العدد 4167 - الأحد 02 فبراير 2014م الموافق 02 ربيع الثاني 1435هـ

فالج لا يعالج

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

«فالج لا يعالج» مثلٌ شعبيٌ يُطلق على حالة اليأس من علاج وضع أو شخص أو حزب ما، والفالج هو الشلل الجسماني. ويبدو أن علاج إعلام التطبيل العربي «فالجٌ لا يعالج».

هذا الإعلام العربي بتلفزيوناته وإذاعاته وصحفه وإعلامه الاجتماعي الإلكتروني، هو محصلة خطة محكمة للدول للاستيلاء على الفضاء العام وتسخيره لاستراتيجيتها لإخضاع المجتمع والنخب السياسية والمجتمعية والدينية، وتهميش وشيطنة من يستمر منها في المعارضة من ناحية، ووجود نخبة من الانتهازيين والمتمصلحين والحاقدين طائفياً ومجتمعياً وسياسياً، والذين باعوا ضمائرهم للمال، ولا يتورعون عن إشاعة الكراهية وتشطير المجتمعات. وهم بالتأكيد ليسوا إعلاميين محترفين بما يعني الحرفية الصحافية المهنية والتي تتطلّب إلى جانب امتلاك المعرفة والعلم الصحافي، كذلك امتلاك صفات النزاهة والحيادية والفكر والإبداع؛ ورصد قضايا البلد والمنطقة والعالم المهمة، ومتابعتها، والتقصي الجيد لأي حدث يراد تغطيته.

إن كل ذلك، لا يتوفر معظمه في صحفيي التطبيل، بل العكس، فمعظمهم غير موهوب، بل ودخيلٌ على المهنة، وليس لديهم الدافع للتقصي والمعرفة، فمعظم كتاباتهم تنطلق من مواقف مسبقة مهندسة وفي إطار الكراهية للآخر وتحقيره وشيطنته، ووصمه بأحط العبارات، كالخيانة والعمالة والإرهاب والطائفية... إلى آخر المعزوفة. وهم على استعداد لتشويه أي موقف إيجابي للطرف الآخر وتحويل «الحيّة إلى حبل»، أو العكس.

هؤلاء أيضاً هم صحافيو «الروموت كنترول» الذين يتلقون التعليمات والأوامر بالهاتف من الجهات النافذة فينفذون طلباتها المجابة. ومثل هذا الصحافي/ الصحافية يأخذ الرواية الرسمية لأي حدث أو قضية وينفخ فيه، ويبرّره، بل ويزايد عليه أحياناً، فإذا دعا مسئول أمني إلى إجراء أمني، أضاف هذا الصحافي بل المطلوب تشديد القبضة الأمنية؛ وإذا صدر حكم بالسجن على صبي بعشر سنوات، قال إن هذا تساهلٌ من القضاء! وإذا قال المعارض بضرورة إصلاح النظام قال الصحافي الطبال إن ذلك يعني هدم النظام! ونستطيع أن نقيس على ذلك الكثير.

أما الملاحظة الأخرى على الأدلجة وانعدام الإبداع فهو هذا التكرار الممل لكتابات وأعمدة هذا الصحافي/ الصحافية، حيث تعزف على النغمة المكررة ذاتها، مستمدةً من قاموس الشتائم والبذاءة والكراهية والشيطنة. لكن الأخطر هو أن قيادات وكوادر أحزاب الموالاة بل وبعض الموظفين والمسئولين تحوّلوا إلى صحافيين من هذا الصنف، في هذا استغلال بشع لصفة الصحافي، ولوسائط الإعلام المختلفة المفترض أن تكون فضاءً عاماً مفتوحاً لمختلف الآراء والتغطيات لمختلف المواضيع ومن مختلف الزوايا، وهكذا أضيف إلى كارثة الصحافيين الدخلاء على المهنة.

كارثة السياسيين المشحونين الممارسين قسراً لمهنة الصحافة وكتابة الأعمدة التي تنضح تضليلا وأحاديةً وحقداً، واستخدام الصحافة للترويج لمواقف أحزاب الموالاة والتشهير بأحزاب المعارضة وتشويه مواقفها. بل لا يتورع هؤلاء عن كشف تسريبات لاجتماعات حساسة، كجلسات الحوار أو غيرها، التي تجمعهم مع أحزاب المعارضة ومسئولين كبار. سألت أحدهم على سبيل الدعابة: «كيف تقرّر أي صحيفة من صحفنا»؟ فقال اشترى الصحيفة لملاحقها وخصوصاً الرياضة والمجتمع، لأن الباقي «يغث القلب».

نترحم على رائد صحافة البحرين والخليج عبدالله الزايد الذي كرّس صحيفة «صوت البحرين» كصحيفة وطنية في ذلك الزمن الغابر، وفي ظلّ مصاعب الحرب العالمية الثانية وخضوع البلاد للحماية البريطانية. أينك يا عبدالله الزايد لترى كيف انحدرت مهنة الصحافة، وتكرّس الإمكانيات التكنولوجية والمادية والمعارف الهائلة ليس لإشاعة الحقيقة بل لاغتيالها.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4167 - الأحد 02 فبراير 2014م الموافق 02 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:01 ص

      إيراني بيانو

      إيراني بيانو عجيب والطبال علي إيقاع اليوة اعجب

    • زائر 6 | 3:47 ص

      الطبال ؟؟

      هل يعجبك مثلا الطبال علي إيقاع إيراني مثلا؟

    • زائر 5 | 3:44 ص

      الي «يغث القلب».

      لا يصلح العطار ما افسده الدهر : اولئك الذين لا يستطيعون تغيير أفكارهم .. لا يستطيعون تغيير أي شيء

    • زائر 3 | 2:42 ص

      اللي يغث هو الحجي الطائفي

      نعم الاستقواء بالخارج وتحويل الدولة المدنية الى دولة علماء هو الكلام اللي يغث

اقرأ ايضاً