العدد 4178 - الخميس 13 فبراير 2014م الموافق 13 ربيع الثاني 1435هـ

«وعد» تؤبِّن فقيدها المناضل جاسم بوشهري وسط إشادات بدوره الوطني

شريف: كلنا نتذكر دوره المشرِّف... والخاجة: فقدنا واحداً من أعضائنا المخلصين

أبَّنت جمعية وعد مساء أمس الأول الأربعاء (12 فبراير/ شباط 2014)، رجل الأعمال والمناضل جاسم بوشهري الذي توفي في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2013 في مدينة شيراز الإيرانية عندما كان في رحلة عمل، وسط إشادات عديدة بدوره التنظيمي والوطني.

وفي كلمة للأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف السيد، والذي يقضي حكماً بالسجن خمس سنوات في سجن جو، خلال حفل التأبين الذي تم في جمعية وعد في أم الحصم، قال فيها «كان يوماً مثل بقية أيام السجن الرتيبة، نقضيه نحن الثلاثة عشر الذين صنفتنا الدولة في خانة أشد أعدائها وألفت من أجلنا تنظيماً وهمياً بشهادة مزورة من مصادرها السرية من أجل تدشين أكبر حملة اعتقالات ومحاكمات سياسية في تاريخ هذه الجزيرة الوادعة».

وأضاف شريف «كان يوماً لا يختلف عن سائر الأيام ذاك اليوم الحزين في نهاية ديسمبر الماضي حيث يبدأ روتيننا اليومي بمطالعة الصحف والقراءة ومشاهدة نشرات الأخبار وتبادل أخبار الوطن عقب اتصالاتنا الهاتفية أو لقاءاتنا مع الأهل».

وأردف «شيء واحد كان غير طبيعي في ذاك اليوم، غير أن الصديق المحامي حافظ الذي كان أول من أجريت معه اتصالاً في ذلك اليوم أبى أن يفصح عنه أو عن الألم الذي كان يعتصره حينئذ، فقد ترك المهمة الصعبة للأخ العزيز رضي الموسوي».

وأكمل «توفي جاسم في شيراز»، كانت هذه الكلمات أو ما يشبهها هو ما نطق به أبومحمد، ولأن الأمر لا يصدق فقد اتصلت بالصديق الوفي الذي أعرفه منذ أكثر من 45 عاماً، محمد الزيرة، لأتأكد منه، «نعم توفي جاسم بسكتة قلبية عظّم الله أجرك».

وتابع «موت حبيب وأنت خلف القضبان أمر مختلف، فأنت لا تستطيع أن تلقي النظرة الأخيرة، ولا أن تصحبه إلى حيث قبره، ولا أن تصلي عليه أو تقرأ الفاتحة وأنت ممسك بشاهده، ولا أن تضم أبناءه وأشقاءه، ولا أن تبكي مع أصحابه، ولا أن تحضر أيام عزائه أو تواسي زوجته ووالدته وكل أحبائه، كل ذلك ممنوع عليك، ولأنه كذلك فإن الحزن هنا غير ذلك الذي أعرفه، وكأنه هو الآخر سجين لدى الدولة ينتظر لحظة تحرره».

وواصل شريف «ثلاثة عقود ونصف مضت على صداقتنا لا أذكر فيها أننا تخاصمنا أكثرَ من دقائق، جاسم لا يترك لك الفرصة أن تخاصمه فهو صديقٌ نادرٌ، قلبه يجري على لسانهِ، وخصامهِ، إذا حدث، خفيف الوقع سرعان ما يتلاشى ليترك خلفهُ ذلك الإحساس الجميل بالصداقة البريئة، التقيتهُ أول مرة في صيف العام 1977 بعد تخرجه من الثانوية العامة وكان يرغب في إكمال تعليمه في الولايات المتحدة».

وأفاد «منذ اللحظات الأولى بدأت صداقتنا فتواعدنا أن نقيم معاً في شقة واحدة في (أوستين بولاية تكساس)، وحين وصل كنت في استقباله إلا أن أمراً ما طرأ فأقمت مع طالبٍ آخر فزعل جاسم زعلاً لطيفاً ظل يداعبني بذكره كلما أراد ممازحتي، في تكساس بدأ اهتمام جاسم بقضايا الوطن، وبدأ طريقاً ظل مخلصاً له طوال حياته».

وشدد على أن «هناك محطات وطنية عديدة لم يتخلف عنها جاسم، منذ الثمانينات التأمت بشلة صغيرة مكونة من بعض طلاب جامعات أميركا وكندا وشباب آخرين اعتادوا الاجتماع معاً كل خميس، غالباً في منزل جاسم أو في خيمته في الصخير أو رحلة بحرية على بانوش يتسامرون أو يتناقشون في قضايا السياسة والاقتصاد والعلوم وغيرها ويشاهدون أحد أفلام «الكونغ فو» التي ينتصر فيها البطل نهاية الفيلم على الأشرار، في منزله أحضرت عريضتين للاطلاع والمناقشة والتوقيع: العريضة النخبوية عام 1992 والعريضة الشعبية عام 1994المطالبتين بالإصلاح والديمقراطية».

وتابع شريف «كنت في منزله مساء الخميس السابع من فبراير 2001، إذا لم تخني الذاكرة، عندما تلقيت اتصالاً لأحضر اجتماعاً عاجلاً مع بعض قيادات تيار الجبهة الشعبية لمناقشة الموقف من ميثاق العمل الوطني الذي سيجري التصويت عليه بعد أسبوع، بعد ساعة عدت إلى منزل جاسم لأبلغه والأصدقاء بأن قيادات المعارضة وافقت على التصويت بنعم على الميثاق بعد تلقيها وعود من الملك حول إعادة العمل بدستور 1973، كانت ليلة من أجمل الليالي في منزله الذي جمعتنا فيه ذكريات لا تنسى».

واستدرك «ولكنكم تعلمون الآن أن ما حدث كان مجرد حلم جميل لم يدم أكثر من عام تلته خيبة الميثاق، تم بعده بعشرة أعوام، حراك شعبي مازال مشتعلاً».

وذكر أن «رفاقه في «وعد» يتذكرون فضل جاسم وسبقه في بناء المقر ثم السهر على صيانته، وحماسه في جمع التبرعات لمشاريع الجمعية، تذكرون جيداً الفزعة التي تشبه الانتفاضة التي قادها جاسم أثناء المؤتمر (العام الرابع 2008) عندما جمعنا في نصف ساعة 40 ألف ديناراً رداً على تهديد وزارة العدل بقطع المعونات المالية المحدودة على جمعيات المعارضة».

وقال شريف «إنه جاسم المبتسم دوماً، والدينامو الذي لا يهدأ والذي يستخدم فطنته وطرقه في أن يجعلك تتبرع بضعف ما كنت تعتزم دفعه ثم تبتسم لأنه غلبك وأنت راضٍ سعيد».

وشدد «إنه ذاك الصنف من الأصدقاء الذين لا نوفيهم حقهم كاملاً مهما كتبنا وتذكرنا، فهو يحبك دون شروط، ويخُلص لك دون مقابل، إنها الصداقة النقية التي استمتعت بها في صحبته، هي من ذاك النوع الذي نحصد منه الحب والإخلاص في جميع المواسم، صدقته جارية يستمر ثمرها حتى بعد رحيل صاحبها».

وواصل شريف «لنتذكر أن أجمل ما في هذه الحياة هي الرحلة الطويلة التي نقضيها من أجل أحبتنا من أجل تحقيق هدف جليل، إنها الطريق الشاق الممتع مع كل هؤلاء الرفاق الرائعين من أجل وطن لا يرجف فيه الأمل، انظر إلى يمينك وشمالك، أمامك وخلفك، وتخيل قيمة حياتك دون هؤلاء الأحبة، وعندما تنتهي هذه الأمسية، قُم فعانقهم لأنك لا تعلم فيما إذا كنت ملاقيهم بعد اليوم، ولأن فيهم رائحة الأعزاء الذين رحلوا وكل شيء جميل كان في حياتك».

وتابع «جئنا هذا المساء لا لنودع عزيزاً بل لنحتفي به ونشكره على الحب والصداقة التي منحنا إياها دون شروط، على الإخلاص الذي غمرنا به، وعلى الدرب الذي ساهم معنا في شقه، شكراً جاسم يا أصدق الأصدقاء».

وختم شريف «تغمد الله فقيدنا بواسع رحمته وألهم والدته وزوجته العزيزة منى، وأبناءه: بسمة ومحمد وعلي، وشقيقيه سلمان وحسين، وشقيقته ابتسام، وكل أهله وأصدقائه وأحبته الصبر والسلوان.

وفي كلمة جمعية وعد، قال نائب الأمين العام للجمعية يوسف الخاجة في تأبينه للفقيد «نَمْ قرير العين يا رفيق الدرب، فقد كنت ولاتزال نجماً يحلّق في سمائنا أينما ارتحلنا».

وأضاف «في مسرح الحياة، قليلٌ من الناس الذين يعملون بصمت لكننا نشعر بحجم وأهمية عطائهم أثناء تواجدهم بيننا، ونتبيّنه واضحاً حين يغادروننا ويرحلون».

وأفاد الخاجة «قليلون هم الذين يتركون أرواحهم ترفرف في الأمكنة، فأينما نحلّ نجد روحك الباسمة وبصماتك في زواياها تشير إلى إنجاز هنا وإبداع هناك».

وتابع «نفتقدك؟ نعم، وأنت صاحب الأيادي البيضاء في العطاء والكرم ونكران الذات، كنت تعمل بصمت إلا ضحكاتك التي يتردد صداها حتى اللحظة حين نلج إلى موقع كنت فيه».

وواصل «نفتقدك حتى البكاء المر، لولا تركت نفسك هنا، حيث نشهد أنك قمت بواجبك، بل وأكثر، نعرف، أن الفقد كبير، الّلهم لا اعتراض، ونعرف أن أسرتك الكريمة تعاني الفقد أكثر، عزاؤها أنك اجتهدت بأقصى طاقتك لكي تسعد أفرادها دون تردد».

وأكمل الخاجة «أمك المحتسبة الصابرة نور عينَيها أنت، تتابع خطواتك داخلاً بابتسامتك وتغادرها بمثلها، أخواك: سلمان وحسين، يترقبان رجوعك المهيب من بعيد وهما في لحظات الرؤيا والحقيقة، بينما شقيقتك وزوجها كانا يشكلان جزءاً من حالة الحزن والأسى على هذا الرحيل المبكر وغير المتوقع».

وأردف «شريكة حياتك ورفيقة دربك العزيزة منى تهرع من بعيد لمصاب جَلَل حلّ بك، فترحل في شريط ذكريات عمرها أكثر من ثلاثين عاماً».

وتابع الخاجة «أبناؤك، بسمة التي جلبت لك السعادة بمجيء ياسمين نور عينيك وسبب بسمتك الدائمة، ومحمد الذي كان بعيداً، في المطارات يتلقّى النبأ العظيم الجلَل، وعلي الذي عاش مع إخوته حالة تيهٍ لحظة الفراق، يشخِّص بصره قرب الجثمان المسجَّى فينفجر بركاناً، يصمت شاخصاً عينيه نحو الجسد الشريف الذي واريناه الثرى للتو، كان يلتحم مع روح والده في لحظة وداع غير متوقعة، وإبراهيم الذي كان يرقب بعين حال ياسمين وأخيها بغياب جدهما قبل الأوان».

وشدد «رحل جاسم عبدالمحسن بوشهري، ففقدت جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) واحداً من أعضائها المخلصين الذين قدموا الكثير لهذا التنظيم العريق، فقد كان الفقيد مقتنعاً بأن انتماءه كان لمصلحة وطنيّة عليا تربّى عليها عندما كان يافعاً على كراسي فصول الجامعة برفقة لفيف من الأصدقاء، منهم إبراهيم شريف السيد، معلّمه الذي حدثنا جاسم عنه كثيراً، ومحمد الزيرة وفريدة غلام وعائشة غلوم بوجيري وغيرهم ممّن كانوا حريصين على التواصل مع بعضهم في مجموعة شباب أميركا، حيث كان الفقيد جامعاً ومشاركاً فاعلًا في تلك التجمعات التي لا يمكن أن تكتمل دون وجوده».

وأضاف «رحلت يا جاسم مبكراً، وتركت إرثاً من العمل المضني أنجزتَه إلى جانب رفاقك، لكنك تركت أسرة متحابّة، وأبناءً حصلوا على درجات علميّة عالية، تركت أمًّا منكوبة بفراقك، لكنها صابرة محتسبة للقضاء المرّ الذي حلّ علينا جميعاً».

وأكد «لن ننساك أيها الرفيق العزيز، ولن ننسى سجاياك وعطاءك اللامحدود، وستبقى روحك ترفرف في هذا الصرح الذي بادرتَ في بنائه كما كنت مبادراً لبناء فرع «وعد» في المحرق».

وختم الخاجة «كنتَ في مقدمة الصفوف، تعمل بصمتٍ لكن إنجازاتك تتحدث بما قمتَ به من أعمال عظيمة، وليس هذا الكتاب إلا جزءاً من الواجب الذي ينبغي القيام به، حيث إن أعمالك الباهرة لا يمكن حصرها في هذه الكلمات، كنت رائعاً يا جاسم، وستبقى بإنجازاتك حاضرة بيننا، لك الرحمة ولأسرتك الكريمة الصبر والسلوان».

ومن جانبها، ألقت ابنة الفقيد بسمة بوشهري، كلمة العائلة، مبدية «اعتزاز العائلة بانتماء الفقيد لجمعية وعد، حيث أعطى الكثير من وقته وجهده لهذا التنظيم الذي كان بمثابة بيته الثاني، عاش بين إخوته وأخواته وتشرب من مبادئهم الوطنية النبيلة».

وأضافت بوشهري «مثلما كان الفقيد محبوباً ومقداماً وناكراً للذات، حاضناً لكل واحد منكم، فقد كان هكذا معنا، شخصية لن تتكرر، كان ابناً مخلصاً وحنوناً، أخاً محباً وزوجاً حنوناً، وأباً معطاء، شخصية لا تحلو الأوقات دون وجوده، رحل عنا فجأة وترك فجوة كبيرة لن تمتلئ مهما طال الزمان، ورغم مرارة الفراق، فنحن نعتز أن والدي أكمل حياته على أفضل وجه، والكل يشهد بذلك، تقول له أمي أنا شريكة حياتك في الحلوة والمرة، علمتني ألا أخاف مما يخبئه الزمن، أعدك أن أكمل مشاورنا الذي بدأناه قبل 30 عاماً، وشمعتك لن تنطفئ أبداً».

وتابعت «وأقول بالنيابة عني وعن إخواني، لايزال من الصعب علينا أن نتقبل رحيلك عنا، ولا نظن أن الأيام كفيلة أن تضمد عمقنا العميق، ولكن جاسم بوشهري في دمنا وفي عملنا، وسنرفع رأسك عالياً، ونتمنى أن ننجز جزءاً بسيطاً مما أنجزته في حياتك، كل من التقى بك وتعرف عليك محظوظ».

وواصلت «كان والدي يوصينا دائماً بأن نغفر ونسامح، ويعتبره الطريق الأمثل لتطهير النفوس من الأوهام الخاطئة، وهو الطريق للراحة النفسية التي هي بمثابة تجديد للذات، وحقاً فقد حقق فقيدنا الكثير من الإنجازات لعائلته وجمعيته ووطنه وشعبه، واستطاع أن يؤسس أسرة رائعة في تربيتها والإخلاص لأعمالهم».

وختمت بوشهري «لقد رحل جاسم إلى بارئه، ولكن ذكراه ستبقى حاضرة في نفوسنا في كل محطات حياتنا، وحياتكم وحياة كل من عرف جاسم وتعامل معه».

وفي كلمة أصدقاء الفقيد، قال أحمد رفيع «كان أكثر ما يسعد الفقيد هو رؤيتنا سعداء، لم تنقطع لقاءاتنا إلا عندما اعتقل المناضل إبراهيم شريف».

وذكر أن «الموت سيلقانا جميعاً، ولكن ما يصنع الفارق هو بقاؤه حياً معنا بأعماله وليس مثل البعض الذي يموت فيفنى، الفقيد لم يغير جلده الوطني رغم كل المضايقات، كما غير البعض جلده كالأفاعي».

وأردف «كان الفقيد يحمل قلباً مفعماً بالحب والرقة، كان جاسم يمثل لنا الحياة، لم نصدق أن جاسم مات، فجاسم يمثل الحياة بل هو الحياة بكل ما فيها من جمال».

وختم رفيع «نحن بشوق إليك، ببسمتك وتفاؤلك، ما يحزن هو أن الفقيد لم تقر عينه بلقاء رفيقه وصديقه إبراهيم شريف خارج السجن».

وقفة حداد في «وعد» على روح المناضل جاسم بوشهري - تصوير عقيل الفردان
وقفة حداد في «وعد» على روح المناضل جاسم بوشهري - تصوير عقيل الفردان

العدد 4178 - الخميس 13 فبراير 2014م الموافق 13 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:20 ص

      هنا البحرين

      الله يرحمه ويجازيه افضل الجزاء بما قدمه الي هذي الارض الغالية.

    • زائر 1 | 9:45 م

      الف رحمه عليك يوافق يدنا الغالي

      صاحب نعمة وعز لكنه لم يلتفت لذلك فلقد تقدم الركب لمساعدة شعبه نم قرير العين رحمك الله واسكنك فسيح جناته انا لله وانا اليه راجعون

اقرأ ايضاً