تحت عنوان آمال كبيرة، نشرت مجلةScreen international ملفاً عن التطورات التي شهدتها صناعة السينما في منطقة الخليج، استطلعت فيه آراء خبراء الصناعة في العالم العربي، حول نمو حجم سوق الخليج والفرص الواعدة المتاحة فيه، وآفاق التعاون المشترك بين مؤسسات منتمية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وركز محرر المجلة كولينبراون مدير تحرير منصة Slated الإلكترونية لتمويل الأفلام، على رصد إمكانية نجاح الأفلام الخليجية بسوقها المحلي، وهو ما علق عليه السينمائي محمدحفظي مؤسس شركة FilmClinic التي يقع مقرها في القاهرة، حيث يرى أن إحدى المشكلات في نموذج العمل بدول المجلس هي أن سوق الخليج لم يتم اختباره بعد فيما يخص الإنتاج المحلي، «قنوات تلفزيونية قليلة جداً تشتري الأفلام الخليجية، ببساطة لأنه حتى الآن لا يوجد إمداد منتظم من الأفلام، ولا استدامة في الجودة، أعتقد أنه في المستقبل سيحقق سوق الخليج استدامة ذاتية إذا توجه إلى الأفلام الكوميدية المعتمدة على النجوم، لكن حتى الآن بالكاد يوجد سينمائيون يقدمون أفلاماً جادة وإبداعية التوجه، وهم بهذا يبقون في مجال السينما المستقلة التي تتلقى دعماً من الحكومات والمهرجانات والمؤسسات غير الربحية».
في مصر، التي تراجع إنتاجها إلى نحو 25 فيلماً روائياً في السنة بسبب التقلبات السياسية، تستحوذ الأفلام على نسبة 60 - 70 في المئة من سوق العرض، لكن بشكل عام، تتراوح حصة الأفلام العربية في شباك الإيرادات العربي بين 15 - 20 في المئة فقط. هشام الغانم المدير العام للبرامج والعمليات في شركة السينما الكويتية الوطنية Cinescape، قام بإطلاق العديد من الأفلام التي تم إنتاجها من دول المجلس منذ عام 2004، لكنه وجد أن أفلاماً عربية قليلة، أقل من أصابع اليد الواحدة، تمكنت من بيع أكثر من 50 ألف تذكرة سينما في الكويت.
«المسئولون عن العرض في منطقتنا يعتبرون أن الأفلام المصرية وحدها هي التجارية. إذا تجاوزنا هؤلاء، تجربتنا تقول إن فيلمين أو ثلاثة فقط من بين الأفلام العربية حققت نجاحاً هنا، حتى لو كانت مصنوعة باحترافية وحققت نجاحاً في بلدها الأصلي، مثل الأفلام اللبنانية سكر بنات، BOSTA و «وهلّأ لوين؟»، ما نحتاج عمله هو بناء ثقة بين الجمهور وصناعة السينما في دول الخليج».
لكن ككل المبادرات التي تبدأ من الصفر، تكون هناك دائماً فجوات وتبعات غير مقصودة، مثل ما شرحه المحلل السينمائي علاء كركوتي، وهو شريك مؤسس في شركة MAD Solutions المتخصصة في تقديم الاستشارات المبتكرة في أنحاء العالم العربي، حيث عبّر عن قلقه من الأموال الزائدة التي تبددت في الإنتاجات السينمائية المنفردة خلال هذه المرحلة البكر من تطور صناعة السينما الإماراتية. «الأفلام الإماراتية تم دعمها بموازنات غير واقعية بالنسبة للجمهور المحتمل، كل الأفلام الروائية التي تم إنتاجها في آخر خمس سنوات كانت تكلفة كل منها مليون دولار على الأقل، مثل فيلم الرعب الإماراتي «جن» الذي أخرجه توبهوبر والذي تكلف 9 ملايين دولار. ورغم النوايا الجيدة، إلا أن هذا التدليل يمكنه أن يضر بصناع الأفلام الطموحين، بما أنهم سيعتادون على قدر معين من الرفاهية التي لا تتوافر في أجزاء أخرى من العالم العربي. خطورة الإنفاق الزائد أنه يمكن أن يؤدي إلى ثقافة الاعتماد عليه، وسيزيد من فقر المسئولية في العمل».
وأشار كركوتي إلى أن جوائز المهرجانات السينمائية تسهم بنسبة 1 في المئة في الدخل الإجمالي للسينما العربية. ويتوقع أن تكون الموازنة الإجمالية السنوية لكل المهرجانات السينمائية العربية ما بين 75 و100 مليون دولار، وهو رقم ليس بعيداً عن صافي العائدات الكامل الذي يحصل عليه موزعو الأفلام من مبيعات التذاكر في أنحاء العالم العربي». وأضاف براون أن إجمالي التمويل الذي تقدمه المؤسسات في أنحاء العالم العربي، يتراوح بين 12 و15 مليون دولار سنوياً، ما يعني أن صناع الأفلام عليهم الكفاح من أجل البحث عن تمويل.
لكن الصورة في جانب العرض تحمل المزيد من التفاؤل كما يرى رويشقرا المدير العام لشركة Shooting Stars للتوزيع السينمائي في الإمارات، حيث تتولى شركته توزيع أفلام وارنربروسبيكتشرز، وقد شهد في هذا العام نجاح فيلم Man of Steel الذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ وارنربروسبيكتشرز بالمنطقة، «2013 كان عاماً جيداً جداً للصناعة ككل، حيث ارتفعت مبيعات تذاكر السينما بنسبة 16 في المئة مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي، المزيد من الشاشات تمت إضافتها للمناطق الرئيسية، والعديد من دور العرض متعددة الشاشات تمت إضافتها، وهو ما سيزيد من حجم الأعمال بشكل عام. يتبقى أن نرى إذا ما كانت هذه الإضافات ستحسن وضع السوق» يقول شقرا، بينما يضيف الغانم «النمو السكاني في المنطقة أضاف نحو 2 في المئة إلى الدخل السنوي خلال العام الماضي».
وتناول براون بوادر وآفاق التنسيق بين عواصم السينما الثلاث دبي، أبوظبي والدوحة، حيث تضم كل عاصمة منها مهرجاناً يحمل اسمها، ومؤخراً أسفرت رياح التنسيق عن تمثيل مهرجان دبي السينمائي الدولي ومهرجان أبوظبي السينمائي بشكل مشترك في فعاليات مهرجان كان السينمائي، «لأول مرة تشارك هاتان الإمارتان المتجاورتان في الجناح نفسه لتقديم عروض مشتركة»، كتب براون.
وعلى الإيقاع نفسه، قررت مؤسسة الدوحة للأفلام تعديل موعد مهرجان الدوحة لكي يصبح في مارس/ آذار بدلاً من نوفمبر/ تشرين الثاني، وهذا لتحسين أجندة العمل بصناعة السينما بالمنطقة، وسيتخذ مهرجان قمرة الدوحة السينمائي توجهاً شبيهاً بمهرجان ساندانس السينمائي، بحيث يتخصص في عرض الأعمال الأولى والثانية للمخرجين.
جانب آخر أضافه السينمائي خالدالمحمود، والذي أخرج فيلمه القصير «سبيل» ليصبح أول فيلم من منطقة الخليج يتم اختياره في مهرجاني برلين ولوكارنو الدوليين، «أود رؤية المزيد من الكيانات الحكومية أو المستقلة تقوم بالترويج لأفلام ومواهب الخليج، بدون النظر لانتماءاتهم، فما أراه الآن هو أن كل كيان يروج للفيلم الذي يدعمه أو قام بتمويله» يقول المحمود.
العدد 4172 - الجمعة 07 فبراير 2014م الموافق 07 ربيع الثاني 1435هـ