي دائماً ما يكون النصر حليفها حين تؤمن بقضيتها وتتبناها مهما طال الزمن، ومهما اشتد القمع.
إن الكثير من هذه التجارب تنتهي بتحقيق أهداف الشعوب ونهاية الظلم والاستبداد، حين يدفع تجاهل الحكام لهم برفع مطالبهم فلا يعودون يقبلون بأقل من التغيير الجذري الشامل. ولو سمع الحكام شكاوى مواطنيهم منذ أول صرخة، وحاولوا إعطاءهم ولو جزءاً من حقوقهم، لما وصلت المطالب إلى الطلاق،كما حدث في كثير من الدول.
وفي النهاية لابد من التذكير بالبداية: إن الطبيب لن يمنع الموت حين يجيء، والذهب والمجوهرات والثروات لن ترحل معنا إلى حياتنا الأخرى، وأيدينا ستبقى خاليةً إلا من صحيفة أعمالنا.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4181 - الأحد 16 فبراير 2014م الموافق 16 ربيع الثاني 1435هـ
لو دامت لغيرك ماوصلت إليك
هنالك حاكمٌ دان لهُ الشرق والغرب واستقرت لهُ الحواضر الإسلامية بل وحتى ماوراء الغيب قال كلمتهُ الشهيرة ( لو أعطيت الأقاليم السبعة على أن أسلب نملة جلباب شعيرة مافعلت ذلك )
نعم موضوع رائع
كل انسان لو يضع مخافة الله بين عينيه لما ظلم احد ولكن , حيث الانسان عليه العمل الصالح وجمعه لا المعاصي وظلامات الشعوب ولما كل ذالك ليوم يكون الانسان لا يستظيع رفع بصره ولا حتى رفع يده لياكل وان ينظف نفسه او حتى ان ينطق كلمتين ع بعض العوين الله من ذالك اليوم وبعد ذاللك اليوم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وحسبي .خاتون
وكيف يسمعون
لا يسمع هؤلاء الا اصوات انفسهم فآذانهم اصابها صمم عظيم
ولو سمع الحكام شكاوى مواطنيهم
لما وصلت المطالب إلى الطلاق
عميت ابصارهم
وعميت بصائرهم واصابهم البكم والصمم يا سوسن
الظلم ظلماات
الظالم لا بد له يوم اختي سوسن لا تستهيني بالكلام الجارح وقطع الأرزاق والوشاية والكذب والخداع