العدد 4179 - الجمعة 14 فبراير 2014م الموافق 14 ربيع الثاني 1435هـ

الروائي السعودي محمد علوان: بريق خاطف أخذني إلى عالم الرواية

في محاضرة بمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث

قدّم الروائي السعودي محمد حسن علوان، شهادته الإبداعية عن الرواية السعودية، مستعرضاً تجربته في كتابة الرواية وسر تحوله من الشعر والقصة القصيرة وانشغاله ببريق الرواية الأخاذ، وذلك في أمسية ثقافية بمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء.

طفرة الرواية السعودية

برّر علوان الطفرة الأدبية للرواية السعودية في المشهد الثقافي السعودي قائلاً: «لم تكن الرواية السعودية بحالة موات بل كانت تتشكل ببطء تحت التراب، مما جعل ظهورها يمثل طفرة. وأعني بذلك تشكل العوامل الحضارية التي تجعل المجتمع مستعداً لقبول الإنتاج الروائي بأسئلته الحادة والملحة؛ ولأن يخوض تجربة التحول من الذات الاجتماعية إلى الذات الروائية، وأن يقبل بالتخيل كتجربة موازية للواقعية. كل هذه الحالات وصلها المجتمع دون أن تتاح له الفرصة لأن يعبر عنها، فلمّا كتبت الرواية حصلت على شغف مفاجئ وإقبال وجدل، ولكن جزءاً كبيراً من هذا الجدل غير موافق على هذه الرواية ولا يريد لها الرواج، فلم يكن هناك ما يعيق الرواية السعودية عن الحضور فيما قبل الألفية بقدر ما كان هناك ما يعيقها من الصدور، مما جعلها تمد جذورها خفية في المشهد على شكل استعداد وتهيؤ ثقافي وحضاري».

في نقد غياب الرواية سابقاً

وفي صيغة نقدية أضاف «لم تكن الرواية لتحضر كمشروع مكتمل فنياً ما دام ليس لها ذكر في المناهج المدرسية السعودية، وهذا ما جعل الكثير من الكتّاب ينزعون عندما يقرّرون الكتابة فيما بعد إلى اعتناق الجنس الأدبي الذي يمتلكون الحد الأدنى من أدواته الفنية، كالشعر أو المقالة. وأشك أن سوق المجتمع السعودي كانت بيئة خصبة لاستقبال الأعمال الروائية أو تشجيع الروائيين على طرحها، فلا معارض الكتاب كانت تحفل بأي إنتاج روائي، مقابل الكتب التقليدية الكلاسيكية، ولم تكن هناك بيئة خصبة تشجع الروائي أن يكتب مثلما نشهد الآن، حتى أن الروائيين صاروا يتسابقون في إصدار رواياتهم بمواعيد معارض الكتاب، ودور النشر المحلية لم تكن تعول على الإنتاج الأدبي كسلعة، وكذلك المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة لم تبذل أي جهد لقدح زناد الرواية السعودية».

الشللية كرَّست أسماء ثابتة

انتقد علوان وسائل الإعلام الثقافي في عدم استكشافها للرواية، مؤكداً أن الإعلام الثقافي في السعودية ممثلاً في الصفحات الأدبية والبرامج الثقافية لم يكن قادراً على استكشاف ذلك الاستعداد الخفي للإنتاج الروائي في مرحلة الحداثة الشعرية ومعاركها الأدبية، وكذلك الرقابة الحكومية المجتمعية الخانقة التي ألقت بظلال سلبية على سلوك مشرفي هذه الصفحات الثقافية وخلقت عيوباً هيكلية في طريقة تحليلها، وكذلك الشللية التي كرّست بعض الأسماء الثابتة في المشهد المحلي، الذي يعود إلى الثمانينات أو التسعينات؛ مما يشكل دلالة واضحة أن هناك نوعاً من الاعتماد على معايير غير فنية في إبراز الكتّاب والمبدعين، إذن لم تكن هناك آلية واعدة لاستقطاب واكتشاف أية مواهب دفينة.

وخلص العلوان إلى أن الرواية السعودية لم تأتِ على شكل طفرة إلا بسبب العوائق الفنية واللوجستية التي منعتها من التشكل كمشروع، وأجبرتها على التشكل كاستعداد خفي ينتظر الفرصة، فلما سنحت هذه الفرصة تبعاً لعوامل طبيعية واكبت نضجاً مجتمعياً متوقعاً منها خرجت الرواية بشكل ناصع محاولة أن تعوض ما سبقها من سنوات الجفاف.

الهروب من الشعر

عن شهادته الإبداعية وتجربته في كتابة الرواية، قال: «كنت من جملة المهاجرين من الشعر إلى الرواية، وهذا يشفع لي أن أشهد على تجربتي إذ إنها أصبحت تتكرر، فلم أعد وحدي من هاجر من الشعر أو القصة القصيرة أو اللاشيء إلى الرواية، وذلك يعود إلى التأثر بالبريق الخاطف للرواية».

وأضاف «لما نشرت سقف الكفاية لم تكن الرواية السعودية قد بدت بذلك البريق الخاطف كما هي الآن، فقد صدرت بعدها إحدى وعشرون رواية أخرى، ولم يكن هناك سوى خمسة أسماء يصدرون كل سنة رواية أو روايتين مثل عبده خال، والمحيميد، والقصيبي، أما الآن ففي السنة تصدر 100 رواية تقريباً، وكان المشهد الثقافي أشبه بالنادي الروائي المغلق، ورغم الإقبال الضعيف على الرواية إلا أن هذه الأسماء القليلة يحمد لهم إصرارهم وتمسكهم بكتابة الرواية».

الكتابة بوصفها كينونة

أضاف علوان «ما جذبني إلى الرواية كان بريق كتابة الرواية نفسها، فالقادم من عوالم الشعر يقدّس الحالة التي يقع فيها أثناء إنتاج القصيدة وهذا ما جربته طويلاً حتى صرت أعد الحالة الذهنية والروحية للكتابة من أهم المؤشرات على تماهي الكاتب مع النوع الأدبي الذي يكتبه، وهي الفارق بين الكتابة بوصفها كينونة والكتابة بوصفها صنعة، وأنا بعد بضعة سنوات من الشعر أصبحت أشعر بتوق لكتابة أخرى لم يعد الشعر يقدمها لي كما أريد؛ لسببين أولاً أن الشعر بطبيعته يأتي متى ما أراد لا متى ما أريد، وأنا حسب طبيعتي النفسية لم أتحمل أن أظل رهيناً لمحبسين، محبس الحاجة للكتابة ومحبس انتظار الكتابة، وأصبحت أقرأ في الرواية أكثر من الشعر، فقرأت فجأة العديد من الكلاسيكيات الشرقية والغربية بنهم شديد، وحتى نصوصي الشعرية التي سبقت تحولي إلى الرواية بدأت تأخذ طابعاً سردياً ما، وأصبحت القصيدة تبنى على حدث، حيث يوجد حكاية في القصيدة وأصبحت قصائدي مطولة بشكل أو آخر، وهو ما لم أكن أفعله في البدايات الشعرية».

العدد 4179 - الجمعة 14 فبراير 2014م الموافق 14 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً