العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ

صراع فرنسا لإبقاء الكرنك في العصر الحجري

تحتدم معركة عن مستقبل وروح كتل الأحجار القائمة منذ العصر الحجري في الكرنك في بريطانيا، وهو أكبر موقع من نوعه في العالم.

الثلاثة آلاف كتلة من الجرانيت القائمة منذ ستة آلاف عام أو أكثر في صفوف تنتشر على مسافة ميلين ونصف تشكل صرحاً من الأسرار الغامضة لإنسان العصر القديم وتقارن في أهميتها بموقع Stonehenge. وقد تشكل ائتلاف من علماء آثار هاوين، وفلاحين، ومهتمين بالبيئة، ووطنيين بريطانيين، بزعامة عازف موسيقى شعبية وأحد البحارة الذين طافوا العالم، وقد تمكن هذا الائتلاف من السيطرة على المجموعة المركزية من الأنصبة الحجرية العمودية. وهم قلقون من أن يخطط مالك الموقع - فرنسا - لتحويل هذه الأعمدة إلى مكان لعرض فعاليات مختلفة أو لما يسمى أرض الأنصبة .Menhirland وتتهم الدولة المحتجين بتدنيس قدسية المكان الذي يحبونه.

منذ العام 1991 تم وضع سياج حول المجموعة الرئيسة من أحجار الكرنك بسياج شبكي أخضر اللون وقبيح شبيه بالحاجز الذي أثار الجدل والمقام حول ستونهينج Stonehenge. منذ ثلاثة أسابيع مضت اندفع المتظاهرون نحو المركز الرئيس للزوار وبحثوا عن مفتاح الحواجز ثم فتحوا جميع الأرصفة الحجرية وسمحوا للعامة بالدخول مجاناً الأمر الذي أثار بهجة السياح.

وقد استولى مسئولو الحكومة الفرنسية مرة أخرى على مجموعتين رئيسيتين من مجموعات الأحجار الثلاث. ولكنهم يقولون إن المتظاهرين قد أحدثوا ضررا لا يمكن اصلاحه في الموقع بسماحهم للسياح بالتجول ما بين الأعمدة كما يشاؤون.

ولكن المتظاهرين الذين لايزالون مسيطرين على مركز الزوار والمدخل للكرماريو وهي المجموعة المركزية من الأرصفة الحجرية يردون قائلين إن هذا هراء. إن الدولة هي التي دمرت الموقع بإدارتها المضللة في الثمانينات «كاستخدامها للجرافات لتغيير مكان الأحجار».

ويتساءل المتظاهرون اذا كانت فرنسا تهتم بالأنصبة الحجرية فلماذا سمحت بتدمير عشرات من المجموعات الأخرى من الأحجار إلى منطقة الكرنك إذ ان هناك ثمانين موقعا وأكثر من 14,000 حجر في مساحة 10 اميال؟ ولماذا غيرت الدولة قوانين تقسيم المناطق للسماح بعمل تطويرات بالقرب من الأرصفة الرئيسة في الوقت الذي تحاول فيه ان تطرد الفلاحين الموجودين هناك منذ سنوات؟

يقول يوجين ريجوديل البالغ من العمر 62 عاما :«لديهم خطط كشفوا عن نصفها فقط لتحويل هذه المنطقة إلى منطقة تجارية»: ويوجين بحار طاف العالم في يخته وهو ناشط بيئي ونائب رئيس منظمة Menhirs Libres وهي المجموعة التي تقود هذا الاحتجاج.

ويواصل يوجين قائلاً: «يريدون أن يخرجوا السكان المحليين من المنطقة ويقوموا بتطهيرها ثم يبنوا موقف سيارات كبيراً ومركزاً للزوار وربما فنادق أيضاً. اننا نريد الحفاظ على جميع هذه الأحجار وحمايتها وليس تسييجها بحواجز تشوه جمالها وجو هذا المكان الساحر».

وتقول الحكومة الفرنسية إن هذه المنطقة هي أسطورة وإن الموقع تم تسييجه لأن الدخول غير المحدد لمليون زائر سنويا كان يدمر الحياة النباتية ويهدد اتزان الأحجار. ويقول المسئولون إن خطط الحكومة المعلنة في العام 1996 «والتي رُفضت من قبل 87 في المئة من السكان المحليين» تهدف إلى استعادة روعة المكان وليس تحويله إلى مكان لإقامة الفعاليات المختلفة.

كريستيان اوبليتز البالغ من العمر 40 عاماً وهو عازف موسيقى شعبية وعالم آثار هاو وهو نائب رئيس ثانٍ في مجموعة Menhirs Libres سارع بالرد قائلاً: «اذا كانوا فعلاً ينوون الحفاظ على هذه الأحجار فلماذا حدّدوا مبلغاً صغيراً لخططهم ''وهو 15,000 جنيه استرليني فقط'' ولاستكشاف الآثار وذلك لمحاولة فهم عقلية الذين بنوا الأرصفة؟» المدهش هو انه كان هناك القليل من عمليات الاستكشاف الشاملة في منطقة الكرنك منذ العمل الريادي لعالم الاثار الاسكوتلندي جيمس ميلان في العام 1860 الذي قام بعملية تنقيب واسعة عن الآثار في المنطقة.

في ذلك الوقت كان هناك أقل من سبعمئة حجر لاتزال قائمة من مجموع ثلاثة آلاف حجر في الموقع الرئيس في الكرنك وتوضح الصور القديمة والرسومات كيف أن تلك الأجزاء التي وضعت عليها الأرصفة النظيفة اليوم غير صحيحة فقد تم وضعها بصورة عشوائية كما ان بعض هذه الأحجار تمت إعادة تنصيبها بطريقة مقلوبة.

كما تم اقتلاع بعضها الآخر في العام 1930 لملء الفجوات الموجودة في الخطوط. كما تم نقل بعضها الآخر لإبعادها عن الطريق. هذا بالإضافة إلى نقل بعضها إلى مواقع جديدة بطريقة غير قانونية وذلك لإخلاء المكان لوضع الحواجز القبيحة في العام 1991.

يقول اوبليتز: «المكان بحاجة إلى الكثير من العمل وذلك لفهم الموقع واستعادته كاملاً وفيما عدا ذلك فإننا سنقوم فقط بالقضاء على أساطير السياح وبجعل الكرنك مكاناً مبسطاً ومنظماً ولكنه مكان يفشل في نقل روعة وغموض المكان».

تم البت في معركة الكرنك للوقت الحالي إذ تمت تسوية الأمر بالطريقة الفرنسية التقليدية ولم تظهر السلطات الفرنسية اي استعداد للاستماع لانتقادات المعترضين.

خدمة الإندبندنت - خاص بـ «الوسط»?

العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً