بعثت وزارة التربية والتعليم تعقيباً على بعض التصريحات التي استعرضتها «الوسط»، والمعبرة عن الآراء الشخصية لبعض أعضاء مجلسي الشورى والنواب حول أداء قطاع التعليم العالي في البحرين، وقالت: «إن تلك التصريحات والآراء والمواقف تحتاج إلى رد وتدقيق، لما تضمنه بعضها من خلط أو تعميم أو قلة دراية بالواقع».
وبيّنت التربية في ردها النقاط التالية:
أولاً: إن وصف أداء قطاع التعليم العالي في البحرين بـ «الفوضى»، أقل ما يمكن الرد عليه بأنه قول ينم عن عدم دراية وعدم إلمام بطبيعة عمل هذا القطاع، وبالجهود التي بذلها ويبذلها لتطوير عمل الجامعات وضبط المخالفات، والدفع بهذا القطاع الحيوي على جادة الجودة والتطوير. ومن المؤسف أن تصدر مثل هذه التصريحات العامة والأحكام الجزافية بهذه الصورة السلبية البعيدة عن الدقة والموضوعية عن من يمثل السلطة التشريعية، والذي يفترض به الإلمام الكامل بالقوانين والتشريعات وبأداء المؤسسات الحكومية ومدى التزامها وتطبيقها للقانون والأنظمة واللوائح.
ثانياً: إن المطلع على القواعد القانونية التي تحكم قطاع التعليم العالي وتنظمه، وعلى المراسيم الصادرة بشأنه يجد أنها سلسلة قانونية مترابطة منشورة ومعلومة منذ عدة سنوات، وأن قانون التعليم العالي نظم هذا القطاع ورسم أهدافه وبيّن اختصاصات أجهزته، وصدرت بموجبه لوائح تنظم كافة الأوجه التي تعنى بها الجامعات، بدءاً بالترخيص ومن ثم اللائحة الأكاديمية والإدارية ثم اللائحة المالية ولائحة المرافق والمنشآت، فكيف الحديث عن الفوضى في ظل وجود هذا القانون واللوائح المنفذة له، والتي تحكم جميع قرارات مجلس التعليم العالي بشأن تنظيم القطاع على نحو واضح وشفاف ومعلن؟
ثالثاً: وإذا كانت بعض الجامعات قد رخص لها قبل صدور قانون التعليم العالي، فإن القانون قد منحها أجلاً زمنياً محدداً لتعديل أوضاعها وفقاً للقانون واللوائح، حيث قام المجلس بتشكيل لجان الفحص والتدقيق لهذه الجامعات من حيث كافة أوجه النشاط الذي تضطلع به، سواء كان أكاديمياً أم إدارياً أم مالياً، وكذلك ما يتعلق بالأبنية والمرافق والمنشآت والوضع الطلابي، وذلك حرصاً من المجلس على مصالح الطلبة ومستقبلهم وحقهم في الحصول على برامج علمية موثوقة، خاصةً وأنهم وأولياء أمورهم يدفعون مبالغ مالية لقاء ذلك.
وضماناً لتقديم الجامعات لأفضل البرامج التعليمية، فإن مجلس التعليم العالي لا يرخص حالياً إلا البرامج الحديثة التي تتواكب والتقدم العلمي والحضاري في قطاع التعليم، وبما يحقق حصول الطالب على المعرفة المتقدمة التي تُسهم في بناء الطالب والمجتمع.
وإيماناً من المجلس بأن عضو هيئة التدريس يعد الأداة الرئيسية للعملية التعليمية، فقد سعى إلى مراقبة استقدام الجامعات لأعضاء هيئة التدريس، وخاصة ما يتعلق بالتخصص والخبرة والكفاءة، والوقوف على مستوى أدائهم ومدى تحقيقهم للعملية التدريسية السليمة.
ويتابع مجلس التعليم العالي سعي الجامعات الخاصة لإنشاء الأبنية والمنشآت الخاصة بها وفقاً للمعايير المعتمدة والمحددة في لائحة الأبنية، حيث استجابت غالبية الجامعات لهذا الأمر، ولا يزال المجلس يتابع الجامعات الأخرى في هذا المسعى.
رابعاً: إن ما ذكر آنفاً قد جاء من حرص مجلس التعليم العالي على تقديم تعليم عالٍ متطور للطلبة يضمن لهم سبل المعرفة، خاصةً وأن الطالب يدفع مبالغ مالية لقاء هذا التعليم، وأن مسئولية المجلس تجاه الطلبة وأولياء أمورهم مسئولية تربوية وأخلاقية تستوجب النهوض بهم لكونهم رجال المستقبل وأدوات التنمية.
وبناءً عليه ونتيجةً لتلك المتابعات والتدقيق والفحص، فقد قامت مؤسستان تعليميتان بإيقاف نشاطهما التعليمي والعمل على إغلاقهما، عندما وجدتا نفسيها غير قادرتين على الاستجابة لمتطلبات القانون واللوائح ولعملية التطوير، كما قام المجلس بسحب ترخيص جامعة أخرى عند اكتشافه لشبهة تزوير درجات الطلبة، وذلك حفاظاً على سمعة البحرين التعليمية وضماناً لحقوق الطلبة.
ونؤكد أن مجلس التعليم العالي يسعى إلى خلق وإدامة جامعات رصينة بما يتفق ورؤية مملكة البحرين في جعل البحرين مركز استقطاب علمي وأكاديمي موثوق، بحيث تكون الجامعات مؤسسات تعليم عالٍ حقيقية تقدم برامج موثوقة، وليست «مجرد دكاكين» لتقديم الشهادات، وهذا الهدف هو ما يجعل جهود مجلس التعليم العالي وأمانته العامة عبر السنوات الماضية متواصلة ومضنية، وتُواجَه في بعض الأحيان بمقاومة شديدة من قبل البعض، خاصةً وأن المسألة تتعلق هنا بالتوفيق بين الاستثمار وبين جودة التعليم وحق الطلبة في الحصول على الخدمة التعليمية الجيدة والمناسبة لما يدفعونه من رسوم دراسية.
خامساً: سوف تشهد المرحلة المقبلة تطوراً كبيراً في مسيرة التعليم العالي، وذلك في ضوء الخطة العشرية للتعليم العالي، والتي سترسم تلك السياسة، إضافة إلى وضع استراتيجية للبحث العلمي من أجل خدمة القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بالدراسات العلمية وكذلك سوق العمل. كما وضع المجلس خطة لتنمية أعضاء هيئة التدريس من خلال ورش تدريبية سوف تقدمها بالاستعانة بإحدى المؤسسات العالمية.
ولابد من الإشارة أخيراً إلى أن مجلس التعليم العالي قد انتهى من توقيع اتفاقية مع مجلس الاعتماد البريطاني، الذي سيتولى وضع معايير عالمية للاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي العام والخاص في مملكة البحرين، وهذا ما سيعكس آثاره على أداء الجامعات وتطورها.
ومما يثير الدهشة في ذات الوقت أن الجريدة قد نشرت في الصفحة المقابلة لقاءات مع الطلبة الجامعيين الذين أشادوا بالتعليم العالي وجهوده في وضع المعايير العلمية لعمل المؤسسات ومتابعته لأدائها، وأبدوا ارتياحهم لهذا الجهد، وأن الجامعات ونتيجة لتلك المتابعات أخذت ترتقي بمخرجاتها التعليمية ومستويات خريجيها.
ختاماً، كنا نتمنى أن يكون التقييم لأداء القطاع موضوعياً، وأن يقدم أفكاراً ورؤى ذات قيمة مضافة يمكن أن تسهم في عملية التطوير، وليست مجرد انطباعات وأحكام مطلقة لا تستند إلى أي اعتبار موضوعي.
العدد 4174 - الأحد 09 فبراير 2014م الموافق 09 ربيع الثاني 1435هـ