يوم أمس بدأ الفصل الدراسي الثاني للمدارس الحكومية في وطننا، وقد استقبله الناس برسائل الضحك والمزاح وتفننوا في اختلاق القصص والنكات، في حين لم تخلُ تلك الرسائل من الشكاوى من عودة الدوام المدرسي وما سيرافقه من مسئوليات. وعلى الرغم من كل تلك الأمنيات بتمديد الإجازة تارةً، وعودة الزمان تارةً أخرى لتعود معه الإجازة، إلا أن المعلمين جهزوا عِددهم وانطلقوا نحو أعمالهم بحب حقيقي، ورغبة صادقة في العطاء المتجدد برغم كل المنغصات التي تنتاب بيئتهم التعليمية.
ومهما كان ما يبديه المعلمون عكس ذلك، فهو على سبيل المزاح والدعابة ليس إلا، وما عطاؤهم وجهودهم المتواصلة طوال العام إلا شاهداً على ذلك.
ذكرتني تجهيزات يوم أمس بمعلماتنا في المراحل التعليمية الثلاث، وكنّ وقتئذٍ من البحرينيات غالباً، إلا في تخصصات اللغة العربية أحياناً والإنجليزية والفرنسية والتربية البدنية غالباً، معلمات لم يألين جهداً لكي نصل بعلمنا إلى أعلى المراتب، وكانت المعلمة منهن تمثل لنا أماً حنوناً أو أختاً نصوحاً، وأحياناً صديقةً صدوقة تتواصل معنا حتى بعد انتهاء اليوم الدراسي.
كنا نستقبلهن مع بداية كل فصل دراسي بالورد والحب، وكن يستقبلننا بالأحضان والمحبة التي لم تغب يوماً، ولهذا كنا نشعر بالفعل أن المدرسة هي بيتنا الثاني الذي نشعر فيه بالأمان أيضاً، وعلى رغم شقاوتنا في المرحلة الثانوية، وسأتحدث عن نفسي كي لا أظلم بعض زميلاتي، وأنا التي كنت أعشق المقالب التي لم تؤثر يوماً على مستواي الدراسي الذي كان مبعث فخر لمعلماتي وأهلي وهم الذين لم يسلموا منها، إلا أننا استطعنا أن نحفر أسماءنا في كل زاوية من زوايا المدرسة حتى احتضنتنا مديرة المدرسة في حفل التخرج باكيةً وهي تقول: لن أجد يوماً «شلة» كأنتم، وكنا حينها خمس طالبات من أنشط طالبات المدرسة نظمنا حفل التخرج واستلمنا فقراته تقديماً وإعداداً كما كنا نفعل طوال أيام الدراسة مع الإذاعة والمسرح.
الذكريات كثيرة فيما يتعلق بالمرحلة الدراسية، لكن ما يبقى لامعاً هو الإضاءات التي أضافتها هذه المعلمات اللاتي أتمنى لو أنني ألقاهن جميعاً لأطبع على جباههن قبلات عرفان واحترام، خصوصاً وأنا أرى اليوم بعض قريباتي وهن يندبن حظ أبنائهن وبناتهن لأن من يعلمهم اليوم هم من الوافدين الذين لم تخترهم وزارة التربية والتعليم بعناية كما السابق، والشكاوى في هذا المجال كثيرة.
المعلمون اليوم يحاولون جاهدين كي يرضوا هيئة ضمان الجودة تارة، وإدارة المدرسة تارة، وأولياء الأمور تارة والتلاميذ تارة، ونسوا إرضاء أنفسهم بعد أن تنازلوا عن جميع حقوقهم ولم يعودوا يطالبون بأي منها خشية الإقالة أو الإحالة للجان التحقيق التي نشطت بعد أحداث فبراير 2011، فألقمت كل من كان يفكّر في وضع المعلمين البحرينيين الذي لا يقارن بزملائهم في الدول الخليجية الأخرى، والذي يُحاط بكثير من الأشواك والآلام، وعلى رغم كل هذا مازالوا يبذلون أقصى ما عندهم لكي يريحوا ضمائرهم بالدرجة الأولى. وأنا هنا أتحدث عن البحرينيين الذين وُظِّفوا طبقاً لجميع الاشتراطات الطبيعية لديوان الخدمة المدنية ولا أشمل غيرهم ممن لم تطبق عليهم الشروط. لكل هؤلاء المعلمين الذين يؤدون رسالتهم بقلب أبيض وضمير حي نقول: شكراً لكم... وكل فصل دراسي وأنتم بخير.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4174 - الأحد 09 فبراير 2014م الموافق 09 ربيع الثاني 1435هـ
خطوة جريئة
يبغي للمعلمين يخطون هالخطوة الجريئة .. يضربون عن العمل كم يوم حتى يتحقق الوزير من كفاءة المتطوعين .. و من اجل ان يحصلوا على حقوقهم و كرامتهم امام فرق التحسين
شكرًا
شكرًا لمقالك الرائع الذي يمس كل معلم شريف
بالتوفيق
شكرا على مقالكم الرائع ونتمنى لكم التقدم والنجاج