عزيزي أبا هادي
ما أسرع الرحيل!
لقد آليت إلا أن تكون الرائد والمبادر
حتى في ميدان المنون... وفي استعجال الأفول!
عزيزي أبا هادي
كنّا معاً... كنّا سويّاً
في مدارج الجامعة... يومئذٍ كنت لمن حولك خير قدوةٍ وخير معلّم
كان الكلُّ منبهراً بك
فنونك ومواهبك...
جمالك... أخلاقك... ابتسامتك... روحك الخلاقة
إيمانك وبصيرتك... وعميق معرفتك!
عزيزي أبا هادي...
كنّا معاً... كنّا سويّاً
هناك... حيث تحمل لواء الحجيج في منى وعرفات
كنّا نلبي معاً وفؤادك مشدود نحو البيت العتيق
وعلى أستار الكعبة وأنت تردد «عبدك ببابك»... لم يكن قلبك متعلقاً إلا به... به وحده
عزيزي كميل...
أي أمرٍ أتذكر فيك وما عساني أن أنسى وكلُّ خصالك عصيةٌ على النسيان
فقد كنتَ الكميلَ المشتقَّ من الكمال
كنت كميل المظهر والجوهر
وجهك الزاهر...
وعيك الكبير...
حسك المرهف...
صبرك... صلابتك... وقوة بأسك!
لم تكذب أمك حين سمتك كميلاً
فقد ارتحلت في ساعات الدعاء التي اختارها عليّاً لمحرابه... يأنس فيها بذروة عشقه ولذة مناجاته!
سيبقى شاخصاً التحامك بسرى معشوقك...
كشأن العظماء... كحظوة الأصفياء
لم تغادر دنيانا الفانية إلا بعد أن نالك من الحيف ما نالك
لكنك كنت أبيَّ النفس شيمتك الصبر
عزيزي كميل...
لقد دعوتني لأشاركك فرحة بناء مسكنك
لكني بالأمس قد لبيت دعوتك
ولكن إلى حيث منزلك الدائم
في خير مستقرٍّ ومقام
عند مليكٍ مقتدر
ثق عزيزي كميل أنّ الذي انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبُك مِنْ مَعْرِفَتِه وَلَهِجَ بِهِ لِسانك مِنْ ذِكْرهَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميرك مِنْ حُبِّه سيكون لك خير أنيس...
فأوْقاتك مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ كانت بِذِكْرِه معمورة، وَبخدمته موْصُولَةً، وستكون كلها ورداً واحداً إلى حيث معشوقك الأول الدائم
أيها العزيز... مسَّنا الفقد...
مسَّنا الوجد...!
ولكنّ عزاءنا أنك ستنام قرير العين في ملكوت ربك...
لن أرثيك وإن كان الرثاء صنو الوفاء... فدعاء كميل وهادي ومولودك القادم في الطريق ومعهم روحك وذووك ورفيقة دربك... ومعهم كل محبيك... كلهم سيحملون اسمك... عشقك... وسيكملون مسيرتك!
حبيبك المفجوع بك
حيدر محمد
قرأت في صحيفة «الوسط» مقالاً للكاتب الإماراتي ياسر حارب تحت عنوان «التساؤلات الكبرى»، وفى صفحة أخرى من الصحيفة نفسها قرأت خبراً مفاده أن هناك اقتراحاً نيابياً في البحرين بتخصيص حصة يومية لتدريس مادة الدين في جميع مراحل التعليم، ولاحظت أن هناك مفارقه بين القراءتين، ففي المقال هناك نوع من الانتقاد لمحتويات دروس الدين الحالية في المدارس حيث جاء في المقال وهنا أقتبس «يكبر الفتى وأخته وهما لا يعرفان عن الله شيئاً إلا ما قرآه في مادة التربية الإسلامية في المدرسة التي غالباً ما تصوره، جل وعلا، (وهنا القصد الله تعالى ) أنه ينتظر هفوة من عباده حتى يعاقبهم، تعالى عن ذلك علواً كبيراً «إذاً حسبما ذكره الكاتب حارب ويذكره الكثير من المثقفين العرب الملمين بالمناهج الدراسية، هناك خلل في المادة الدراسية الحالية للدين الإسلامي، فهي بادئ ذي بدء تكفر الآخرين، وتتوعدهم بالنار مهما كانت أعمالهم صالحة مع أنهم جمعياً إخوة لنا إما في الدين أو في الإنسانية.
ألسنا جميعاً أولاد آدم وحواء، إذاً فلنترك للخالق حساب المخلوق، ونتفرغ لما أمرنا الله به من أعمال صالحة، ولنجير حصص التربية الإسلامية نحو العلم والعمل، فالآيات والأحاديث التي وردت في تحليل هاتين الصفتين لا حصر لها. وأما إذا استمر الحال على هذا المنوال فإن الكلام مأخوذ نصاً ومقتبس من المقال، «ممارسة الشعائر فقط لن تحل مشكلاتنا، فالناس تحتاج إلى العدل والمساواة والحريات والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والأمن والاستقرار وارتفاع معدلات الدخل وتوفير وظائف».
كل هذه الأشياء وغيرها لن يحلها الإغراق في الوعظ والإكثار من الحديث عن الإيمانيات والحض على ممارسة الشعائر، ولن يعالجها التهرب منها إلى سرد قصص بغداد والأندلس.
وبهذه المناسبة لابد من ذكر ملاحظة وهى أن جرعة المواد العلمية في المناهج الدراسية في العالم العربي لا تحظى بما تحظى بها المواد الأدبية والعالم لم يتقدم بالتركيز على تنظيم الأشعار والغوص في الأدبيات بل ركز على المواد العلمية ولم يغفل الأدبيات.
وهناك تساؤل أود طرحه وهو أليس من الأفضل للمواد الدراسية الدينية أن تكون من دون امتحانات نهائيه؟ فالتلميذ تراه دائماً لا يحب المواد التي يمتحن فيها فلو حولنا المادة الدينية إلى علم عام من دون امتحان نهائي فإن التلميذ يحبه وينتظر حصته بفارغ الصبر. هذا فقط اقتراح.
عبدالعزيز علي حسين
نوفمبر كان شهراً مُظلماً على الراهبة المسيحية تريزا، التي توفي والدها في أحد أيامه، وتعلق قلبها بالإيمان، ونذرت نفسها لخدمة الأطفال المُشردين والعجزة مُنذ عقدها الثالث تقريباً وحتى وفاتها.
لم تكل أو تمل تريزا من تأدية رسالتها الخيرية التي تعدت مشارق الأرض ومغاربها، وهي مكتسية بلباسها الأبيض وشريطتها الزرقاء وقلبها الصادق في خدمة فئات مجتمعية تفتقد المحبة والعطاء.
وفي زمن أصبح المال هو الهدف، إلا أن الأم تريزا لم تُفكر بذلك أبداً في يومٍ من الأيام ولم تعتمد على الميزانيات المليونية لإنشاء دور رعاية أو جمعيات خيرية فقد حولت جزءاً من معبد كالي بالهند إلى منزل لرعاية المرضى المُصابين بأمراض غير قابلة للشفاء والاعتناء بهم في مرحلة حياتهم الأخيرة فقط ليموتوا بكرامة!
صفات الأم تريزا الجذابة والصادقة اختيرت كمسميات لمنازل الرعاية بعد تمددها وانتشارها بالهند، فالقلب النقي يصف منزلاً يسكن بداخله المرضى المزمنون، وتلك مدينة السلام ذات المنازل الصغيرة المأهولة بالمنبوذين من أصحاب الأمراض المُعدية.
وصلت الأم تريزا إلى عالمنا العربي في العام 1982م، وهي الوحيدة التي أوقفت إطلاق النار أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان لإنقاذ 37 طفلاً كانوا محاصرين.
فقدَ العالم أماً تحمل أطناناً هائلة من المشاعر الدافئة لفئات لا ذنب لها، وكسبت إدارة جائزة نوبل للسلام امرأة كريمة يخجل الذهب أن يكون بين يديها، لكل من لديه فكرة يُريد أن يخدم فئة من فئات المُجتمع فالأم تريزا أنموذجاً مشرفاً للعالم أجمع.
مقولة للأم تريزا: في نهاية حياتنا، لن نحاسب على عدد شهادات الدبلوم التي حصلنا عليها ولا على كم من المال قد جمعنا ولا عن عدد الإنجازات العظيمة التي حققناها، ولكننا سنحاسب على «كنت جائعاً فاطعمتوني، كنت عرياناً فكسيتموني، كنت مشرداً فآويتموني».
مرتضى أحمد اليوسف
يواجه القائمون على الأمن في مراكز الشرطة قضايا ترتكب عادة نتيجة عدم الإلمام بالقانون، ومنها جريمة السب التي تنجم بسبب عدم ضبط النفس أو الازدحام في الطرق أو لحدوث سوء تفاهم بين مجموعة من الأشخاص أياً كان نوعه، وغيرها من الظروف والملابسات التي تؤدي إلى الوقوع في مثل هذه الجريمة المعاقب عليها قانوناً.
وعندما يستدعى بعض المتهمين في قضايا السب إلى مركز الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم تجد بعضهم وهم في قاعة الانتظار تمهيداً لأخذ أقوالهم إزاء التهمة الموجه إليهم، مستغرباً يتساءل مراراً وتكراراً عن سبب استدعائه إلى مركز الشرطة وكأنه لم يفعل شيئاً محتجاً في الوقت ذاته على استدعائه إلى مركز الشرطة «إحضارية» مهدداً بأنه سيقتص حقه من المجني عليه الذي شوه سمعته نتيجة التبلي عليه، ومن مركز الشرطة أيضاً لكون المتهم على يقين تام بعدم اقترافه خطأ في حق أحد.
وبعد أن يتم إبلاغه بتهمة السب الموجه إليه، يتفاجأ ويطلق اليمين مباشرة بأنه لم يقم بسب المجني عليه «سباً صريحاً كالكلب أو الحمار» غير مدرك نتيجة جهله بالقانون بأنه حتى العبارات التي تحمل بين طياتها معاني السب كـ «الغبي» أو الأفعال التي تدل على الاحتقار والإهانة كـ «البصق» أو الأصوات التي تحمل معنى الاستهزاء والاستخفاف بالآخرين تدخل في باب الأفعال المحظورة المكونة لهذه الجريمة والموجبة لعقوبتها.
ولعل الباعث الذي يدفع للكتابة في هذا الموضوع هي واقعة تعرض لها أحد الأشخاص عندما كان يقود سيارته في أحد الطرق العامة، ومن دون قصد دخل في الحارة المخصصة لسيارة أخرى من دون أن يعرض حياة الآخرين للخطر أو يربك السير ومن ثم تفادى خطأه وعاد إلى حارته، وفوجئ في تلك الأثناء بأحد قائدي المركبات المحاذية له يقترب بقربه ويطلب منه التوقف واستجاب الشخص لطلبه وتوقف، وقام المتهم «قائد المركبة» بالبصق عليه، وما كان من المجني عليه «الشخص» إلا أن أخبره بأنه سيشكوه لدى الجهات المختصة فرد عليه باستهزاء بأنه لم يقم بضربه أو سبه وليس هناك من مستمسك عليه.
وحسناً فعل المجني عليه حينما قام بتسجيل رقم لوحة سيارة المتهم وتوجه مباشرة إلى مركز الشرطة ليدلي بأقواله ضد المتهم، وعلى إثر ذلك استدعي المتهم إلى مركز الشرطة، حيث قرر بأنه لم يسب المجني عليه «سباً صريحاً» وأبدى استعداده لحلف اليمين على ذلك، وعند سؤاله من قبل أحد المسئولين في المركز أصر على أنه لم يسب المجني عليه ولكنه بصق على الأرض وأصدر صوتاً بفمه وهو حر في ذلك لكون هذه التصرفات أموراً شخصية له مطلق الحرية في أدائها من عدمها حيث إنها لا تشكل اعتداءً على أحد وبالتالي لا يعاقب عليها القانون وفقاً لمفاهيمه.
ومن هذا المنطلق وجب عرض المادة القانونية التي تجرم هذه الأفعال والرادعة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حقوق وكرامة الآخرين بالقول.
حيث نصت المادة (365) فقرة (1) من قانون العقوبات البحريني على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مئة دينار من رمى غيره بإحدى طرق العلانية بما يخدش شرفه أو اعتباره دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة».
وتوضيحاً لما نصت عليه المادة السابقة فإن من يقوم بسب آخر تكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة التي لا تجاوز مئة دينار ولكن يشترط أن يكون سب المجني عليه بإحدى طرق العلانية، وهو الأمر المتحقق في الواقعة السابق ذكرها حيث بصق المتهم على المجني عليه وأصدر أصواتاً تدل على الاستهزاء به في الشارع وبما أن الشارع مكان عام يرتاده الناس ومعد لاستعمال الجميع فهنا يتحقق ركن العلانية المتمثل في الإهانة أمام الملأ لكون الشارع مكاناً مطروقاً أي مستعمل من قبل الجميع.
أما بخصوص اعتقاد المتهم أن ما قام به من أفعال وأصوات لا تندرج تحت قائمة جريمة السب فهو اعتقاد في غير محله نهائياً، طالما أن تلك الأفعال والأصوات حملت بين طياتها معاني السب المتمثلة كما ذكرنا سابقاً في الإهانة والاستهزاء والازدراء بالمجني عليه.
وزارة الداخلية
العدد 4172 - الجمعة 07 فبراير 2014م الموافق 07 ربيع الثاني 1435هـ
مجرد سؤال
إذا كان القانون يحاسب الذين يسبّون الآخرين كردّة فعل في مرحلة غضب . ماذا عن الذين يسبّون الآخرين و يصفونهم بأبشع الصفات على المنابر و يسمعهم الجميع و بشكل متكرر ؟!