كنت في جلسة سمر مع مجموعة من الأصدقاء وكانت الأحاديث تشمل الشكاوى من الأوجاع الجسدية المنوعة من تنمل الأصابع، وأوجاع الرقبة ووجع أسفل الظهر وأعلى الكتفين وكان الأغرب هو الاضطراب في سماع ما يشبه الوشوشة في الأذن، ووجدتني أسرح معهم في خيالي وأرى أن كل هذه الأعراض تعتبر من الأمراض الحديثة وغالباً الكمبيوترية!
وإن هنالك العديد من الأمراض المزمنة بسبب النقر على الجهاز الحديث والتي توتر الجسد ويصعب معها العلاج ما يضطر لمن يعانون منه إلى زيارة الأطباء والذي قد يصف لهم العلاج وبتناول الكثير من الأدوية التي ترخي العضلات المتشنجة والمتصلبة أو الراحة التامة والتوقف عن استعمال الكمبيوتر مع العلاج الطبيعي والذي يأخذ وقتاً طويلاً للعلاج! والذي رغم أنه قد جلب لنا مع أدائه المميز الكثير من التقدم ولكنه أيضاً جلب لنا الكثير من الأوجاع والآلام أيضاً، وقال أحد الحكماء إن الإنسان يقضي الجزء الأول من حياته في العمل وتجميع المال ومن ثم يقضي الجزء الآخر منه في صرف ذلك المال على علاج الأوجاع والآلام التي سببها جمعه لذلك المال!
وأما مشكلة السمع هذه فهي تالية في التقدم وسببها هو الإدمان التلفوني على الهاتف النقال الذي يقال إن ذبذباته الإلكترونية لها تأثيرٌ ضار على الآذان إذا ما كثر استعماله، وأعرف من تشتكي بأنها لا تتحرك إلا وسماعة الأذن متدلية منها وهي مدمنة في الكلام والبربرة معظم الوقت!
إن الأمراض تداهمنا بسبب الإدمان للأجهزة الكمبيوترية التواصلية الحديثة وقد لا تظهر مثل هذه الأعراض إلا بعد عدة سنوات، اعتماداً على حساسية المستخدمين وعدد الساعات جلوسهم أمام شاشته واستخدامهم له، وإن أعراضها أصبحت تهدد سلامة أجسادنا لما نراه ونلمسه، وحتى الصحة النفسية قد تأثرت بشكلٍ لا يمكن تصوره، ويذكر أحد الأخصائيين في أثناء هذا الشأن أن الحالات النفسية في ازدياد لدى الفئات العمرية التي تعتمد كل الاعتماد على هذه الأجهزة في معظم المجالات سواء الدراسية أو العملية والترفيهية، وقد ازدادت اضطرابات النوم والسهر وعدم القدرة على التركيز بالتحديد في كل مجالات الحياة.
وأضحت صعوبة التحكم في التصرفات والانفعالات اليومية ظاهرة مزعجة، وباتت هذه الأجيال المدمنة من الشباب، والبعض منها اضطرارياً بحكم متطلبات العمل اليومية، على النت والنقال! وتراها سريعة الغضب والنرفزه ولا تتمكن من التحادث معها إلا باختصارٍ للكلام أو بالرموز ولم تعد لديها القدرة على النقاش لأي موضوعٍ! وهم يبترون كل المحادثات بصيغ مختصرة وقصيرة، وإن أجوبتهم وتصرفاتهم يلفها الكثير من الغموض في التصرفات والعصبية، وعدم الاتزان ومعظمنا لا يعرف كيفية الحماية من أمراضها أو هذه الأوجاع سواء النفسية أو الجسدية أو على الأقل كمحاولة لتجنبها أو الإقلال من استخداماتها لأنها قد دخلت حياتنا من أوسع الأبواب،
حيث أصبح الاستغناء عنها من رابع المستحيلات! لأنها مع الأسف قد أصبحت من أهم الاستخدامات الحديثة والضرورات للأعمال والدراسة وحتى اللعب واللهو للشباب والأطفال، وفي كل تعاملاتنا اليومية ويحدث ما يشبه الاستنفار والشلل التام إذا ما حدث فيها الخلل أو إذا لم نجدها حولنا، أو أن تكون بصفة متقطعة! وأصبح النقر عليها معظم ساعات النهار.
وأصبحنا نرى النقر في كل مكان بجانب البيت والمكاتب والذي أصبح مصدراً أساسياً للإزعاج، ففي المطارات وأماكن الانتظار، من بنوك وعيادات... إلخ وحتى داخل الطيارة، فقد أصبحت المضيفة وهي ترجو غلق الأجهزة والامتناع عنها أثناء الإقلاع فقط ولمدة عدة دقائق، لأنها تعرف أن الجميع ينتظر بفارغ الصبر العودة للنقر على الحاسوب سواء للعمل أو اللعب، وأضحت هذه العمليات حتى أهم من الأكل والشرب.
وأضيف إليها جهاز النقال فقد أضحى المشكلة والمصيبة الكبرى للإزعاج في هذا القرن هو الآخر! وأصبح الناس يسيرون في الشوارع سواء على أقدامهم وعيونهم شاخصة وشاردة يتكلمون لساعاتٍ طوال وحتى أثناء عبور الشوارع والتي قد يصطدمون بالسيارات ويتعرضون لحوادث السير دون وعيٍ منهم أو أثناء السياقة وهم ساهون في التحدث ولا يرون مَنْ أمامهم ويتسببون أيضاً في حوادث السير وانقلاب السيارات والشاحنات، ودفَعَ الأبرياء حياتهم ثمناً وبصورٍ بشعة بسبب انشغال السائق ولأسبابٍ تافهة من الحديث في النقال لا يمكن تصديقها أو تصورها، إن الكلام أثناء السياقة في نظري فيه الكثير من الانشغال الذهني حتى لو كان الكلام عن طريق السماعة فهو أيضاً يشكل منتهى الخطورة ويشغل السائق عن التركيز في قيادة السيارة وتحاشي الأخطاء والانحراف عن الشارع وعمل االحوادث والاصطدامات أثناء الانشغال بهذه الأجهزة،
ويبدو أن الرقابة أضحت محدودة مع الأسف من الأجهزة الأمنية والمرور رغم وجود القوانين العامة بالمنع والغرامة ولكن يبدو أنها لا تُطبق بالمستوى المطلوب من الجهات المختصة بالأمر وأنه عليها اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة للالتزام بعدم استخدامها أثناءالسياقة حفاظاً على الأرواح.
إضافةً إلى أن هذا الإزعاج الكلامي أصبح ظاهرة منتشرة في معظم الأماكن العامة أيضاً، وأنه من حق الآخرين أن يراعى حقهم في هذا الجانب، والالتزام بعدم ثلويث الأماكن بالدردشة والضجيج، وأن للأماكن العامة حرمتها واحترامها مثل المقاهي والمطاعم أو المطارات وأماكن الانتظار، ويجب وضع لافتات لمنع النقال في الأماكن العامة أو تقنين استخدامه بأن لا يزيد عن عشرين ثانية واستخدامه للضرورة القصوى فقط.
وكلمة أخيرة، إن هذه الأجهزة قد أصبحت شديدة الانتشار والخطورة وأنه قد آن الأوان لوضع الضوابط لاستخداماتها لحماية أبداننا من الأمراض والإقلال قدر المستطاع من استخداماتها قبل أن تدمرنا تدريجياً بأضرارها السلبية وصولاً للإضرار بالآخرين، والحفاظ على بيئة يحترم فيها الجميع ما عليهم من واجبات تجاه بعضهم البعض وذلك لمجتمعٍ أفضل وأكثر اتزاناً في التواصل الاجتماعي المهذب.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4173 - السبت 08 فبراير 2014م الموافق 08 ربيع الثاني 1435هـ
الحالات تزداد
الحالات المرضيه كثيرة ولا يعرف اسبابها شكراً دكتورة لتنويرنا ومنكم نستفيد
ادمان العصر الحديث
مقال راااائع
يختصر ما نعانييييه من ادماااان العصر الحديث
شكرا..
مقال معبر وواقعي جدا يعكس وضعنا الحالي لكنه طويل جدا ..اختصاره ممكن بالتوفيق