وثيقة هذا الأسبوع تؤرخ لأول تنظيم تجاري إداري أُدخل للبحرين، وكان أشبه بمحكمة لتسوية الشئون التجارية. وقد حدث له تطور نوعي بحيث غدا مجلساً - أو تجاوزاً- برلماناً للتجار؛ ذلك أن التجار منذ مطلع القرن العشرين أصبحوا من أعمدة الإمارة الأساسية، وشكلوا ذراعاً ضاربة للاقتصاد المحلي، وصنع القرار الاقتصادي والسياسي كذلك، بل وكانت لهم اليد الطولى في فترات مختلفة في دعم اقتصاد البلاد، سواء بشكل أفراد أو على هيئة مجموعة اقتصادية.
وعمر هذه الوثيقة التي كُتبت بخط اليد نحو 94 عاماً، وهي صادرة من مكتب المعتمد أو الوكيل السياسي البريطاني في البحرين بتاريخ (23 يناير/ كانون الثاني 1920).
وهذا هو نص الوثيقة كما دُونت:
«نمرة - 22
1920
من الميجر ايج اري ديكسن سي أي اي باليوز في البحرين
إلى جناب المحبين الأجلاء الكرام خان صاحب محمد شريف بن قطب الدين أوزي (العوضي) وتكمداس بيت كنكارام والسيت بداه البانيان والسيت محمد هبة الله والحاج عبدالنبي بن أحمد بوشهري المحترمين
بعد السلام والسؤال عن شريف أحوالكم نفيدكم بأننا قد عينّاكم أعضاء المجلس العرفي لتنوبوا عن رعايا الدولة البهية والأجانب القاطنين في البحرين؛
أعضاء المجلس العرفي سيجتمعون في غرفة القمرق (الجمرك) بيوم الخميس الآتي باليوم عشرة إنكليزي موافق 4 عربي؛
يكون اجتماع المجلس العرفي فيما بعد كل يوم الخميس في الساعة عشرة إنكليزي يلزم حضور أربعة الأعضاء في المجلس بالأقل بحريان الشغل؛
سعادة الشيخ سر عيسى بن علي آل خليفة كي سي ائ ري سي أى حاكم البحرين قد عين هؤلاء المذكورين النيابة عن رعاياه الحاج عبدالله بن حسن الدوسري والحاج عبدالرحمن الزياني والحاج يوسف بن عبدالرحمن فخروه والحاج عبدالعزيز بن حسن القصيبي والحاج عبدعلي بن رجب؛
سيحضر نائب من طرف الباليوز في المجلس العرفي دائماً حينما يباشر المجلس العرفي بالأشغال؛
المأمول من أعضاء المجلس أن يحضروا في كل يوم المجلس يعني الخميس من غير تعريف رسمي لهم بذلك وإذا اراد أحد من أعضاء المجلس الغياب لأجل سبب أو عذر مخصوص فيعرف الباليوز بكتاب؛
يكون معلوم أن هذا الترتيب والتعيين يراد العمل به إلى مدة ستة أشهر فقط وبعد إذٍ ستصدر إرشادات جديدة؛
هذا ما لزم بيانه ودمتم محروسين
حرر في 22 جنوري سنة 1920م مطابق في 1 جمادى الأول سنة 1338هـ
(التوقيع)
المعتمدية السياسية،
البحرين»
وتعليقاً على هذه الوثيقة، بداية نعيد للتذكير بأن (H. R. Dickson)، الذي كان معتمداً سياسياً لبريطانيا في البحرين، جاء في هذا المنصب بعد سلفه المدعو (Lt-Col. Percy Gordon Loch)، الذي تولى هذا المنصب في البحرين بين نوفمبر/ تشرين الثاني 1916- فبراير/ شباط 1918، كما أصبح (ديكسون) فيما بعد معتمداً سياسياً لبريطانيا في الكويت العام 1929.
وهنا نجد بصمته في البدء بمشروع المجلس العرفي - التجاري عن طريق الموافقة عليه وتعيين نصف أعضائه، وإصداره بشكل رسمي، وإبلاغ المعنيين به، ومنهم الحاكم.
والمجلس العرفي جاء بطلب من التجار لتنظيم علاقاتهم التجارية ووضع أسس الحياة الإدارية في البحرين مع مطلع القرن العشرين، إلا أنه تأجل البت فيه كثيراً بسبب قيام الحرب العالمية الأولى.
وبعد إشهار المجلس في يناير 1920، تم وضع نظام خاص لصلاحياته واجتماعاته، وحددت مهمته في النظر بالقضايا التجارية، وتمثيل مصالح التجار، وفض الخلافات التي تحدث بينهم، وغيرها من الأمور المتعلقة بالجانب الاقتصادي.
كما حدد موعد انعقاد المجلس في الساعة العاشرة إنجليزي، كما تذكر الوثيقة، يوم كل خميس من كل أسبوع. ونفس هذا المجلس تطور وأصبح يدعى «مجلس التجار» لاحقاً، ثم «غرفة تجارة البحرين» فيما بعد.
والجدير ذكره هنا، أن ستة من أعضاء أول مجلس عُرفي، أصبحوا أيضاً أعضاء أول مجلس بلدي لعام 1339 هـ،1920م. وهم عبدالله حسن الدوسري، وعبدالرحمن محمد الزياني، وعبدالعزيز حسن القصيبي، وعبدعلي بن رجب، ومحمد شريف قطب الدين العوضي، وعبدالنبي أحمد بوشهري، وأضيف إليهم كل من عبدالرحمن الوزان، واليست ديوان هيمندس.
العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ