العائلة والزواج هي الأماكن الوحيدة التي يجد الإنسان نفسه فيها وحيداً ومجهداً. ودون تدريب مسبق والمدرسة الوحيدة التي يدخلها الإنسان ودون الحاجة لشهادات أو خبرة من أي نوع، وهي التي يدخلها جميع المستويات من البشر والتي لا فرق فيها ما بين الغني والفقير، اللهم في حجم المشاحنات والطلبات!
فهناك الزوج أو الزوجة الذين يشترون الآخر بالكلام المعسول والمنمق في البداية وقد يكون الكذب هو بداية المشوار والتمثيل من أجل الوصول والاستحواذ على قلب الآخر سواء بتمثيل الحب أو بالعطاء والهدايا. ولعب أدوارٍ غير صادقة للوصول إلى الهدف الأساسي في الارتباط، وإقناع الشخص الآخر بأن هنالك تشابه في الذوق ويكون في النهاية كله كلام في كلام.
قد يلعب الاثنان لعبة الكذب من أجل تبييض ِالوجه في البداية وينتهي الأمر بأن يفقد الاثنان المصداقية ويبدأ التمثيل بعدها في سبيل أن تسير العربة الثقيلة والمليئة بالمسئوليات والمشاكل ومع الأطفال الأبرياء، والذين يبدأون رحلتهم في بيوتٍ زجاجية واصطناعية قد تنهار في أي وقت ولأي سببٍ!
فحينما ينعدم الانسجام ينتهي الأمر بأن يظهرالشخص على حقيقته حيث لا ينفع معها التملق والكذب فيما بعد ويفشل الزواج حتى لو عاش لعشرين عاماً وبالأسلوب نفسه من محاولة إنقاذ العائلة من الانفصال فإنه سيُفضح ويصبح الاثنان في مهب الريح وأمام الحقيقة العارية، والتي قد تظهر مهما تأخر الوقت لوحدها لكشف النفاق المؤجل،
وأن ارتباط الاثنين معاً في ذلك الرباط المقدس والذي يبدو عسلاً في بداياته ومن ثم ينقلب إلى بصل وإلى ما يشابه الزفت، فيما بعد والكل يريد الهروب أو الابتعاد عن الآخر لكثرة المشاكل التي تعصف بالعائلة، وأنه لولا وجود الالتزامات والواجبات تجاه الأطفال لهرب الاثنان وانفضوا عن هذه المؤسسة العائلية.
إن الحياة ليست بالسهولة التي نتصورها وقد تكون أسهل وأكثر احتمالاً في البداية ولكن مع تعقيدات الحياة وزيادة الضغوط تتبهدل الرؤيا وتبدو مجردالمحاولة في تسييرها ضرباً من الخيال ومن لعب الأكروبات ويصبح التسييس والتهدئة هوالشاغل الأكبر كي تسير بشكل ميسر أو معقول
فما بالك لو أن الزوجين مختلفان تماماً في الجنسية أو اللون أو الطائفة والدين أو التربية، أو أنه توجد فروقات شاسعة في العمر أو البيئة التي تربو فيها وقد يكونا متفقين وصادقين ولكنهم مختلفو المزاج، أحدهما عصبي والآخر بارد ما يؤدي إلى عدم الانسجام أو تكون معظم التعاملات بمزاجٍ عصبي متقلب ما يقلب الدنيا ناراً واشتعالاً لمجرد وجود مشكلة صغيرة.
وإنه ليس بالضرورة أن تكون موزونة أو متكاملة بمجرد وجود حب وشغف بالآخر أو إخلاص، بل إن هنالك أدواتٍ كثيرة نحتاجها في هذه الرحلة كي تدوم، وبعضها الصبر والحكمة والهدوء والتغاضي عن الأخطاء... إلخ، ولو إلى الفترة الحرجة لنمو الأطفال أو استقلاليتهم
وأحياناً وبعد كل ذلك الصبر الجميل، قد تتعقد العلاقة وتظهر المفاجآت والتي لم نكن ننتظرها من الأبناء،
ونجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام مشاكل الماضى والتي بتنا نؤجل حلولها ومن ثم تعقدت، ولاحقتنا وثم تحولت إلى محاكمات عسكرية من قِبل الأطفال البالغين (grown up kids) عن عدم الرضا عن الماضي وعن طريقة التربية أو عن كمية المشاكل التي كانت مؤجلة والحلول أو بسبب عسر المال أو الاحتكاك والمشاجرة المتكررة ما بين الأبوين... إلخ، وباختصارٍ شديد نجد أن هؤلاء الأطفال الكبار لم يكونوا سعداء.
وبدأوا يحاسبون آباءهم عن الماضي والذي بذل فيه الآباء جُل تضحيتهم لتسيير المركب والحفاظ على المنزل من الانهيار.
ويبدأ جفاؤهم تدريجياً، إلى أن يبتعدوا ويتحولوا عن العائلة الأساسية تماماً بسبب معطياتٍ خاطئة لمفاهيمهم عن الآباء أو عدم معرفتهم لأدوارهم في الحياة، لرد الجميل ونسيان كل الجهود والتي عمل فيها الآباء في الغالب جُل جهودهم للعطاء وحتى إن لم تكن بأحسن الطرق المثالية المرجوة، وإنكارها ونسيان كل القيم السماوية والدينية التي تدعو إلى الرأفة والحب والرحمة بالوالدين مهما كانوا، وتتفتت تلك العائلة المتماسكة والتي كان يجمعها كل الحب والمودة والحميمية يوماً ما.
ويبدأ الأطفال الكبار الرحلة، وتواصلٌ آخر للحياة بعيداً عن الآباء ولتجنب الأخطاء السابقة لهم، اعتقاداً منهم بأن حياتهم ستكون أفضل ليعيدوا كرة الزمان من جديد والتي قد تأخذ أشكالًا مختلفة تماماً عن مشاكلهم وقد يكونون أكثر درايةً أو تفهماً وتجنب المشاكل السابقة في حياتهم، ولكنهم قد يرتكبون ومع الأسف أخطاء أخرى قد تكون أسوأ مما عانوه في غفلةٍ من الحياة.
وقد يكون أطفالهم أكثر تفهماً أو أقل، وقد يتسامحون كثيراً أو يتغاضون عن كل إهمالهم ويعطونهم كل الحب والمودة والاحترام وكأنه لم يكن شيئاً وهنا قد يلعب الحظ دوره والقلوب الطاهرة.
والأقدار أيضاً تلعب أدواراً وفي أزمانٍ مختلفة وتكرار الفشل أو النجاح ولإظهار الحقائق وهي الأيام تتداول بيننا في هذه التجربة والتي يدخلها الجميع غافلين في واحدة من أكثر المؤسسات الحياتية تعقيداً ودون تجارب أو شهادات.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4166 - السبت 01 فبراير 2014م الموافق 01 ربيع الثاني 1435هـ
لكل مرحله معاناة
المعاناة تحدث دائماً مع العائله والحديث ضروري جداً للتكلم في مثل هذه المواضيع وبذا الدكتوره تحاول التنويع في اختيار المواضيع الهامه في الحياة فنشكرك على مجهوداتك
كلام وحكمه
كل حركة النسان تعتمد على الخبرات التراكميه له وعليه احترام الآخر وخاصة الآباء على مايعطونه من مجهوداتهم وتحمل تبعياتها وتقوية النفس شكراً على الابداع التحليلي ونرجو المزيد ولقد تعبنا من المواضيع اللي ماتفيدنا فشكراً
الخبر ة ضروريه
ان النظره للحياة تتغير من شخص الى آخر وكلما تعرفنا عليها اكثر كلما ازدادت خبراتنا بها وهذه المقاله ضربت على الوتر الحساس الذي يغفل عنه الجميع شكراً دكتوره على المجهود الجميل ولتمية الخبرات الشبابيه الى ما ينتظرهم في الحياة من صعوبات
حلوه وعميقه
مقاله حلوه فعلاً وهكذا هي الحياة فرح وزعل وخبرات
مقاله في العمق الانساني
الذي قراء ا المقاله وقال انها نظرة سلبيه يبدو ان خبرته محدوده للحياة بالرغم انها مقاله عميقه وفي نفس الوقت قريبه من الواقع وخفيفة دم
مو
مو كل زواج مقلب وخديعة واما بنسبة المشاكل العائلية هادى اسمونها البهارات العائلية والحمد الله انه مرتاح ايه زوجتى والله كريم
مقال رائع
مقال جدا واقعي وملامس للكثير من المؤسسات الآسرية الموجودة في مجتمعاتنا
من وجهت نظري الالتزام الديني لدى الآسرة هو صمام آمانها
مقالة يائسة
الزواج استقرار نفسي و اجتماعي و ليست الحياة خالية من المشاكل ، فالخلافات أمر لا بد منه ،، حين قرأت عنوان المقال تشوقت كثيرا لمعرفة ما يجوبه و لكنني تفاجأت بكلام سلبي يطغي على الإيجابي و كأن الذي كتب المقال شخص ينطر الى الحياة بسلبية ، فكن ايجابي و تفاءل بعد أفضل ..