العدد 4160 - الأحد 26 يناير 2014م الموافق 25 ربيع الاول 1435هـ

انتحاريون يغادرون منازلهم بلا سابق إنذار ويغيرون مجرى حياة عوائلهم إلى الأبد

قتيبة الساطم الذي قالت السلطات اللبنانية إنه نفذ هجوما انتحاريا في الضاحية
قتيبة الساطم الذي قالت السلطات اللبنانية إنه نفذ هجوما انتحاريا في الضاحية

بعد كل تفجير انتحاري يستهدف منطقة معينة في لبنان، آخرها في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، تكشف التحقيقات عن هوية شبان كانت لهم حياة عادية تشبه يوميات الشاب اللبناني الساعي إلى تأمين لقمة العيش أو التخطيط لمستقبل ناجح.

ولكن فجأة وبلا سابق إنذار، تنزل على عائلات كالصاعقة أخبار تتناقلها وسائل الإعلام ومفادها أن ابنهم هو «انتحاري» هذا التفجير أو ذاك، لتتغير حياتهم إلى الأبد.

عائلة قتيبة الساطم، إحدى العائلات التي استفاقت على فاجعة كبيرة، بعد علمها بتورط ابنها قتيبة في تفجير حارة حريك الأول في الضاحية الجنوبية، مطلع الشهر الحالي.

تعرفت الأجهزة الأمنية على هوية الانتحاري من خلال إخراج القيد الذي عثر عليه في موقع التفجير، وبعد إجراء فحوص الحمض النووي ثبتت التهمة عليه.

كان قتيبة يعيش في منطقة وادي خالد، يقصد القبة في طرابلس بشكل شبه يومي، لدراسة هندسة المساحة في الجامعة.

كان يعيش حياة طبيعية ويخطط لمستقبله ويجهز أوراقه للسفر إلى فرنسا، وفق ما يرويه المختار طلال العلي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن «ملامح التطرف بدأت تظهر على قتيبة منذ سنة تقريبا، فأصبح يقصد الجوامع بشكل يومي ويصلي ويتحدث بالجهاد والقتال في سوريا لنصرة الأطفال والنساء، وتحول اهتمامه بمستقبله إلى اهتمامه بالجهاد».

حاول قتيبة الذهاب إلى سوريا للقتال، لكن نفوذ والده في عرسال، بسبب عمله في التجارة في المنطقة، حال دون اجتياز الابن للحدود، إذ أعادته مجموعة من الشبان إلى قريته في وادي خالد، وبدأ والده يجهز أوراقه للسفر إلى الخارج.

لكن قبل تفجير حارة حريك بخمسة أيام، اختفى قتيبة وأبلغت العائلة القوى الأمنية بالأمر لتفاجأ بعد أيام بظهور اسمه على العلن بوصفه «انتحاري الضاحية».

ويضيف العلي: «أصبح قتيبة غامضا، وأصدقاؤه مجهولون ولا نعرف عن حياته الشخصية شيئا، كما لو أن عملية غسل دماغ أجريت له. تغيرت كل أحواله».

تعاني العائلة اليوم صدمة كبيرة. والد قتيبة ميسور الحال ويقول إنه لم يقصر بواجباته مع ابنه، وحاول تأمين حياة ومستقبل زاهر وناجح له، وكذلك والدته التي كرست حياتها لحماية أبنائها وتكتفي بالصمت والحزن على فقيدها الصغير.

صديق قتيبة وقريبه أحمد السيد يعد «تورط قتيبة في تفجير حارة حريك ملعوبا كبيرا».

ويقول: «شهود عيان تحدثوا للإعلام، والقوى الأمنية أكدت أن شخصا آخر كان مع قتيبة في السيارة المفخخة، وعند حدوث التفجير اختفى الرجل وجثته لم تظهر أشلاؤها مع الجثث والأشلاء الأخرى، فمن هو هذا الشخص؟ ولماذا وجد إخراج قيد قتيبة واضحا ولم تمسه شائبة؟».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «لا أنكر أن قتيبة هو الانتحاري، ولكن أنا متأكد من أنه كان مخدرا والتفجير جرى عن بعد».

من عكار إلى صور، الروايات متشابهة.

من العمل في الميكانيك واللعب مع الأطفال في الأزقة إلى انتحاري.

عدنان موسى محمد، أحد انتحاريي تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت.

يلقبه أهله وجيرانه بـ«أبو العقلين» بسبب قصور ذهنه، يبلغ من العمر 23 سنة.

لم يكن ناجحا في الدراسة ولا في العلم فنقله والده من مدرسة سبلين الرسمية إلى معهد مهني لتعلم مهنة «الميكانيك»، ومن بعدها بدأ عمله في المدينة الصناعية في صور «ميكانيكي سيارات».

يروي صديق العائلة محمد البقاعي لـ«الشرق الأوسط» كيف عرف أهله بتورطه في التفجيرين.

يقول: «بالصدفة رأى والده الرسم التشبيهي للمتهم بتفجير السفارة الإيرانية ووجد تطابقا كبيرا مع وجه ابنه، فتوجه مباشرة إلى قيادة الجيش للتبليغ، وبعد إجراء فحوص الـحمض النووي تبين أن النتيجة متطابقة والرسم يعود إلى عدنان». ويتابع بحزن شديد: «هل تعرفون من هو عدنان؟ عندما تجدون شابا يلعب مع الأولاد ويشتري الشوكولاته وأكياس الفستق ليأكل مثلهم، ويقضي حاجته في زاوية الحي أمام أعين الجميع غير مبال بمن ينظر إليه، فاعلموا أن هذا الشاب هو الانتحاري عدنان».

فقر عائلته المؤلفة من سبعة شبان، إضافة إلى الوالد والوالدة، منعها متابعة حالة ابنها عدنان الصحية المتعارف عليها في الحي، فلا أحد يعطي أهمية لكلامه أو أفعاله ويقولون: «بسيط لا عتب عليه».

لكن صديق العائلة محمد يقول إن «جماعة متطرفة استطاعت استغلال ضعف عقل عدنان واستخدامه في تفجير السفارة الإيرانية»، مشيرا إلى أنه «اشتبك مع والده وهدد بترك المنزل كما يفعل في كل مرة، فأجابه والده: اذهب الله معك. غير مكترثا بما قاله، ليغادر المنزل ويعود أشلاء رفضت عائلته تسلمها ودفنه».

يؤكد محمد أن «عدنان لم يكن يجيد قيادة السيارة، ومن الواضح أنه تعلمها عن جديد، والدليل أن الدرك عندما طلب منه التوقف على مدخل السفارة توقف وبدا عليه الارتباك، ومن المؤكد أن (معين) أبو ضهر (الانتحاري الثاني) هو من فجر السيارة الأولى، وعاد وفجر نفسه بعد التأكد من نجاح العملية».

بعد تفجير الهرمل الأخير، برز اسم حسن غندور بوصفه «الانتحاري المفترض» وتداولت وسائل الإعلام اسمه وصورته، ليتبين بعد مطابقة فحوص الحمض النووي للأشلاء مع والدته أن النتيجة سلبية.

وحسن شاب عشريني وهو طالب في كلية الاقتصاد. «كان يمضي نهاره بلعب كرة القدم التي يعشقها، ويخرج لمقابلة الأصدقاء والأقارب، وهو شخصية محبوبة وطيبة»، بهذه العبارات يصفه بحرقة عمه حيدر.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ سنة ونصف السنة تقريبا بدأت ملامح التطرف والتعصب تظهر على حسن، الذي بات يقصد يوميا المساجد في صيدا، ومن بينها مسجد بلال بن رباح ويستمع إلى تحريضات بعض الشيوخ الطائفية فتحولت أحواله وأصبح يكفر الناس وينعتهم بالتكفيريين».

يشير إلى أن العائلة: «حاولت مرارا ردعه ومنعه من الذهاب إلى الجامع لكننا لم نستطع، لذلك قصدنا مخابرات الجيش وأبلغناهم عن وضعه وطلبنا مساعدتهم لمنعه من الذهاب إلى سوريا، خصوصا أنه طرح الفكرة أمامنا ووالدته رفضت الأمر رفضا قاطعا».

غاب حسن الشاب المرح، كما وصفه أحد أصدقائه، فجأة عن المنزل بحجة نومه لدى صديقه في الجامعة، وبعد مرور أيام على اختفائه اتصل بوالديه ليطمئنهم عليه، وقال لهما: «أنا في تركيا ومن تركيا سأذهب إلى سوريا ولن أعود.. اطمئنوا أنا بخير».

منذ ستة أشهر وهو لا يزال غائبا عن المنزل. لا تعرف عائلته شيئا عنه، وبدأت تعتاد الفكرة وتتقبل الواقع المرير الذي فرضه الابن عليها، وفق كلام العم حيدر، لكن تفجير الهرمل الأخير أعاد المرارة واليأس إلى قلوبهم به؛ نظرا لاختفائه وذهابه للقتال في سوريا.

وفي آخر اتصال تلقته الوالدة من ابنها قال لها: «لن أفجر نفسي بأحد».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | منذ 11 عامًا

      إجرام خلف إجرام

      هناك كثير من الحوادث التفجيرية في العراق اكتشف أنه صاحب السيارة أو سائق السيارة لم يكن يعمل عن سر ذهاب إلى المكان التي يتم تفجير السيارة وهو فيها عن بعد ، يطلبون من الشاب التوجه لمكان محدد دون علمه بأنه سيتم تفجير السيارة فيه

    • زائر 12 | منذ 11 عامًا

      يعني تتصورون فقط شيعة لبنان يفزعون لجماعتهم في سوريا و سنة لبنان لا يفزعون

      كلوا مما حصدت أيديكم .... اليوم تبكون و كنتم بالأمس تضحكون.

    • زائر 13 زائر 12 | منذ 11 عامًا

      مايفعله حزب الله في سوريا هو دفاع عن النفس

      هؤلاء الارهابيين لولاوقوف حزب الله وتصديه لهم في سوريا لفعلوا اكثر من هذا .
      نحن نتذكر جيدا عندما هددوا الشيعه بعد ان ينتهوا من سوريا ان يتحولوا للبنان ثم العراق ثم الدول التي يتواجد بها الشيعه للتنكيل بهم بقطع الرؤوس وسبي نسائهم وهتك حرماتهم .ومافعله ويفعله حزب الله فهو دفاع شرعي عن النفس وعين الصواب لقد تصدى هذا الحزب لهذه الشرذمه الارهابيه ببساله لتقليل الخسائر .

    • زائر 11 | منذ 11 عامًا

      العمليات الإنتحارية في الأهداف المدنية دليل على الجبن و الضعف حتى لو كانت من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية

      دائما كنت أقول أن من ينفذ عملية انتحارية في هدف مدني (كالتي كانت تقوم بها حماس و فتح و حزب الله في الأهداف المدنية الإسرائيلية) هي أعمال لا تصدر من أقوياء بل تصدر إما من أناس جبناء أو ضعفاء لا يقوون على القتال في أرض المعركة فيفرغون قوتهم على أناس غير مسلحين و في غفلة من امرهم ... كنت أتهم بالصهيونية و حب اليهود (على الرغم من نفوري من كل شيء يهودي) ... العقلية التي أدخلت فلسفة العمليات الإنتحارية في عقول المسلمين كانت تتصور أنها هذا السلاح سيستخدم فقط ضد غير المسلمين! كم كانوا مخطئين!

    • زائر 10 | منذ 11 عامًا

      إزدواجية المعايير لدى المسلمين.

      في التسعينات و بداية الإنتفاضة الفلسطينية الثانية عندما كانت حماس و فتح تنفذان العمليات الإنتحارية بين المدنيين من الإسرائيليين و المستوطنيين، كانوا يستنكرون عندما يطلق على هذه العمليات "عمليات انتحارية"، كانو لا يرضون إلا بتسميتها "عملية استشهادية أو فدائية"، أنا لا أقول هذا الكلام دفاعا عن اليهود، بل لأن المسلمين هم أبرع من استخدم الدين لأسباب سياسية، يضحكون على الناس إذهب و فجر نفسك و ستذهب للجنة، حتى لو في سوق أو حافلة أو مطعم به يهود .. اليوم صاروا يستخدمون ضدم بعضهم البعض.

    • زائر 9 | منذ 11 عامًا

      غبااااء

      الى نار جهنم وبئس المصير

    • زائر 8 | منذ 11 عامًا

      الى الجحيم

      لا الدنيا ولا الآخره ،،، الى الجحيم ،،،

    • زائر 7 | منذ 11 عامًا

      ضعف

      مشكلة إلانسان ينتحك علية بكل سهوله لهذة الدرجة من الغباء و السذاجة او هذا الشخص جاهل او ضعيف الإيمان ليفجر نفسة وقتل أبرياء ليذهب الي الجنة

    • زائر 6 | منذ 11 عامًا

      ياسبحان الله

      ياسبحان الله ... وقد بدات تظهر عليه مظاهر التطرف من خلال تواجده اليومي في المساجد؟؟ ومن متى صارت المواظبه ع المساجد من التطرف ياوسط؟ حتى وان نقلتم عن صحيقه ثانيه لا احد يعفيكم عن المسؤلية

    • زائر 5 | منذ 11 عامًا

      الجميع شوهوا صورة الاسلام

      الزائر رقم 1 فعلا فكر ديني واحد بكل طوائف دينا الاسلامي سنه وشيعه وووو الفرق ان السني انتحاري والشيعي يكون عصابات الموت ويقتل في جنح الظلام نفس ماهو حاصل في العراق مع اختلاف اساليب القتل فمنها الدريل وووو ا حموا عقولنا من تحميل دين اسلام وامة محمد افعالكم ايه الشاذون من كل الطوائف نحن دين رحمة ومحبه وتسامح

    • آذار زائر 5 | منذ 11 عامًا

      !!!

      لنكن صريحين ، هذا الانتحاري اللبناني عو نتاج مساندة حزب الله لتظام بشار في حربه ضد الشعب السوري

    • زائر 4 | منذ 11 عامًا

      حزب إيران دفع سنة لبنان المعروفين بالإعتدال نحو التطرف و القادم أعظم

      الأيام القادمة لحزب إيران في لبنان لن تكون بالهينة.

    • زائر 3 | منذ 11 عامًا

      المغاده الى جهنم

      جهنم تنتظرهم للغذاء والعشاء ولادين وأسلام لهم أبناء البغايا

    • زائر 1 | منذ 11 عامًا

      االتربية الدينية تفرخ ارهابيين

      جميع الانتحاريين ينتمون عقائديا الى فكر ديني واحد قسم المجتمع الانساني الى فسطاطين مؤمن و كافر و غير معيار الايمان و شروطه من مجرد التلفظ بالشهادتين كما حددها الرسول الى اشتراط توافقه مع رؤية امراء و مشايخ هذا الفكر . التكفير يعني وجوب القتل . اننا امام فكر خطير تغلغل في وجدان المجتمعات المسلمة و تمكن متها فحتى غير التكفيري صار متأثر به و مستوطن الفكر في عقله الغائر يظهر في احاين الغضب

اقرأ ايضاً