فوجئت صباح أمس بعامل النظافة الآسيوي يضع الجريدة (عدد الثلثاء) أمامي، ويوجّه إصبعه إلى الصورة أسفل الصفحة الأولى، ويسأل بالانجليزية: ما هذا؟
الخبر عن «وزارة الثقافة توقف أعمال المجاري بموقع قنوات الريّ بالقُرَيّة»، والصورة لحفرةٍ تبدو غامضةً بالنسبة إلى شخصٍ أجنبي، فقد بدت كفوّهة كهف. وشرحت له باختصار أنها قناة مائية تحت الأرض تعود لأكثر من 500 سنة، تم العثور عليها أثناء عمليات الحفر لمد شبكةٍ للمجاري. وما أن أنهيت كلامي حتى تحوّلت علامات الاستغراب على وجهه إلى ضحكة واسعة كأنما تنفّس الصعداء.
بقيت أفكّر لدقائق: لماذا جاء العامل البسيط يسأل؟ ما الذي أقلقه في الصورة؟ ربما حسبها قبراً، أو موقعاً حصلت فيه جريمة، أو نفقاً خرافياً لتهريب الأسلحة من بعض الدول المجاورة يمتد مئات الكيلومترات تحت مياه الخليج. وربّما ظنّ أنه مخبأٌ للأسلحة والمتفجرات، أو ملجأٌ لعصابات تهريب المخدرات. ربما كان هذا ما دار في مخيلته فدفعه للسؤال، لذلك انفرج عن ضحكةٍ كبيرة حين عرف أنها «مجرد قناة مائية قديمة» عمرها مئات السنوات.
وأعترف أن الخبر كان مفرحاً بالنسبة لي شخصياً، فقد انتقدت وزارة الثقافة بشدة، في مقال الأحد الماضي «وزارة الثقافة... تقصير وإهمال أم ضياع أولويات»، واتهمتها بالاثنين معاً. واتهمتها أيضاً بإضاعة ثماني سنوات، ليأتي عمّال أميون أجانب يحفرون مجاري صحية، ليكشفوا لنا قصّة تقصير وتخاذل الوزارة عن القيام بواجبها الأساسي، وانشغالها بالبهرجات والمهرجانات واستقدام الفرق الموسيقية الأجنبية، التي تنفق عليها بسخاء، بينما تفرّط في واحدةٍ من أهم أوابد الحضارة التي يفخر بها شعب البحرين. وسرّني أن تتجاوب الوزارة مع النقد رغم أنه كان لاذعاً جداً، وتتخذ خطوةً أولى في الاتجاه الصحيح.
تفاصيل الخبر نشرت في الصفحة الرابعة، حيث أكدت وزارة الثقافة إيقاف أعمال مشروع الصرف الصحي في الموقع الذي وُجدت فيه قنوات ريّ تاريخية من المحتمَل أن تشكّل امتداداً لقنوات الرّيّ القديمة الموجودة في المنطقة والمتّصلة بعين «بوعليوه» في قرية المرخ المجاورة. وهو ما يمثل نفياً قاطعاً لكلام الناطقة الرسمية باسم الحكومة التي حاولت قبل يوم واحد فقط، الالتفاف على مطلب حماية هذا الجزء من الآثار الوطنية، بادعاء أنها مجرد «ممرات مائية»!
الوزارة اتخذت موقفاً مقدّراً، بوقف أيّة أعمال مؤقتاً وبصورة سريعة في الموقع المعني، إلى حين التواصل مع وزارة الأشغال، والأهم ما أعلنته عن وجوب استشارة الوزارات الأخرى (الأشغال والبلديات) معها، قبل أن تبدأ العمل في المواقع المحتَمل تواجد قنوات الريّ القديمة فيها ويكون تحت إشرافها. وهو قرارٌ وطني مسئول، وينبغي أن يعمم كسياسةٍ ثابتةٍ على كل مواقع الآثار في البحرين، خصوصاً أن الوزارة أصدرت، كما ذكرت في بيانها الصحافي القرار رقم (3) في العام 2012، بشأن تحديد أراضٍ للتّنقيب الأثريّ، يتعيّن بموجبه على صاحب أيّ مشروع أخذ رخصة من وزارة الثّقافة قبل الحصول على تراخيص البناء من البلديّة.
ومع تقديرنا للوزارة لاتخاذها هذا الإجراء المهم، إلا أننا نتحفظ على إشارتها لما تعرضت له القنوات التاريخية من تخريب وتدمير بقولها أنه «لم يكن لوزارة الثّقافة علمٌ بها»، فالموضوع كان مطروحاً قبل ثماني سنوات دون أن تحرّك ساكناً. ومع ذلك نقول إنها خطوة أولى ومهمة على الطريق الصحيح، والصحافة الوطنية المسئولة ستكون معكم على طريق حماية هذه الآثار.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4163 - الأربعاء 29 يناير 2014م الموافق 28 ربيع الاول 1435هـ
الله
الله يرحم العيون الى فى البحرين وين عذارى وين قصارى وين ام شعوم وغيرها كلها دمرة من جشع وطمع الحكومة وين الزراعة وين الخضروات الى البحرين اصدرها الى الخليج وين الحرف كل شى ادمر فى هاده البلد من طمع الظلام يا محلى زمان اول دخلو علينه الاجانب ودمرو كل شى المشتكى لله
هذه هي المشكلة
وزارة الثقافة تهتم بترميم بيت فلان وعلان من التجار وتتجاهل تراث الشعب وتاريخه. هذه هي مشكلة وزارة الثقافة
الأيام ستثبت لك
ماهي الا زوبعة في فنجان، كلها كم يوم وينسى الموضوع وكأنك يابو زيد ماغزيت.
تضييع البوصلة وتقصير فاضح
هذا هو واجب الوزارة ونحن ننتقدها لتقصيرها في اداء مسؤوليتها في حماية التراث الوطني. وهي مسؤولية اهم واكبر بدل الحفلات وفرق الموسيقى الاجنبية.
نريد افعال
نريد افعال لا اقوال يا وزيرة الثقافة.
تذكر كلامي يا لهاشمي كلها كم يوم وستكون القناة في خبر كان
الحبيب يا سيدنا كم يوم ويتجول الخبر بانه تم تسويت القنوات بالأرض او كانت في تلك المنطقة لكان خبر كبير لكنها في هذه المنطقة فهي تفضح كتابة التاريخ الرسمي كلها كم يوم وبتتسوى بالارض