أكد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (7 فبراير/ شباط 2014)، أن «الوطن كلّه مستفيدٌ من الإصلاح، فوطنُ العمل الجاد المتفرّغ للبناء، ووطن الثقافة العالية والإنتاج العلمي والعمل المتقدم، ووطن الأمن والسلام والمحبّة والأخوّة لا يبنيه إلا الإصلاح والأخذُ بالحق وإقامة العدل، وانهدامه في بقاء الفساد والإفساد».
ونوه إلى أن «من رأى نفسه أنه يربح بتعطيل الإصلاح فإنه مخطئٌ كل الخطأ في تفكيره، وواقعٌ تحت تأثير الوهم، الصحيح أن مصلحته الحقيقية في الإصلاح لا في تعطيله وفي جدّيته لا هزله، وما يراه من مصالح له في بقاء الوضع الفاسد هي في الحقيقة مفاسد لا على مستوى الآخرة فقط، وإنما حتى على مستوى دنياه التي تملك عليه شعوره وتفكيره».
وفي حديثه عن المجلس الإسلامي العلمائي، اعتبر قاسم أن «المجلس العلمائي حقٌ دينيّ ثابت لا ينازع أهله عليه إلا بباطل، ولا يمكن لأهله التراجع عنه ونسيانه وإهماله».
وتحت عنوان: «كل شيء في انتظار الإصلاح»، قال قاسم: «هناك سرقات في المال العام، نهبٌ للأراضي المملوكة بالملكية العامة، تبذيرٌ في الثروة المملوكة للشعب، حاجةٌ متزايدة عند السلطة للاعتماد على المعونات المالية من الخارج، لما يعنيه ذلك من آثار سلبية على الشعب والسلطة نفسها، وعلى استقلاليتها في قرارها، سوءُ إدارة مالية وفي مرافق متعددة من مرافق الدولة، تغييبٌ مفزعٌ للأمن وللتوزيع العادل للثروة وللخدمات العامة، تهميشٌ سياسي فاحش للشعب، وضعٌ قلقٌ لا يخدم الاستقرار الإقليمي ولا يصبّ في مصلحة الأمة، احتمال مواجهة الاقتصاد المحلي مصيرًا أسود وكارثة قاتلة، تهديدٌ جدّي للبناء الاجتماعي بما يؤدي إلى كارثة حقيقية بالغة للخطورة، سلبٌ للحريات الكريمة البنّاءة، تباطؤ أو تخلّفٌ في النمو الثقافي، تأخرٌ أو تردّ في المستوى التعليمي، حالة انفلاتٍ في الإعلام ونسيان للقيم الدينية والأخلاقية والإنسانية، ركوب الانتهازيين والاستغلاليين، ممن لا يفكّرون إلا في مصالحهم المادية، موجة الأحداث تحقيقًا لتلك المصالح وإضرارًا بالوطن والمواطنين وكل الأطراف، ألوف المواطنين والطاقات الفاعلة ذات القدرة على العطاء والإنتاج النافع تغيّب في السجون، كل هذا صار موجودًا في الساحة المحلية وأوضاع الوطن، ولا تخلُّص من شيء من ذلك ولا مخرج من مأساته إلا بالإصلاح، فهي تبعات فسادٍ عمّت كلاًّ من السلطة والشعب ولها أثرها السيّئ على الأقليم والأمة».
وتساءل «أيّ إصلاحٍ يكون الطريقَ للتخلّص من هذا الركام الضخم المرهق للوطن كلّه، ولكل من فيه لو نُظر إلى الأمر بعين التحقيق».
وشدد قاسم على «الإصلاح الجدّي الكافي الشامل»، لافتاً إلى أن إصلاحاً بهذا الوزن «لا يمكن أن يتأتّى ما لم يكن إصلاحٌ سياسيٌ بحق، يأخذ فيه الشعب موقعه المناسب المعترف به نظريًّا من الجميع في مجال السلطات الثلاث وصوغ الدستور، والسلطة لا يفوتها إدراك هذا الأمر، ومعرفته تمام المعرفة، والشعب عندما يطالب بالإصلاح إنما يطالب بهذا النوع من الإصلاح بعينه، ولا يقصد سواه؛ لأن هذا الإصلاح بعينه هو ما يعالج وضع الوطن ولا علاج فيما دونه، وأنتَ لو سمّيت ما ليس إصلاحًا، إصلاحًا فلن يعطي أثراً، سمّه إصلاحًا وهو فاقدٌ لحقيقة الإصلاح، فلن يعطي أثر الإصلاح، ولن يحلّ مشكلته ولو سمّيت الإصلاح الهزيل القزم إصلاحًا عظيمًا وعملاقًا لن يغير من مستوى إنتاجه في الواقع».
وأضاف «لو أراد طرفٌ أن يتعامل مع الأمور بإذنٍ صمّاء وعينٍ عمياء فهو وما يريد، ولكن الكوارث لتخلف الإصلاح الحقيقي ستزيد في تركّزها وتمدّدها وستزيد مصيبة الوطن».
وذكر قاسم أن «من لا يريد الإصلاح لا بدّ أن يكون قد أراد أن تبقى كلُّ مشاكل الوطن والمواطنين وتتكثّف وتتفاقم، وأن يكون قد ذهب به القصد إلى القول فليكن ما يكون بالوطن ومئات الألوف من الناس، وأن تجرّ الأزمة ما تجرّ من شروخٍ وآثارٍ سيّئة على المنطقة وحتى الأمة مادام يرى في حالة الصراع حفاظًا على مصالحه التي تتركّز في ماديات الدنيا ولواحقها، غافلًا عن أن المشاكل العامة للأوطان لا يسلَم أحدٌ من تبعاتها، وأن الأمور لا تجري دائمًا وفق ما يخطط له ويريد، وما يذهب إليه من أمان واهمة».
وأوضح أن «ربح الإصلاح هو في الحقيقة ربحٌ للجميع، حتى لمن يرى أن فيه ضررًا، فالسلطة تكسب منه استقرارًا واستراحةً من مواجهة غضب الشعب ونقمته، وتخرج من التبعية الاضطرارية التي تفرضها عليها الحاجة الملحة إلى الأطراف الخارجية التي ترى فيها الاستقواء المطلوب لها في الصراع، ولا تحتاج إلى التغيير السكاني واستبدال المواطنين بمواطنين مستوردين لا ارتباط لهم بالأرض وتاريخها ولهم خصائصهم البيئية الأخرى ويهدّدون مستقبلها، هذا تستغني عنه كله، وهي بذلك توفر موازنة وفرص عملٍ وتعليمٍ وخدمات تعالج مشكلتها مع الشعب الذي يعاني من الظلم والحرمان، وربح الشعب من الإصلاح أن يستعيد حقوقه ويُعترف له على الأرض ومجريات الواقع بحريته وإنسانيته وموقعه وكرامته، وحينئذٍ يندفع الاندفاعة القوية والمنتجة والفاعلة في سبيل إعمار الوطن وإحيائه والنهوض بمستواه».
وأكد قاسم أن «الوطن كلّه مستفيدٌ من الإصلاح، فوطنُ العمل الجاد المتفرّغ للبناء، ووطن الثقافة العالية والإنتاج العلمي والعمل المتقدم، ووطن الأمن والسلام والمحبّة والأخوّة لا يبنيه إلا الإصلاح والأخذُ بالحق وإقامة العدل وانهدامه في بقاء الفساد والإفساد»، منوهاً إلى أن «من رأى نفسه أنه يربح بتعطيل الإصلاح فإنه مخطئٌ كل الخطأ في تفكيره وواقعٌ تحت تأثير الوهم، الصحيح أن مصلحته الحقيقية في الإصلاح لا في تعطيله وفي جدّيته لا هزله، وما يراه من مصالح له في بقاء الوضع الفاسد هي في الحقيقة مفاسد لا على مستوى الآخرة فقط، وإنما حتى على مستوى دنياه التي تملك عليه شعوره وتفكيره».
وتابع قاسم «إذا كان الشعب يصرّ على قضية الإصلاح وغير مستعدٍّ إطلاقًا للتراجع عنها، وذلك حقٌ بيّن له وبيّن الضرورة لمصلحة الوطن وكل الأطراف، بينما أصرّت أيّة فئة اجتماعية بغض النظر عن انتسابها ومنطلقاتها - كانت من هذه الطائفة أو من تلك الطائفة، من هذه الشريحة أو تلك الشريحة لا يهمّ - على بقاء الوضع الفاسد وعدم التزحزح عنه، والفساد بيّن الضرر على صاحبه - إذا انقسمنا إلى هذا الانقسام، الشعب يرى ضرورة الإصلاح، وفئة تصرّ على بقاء حالة الفساد والإفساد، فإما أن يكون هناك قادرٌ نافذ الكلمة في حسم الأمر وإنهاء الخلاف، وإما أن يكون من هو غير ذلك - ونتيجة الفرض الأخير - وهو ألا يكون أحد قادراً على حسم النزاع - مع توازن الطرفين هي استمرار الصراع والخسارة المحتمة لهذا الوطن المشترك الذي يجب أن يكون عزيزًا على الجميع، وأن يحرص الجميع على مصلحته التي هي مصلحته، وعلى تقدير أن يوجد من هو قادرٌ على حسم الخلاف بين الشعب الداعي إلى الإصلاح ومن يصرّ على بقاء الظلم، فإما أن يترجح عنده - عند هذا القادر أو هؤلاء القادرين - بقاء الوضع الأسود لينتهي الوطن إلى المصير الأسود - الوضع الأسود لا يقود إلا إلى مصير أسود، واضح - وإما أن يعمل على الإصلاح ويدفع بعجلته سريعًا إلى الأمام ليأخذ بالوطن إلى مستقبلٍ منير، وهنا يأتي دور الدين والعقل والضمير ورعاية المصلحة الوطنية واحترام كرامة الإنسان وجودًا وعدمًا، قوة وضعفًا في مسألة الترجيح والاختيار».
وتطرق قاسم في خطبته إلى حل المجلس الإسلامي العلمائي، قائلاً: «إن المجلس الإسلامي العلمائي ليس الدين، وليس المذهب، وليس الأمة، ولا الوطن، ولا أظن من يقول ذلك، ولو قالها قائلٌ كان قوله من الكذب المقيت أو الجهل المركب والاشتباه الواضح البيّن، ومن المؤسف أن هناك - لا أعرف من يقول بذلك - لكن هناك من يتّهم الساحة بوجود قائلين بذلك، يتّهم الدينيين بأن منهم من يقول إن المجلس العلمائي هو الدين وهو المذهب، لكن المجلس العلمائي مؤسسةٌ رسالية مخلصة، صادقة، منفتحة، أمينة، تخدم الدين والمذهب والأمة والوطن والإنسانية، ومن المؤسسات التي تحتاج إليها مصلحة هذه الجهات كلّها وتصبّ في صالحها».
وذكر أن «الإضرار بالمجلس العلمائي في ضوء الحاجة الواضحة البيّنة من هذه الجهات للمؤسسات الإصلاحية الرسالية الداعية إلى الأخوّة والسلام والخير والهدى، المجلس مثالٌ ظاهرٌ جليٌ لهذا النوع من تلك المؤسسات، فإن أيّ مسٍّ به وعدوانٍ عليه يمثّل مسًّا بها وإضرارًا بها وعدوانًا عليها بلا أدنى إشكال».
وبين قاسم أن «المجلس الإسلامي العلمائي مشروعٌ تبليغي لابدّ منه بحسب الظروف المعقدة لعملية التبليغ ومتطلباتها وتعدّد فروعها، ولابديّة التنسيق الذي يوازن بينها والتكامل الذي يلبّي الحاجة إليها، والمذهب الذي يراد له أن يبقى حيًّا لا بدّ من تعليمه وتعلّمه وتوصيله لأتباعه وتبليغه، وحيث لا ينال مذهبٌ حقّه من التعليم والتعلّم والتبليغ على مستوى المدارس والجامعات والإعلام الرسمي فلابدّ له من حوزاته ومدارسه ومؤسساته التبليغية، ولا أولى من العلماء بعملية التعليم الديني والتبليغ، ولا تقوم هاتان الوظيفتان من دونهم ومن دون اجتماع جهودهم وتنسيقها عبر مؤسسة الحوزة ومؤسسة المجلس والمؤسسات من نوعهما».
وأضاف «نحن بين أمرين، إما أن نريد أن يبقى هذا المذهب حيّاً، ولا بدّ لذلك من مثل هذه المؤسسات، وإما أن نقرّر أن يموت هذا المذهب، وعندئذٍ لنا أن نتخلّى عن هذه المؤسسات، وللآخر أن يقضي عليها، ويبقى أيّ كلامٍ آخر ناقضٍ لهذا الأمر الواضح داخلٌ في باب التشويش على الحقيقة والجدال الباطل والمراوغة والتهرّب والالتفاف الذي لا يمكن أن يُسلم له أمر دينٍ ولا مذهب ولا يستجيب له».
وشدد على أن «المجلس العلمائي حقٌ دينيّ ثابت لا ينازع أهله عليه إلا بباطل، ولا يمكن لأهله التراجع عنه ونسيانه وإهماله، ومع كوننا نرى أن الكلام في السياسة حق كل مواطن، ولابدّ من الكلام السياسي المصلح من كل من يهمّه أمر وطنه ويحسن الكلمة، إلا أن المجلس الإسلامي العلمائي قضية دينٍ ومذهب قبل كل شيء، وسواءٌ كانت مشكلة سياسية أو لم تكن، ووجد داعٍ للكلمة السياسية أو لم يوجد، فإن المجلس العلمائي ضرورةٌ من ضرورات الدين اليوم التي لا بدّ منها ولا غنى للمجتمع عنه، والكل مسئول عن الحفاظ عليه ورعايته وحمايته وبقائه. وكل المؤمنين واعون لذلك ويدركون أن عليهم أن يخلصوا لدينهم ويقفوا معه في كل المواقف».
العدد 4172 - الجمعة 07 فبراير 2014م الموافق 07 ربيع الثاني 1435هـ
شوف
الله يحفظك يا شيخ عيسى قاسم ويهدى علماء السوء وافرج عن معتقلينا وافرج عن شعب البحرين المظلوم
مجرد وحهة نظر اخرى
دعني اختلف معك يا شيخنا بان المتضررين من الاصلاح القادم هم الرابحون في السوق حالياً.
اي اصلاح
الكل يتكلم عن اصلاح و الكل يغني على ليلاه و الوطن من سيئ الى اسوء
دام عزك ياشيخنا الجليل
دمتم محروس بعين الله ياشيخنا انت صمام امان لهذا الوطن حفظك الله ورعاك وسدد على الخير خطاك .
اللهم اجعله فى حصنك الحصين الذى تجعل فيه من تشاء .
ملاحظة
رأيت عدة انتقادات مكتوبة تقول (ان خطب الشيخ عيسى سياسية فقط فأين خطابه و موعظته الدينية ؟!) اعتمادا على ما تطرحه الصحيفة. فأحب أن أوضح أن جريدة الوسط تطرح الخطبة الثانية فقط, و لا تشير إلى الخطبة الأولى الدينية أية إشارة.و ارجو بيان ذلك ولو في ربع سطر, بأن تقول (قال في خطبته الثانية). ودمتم.
توضيح
اشكرك .. وكم كنت اتمنى ان تكون الخطبه الثانيه ايضا دينيه .. وان كانت هناك كلمه سياسيه فالأولى ان يترجل بعد صلاة الجمعه ويلقيها .. لا ينبغي ان تخرج خطبة الجمعه عن الموعظة الدينيه