العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ

طبق السوشي الياباني يغرق السوق الأميركية

يرش روبوت السوشي في معمل في نيويورك معجون الفجل الاخضر الحار على الألوف من قطع كعك الارز الصغيرة عندما تمر امامه على قشاط النقل.

ويقوم عمال يرتدون المراييل البيضاء والقفازات الصحية بوضع شرائح السمك الطون النيء المستورد من الفلبين وسمك السلمون من الصين والروبيان من إندونيسيا، وكلها مجلدة ومشحونة عبر ألوف الاميال إلى نيويورك.

دعك من الحنين إلى مشاهد منتوجات المطبخ الياباني التقليدي. يقول تاكيهيسا تاكاما صاحب المعمل الذي ينتج سبعة آلاف علبة غداء يوميا لبيعها عبر 16 محلا لوجبات السريعة في مختلف انحاء الولايات المتحدة ان نفس طريقة التسويق الجماعي التي جعلت الاطعمة الاميركية السريعة مشهورة في اليابان ستساعد على نشر المأكولات اليابانية في الولايات المتحدة.

سعياً وراء السنت الاميركي مقابل النكهات الغربية يطبق رجال اعمال ينتمون إلى فئة متعاطفة، ومنهم تاكاياما كفاءة خطوط التجميع والتسويق المنضبط، وهم يذهبون إلى اقصى مدى- فعلا - لمطابقة طبق السمك النيء مع متطلبات السوق الاميركية.

هؤلاء يدغدغون غدد التذوق لدى الاميركيين بابتكارات مثل سمك الطراخور النيء مع الجالابينو والعشب البحري المزيف المصنوع من الطحين، وكريات الارز بالكتشب. وتلبي خطوط امتداد طويلة جداً الطلب غير المسبوق على السوشي في الولايات المتحدة.

وقد ارتفع عدد مطاعم السوشي في الولايات المتحدة خمسة اضعاف إذ وصل إلى خمسة آلاف معطم خلال السنوات العشر الماضية. والسوشي بات متوافرا في محلات السوبر ماركت والفنادق بل وحتى في ملاعب الرياضة الاحترافية.

ويقول سايتشو فوجيكاوا نائب رئيس شركة في لوس انجيلوس لتوزيع حشيشة البحر: «إننا نتعامل مع اميركيين وينبغي ان نتكيف معهم. هذا العشب الرقيق المصنوع من الطحين يستخدم بديلاً لحشيشة البحر المجففة التي لا يستسيغها بعض الاميركيين. ويوزع النوع الاصطناعي بألوان من الاصفر إلى الوردي والاخضر والابيض والبرتقالي. ومن هنا كان اسمها «قوس القزح».

من بعض النواحي يعتبر وجود السوشي أمراً طبيعياً في السوق الاميركية، فهو يتناسب مع الحميات الغذائية الصحية بالنظر إلى قلة الدهون منه وتدني سعراته الحرارية والكوليسترول. انه طعام غريب وسهل التناوب يجتذب الموظفين والعمال في استراحة الظهر في المدن الكبيرة كنيويورك ولوس انجيلوس.

إلا ان العادات المتقلبة تحتاج إلى مهارة تسويقية. شركة Foods Advanced Fresh تستغل تكاثر الطلب على المأكولات الجاهزة عن طريق 900 منصة سوشي في متاحر السوبر ماركت في الولايات المتحدة وكندا وتحقق مبيعات تزيد عن مئة مليون دولار سنويا. ويقوم طهاة مدربون بإعداد السوشي امام اعين الزبائن الذين يشترون علبة السوشي بخمسة دولارات.

وتستفيد شركة رانتشو دومينغيز من موجة الاقبال على صنع السوشي في المنزل فتبيع عبوة مستلزمات تحتوي على خل الارز وحشيشة البحر المجففة وحصيرة القصب التي تستعمل للف ومحتويات اساسية اخرى، ما عدا السمك النيء.

وقد بدأ غزو السوشي في كاليفورنيا في ستينات القرن الماضي وتطور عنه ابتكار اميركي من السوشي اطلق عليه اسم فطيرة كاليفورنيا وهي تحتوي على الافوكادو والخيار ولحم السلطعون المقلد ولكن من دون السمك النيء.

ومع ذلك تبقى بوتقة صهر الثقافات الاميركية ارضا خصبة لابتكارات اكثر إثارة. فطباخ السوشي الشهير نوبو ماتسوهيزا يلقي رواجاً باضافته الطابع الاميركي اللاتيني على السوشي. فبعد ان عاش عدة سنوات في البيرو والارجنتين بات يستعمل مطيبات كالثوم والطماطم وزيت الزيتون لاعداد اطباق ثمار البحر مثل الساشيمي المعد من لحم الطراخور مع الجالابينو والمحار النيء مع الصلصة.

ومع ان المتزمتين قد يتعرضون على ذلك فإن مطاعمه السبعة في الولايات المتحدة والمطعم الواحد في كل من لندن وطوكيو تلقى إقبالاً شديداً مما يستدعي حجز الاماكن مسبقا قبل شهر على الاقل.

ويقول ماتسوهيزا: «لست بحاجة إلى مطعم ياباني تقليدي. اريد طاقة اكبر».

إن مطاعم السوشي التقليدية تبني شهرتها على نضارة اسماكها. وبعض المطاعم يستورد السمك حيا بطائرات خاصة من مختلف انحاء العالم. إلا ان الشركات التي تنتج هذه المأكولات ينبغي ان تعتمد على التجميد لمنع فساد الاسماك، والتجميد ضد الطريقة السليمة والاقتصادية الوحيدة المتوافرة لها مع أن إذابة السمك المجمد يؤثر على القوام والمذاق.

ويجري تجميد الاسماك فور اصطيادها في البحار أو لدى وصولها إلى المرافئ. وبعد ذلك يبدأ توزيعها عبر شبكة واسعة من تجار الجملة والشركات التجارية قبل ان تصل إلى الشركات التي تقوم بإعداد السوشي وتعبئتها في علب الغداء.

وعلى اثر تكاثر المنافسة بين الشركات القديمة اثيرت مخاوف ان المتعاملين مع الاسماك غير مؤهلين للمهمة مما قد يزيد من المخاطر الصحية. وفي بعض المناطق يحتاج إعداد السوشي إلى شهادة خاصة للطهاة غير رخصة المطاعم العادية.

وقد وزعت دائرة الاغذية والادوية ارشادات خاصة للتعامل مع السمك النيء، إلا ان السلطات المحلية في كل منطقة تفرض وتطبق انظمة خاصة تختلف من مكان إلى آخر. إنما المبدأ الاساسي هو ان يكون السمك المجمد معروضا تحت 5 درجات مئوية?

العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً