قالت هيومن رايتس ووتش إن الجيش الإسرائيلي يلحق أضراراً شديدة بمعيشة السكان في قرية فلسطينية ينوي تحويلها إلى موقع سياحي أثري. وعلى الجيش الإسرائيلي التراجع عن المشروع ورفع القيود الشديدة التي تمنع السكان من البناء أو الزراعة على أرضهم، وتقيد حريتهم في التنقل.
وأضافت "قال بعض سكان القرية إن الجيش الإسرائيلي قام قبل عقود بهدم العديد من المباني في قرية النبي صموئيل، على بعد كيلومترات قليلة من القدس، دون إخطار السكان مسبقاً أو تزويدهم بتفسير. في 1995 أعلن الجيش تحول المنطقة إلى منتزه وطني، مستغلاً هذا التفسير في حرمان سكانها من حق البناء أو الترميم أو إدارة الأعمال أو غرس الأشجار. ومنذ 2007 تكفل الجدار الإسرائيلي العازل بفصل القرية عن بقية الضفة الغربية، ولا تسمح السلطات الإسرائيلية لمعظم السكان بالذهاب إلى إسرائيل أو العمل فيها. وقد أعلنت إسرائيل عن خطط لافتتاح موقع سياحي أثري في القرية في يونيو/حزيران 2013. لم تقم السلطات الإسرائيلية باستشارة السكان بشأن أي من تلك الخطط."
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد عمل الجيش الإسرائيلي طوال سنوات على خنق قرية النبي صموئيل، ومن القسوة الآن أن يحول الجزء الذي دمره من القرية إلى مزار سياحي. يتعين على الجيش أن يضمن لسكان النبي صموئيل حق العودة وإعادة البناء، لا أن يجعل نزوحهم مستديماً".
منذ ديسمبر/كانون الأول يخرج السكان في مظاهرات أسبوعية احتجاجاً على تحويل الموقع الأثري إلى مزار سياحي. وتنص الخطط التي وضعها فرع الإدارة المدنية بالجيش الإسرائيلي على بناء طريق للوصول، وموقف للسيارات، ومباني ومنشآت أخرى لزوار الموقع الأثري. وقد قال مسؤول إسرائيلي يدير عمليات التنقيب للسكان في 27 ديسمبر/كانون الأول إن أي شخص يشارك في المظاهرات "لن يحصل على عمل" في الموقع، بحسب بعض السكان والناشطين الحقوقيين الإسرائيليين.
احتل الجيش الإسرائيلي قرية النبي صموئيل في 1967، وقد فرت سبع عائلات في ذلك الوقت، كما قال بعض سكانها لـ هيومن رايتس ووتش. ويقول التعداد الذي أجراه الجيش في 1967 إن 66 من سكان القرية ظلوا بها. قال بعض السكان إن الجيش قام في 1971 بهدم نحو 30 مبنى في وسط القرية، بالقرب من المسجد ـ وهي المنطقة التي يخطط الجيش حالياً لتحويلها إلى موقع سياحي.
وبما أن الجيش فرض حظراً على إعادة بناء المنازل أو البناء لأغراض السكن بعد 1971 فقد انتقل أهل القرية الباقون إلى منازل ومباني كان شاغلوها قد رحلوا في 1967، بما فيها مبنى لإيواء الأغنام، على بعد بضعة مئات من الأمتار شرقي المسجد. هدم الجيش بعض المباني المرممة، لترميمها دون تصاريح عسكرية فيما يبدو، بحسب السكان. وفي 1995 خصص الجيش "منتزه النبي صموئيل الوطني" على قطعة أرض مساحتها 350 هكتاراً تشمل كامل القرية ومحيطها. وتكفلت خطة المنتزه الوطني فعلياً بحظر بناء مبان أو بنية تحتية جديدة.
لم تقدم السلطات الإسرائيلية تبريراً يستند إلى الضرورة العسكرية أو حماية السكان لمنع الأفراد من إعادة البناء أو العودة، وهي الأسباب الوحيدة، بموجب القانون الدولي، التي تجيز للجيش نقل سكان أراض محتلة من منازلهم بالقوة ـ وإن بصفة مؤقتة.
تنص خطة المنتزه الوطني على تخصيص المنطقة المحيطة بمسجد القرية ـ بما فيها أنقاض المنازل والمباني الأخرى التي هدمها الجيش في 1971 ـ كموقع أثري، بدأت هيئة المنتزهات والطبيعة الإسرائيلية التنقيب فيه في تسعينيات القرن العشرين، برعاية مكتب الطاقم الآثاري التابع للجيش الإسرائيلي.
وفي 2013 أفادت إميك شافيه، وهي جمعية إسرائيلية مهتمة بالآثار، بأن "التراث اليهودي والإسلامي والمسيحي يشير إلى [قرية] النبي صموئيل بوصفها مدفن النبي صموئيل"، وبأن منطقة مسجد القرية كانت في الأصل مزاراً مسيحياً مقدساً يرجع إلى الحقبة البيزنطية. يوجد حالياً مصلى يهودي على مستوى القبو، ومصلى إسلامي على مستوى مدخل المسجد. قدمت إميك شافيه اعتراضاً على الخطة، متعللة بأن من الخطأ تحويل قرية فلسطينية مدمرة إلى موقع أثري. ودفعت الجمعية في جلسة تخطيط عسكري في نوفمبر/تشرين الثاني بأن خطة بناء مصعد للسائحين على الواجهة الخارجية لمبنى المسجد يمكن أن تضر بالموقع.
ولأن الجيش الإسرائيلي يعتبر المنطقة منتزهاً فليس لدى المسؤولين أية خطة لتحسين البنية التحتية للقرية أو السماح بإنشاء مبان جديدة، كما قال أحد المخططين في جلسة للجنة التخطيط العسكرية، حضرتها هيومن رايتس ووتش.
يمتد مسار الجدار الإسرائيلي العازل في عمق الضفة الغربية، محتجزاً بعض قراها ـ التي يسكنها قرابة 11 ألف فلسطينياً ـ بين الجدار والأراضي الإسرائيلية. وقد أطلق الجيش على هذه الأراضي مصطلح "مناطق التماس". وكما هو الحال في بقية القرى داخل مناطق التماس، لا يسمح الجيش إلا للفلسطينيين الذين سجلهم كمقيمين دائمين في النبي صموئيل بعبور نقاط التفتيش إلى بقية الضفة الغربية، ويفرض قيوداً شديدة على ما يمكنهم حمله معهم من بضائع.
في إحدى الحالات قامت القوات عند نقطة التفتيش باحتجاز حافلة مدرسية طوال ساعات لأن إحدى الطالبات حاولت إدخال جوال من الخبز إلى القرية دون تصريح مسبق.
إن نقاط التفتيش وغيرها من القيود الإسرائيلية المفروضة على تحرك السكان، مثل حواجز الطرق التي تمنع الوصول إلى قرى أخرى، تجعل انتقال سكان القرية البالغ عددهم 250 إلى بقية الضفة الغربية والعمل فيها مسألة صعبة وتستهلك الكثير من الوقت. وفي الوقت نفسه تعتبر إسرائيل أن معظم سكان القرية من الفلسطينيين المقيمين بالضفة الغربية، فتحظر عليهم الذهاب إلى إسرائيل والعمل فيها دون تصريح عسكري خاص.
وقد أحبط الجيش محاولات السكان للتكسب عن طريق إقامة مشروعات صغيرة، بما في ذلك جهودهم لاجتذاب زوار إلى الموقع التاريخي. في سبتمبر/أيلول صادر الجيش مغسلة سيارات كان أحد السكان قد أقامها في يونيو/حزيران، بعد إصدار أمر يقرر أنه لم يكن يملك تصريح بناء. قال الساكن إنه يمتلك قطعة الأرض.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع اثنين من السكان فقالا إن الوظائف الوحيدة المتاحة لهم في القرية هي العمل لحساب الطاقم الآثاري التابع للجيش عن طريق التنقيب في منازل قريتهم المهدومة. وقالا إن هناك عشرة رجال من النبي صموئيل يعملون في التنقيب بالموقع، منهم أربعة مولودون في منازل هدمها الجيش في 1971 وقد تم ضمها حالياً إلى الموقع الأثري.
في قضيتين منفصلتين منظورتين أمام محكمة العدل الإسرائيلية العليا، يسعى الجيش لاستصدار موافقة قضائية على إجلاء سكان القريتين الفلسطينيتين سوسيا وخربة زنوتة في جنوب الضفة الغربية بالقوة، بسبب كشوفات أثرية في الموقعين. وفي قضية ثالثة، قامت سلطات الدولة بتفويض تشغيل موقع سياحي أثري، هو "مدينة داود" في حي سلوان بالقدس الشرقية، إلى جماعة إيلاد الاستيطانية، التي طردت فلسطينيين من منازلهم. كما قامت السلطات الإسرائيلية بهدم منازل ومبان فلسطينية أخرى في سلوان.
في 18 يونيو/حزيران أفادت صحيفة "هاآرتس" اليومية الإسرائيلية بأن مسؤولين من مكتب الطاقم الآثاري التابع للجيش، في فرع الإدارة المدنية، أزالوا حجراً عمره 200-300 عام، وعليه نقوش بالعربية، من جدار مسجد النبي صموئيل في مايو/أيار. قام آثاريو الجيش بإزالة الحجر دون مشاورة سكان الوقف الإسلامي المالك لموقع المسجد. وقد شاهدت هيومن رايتس ووتش لوحات تذكارية وضعتها السلطات الإسرائيلية في الموقع تستفيض في ذكر التاريخ اليهودي للموقع ودلالاته الدينية، وتخلو إلا من إشارة عابرة إلى تراثه الإسلامي.
صدقت إسرائيل على اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح لسنة 1954، التي انضمت إليها فلسطين، والتي تلزم قوة الاحتلال بقدر الإمكان، "بدعم السلطات الوطنية المختصة في البلد الخاضع للاحتلال في حماية ممتلكاته الثقافية والحفاظ عليها". إلا أن إسرائيل لا تسمح للسلطات الفلسطينية بالوصول إلى النبي صموئيل أو سوسيا أو خربة زنوتة أو سلوان.
تحظر اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 على إسرائيل، بصفتها قوة الاحتلال، تصعيب حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة إلى حد اضطرارهم عملياً لمغادرة مجتمعاتهم. والانتهاك المتعمد لهذا الحظر المفروض على "النقل بالقوة" يمثل خرقاً جسيماً لاتفاقيات جنيف، ويمكن ملاحقته كجريمة حرب.
قالت سارة ليا ويتسن: "لا تكتفي السلطات الإسرائيلية باستبعاد الفلسطينيين من أي دور في إدارة تراثهم الثقافي، بل إنها تفسد علم الآثار بتحويله إلى أداة لطرد الفلسطينيين من مجتمعاتهم".
الحياة في مناطق التماس
قام ما يقرب من 50 شخصا، في تقدير بعض السكان، بمغادرة النبي صموئيل إلى بلدات أخرى في الضفة الغربية منذ 2010، فراراً من الفقر وظروف الإسكان الرديئة والقيود المفروضة على التحرك.
تسيطر القوات الإسرائيلية على كافة منافذ الوصول من بقية الضفة الغربية إلى النبي صموئيل عن طريق نقطة تفتيش خارج القرية. ويسمح للسكان بحمل الطعام والبضائع المخصصة للاستهلاك والاستخدام الشخصي، لكن القوات عند نقطة التفتيش منعت توصيل مساعدات إنسانية. ففي أكتوبر/تشرين الأول، على سبيل المثال، قامت القوات في مناسبات منفصلة بمنع توصيل خزانات مياه ودواجن تبرعت بها هيئة "معونة الشعب النرويجي".
أفادت صحيفة "داغن" النرويجية بأن الغرض من خزانات المياه كان السماح لسكان القرية بزراعة خضرهم وريها، مما يقلل من إنفاقهم على الطعام. قال الجيش في البداية إن الخزانات لا تطابق مواصفات المساعدات "الإنسانية"، لكن مسؤوليه صرحوا في النهاية لصحيفة "هاآرتس" بأنهم منعوا دخولها على أساس عدم حصول السكان على تصريح لإقامتها في النبي صموئيل، وهي منتزه طبيعي "يتطلب أي بناء فيه... الحصول على تصريح". في النهاية سمح الجنود عند نقطة التفتيش للسكان بإدخال خزانات المياه واحداً بواحد على مدار الشهور التالية.
قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر القوات عند نقطة التفتيش سبق لهم منع توصيل معونة من الشعب النرويجي قوامها 400 دجاجة بياضة، لأن عدد الطيور كان يشير إلى الاستخدام "التجاري" وليس الإنساني. وقال السكان إن الدجاج كان سينفق إذا ترك دون رعاية، ومن ثم فقد ربطوا أقفاص الدجاج بحمار فعبر التلال المحيطة بنقطة التفتيش لبلوغ القرية. شاهدت هيومن رايتس ووتش صوراً فوتوغرافية للحمار وهو يحمل الدجاج.
ووصف السكان العديد من وقائع التضييق من طرف القوات عند نقطة التفتيش؛ وفي كل حالة كان نشطاء حقوقيون إسرائيليون، بمن فيهم عاملون مع منظمة "محسوم ووتش"، يعضدون روايات السكان.
في فبراير/شباط قام الجنود بمنع أحد السكان، وكان عائداً بالسيارة إلى منزله مع أسرته من جزء آخر من الضفة الغربية، من عبور نقطة التفتيش بسبب اسطوانة صغيرة لغاز الطهي كانت معه في السيارة. وبعد قيام الأسرة بإعادة اسطوانة الغاز إلى قرية أخرى وعودتها إلى نقطة التفتيش، عمل الجنود على تأخير مرور السيارة لعدة ساعات. فيما بعد قال أحد المسؤولين لناشط حقوقي إسرائيلي إن غاز الطهي "مادة كيميائية متعددة الاستخدامات" وتحتاج إلى "تنسيق مسبق".
وفي سبتمبر/أيلول قام الجنود بتعطيل حافلة مدرسية لمدة 5 ساعات لأنهم قالوا إن فتاة كانت "تحاول هريب" جوال من الخبز. وهدد المسؤولون بتوجيه اتهام رسمي إلى رجل كان يرافق الأطفال على الحافلة وتجادل بشأن التأخير. في 15 أكتوبر/تشرين الأول رفض الجنود دخول رجل مؤهل لذبح الحيوانات على الطريقة الشرعية بمناسبة عيد الأضحى الإسلامي بسبب "خطأ فني"، ومع ذلك فقد رفضوا دخوله بعد إصلاح الخطأ الحاسوبي، وفق ما أوردته صحيفة "هاآرتس" اليومية الإسرائيلية.
وفي 2012 قامت القوات عند نقطة التفتيش باحتجاز عيد بركات، وهو أحد سكان القرية وفي الخمسينيات من عمره، لأنه حاول "تهريب" أكياس من علف الشعير لمواشي القرية من نقطة التفتيش، على أساس أنها تعتبر بضائع "تجارية" محظورة في مناطق التماس، بحسب بركات وأحد النشطاء الحقوقيين الإسرائيليين.
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية قرية النبي صموئيل وعرضت سكانها لإجراءات أمنية غير ضرورية على ما يبدو. بحسب شكوى تم تقديمها في الأول من مارس/آذار 2013 من طرف محسوم ووتش، اقتحمت عربة جيب تابعة لشرطة الحدود القرية في السابعة من مساء 24 فبراير/شباط وأمرت شرطة الحدود الإسرائيلية جميع الأطفال بالخروج من منازلهم والوقوف أمامها. وقف الأطفال في العراء لمدة نصف ساعة، حتى غادرت شرطة الحدود القرية بدون استجواب أي من الأطفال أو السكان.
وفي الخامسة والنصف من صباح 25 ديسمبر/كانون الأول، اقتحمت قوات إسرائيلية بعض منازل القرية دون إبراز تصريح بالتفتيش أو الاعتقال، واحتجزت ستة مراهقين وشاباً واحداً، زاعمة أنهم فتحوا بعض المركبات عنوة في موعد غير محدد. قامت القوات الإسرائيلية باحتجازهم في عوفير، وهو مركز احتجاز عسكري في الضفة الغربية، ثم أفرجت عنهم في 31 ديسمبر/كانون الأول، بكفالة 700 شيكل (200 دولار أمريكي) لكل منهم.
تتذرع الحكومة الإسرائيلية بأن القيود التي تفرضها على حرية تحرك الفلسطينيين في الضفة الغربية مبررة على أسس أمنية. إلا أن السياسات الإسرائيلية المعنية تقيد حركة جميع الفلسطينيين، بدلاً من استهداف الأفراد الذين يعتبرون مخاطرة أمنية. وكما لاحظت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في 2007 فإن السياسات الإسرائيلية "التي تستهدف مجموعة قومية أو عرقية معينة، وخاصة من خلال الجدار ونقاط التفتيش والطرق المحظورة ونظام التراخيص ... كان لها أثر شديد السلبية على تمتع الفلسطينيين بحقوق الإنسان، وعلى الأخص حقوقهم في حرية التنقل، والحياة الأسرية، والعمل والتعليم والصحة".
واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 تحظر على إسرائيل، بصفتها قوة الاحتلال، "القيام بعمليات النقل القسري الفردي أو الجماعي" لسكان فلسطينيين في الضفة الغربية ما لم تكن ضرورية لسلامتهم أو لأسباب عسكرية حتمية. وينسحب حظر النقل القسري على الحالات التي يقوم الجيش فيها بتصعيب حياة الأشخاص إلى حد اضطرارهم للرحيل فعلياً.
ولا تميز الاتفاقية بين سكان موضع بعينه، كأن تكون منطقة خصصتها قوة الاحتلال كمنتزه وطني أو "منطقة تماس"، لكنها تشير إلى كافة سكان الأراضي المحتلة المشمولين بالحماية. وحتى في الحالات التي يجوز فيها لقوة الاحتلال إلزام سكان منطقة محتلة بمغادرة منازلهم، ينبغي أن يكون هذا مؤقتاً، وأن يتم السماح للسكان بالعودة في أقرب وقت ممكن. ويمثل الانتهاك المتعمد لهذا الحظر خرقاً جسيماً لاتفاقيات جنيف ويمكن ملاحقته كجريمة حرب.
عمليات الهدم
قالت السيدة س.، وهي إحدى سكان النبي صموئيل وفي السبعينيات من عمرها، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش الإسرائيلي هدم منزلها في منتصف شتاء 1971. وقالت، "فجأة في السابعة صباحاً دخل الجنود بيتنا. قال الضابط إنه لم يكن يعرف بوجود أشخاص ما زالوا يعيشون هنا"، لكن القوات الإسرائيلية هدمت منزلها رغم هذا. وقالت، "انتقلت إلى حظيرة أغنام وبنيت مطبخاً. وبعد بضعة أيام جاء الإسرائيليون ودمروا المطبخ".
ما زالت السيدة س. و8 من أقاربها يعيشون في غرفتين بنفس المبنى، الذي حظر عليهم الجيش ترميمه كما قالت. وقالت إن السلطة الفلسطينية منحتها بعض أشجار الزيتون في 2002. وقالت، "فغرست بعضها وأقمت سوراً حولها على قطعة أرض مساحتها 8 دونم (0,8 هكتار) كنت قد ورثتها عن والديّ. قام الجيش بهدم السور واقتلع الأشجار".
وتتكون المدرسة الابتدائية بالقرية من مبنى ذي غرفة واحدة مساحتها 20 متراً مربعاً، وفصل متنقل تبرعت به ملكة الأردن، حيث يدرس الطلبة من الصفوف الأول حتى الرابع. رفض الجيش الإسرائيلي طلبات لتوسيع مبنى المدرسة، وأصدر أمراً بهدم الفصل المتنقل، والمبنى الخارجي الذي يضم حمام المدرسة، والأرجوحات في ملعب المدرسة، والسور الذي يفصل منطقة اللعب بالمدرسة عن الطريق، لأن خطة المنتزه القومي تحظر إنشاء أو توسيع المباني العامة، كما قال ناظر المدرسة لـ هيومن رايتس ووتش.
كما فرضت السلطات العسكرية الإسرائيلية قيوداً شديدة على معيشة السكان استناداً إلى مزاعم بمخالفتهم لقانون المنتزهات الوطنية. بموجب ذلك القانون، يحتفظ سكان النبي صموئيل من مالكي الأراضي بحيازتها، ولكن لا يجوز لهم إدخال أى تغييرات مادية عليها بدون موافقة كل من هيئة الطبيعة والمنتزهات، والإدارة المدنية التابعة للجيش. إلا أن تلك السلطات نادراً ما تمنح الموافقة، كما قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش. تسمح خطة المنتزه للملاك المسجلين بتوسعة المباني السكنية، بنسبة لا تزيد عن 20 بالمئة. ولكن بما أن الكثير من السكان انتقلوا إلى منازل خالية بعد إخلاء الجيش لهم بالقوة في 1971 فإن معظمهم لا يملكون المنازل التي يعيشون فيها.
عرض بركات على هيومن رايتس ووتش أمراً أصدره له الجيش باقتلاع 95 شجرة فواكه كان قد غرسها في 2011. ولا ينازع الأمر في ملكيته للأرض، لكنه يحظر استخدامها في الزراعة لأنها تقع داخل المنتزه الوطني. قال بركات إن الجيش قام في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2012 بهدم حظيرة أبقار وغرفتي تخزين كان يمتلكها، كما هدم سبعة مبان أخرى في النبي صموئيل في ذلك اليوم، بحسب سجلات جمعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. في الشهر التالي قامت القنصلية الفرنسية بمساعدة بركات على بناء حظيرة أغنام جديدة. وفي 12 مارس/آذار 2013، أصدر الجيش "أمراً بوقف العمل" في الحظيرة الجديدة ـ وهي الخطوة الإدارية التي تسبق إصدار الجيش لأوامر بالهدم.
بغرض التكسب، افتتح بركات مع سكان آخرين مغسلة سيارات صغيرة في قطعة أرض فضاء بالقرب من مدخل الموقع الأثري في 13 يونيو/حزيران 2013. وبعد خمسة أيام أصدر الجيش أمراً يقرر أنهم قاموا بالبناء بشكل غير قانوني دون تصريح. وفي مطلع سبتمبر/أيلول قامت قوات إسرائيلية بتدمير المظلة، وملصق الدعاية، والسور الخيزراني الذي كان السكان قد بنوه، ومصادرة المكنسة الكهربية الصناعية وخرطوم المياه من الموقع.
في ديسمبر/كانون الأول قال مدير موقع التنقيب الأثري الإسرائيلي لواحد من السكان كان قد افتتح كشكاً لبيع الفول السوداني للزوار إنه لن يحصل على عمل في الموقع "طالما ظل كشك الفول السوداني قائماً هناك"، وهذا بحسب سكان استرقوا السمع إلى الحوار. أغلق الرجل الكشك فحصل على عمل في الموقع.
الخطة العسكرية
في 2013 قدم الجيش خطة باسم "تنمية منتزه النبي صموئيل الوطني"، 51/107/03، وتشمل الموقع الأثري. وتتيح الخطة التي طلبتها هيئة المنتزهات الوطنية الإسرائيلية وفرع الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، تتيح البناء على 2400 متر مربعاً، وتشمل طريقاً للوصول، وممرات للتمشية، ومبان للسائحين، ومصعداً. قال بعض سكان النبي صموئيل لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش لم يتشاور معهم فيما يتعلق بالخطة. وبعض الأطلال في الموقع الأثري هي "مبان ومنشآت من القرية الفلسطينية المدمرة، تم بناؤها فوق أطلال أسبق"، كما يرد في تقرير لإميك شافيه، الجمعية الأثرية الإسرائيلية المعارضة للخطة.
حضر سكان النبي صموئيل الجزء الأول من جلسة بشأن الخطة في نوفمبر/تشرين الثاني. كانت الجلسة تدار بالعبرية التي لا يفهمها بعضهم. وحين طلب أحد المشاركين ترجمة وقائع الجلسة إلى العربية، وهي واحدة من لغتي إسرائيل الرسميتين، قال ميخائيل بن شباط، رئيس اللجنة الفرعية، إن قواعد الإجراءات لا تشترط ترجمة الجلسة، وإنه لم يتلق طلباً مسبقاً بهذا.
وانسحب سكان النبي صموئيل بعد أن صرح دانيل حليمي، المخطط الإسرائيلي الذي يعمل لحساب الجيش، عدة مرات وعلى الرغم من اعتراضهم، بأن "هذه ليست قرية بل هو منتزه". اعترف حليمي في معرض الرد على أسئلة بأن خطته لا تشمل توفير طرق أو صرف صحي أو بنية تحتية للكهرباء للسكان. قال حليمي، "المأمول أن يدرك السكان أنهم يعيشون في منتزه وليس في قرية". وأضاف بن شباط إن "الخطة التي نعمل عليها ستساعد على استيعابهم في خدمة زوار الموقع [السياحي]. لا يوجد سكان في المنتزهات".
اعترض نير شاليف، ممثل "بيمكوم" وهي منظمة حقوقية إسرائيلية متخصصة في قضايا التخطيط، قائلاً إن إسرائيل لديها سابقة في السماح بالبناء السكني داخل منتزهات وطنية، بما في ذلك للاستيطان في الضفة الغربية. وقد قررت اللجنة الفرعية، التي تدرس بعض الاعتراضات على الخطة، إنها لا تملك سلطة النظر في اعتراضات "بيمكوم" القاضية بأن الخطة تنتهك التزامات إسرائيل بموجب قانون الاحتلال.
أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر هدم بحق خيمة اعتصام مبدئية مباشرة عقب قيام السكان بنصبها أثناء مظاهرة في ديسمبر/كانون الثاني قرب مدخل الموقع الأثري. ظل السكان ينصبون الخيمة كل جمعة كجزء من احتجاجهم الأسبوعي، ويزيلونها مع نهاية كل مظاهرة.