بين ألوان مبهجة جميلة من أزهار البانسيه والفيربينيا والسيلفيا بلونها الأحمر الفريد، وتشكيلة أخرى من البيتونيا والجازانيا والداليا، كان العامل الآسيوي يفرز الأزاهير والورود ذات اللون الأحمر في جناح خاص بأحد المشاتل الزراعية استعدادًا ليوم الـ «فالنتاين» المتعدد الأسماء بين عيد الحب أو عيد العشاق الذي يصادف يوم الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط من كل عام.

«مع اختلاف وجهات النظر الدينية والاجتماعية في الاحتفال بهذه المناسبة، إلا أن المجتمع البحريني يعتبر مجتمعاً يحترم تعدد الآراء والحريات الشخصية... عشت في البحرين 7 سنوات وطوال السنوات الماضية سمعت عدة آراء... كان البعض يقول إن أعياد المسلمين مختلفة... لكن لا بأس من إهداء الزوجة والأم والأسرة هدايا في يوم الفالنتاين».. هكذا تحدثت لورنا جوزيف؛ عاملة الزهور في مشتل على شارع البديع، التي تشير إلى أن طلبيات الزهور والورود الحمراء تشهد أعلى معدل لها سنوياً في الأيام التي تسبق يوم 14 فبراير، وهي تشير إلى أن الخبراء استطاعوا إنتاج زهور من مختلف الفصائل والعوائل باللون الأحمر، إلا أن البحرينيين غالباً ما يفضلون وردة «الروز» الحمراء مع أن البعض يفضل بدرجة أكبر الوردة الدمشقية وتعرف محلياً باسم: الورد المحمدي.

فرصة لتجديد العلاقات

وتشهد العديد من المراكز التجارية والمطاعم وأماكن الترفيه والمقاهي في مختلف مناطق البحرين استعدادات مختلفة المستوى لهذه المناسبة، فبعض تلك الجهات تنظم فعاليات خاصة بالفعل، فيما البعض الآخر يكتفي بوضع بعض الديكورات الخفيفة التي تحمل اللون الأحمر ومعها عبارة تهنئة، إلا أن ذلك لا يعني عدم الإقبال على شراء الهدايا الثمينة الخاصة وإهدائها لأناس (لهم خصوصية) كالزوجة والخطيبة والأم بل وحتى الأصدقاء من الجنسين، ويرى مدير عام مركز البحرين للمجوهرات محمد شيرازي أن المجتمع البحريني المحافظ على دينه وتقاليده وعاداته، محب أيضاً للثقافات المختلفة التي تنشر معاني الود والمحبة بين الناس، فمثل مناسبة الـ «فالنتاين» هي لدى البعض فرصة لتجديد العلاقات الطيبة وهي سمات إسلامية بحتة بغض النظر عن تسمية المناسبة.

ويشير إلى أن لهذه المناسبة نماذج خاصة من الهدايا خصوصاً المجوهرات والساعات العالمية الثمينة الشهيرة من مختلف العلامات التجارية، وفي كثير من الأحيان، يتم تصميم هدايا خاصة يقول شيرازي بشأنها: «في العادة نقدم بضائع جديدة في مجال عملنا... فبالإضافة إلى تشكيلات المجوهرات والساعات، نصمم بعض الهدايا على هيئة قلوب ونماذج ذات معانٍ ترتبط بالأحاسيس والمشاعر الطيبة الكريمة... هذا أمر جميل والبحرينيون والمقيمون أيضاً يحرصون على إهداء أناس أعزاء على قلوبهم هدايا لهم معنى جميل مهما كان ثمنها».

بشرط عدم اعتباره من الدين

واحتفالًا بهذا اليوم، ومع تضارب الآراء في جواز احتفال المسلمين به تشبهاً بغير المسلمين لدى بعض مشايخ الدين، وجوازه لدى البعض الآخر حدود الاحتفال من أجل توثيق العلاقات الاجتماعية بين الناس بشرط عدم اعتبارها من شعائر الدين ولا يجري فيها ما يؤدي إلى ارتكاب الاثم، لكن ما هو هذا العيد؟ والإجابة بسهولة يمكن الوصول إليها من خلال موسوعة «ويكيبيديا» التي تقول إن عيد الحب أو عيد العشاق أو «يوم القديس فالنتاين» مناسبة يحتفل بها كثير من الناس في بعض أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام، وخصوصاً في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، وأصبح هذا اليوم تحتفل به بعض دول العالم ولو بصورة رمزية وغير رسمية، ويعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم.

وتحمل المناسبة اسم اثنين من القسيسين كانا يحملان اسم فالنتاين، ثم أصبح هذا اليوم مرتبطاً بمفهوم الحب الرومانسي الذي أبدع في التعبير عنه الأديب الإنجليزي جيفري تشوسر في أوج العصور الوسطى التي ازدهر فيها الحب الغزلي، ويرتبط هذا اليوم أشد الارتباط بتبادل رسائل الحب الموجزة التي تأخذ شكل «بطاقات عيد الحب»، وتتضمن رموز الاحتفال به في العصر الحديث رسومات على شكل قلب وطيور الحمام وكيوبيد (ملاك الحب) ذي الجناحين، وتشير الإحصاءات التي قامت بها الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في الولايات المتحدة الأميركية إلى أن عدد بطاقات عيد الحب التي يتم تداولها في كل أنحاء العالم في كل عام يبلغ مليار بطاقة تقريباً، وهو ما يجعل يوم عيد الحب يأتي في المرتبة الثانية من حيث كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم إرسالها فيه بعد عيد الميلاد، كما توضح الإحصاءات التي صدرت عن هذه الرابطة أن الرجال ينفقون في المتوسط ضعف ما تنفقه النساء على هذه البطاقات في الولايات المتحدة الأميركية.

الأزواج وفئة الشباب

لكن، هل يمكن أن يكون هذا صحيحاً بالنسبة للمجتمع البحريني؟ وهل ينفق الرجال ضعف ما تنفقه النساء في اقتناء الهدايا؟ هنا، لا يمكن الجزم بذلك كما تقول مديرة مركز الزهور في منطقة جدعلي رباب عبدالله (أم يونس)، لكن الملاحظ أن المتزوجين يقبلون على شراء الهدايا والزهور لتهدي الزوجة زوجها أو العكس، كما يمكن أن نلاحظ إقبال فئة الشباب من الجنسين، وأحياناً الأطفال والناشئة الذين يشترون بعض الهدايا المناسبة لأمهاتهم وآبائهم، أو حتى لمن يريد أن يهدي أحد أقربائه.

وتتفق أم يونس مع القول بزيادة الإقبال على شراء الورود كأكثر الهدايا أو رموز الاحتفال في الدرجة الأولى، وهي تلقى رواجاً كبيراً بين المواطنين والمقيمين، ومع أن الإقبال على اقتناء الهدايا والاستعداد للمناسبة يبدأ مبكراً وقبل أيام لدى البعض تحيطاً للازدحام، يفضل البعض آخر شراء الهدية في ليلة المناسبة ويومها... أضف إلى ذلك، أن هناك ثقافة دينية منفتحة لدى الكثير من البحرينيين، فهم يرون أن المناسبات التي يتبادل فيها الناس الكلام الطيب والهدايا الجميلة المعبرة عن المحبة هي جزء من تعاليم الدين الإسلامي، فيما يرى البعض الآخر أن ذلك غير جائز.

وتشير رباب عبدالله إلى أن هناك نماذج أخرى من الهدايا كالدببة القطنية الحمراء والألعاب والملابس بل وحتى بعض الأحذية وأية سلعة جميلة تكتسي باللون الأحمر تكون مرغوبة، وبالنسبة للورود فنقوم مبكراً بتقديم طلب لتوفيرها وأكثر الألوان المطلوبة بالطبع هي اللون الأحمر يعقبه اللون الأصفر.

ومن المتوقع أن تشهد المحلات التجارية والمشاتل ومحلات بيع الزهور اليوم وغدًا إقبالًا كبيرًا من جانب الجمهور لاقتناء الورود بالدرجة الأولى ليوم الرابع عشر من فبراير، لكن لكل اتجاهه وأهدافه ومسار الوردة الحمراء التي سيحملها وأين سيكون مآلها؟ وفي كل الحالات، فإن العرب قديماً قالوا: «إن الحسن أحمرُ».