قالت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إن ما تم اكتشافه من آثار قلعة البحرين هو خمسة في المئة فقط مما يضمه الموقع، والذي يعد رصداً لكل الحقب التاريخية التي مرت بها المنطقة، مشيرة إلى استمرار التنقيب عن كنوز البحرين حيث يوجد فريقا حفر فرنسي وآخر دنماركي يعملان في الكشف عن كنوز البحرين، لافتة إلى أن الفريق الفرنسي لم ينقطع عن البحرين منذ السبعينات، واستمرت عمليات التنقيب السنوية برئاسة البروفسور لومبارد، وهو اليوم مستشار للآثار بالمتحف الوطني. وذكرت وزيرة الثقافة أنها تشرف اليوم على 36 مشروعاً في وقت واحد تتبع وزارة الثقافة، ما بين بيوت تحكي قصة البحث عن اللؤلؤ، إلى جانب خمسة أو ستة مواقع ومتاحف أثرية مؤمل إنشاؤها، أحدها المتحف الخاص بمسجد الخميس، وهناك أيضا مشروع «تلال عالي»، وهو ما بين متحف وتطوير صناعة الفخار، وتسليط الضوء على صناعة عمرها أكثر من خمسة آلاف عام. جاء ذلك في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» في قاعة كبار الزوار الملحقة بالمسرح الوطني المجاور لمتحف البحرين بعد إحدى حفلات الأوركسترا الفليهارمونية الملكية على هامش معرض الطيران في المنامة الأسبوع الماضي، حيث جاء نصه على النحو الآتي:
هل لك أن تحدثينا عن المشاريع التي قمت بها بمفردك بعيداً عن مساعدة الحكومة؟
- قمت بتأسيس المركز الأول للتراث، وبدأت في بيت جدي الشيخ إبراهيم، وقمت بشراء البيت ورممته، والداعم الأول لي كان زوجي بهذا المشروع، وبعد شرائي للبيت بأموالي الخاصة طرحته كمشروع وطني، ويجب أخذ الملاحظة أنني صحيح قمت بشرائه، لكنه لا يخص الأسرة، ولذلك قررت مدّ الجسور مع القطاع الخاص، وبالفعل قمت بدعوة الكثير من الشركات والبنوك وأهل الخير وأبلغتهم بأن المبنى مهدد بالإزالة التامة، كما أخبرتهم أنني قمت بشرائه وأحتاج إلى دعمهم لعملية الترميم. فلاقى الأمر استحسانهم وتلقيت مساهمات بسيطة في البداية، إلا أنني لم أيأس، فأكملت عملية الترميم من جيبي الخاص، إلى أن علم بالأمر ولي العهد، فقام مشكوراً بتبني بقية عملية الترميم بكاملها. وهذا ما حفزني للانتقال لترميم بيت آخر، وتوالت مشاريع الترميم كما فعلت مثلاً في بيت محمد بن فارس وغيره. وبيت محمد زايد وبيت بن مطر، فبدأت بتقوية أواصر العلاقة الطيبة بمد الجسور مع المؤسسات الخاصة والشركات للمساهمة في استكمال عمليات الترميم.
كيف بدأت فكرة الاستثمار في الثقافة التي يتحدث عنها أهل البحرين؟
- الاستثمار في الثقافة مدخل لمشروع كبير، وكنت وقتها وكيل مساعد للتراث والثقافة الوطنية، وكان الهدف في الأساس جذب القطاع الخاص لدعم المشاريع الثقافية، وبدأنا فيه بمشروع قلعة البحرين من الألف إلى الياء، وأكبر مشروع اليوم هو المسرح الوطني الذي نجلس فيه اليوم لإجراء هذا الحوار، بدعم خاص من ملك البحرين، وعندما اختيرت المنامة عاصمة للثقافة العربية، كنا نطالب ببنية تحتية تناسب هذا التوجه، وما نفعله في الاستثمار الثقافي يعود في الوقت ذاته بالترويج للسياحة الثقافية على بلادنا اليوم.
ما نصيب الآثار والفنون الإسلامية من المتحف الوطني؟
- نصيب التراث الإسلامي في المتحف الوطني ربما ليس في حجم آثار فترة دلمون أو تايلس أو العهود السابقة للحضارة الإسلامية، لكن الآثار الإسلامية الموجودة في المتحف، سواء أكانت مخطوطات قرآنية أم تحفاً أم شواهد قبور، ترصد فترة مهمة من تاريخ البحرين، وخارج المتحف لدينا مسجد الخميس، وهو أقدم مسجد أثري في البحرين، وسيكون هناك متحف إسلامي بالقرب من مسجد الخميس يضم الكثير من القطع والآثار الإسلامية، وهذه المواقع الأثرية تشترط أيضاً أن تكون بها مراكز خدمية للزوار ومقاهٍ ومرافق وأماكن استراحة من التجوال بالموقع.
أول بعثة أثرية في البحرين كانت دنماركية العام 1954... والمتحف افتتح العام 1988... هل مازالت هناك بعثات أثرية تقوم بالحفر في أرض البحرين حتى اليوم؟
- اليوم هناك فريق حفر فرنسي وآخر دنماركي يعملان في الكشف عن كنوز البحرين، والفريق الفرنسي لم ينقطع عن البحرين منذ السبعينات، واستمرت عمليات التنقيب السنوية برئاسة البروفيسور لومبارد، وهو اليوم مستشار للآثار بالمتحف الوطني، وما اكتشف من آثار قلعة البحرين هو خمسة في المئة فقط مما يضمه الموقع، والذي يعد رصداً لكل الحقب التاريخية التي مرت بها المنطقة، ولم أتكلم هنا عن «تلال عالي» أو وادي السيل.
ما الجديد بالنسبة إلى البيوت التراثية في المحرق؟
- هو مشروع أهلي ليست له علاقة بالدولة، 20 بيتاً تتبع المؤسسة الأهلية التي تعتمد على ذاتها دون الحاجة إلى الدولة، إيماناً منها بدور القطاع الأهلي، والحكومة في البحرين تعطي الكثير للمواطنين من جهة الصحة والتعليم، وكله مجاناً، والمؤسسة الأهلية كانت البداية الحقيقية للمشروع الأضخم للاستثمار في الثقافة، حيث أكملنا مشروع بيت الشيخ إبراهيم والبيوت الأخرى المتفرعة عنه، وبيت الكرار، وبيت فيهم وهو أحد أجمل بيوت المنامة، يعود تاريخ بنائه إلى 1921، وفيه نقوش خشبية لأحد صناع المشربيات المشهورين في العراق.
بالنسبة إلى المسرح الوطني الذي نجلس فيه اليوم، والذي يعد كما يقول أهل البحرين أحد أبرز إنجازاتك في وزارة الثقافة وقصة نجاح... هل جرى تحت راية مشروع الاستثمار في الثقافة؟
- جئت إلى وزارة الثقافة بروح البناء، ففي السنة الأولى التي باشرت فيها العمل الرسمي جئت بمشروعين، الأول المسرح الوطني، والثاني متحف قلعة البحرين، وحين تقدمت بالمشروعين للمسئول آنذاك لم يكونا من أولوياته، فتركت العمل بوزارة الثقافة لمدة عام وثمانية أشهر، وكنت التحقت بالعمل في مايو/ أيار العام 2002 وتركته العام 2004، وعدت إلى الوزارة مرة أخرى في يونيو/ حزيران العام 2005، وبعد عودتي تبنيت مشروع الاستثمار في الثقافة، وجاء الدعم المالي من الملك للرسومات التفصيلية للمتحف، وبدأ وزير جديد ومعه عراك جديد، وعادت أحلامي ترى النور مرة أخرى بدعم كامل من ملك البحرين.
ما الشعار الذي ترفعينه لدفع السائحين لزيارة آثار البحرين؟
- دائما نقول إن اختلاف البحرين عن دول الخليج الأخرى هو حفاظها على هويتها، وكذلك بالآثار التي في باطن أرضها والمعمار العمراني الشاهد الحي على عظمة وتاريخ هذا البلد الذي يميزه عن غيره من البلدان، وهناك بيوت تعود إلى العشرينات أو الثلاثينات أو بيت يعود إلى 200 عام من قبل جرى ترميمه أخيراً يتزامن مع حكم الأسرة في مملكة البحرين، أي نحو العام 1796، وهو من أقدم بيوت المحرق، وهو بيت الشيخ سلمان، وكان بيت حاكم البحرين في القرن الـ18، وهذا البيت الآن موجود يشهد على تراث معماري يوضح هوية البلد وتاريخه، والمتلقي الأجنبي يحب أن يشاهد ما يميز كل بلد، أو ما تضمه أرضه من آثار وتحف فنية، وأحد الخبراء المصممين الذين جئت بهم لتطوير العروض المتحفية في البحرين، أكد لي أن أفضل ما في متاحفكم هو الموجود في الأرض، في أن بعض المتاحف تقوم على المقتنيات الموجودة فيها ربما لا تمت إلى الأرض الموجود بها المتحف، أي مقتنيات من الخارج، مثل المتحف البريطاني في العصمة لندن أو اللوفر الفرنسي.
خلال خمس سنوات من توليك وزارة الثقافة بالبحرين تعدين المسئولة الأولى عن تراث وآثار البحرين... ما الدروس المستفادة من تلك التجربة؟
- الدروس المستفادة هي أن نواصل العمل، أي الحفر والدق والترميم بلا كلل أو ملل، نحن لا ننام، نحن نعمل ليل نهار، بحثاً عن كنوز بلدي التي لا تنضب، وأنا مع نظرية التنقيب في عالم الآثار، وحفظ ما يكتشف في الأجواء الملائمة لها، والإشكال الوحيد هو التمويل، وكذلك الطاقة البشرية لدفع العمل دوماً إلى الأمام، ومازال أمامنا الكثير من أجل المتلقي من أول خروجه من مطار البحرين من جهة الشوارع وتجميل المدن أيضاً، وعلى رغم أن بلدنا صغير الحجم، فإن هناك كثيراً من المعطيات الإيجابية لصالحنا. ولله الحمد، وثقت بي الشركات والبنوك بعد أن رأت أن تمويلها للمشروع التراثي أصبح واقعاً على الأرض في مواقعها نفسها بمدينة المحرق القديمة، وعلمت أنه «لا لعب بأموالها»، بل إنني أقدم إليها مشروع الترميم كاملاً وتكلفته، وعلينا الإشراف فقط، وهذا أكسبني الثقة.
ما أبرز المشاريع الثقافية التي تشرفين عليها اليوم؟
- أشرف اليوم على 36 مشروعاً في وقت واحد تتبع وزارة الثقافة، ما بين بيوت تحكي قصة البحث عن اللؤلؤ، وهذه البيوت في طريق طوله نحو ثلاثة كيلومترات، يتكلم عن هذا التراث الذي كان الحياة الاقتصادية في البحرين إبان ذلك الوقت، وهناك بيت للغواص يشرح طبيعة عمل الغواص ومقتنياته وآثاره، وكذلك بيت ربان السفينة، وطواش البحر، وكذلك التاجر المشغول الذي يجلب أخشاب السفن، أو حتى من يداوي المصابين في المهنة، وهناك دور للطرب أيضاً، وكل هذا يمر بـ18 موقعاً وبيتاً، فيما يعرف بطريق اللؤلؤ في المحرق، إلى جانب خمسة أو ستة مواقع ومتاحف أثرية مؤمل إنشاؤها، أحدها المتحف الخاص بمسجد الخميس، وهو بدعم خاص من ولي العهد الأمير سلمان، وهناك أيضاً مشروع «تلال عالي»، وهو ما بين متحف وتطوير صناعة الفخار، وتسليط الضوء على صناعة عمرها أكثر من خمسة آلاف عام.
العدد 4166 - السبت 01 فبراير 2014م الموافق 01 ربيع الثاني 1435هـ
خوش
العفو تم التفريط باعرق المقابر على وجه التاريخ مقابر تلال عالى المفروض يحاسب كل من سهام بدثر هذى المقابر الرجاء المحافضه على مابقى منها
ابو عبدالله
في بيوت قديمة جداً و ذات طابع معمري تراثي في قرية كرزكان
حتى ان بعض الاجانب يقصدونها للتقاط بعض الصور لها