حذّرت الرابطة الألمانية لاختصاصيي الطب النووي من خطورة برودة الطقس على مرضى القلب؛ حيث إنها تتسبب لدى مرضى شرايين القلب التاجية في زيادة تضيق الشرايين، ما يؤدي إلى اضطرار القلب للعمل بشكل أقوى.

وأوضحت الرابطة، التي تتخذ من العاصمة برلين مقراً لها، أن الشعور بضيق في التنفس أو آلام أو ضيق في الصدر يُعد مؤشراً على حدوث خلل في سريان الدم أو تعرض عضلة القلب للإجهاد، ما قد يؤدي - في أسوأ الأحوال - إلى الإصابة بأزمة قلبية أو موت القلب المفاجئ.

وفي هذه الحالة ينبغي استشارة طبيب مختص على الفور؛ حيث يُمكن للطبيب التحقّق من إصابة المريض بهذه الاضطرابات من خلال فحص وظائف عضلة القلب لديه ومدى إمدادها بالدم والأوكسجين عن طريق إخضاعه لتصوير تروية عضلة القلب المعروف أيضاً باسم «التصوير الومضاني المشع لعضلة القلب».

القلب أكثر من يعاني من هجمة البرد القارص:

القلب يتحمل العبء الأكبر في توزيع الحرارة على جسم الإنسان في الشتاء القارص؛ فمن المعروف علمياً أن نقص درجات الحرارة يرفع نبضات القلب إلى نحو ما متوسطه 15 نبضة في الدقيقة ويرفع الضغط نحو 30 ملم من الزئبق، ويزداد استهلاك عضلة القلب من الأكسجين ويقلل تروية القلب من الدم بنحو 10 في المئة؛ بسبب زيادة الجهد المبذول من عضلة القلب عن كمية الأكسجين المحمولة بالدم خلال تلك الفترة (مقارنة بفترة الراحة)، بل ويزداد ذلك الجهد على القلب كلّما قلّت درجة الحرارة على وجه العموم.

لماذا كبار السن أكثر عرضه لتأثير البرد؟

وكبار السن - فوق الستين سنة - أكثر الناس عرضة لمضاعفات الشتاء القارص على الصحة؛ فارتفاع الضغط وارتفاع نبضات القلب «لنفس درجة البرودة» هو ضعف ما يحدث في الشباب كما أظهرت البحوث الطبية وإنتاجهم للطاقة الحرارية الداخلية أقل من الشباب بكثير. كما أن فقدانهم لها أسهل بكثير من الأشخاص في فترة الشباب. وتصوّر أن كل ذلك الجهد يحدث في رجل لديه ضغط وسكر وضيق في شرايين القلب وهو لا يدري حيث تحدث الأزمة القلبية. أضف إلى ذلك أن البرودة تشوش على تفكيرهم؛ فلا يستطيعون تقدير الأمور كما يجب ولا درجة خطورة الوضع الذي هم فيه. ولذلك أثبتت الدراسات أن بعض كبار السن عندما يتعرضون لبرودة شديدة وفي المراحل الأخيرة يبدؤون بنزع ملابسهم والتخفيف منها بسبب التشويش الذهني، إضافة إلى أنهم ينسون تناول أدويتهم أو يتخبطون في كميتها ونوعياتها.

ما هي أعراض تأثر الجسم بالبرودة؟

تقلُّ الحركة والنشاط وتتباطأ، ثم تبدأ الأسنان بالاصطكاك والعضلات بالارتعاش لإنتاج مزيد من الطاقة الحرارية، ثم الإعياء والتعب، ثم عدم القدرة على التركيز، سواء في إمساك الأشياء حوله أو في طريقة استعمالها مثل «الاتصال بتلفون الطوارئ».

وأشد البرودة في الشتاء هي التي تكون فيها درجات حرارة منخفضة مع رياح سريعة؛ حيث تزيل هذه الرياح أي طبقة من الحرارة يولّدها الجسم حول نفسه. ومما يزيد الطين بلة كون الرياح مصحوبة بالمطر، وحيث إن فقدان الحرارة يصبح أسرع وأشد مقارنة بالحالة التي يكون فيها الجو بارداً وجافاً وساكناً. فمثلاً رياح سرعتها 48 كلم في الساعة في درجة حرارة صفر مئوية تساوي تأثير درجة حرارة 12 درجة تحت الصفر!

ما هي نصائح مرضى القلب في الشتاء؟

يُنصح مرضى القلب في الشتاء بتدفئة أجسامهم ومنازلهم بما يُستطاع؛ فكبار السن وبالذات مرضى القلب هم أكثر الناس تعرضاً لمضاعفات الشتاء القارص، فإذا كانت درجة حرارة الغرفة أقل من 20 درجة مئوية فاعلم أنك مقصر في تدفئة غرفة كبير السن، وهذا إضافة إلى ملابسه التي تساعده في حفظ حرارته فوق 30 درجة مئوية، ولكنها لا تفيده كثيراً عندما تكون درجة حرارة الغرفة تحت عشرين درجة. كما يجب أن يبتعدوا قدر الإمكان عن الجهد البدني مثل حمل أكياس ثقيلة أو الدخول في صراعات وانفعالات نفسية شديدة. كذلك مراقبة ضغطهم بانتظام وشرب السوائل الدافئة التي تزيد من إنتاج الطاقة الحرارية الداخلية. كما يُنصحون بأخذ لقاح الإنفلونزا سنوياً قبل دخول الشتاء؛ لتقليل حدوثها وشدتها إذا حدثت وكذلك تطعيمات ذات الرئة لمن هم عرضة لالتهاباتها كل خمس سنوات. ومن المهم معرفة أن تدفئة الرأس والقدمين بما يناسبهما من ملابس يحمي من لسعات الشتاء القارص وهي تعني تلف الأنسجة البشرية بسبب شدة البرودة أثناء تعرضها مثل الأذنين والأنف وأطراف أصابع اليدين والقدمين. وإذا أصيب أحدهم بالزكام فإن أدوية مضادات الاحتقان مثل مضادات الهستامين ترفع الضغط وقد تسبب الخفقان، ولذلك يجب مراقبة الضغط بانتظام في هؤلاء المرضى. وبعض المرضى يقوم بإيقاف التمارين الرياضية بسبب الشتاء، وهذا خطأ، بل يجب عليه الاستمرار عليها إمّا داخل المنزل المكيف أو الصالة الرياضية المغلقة. ومن أسوأ التصرفات التي من الممكن أن يضر بها الإنسان نفسه هو التدخين في وقت الشتاء؛ حيث يزيد العبء على القلب المجهد أصلاً ويرفع الضغط أكثر مما هو مرتفع.