العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ

حزب الكنبة

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

ساد في مصر في أواخر عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك تعبير «حزب الكنبة» باعتباره أكبر حزب مصري. وتعبير «حزب الكنبة» تعبير مجازي يشير إلى غالبية أبناء الشعب المصري التي لا تنتمي لأي من الأحزاب سواءً حزب السلطة أو أحزاب المعارضة، ولا تبالي بالسياسة، مثلها مثل الجالسين على الكنبة الذين يضيعون الوقت في الدردشة، وتدخين الشيشة واحتساء الشاي أو شرب القهوة أو المسحلب؛ وأطلق عليها آخرون الأغلبية الصامتة، وأغلبيتهم من متوسطي وكبار السن.

لكن ثورة 25 يناير 2011 فاجأت النظام بكل ما يملك من أجهزة استخبارات وقوات وفاجأت المعارضة التي انزوت بعيداً عن نبض الشارع، وفاجأت منظّري حزب الكنبة أيضاً، وإذا بالشعب يلبّي نداء الشباب، ويملأ ساحة التحرير وغيرها من الساحات بالملايين، ولتحدث الأغلبية الصامتة التغيير، بما في ذلك الإطاحة برؤوس النظام، ولاتزال الثورة تعتمل في مصر.

مناسبة هذا الحديث، هو ما يتردد على صفحات الصحف شبه الرسمية، بما يشبه حزب الكنبة عندنا في البحرين، إحداهن أطلقت عليهم الأغلبية الصامتة سابقاً الزاعقة حالياً. والاستراتيجي الفلتة، شخّصهم بأنهم الذين يمارسون السياسة عبر الفضاء الإلكتروني، حيث يستخدمون وسائل التواصل والتنظيم والحشد من خلال وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها، وأنهم خارج تأثير الجمعيات السياسية، المعارضة والموالية للنظام، وأن لهم مطالب وأهدافاً وطموحات بعيدة كل البعد عن مطالب المعارضة، وكل ما يريدونه حريات فردية وحياة رغيدة ووناسة.

لن نستطرد في تفنيد هذه الطروحات البائسة، فعلى الأقل تحشد المعارضة عشرات الآلاف وأحياناً تفوق المئة ألف من أبناء شعب البحرين خلال مسيرات الجمعة أو التحشيدات في مناسبات معينة، وتمثل قاعدة المعارضة غالبية شعب البحرين، وبالطبع فإن للموالاة قاعدتها الشعبية وبالآلاف.

في ضوء هذه الأطروحات، فإن الثقل السياسي انتقل من الجمعيات السياسية إلى التجمعات الهلامية، والفعل السياسي انتقل من الشارع إلى الفضاء الافتراضي. ومادام الأمر كذلك فيتوجب على الدولة وأجهزتها التي تقدم الاستشارات والتنظيرات لها، أن تخفّف من وجودها وأجهزتها الأمنية والبيروقراطية على الأرض، وتنتقل إلى الفضاء الافتراضي أيضاً، وتطبيق استراتيجية الحكومة الإلكترونية بكل مكوناتها، من سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية أيضاً. لكن الذي يجرى هو العكس تماماً. فنرى الدولة تتضخم كل يوم، وتتوسع أجهزتها الأمنية والبيروقراطية، بحيث صنّفت مملكة البحرين بأنها الأعلى في نسبة أعداد قوات الأمن إلى المواطنين والمقيمين.

إن ما نراه مزيد من العمليات الأمنية، ومزيد من الحواجز الأمنية، والحملات الأمنية، والأسلاك الشائكة، والجدران الخرسانية التي قطعت أوصال البحرين وجعلتها مثل الضفة الغربية الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي. هؤلاء الكتاب، وخلفهم الموالاة بمختلف تشكيلاتها من جمعيات وبرلمانيين، وصحافيين وأكاديميين، يضغطون من أجل المزيد لتوسيع وتعزيز قدرات قوات الأمن وتوسيع صلاحياتها، واتخاذ جميع الإجراءات الاقتصادية والقانونية لخنق المعارضة وأنصارها، تحت يافطة «الحفاظ على النظام القائم». ويقفون بكل صلافةٍ ضد أية إصلاحات حقيقية في النظام، باعتبارها خطراً داهماً يتهدّد مصالحهم من الأساس، بل ويهدد الأمن والاستقرار الخليجي برمته!

حزب الكنبة تلاشى في مصر، وهو لم يكن موجوداً في البحرين، على الأقل منذ حراك 14 فبراير 2011 الذي يحتفل شعب البحرين بذكراه الثالثة بعد أيام. شعب البحرين شعب مسيّس، ويحمل الهم الوطني والديمقراطي منذ العشرينات، وليس شعباً لا مبالٍ. وإذا كانت السلطة قد استطاعت أن تلهيه لفترة خلال ما عرف بالطفرة النفطية في السبعينات والثمانينات وكان من تجلياتها المضاربة بالأسهم وسوق المناخ، فإن شعب البحرين صاحٍ اليوم كما لم يكن من قبل. فليتخلّ منظّرو النظام عن أوهامهم وخلق عالم افتراضي وشعب افتراضي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4165 - الجمعة 31 يناير 2014م الموافق 30 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:56 ص

      استمروا

      استمروا ياشعبى فى نضالكم ولاتيئسوا فان الله معكم حتى تحقيق المطالب المشروعة والله ياخد الحق المسلوببببببببببببببببببب

    • زائر 4 | 5:35 ص

      يا دكتور في البحرين لا نستغرب ، دائما الواقع شئ والاعلام شئ آخر

      البحرين في الاعلام :
      قمة الديمقراطية، بلد الحريات، احترام الانسان، العدالة، الازدهار ، المساواة ، التطور ، الابداع ، الابتكار، التميز، إدارات الجودة الشاملة.
      وفي الواقع:
      الله يعين شعب البحرين.

    • زائر 2 | 12:54 ص

      شعاراتهم تجهيل ثم تجهيل ثم تجهيل للناس

      القص والعرص والكذب على جماعاتهم من اجل تضليلها وخاصة من يتلبس عباءة الدين ثم يقوم بالكذب عيني عينك ويأخذ الروايات الرسمية ويروّجها على انها مسلمات وروايات صحيحة من دون تدقيق وتمحيص
      اذا كانت احاديث النبي ص والروايات خضعت للتمحيص والتدقيق فكيف يقوم كبيرهم بأخذ الروايات من الداخلية دون تمريرها على عقله ثم يروّج لها للجهلة وهؤلاء جاهزون لتصديق أي شيء علينا

    • زائر 1 | 12:41 ص

      ج ح

      عشت ياأستاذ وعاش قلمك الحر .

اقرأ ايضاً