استتباعاً للسيناريو الأول، «سيناريو المستند السري المُوهَم» في جزء مقالتنا السابق، نبسط بالتكملة سيناريوهين محتملين، الأول متشائم بالواقع، والثاني متفائل بالأمنيات.
للسيناريو الثاني، دواعيه كما في التالي: من حيث الأصوات النشاز، التي تتباكى على احتمالية تضرّر الأضرع، المدرة لهم بالعطايا والمكارم والتمييز، هذه الماديات التي «يدهنونها من خارجها» بحبر يكتبون به اسم الله، ويدّعون أنهم حماة دينه، والدين منهم براء، إذ يُشَوِّهون مراميه وآياته بالخروج إلى الكفر به، وهم يعلمون. لذا يتَّكلون على الحضّ على الفرقة والتنازع باسم المذهب، المُخْشى عليه من تسلط أصحاب المذهب الآخر، نتيجة تسلطهم القائم وتمييزهم على ذاك الآخر، كخشية السارق من المسروق أن يسرقه.
نتحدّث هنا عن الأصوات النشاز، لأننا على يقين من نشازهم، فكيف يكون سَوِيّاً، من يتغنى بأنه الأول والآخر، ولا مخلوق قبله ولا بعده، إما هو وإما العدم. هذه هي عقلية النشاز، فهو لا يأمن ولا حتى لحليفٍ توأم، بل تراه يود لو امتاز عليه، فهو يكيده ليتسلق على أكتافه، لذا مستحيلٌ لديه، أن ينصفه الآخر، لأن الإنصاف عنده هو في غلبته، لا بتساويه مع الآخرين.
والناشز لا عهد له، ولا يؤمن بالعهد من الآخر، لذا لا تعنيه الكتابات النصيِّة، دينيةً كانت أو دستوريةً أو قانونية، فهو يغالب النصوص بما تهوى النفس، فإن كانت النصوص لديه، فهو يكيِّف مفاهيمها في ممارساته، لذا يأبى أن تكون تلك النصوص، سبيل الممارسة للآخر، لخشيته أن يأتي الآخر بما أتته نفسُهُ.
هؤلاء الناشزون، على رغم قِلَّتهم، إلا أنهم يَجِدون مستمعين لأقوالهم في القريب من الوقت، ولكنهم على المدى البعيد ينحسرون عنهم. هؤلاء المستمعون لنشازهم فئتان من الناس، فئة من العامة المغرّر بهم، ببهرج الوعود، وبهرج طلاسم القول الذي لا يفقهون، وبهرج المكذوب من التهم، التي يرمون بها كثرة أسوياء الآخرين، مؤاخذةً بقول وفعل القلة السفيهة منهم، عملاً بما هم أنفسهم عليه من السفاهة والنشاز.
أما الفئة الأخرى، هم المستَنْصِرون بالنشاز والسفاهة لحاجةٍ في نفوسهم، على الرغم من يقينهم بما يأتي به مَن يَستنصِرون، من النشاز والسفاهة. هذه الفئة عادةً ما تكون هي السلطات إبان الصراعات السياسية، وهي عالمة علم اليقين، بأن أولئك الناشزين، لا يتجاوز الإجراء منها ضدهم، إلا النهر وقـَرصَ الإذن، ليرتدوا إلى جحورهم خائبين، فلا بأس لها، أي السلطات، أن تستخدمهم ما دامت لها بهم غايةٌ إلى حين.
فالسيناريو الثاني، هو إعادة افتعال الفوضى والاعتداءات اللفظية والصراخ السفيه، بمثل ما أتوه في تجمعهم في 2011، مستعينين بكل شارد ووارد إلى الوطن. هذا من جانب النواشز، ومن جانب موكّليهم، نسف كل العهود والمواثيق الدستورية والقانونية المحلية والدولية، وزيادة الإجراءات الأمنية، بصورة تكون سقوفها مفتوحة لتجميد الدستور على عواهنه، وتجميد كل السلطات والقوانين، ليسود قانون أمن الدولة أسوةً بما جرى العام 1975.
إلا أن هذا السيناريو، لن يكون لا في صالح النواشز، ولا في صالح موكّليهم إلا إلى حين، لأنه سيفتح الباب على مصراعيه، للتدخلات الإقليمية والدولية، وكذلك الأممية ممثلة بمجلس الأمن، والطرفان عاليه، يعلمان بما يعنيه ذلك على حاضرهما ومستقبلهما، فالطرف الناشز، أقصى ما يستطيع نيله، هو الانزواء مع من لم يزل مخدوعاً به، وهم بجمعهم أقلية، في رقعة من أرض الوطن، وهو خاسرٌ بذلك، ما تستقطعه السلطات حالياً من حقوق الآخرين لصالحه؛ وهو خاسرٌ بشراكته في تقاسم الثروة المحدودة، مع من استُقطِبوا إلى الوطن خارج القانون؛ وخاسرٌ وإلى الأبد، العون والأخوّة من كثرة من المواطنين الآخرين.
أما السلطات فلا نود التكهن، إلا أن تجارب صراعات الأنظمة السياسية مع شعوبها، بادية للعيان، فهل بعد كل هذا، من احتمال إيقاع مثل هذا السيناريو؟
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4162 - الثلثاء 28 يناير 2014م الموافق 27 ربيع الاول 1435هـ
الناشزون في هذا الوطن
العتب ليس على الناشز وحده, بل يقع العتب الأكبر على المستمع إليه. ولو لقي أمثال هؤلاء آذانا صماء لا تستمع إليهم وتدافع عنهم, لعرفوا قيمتهم وما يصبون إليه. لقد كشفت لنا الأزمة الحالية الصديق من العدو, إذ بات أصدقاء الأمس أعداء اليوم, وبات من جلب وجنس هو الصديق والحليف. متناسين أن هذا الآخر جاء ليأخذ خيرات البلد "ويهد القرعه ترعى" وقت الحاجة إليه. (محرقي/حايكي)
رد على زائر 2
اى حرية تتكلم عنهه يوميا مداهمات وقمع وتعذيب واهانات وحرمان المفصولون من العمل وكسر المنازل وسرقة البيوت المداهمة واتقول حرية المشتكى لله
الحكومة
الحكومة لاتريد حوار والدليل اليوم المحكمة احلت مجلس العلماء لانهم شيعة وفى مسجد اصلى فى نائب كل جمعة واسب فى الشيعة والحكومة ساكته عنه لانها هى التى وزته طبعا بالفلوس الحرام الك الله ياشعبى يامظلوم هو الى راح ياخد الحق المسلوب والله كريم انهم ينفدون حكم الشيطان
مقال فوق الروعة وفي الصميم
احسنت ابن سيادي
لنبنى الوطن
الوطن بحتاج الى تكاتف الناس مع القيادة ويكفينا فخرا الحرية المتاحة لنا فى حين أن شعوبا كثيرة محرومة من ذلك ثم ان باب التواصل مع القيادة مفتوح فلماذا ايغار الصدور والقلوب على الوطن وقيادته .دعونا نضع يدنا بأمان مع قيادتنا ونبنى الوطن بدون تدخلات خارجية عابثة .
قناص
شكرا استاذنا العزيز على هذا المقال الرائع وصدق رب العزة والجلال بسم الله الرحمن الرحيم يوم يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا صدق الله العظيم وهذا الطرف مازال معتقدا انه منتصرا بهذه المواقف المهزومه منذ زمن بعيد كما حدث في احداث التسعينات المؤسفة عندما افتوا بحرمة الدخول في البرلمان وقالوا انها بدعة من عمل الشيطان وقبل الانتخابات اعدوا العدة بقوة ودخلوا الانتخابات فرحين بمكتسبات يحلمون هم وابائهم الوصول اليها لأنهم لا يحملون أية مؤهلات علمية تؤهلهم للوصول لهذه المناصب .