العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ

ضياء الكعبي: الحكاية البحرينية ليست معزولة

في محاضرة بمركز كانو الثقافي

استضاف مركز كانو الثقافي الباحثة ضياء الكعبي في محاضرة بعنوان «الحكاية الشعبية البحرينية بين المتخيل السردي والنسق الثقافي»، حيث نوهت بجهود الباحثين في جمع الحكاية الشعبية، ثم عرفت بمصطلحات الحكاية الشعبية وتداخل استخداماتها في المنطقة، وقدمت حكاية سندريلا كنموذج لتأثرها بالمتخيل والأنساق الثقافية بحسب المنطقة التي تروى فيها.

وأكدت الباحثة أهمية جمع وتدوين الحكاية الشعبية التي تعكس تعدد المجتمع البحريني، وتنوع مشاربه وثراء آيته البحرية والصحراوية والزراعية التي تصب في ثقافته الشعبية وتغنيها. واستحضرت جهود الباحثين في تدوين الحكاية الشعبية مثل بروين نوري في الثمانينات التي لم ير جهدها النور في كتاب مطبوع حتى الآن، وجعفر فؤاد الخور في كتاب «حكايات شعبية من البحرين»، ويوسف أحمد النشابة في «الحكايات الشعبية التراثية في مملكة البحرين»، وأنيسة فخرو في «حزاوي أمي شيخة»، وعبدالعزيز صويلح في «ديك الفريج»، وجمع الشيخ الناصري، ونماذج من الطلبة الذين يدرسون مقرر الثقافة الشعبية بجامعة البحرين تتجاوز جهودهم من التدوين إلى إنجاز بحوث تشتغل على تحليل الحكاية الشعبية ودراستها.

تداخل مصطلحات الحكاية

وأشارت الكعبي إلى أهمية التعريف بمصطلحات الحكاية الشعبية كالأسطورة، والخرافة، والخبيرة، حيث إنها تستخدم بطريقة متداخلة في البحرين والخليج، فالأسطورة تحاول الإجابة عن أسئلة كبرى متعلقة بالكون ومصير الإنسان، وبعض الأساطير لها أساس واقعي لكنها خضعت لمتراكم تاريخي جعلها بعيدة عن الواقع كأسطورة أوديب الذي له وجود حقيقي، ثم خضعت حوادث حياته إلى تراكمات المتخيل بما أبعدها عن الواقع والتاريخ الحقيقي، أما مصطلح الحكاية الشعبية فحوادثها بسيطة ومن واقع الحياة كالعلاقة بين الأزواج والكيد، وتتداخل مع بعض «السوالف» وتخضع للعجائبية بوجود ثيمة السحر والجان والتحول من حالة لأخرى، أما مصطلح «السبحونة» ففيها حوادث خارقة ترتبط بالعجائبية، ولاحظت استخدام بعض الجامعين لمصطلح «لحزاية» والسالفة والخرافات أو «خرفينة» بمعنى خرافة في الصيغة البحرينية وهي ما يتناول العوالم الخفية، وفي جنوب المملكة مصطلح «رويّة» أو «الخبيرة» وهي حكاية أبطالها من البشر وتحمل في طياتها فكرة أو حكمة.

والحكاية الشعبية يرويها الرجل والمرأة، ولكن جرت العادة على أن يكون راوي الخرفينات أو الخباير أنثى كونها الوريثة الشرعية لشهرزاد، بخلاف «السيرة الشعبية» وهي حكايات بطولية يرويها الرجال في مجالس الحكي التي تكاد تكون مقتصرة عليهم.

تشابه الحكايات الشعبية

وبررت الكعبي اختيارها عنوان «المتخيل السردي والنسق الثقافي» لمعالجة الحكاية الشعبية بأنه توجد مقاربة سردية داخلية جمالية، ومقاربة ثقافية، والجمالي لا ينفي الثقافي وكذلك العكس، فمن الأمور المتعلقة بالمجال الثقافي تشابه الحكايات في أكثر من مكان، فالحكاية البحرينية ليست معزولة عن محيطها العربي ولا العالمي، وذلك مرده إلى ما يسمى بالاستعارة أو النظرية الشرقية والتي تذهب إلى أن الحكايات تتشابه من مكان إلى آخر ليس لتشابه العقل البشري، بل بحسب نظرية الاستعارة نتيجة الاتصال التجاري، والحضارة، ويوصف الشرق بأنه مستودع الحكايات والهند بالتحديد، وهذه النظرية تحاول أن تتبين الصلات التاريخية والثقافية القائمة بين مجموعة من الحكايات، وهناك تركيز على اليهود والعرب والدور الكبير الذي قاموا به في نقل الحكايات من الشرق إلى الغرب عن طريق مجموعة من المعابر.

سندريلا عابرة للزمان والمكان

وساقت الباحثة للتدليل على تشابه الحكايات الشعبية قصة سندريلا العالمية الموجود في الخليج باسم «فسيكرة»، وعمتي حمدة والتنور، وفي تونس باسم «فرط الرمان» أو فتاة الرماد للأخوين جريم، وفي مصر بحسب الباحثة نبيلة إبراهيم في كتابها عن عالمية التعبير الشعبي نجد لها أكثر من رواية أقدمها سندريلا الفرعونية أو رودوبوس والحذاء الزجاجية الصغيرة، حيث تبرز سندريلا كأشهر الخيالات العالمية في قصص الأطفال وتظهر فيها عناصر الظلم والإجحاف وبالمقابل ذلك مكافأة المظلوم المنتصر، وتذكر في التاريخ الإغريقي «سترابن» قصة عن خادمة مصرية هي من أصل يوناني تدعى ردوبودوبس تخلفت عن حفل أحمس الثاني بسبب قيامها بعمل الخادمات، إلى آخر القصة حيث نسيت حذاءها وطلب الملك من نساء رعيته تجربة الحذاء، وكانت هي الوحيدة التي ناسبها الحذاء فوقع الملك بغرامها فتزوجها وهناك إشارات إلى أنها ربما تعود إلى إيسوب المشهور بتأليف الحكايات الخيالية.

سندريلا من الفقر للغنى

وأضافت أن الحكايات المتعلقة بسندريلا في العالم كله تزيد على 200 حكاية شعبية تتشابه وتختلف في بعض التفصيلات فسندريلا خضعت لأكثر من رواية، مثل عمتي حمدة والتنور، وفي قطر «حمدة وفسيجرة» وفي السعودية عند عبدالكريم جهيمان سالفة «القطية» وسندريلا عنده اسمها زينب والتي ربما نقلها عن راوٍ مثقف عن أصلها الشفاهي مع اختلاف بعض التفصيلات وفي جمع لإحدى طالباتي عنونتها بحكاية «الصافية» عن الفتاة اليتيمة التي تزوّج أبوها وتنتهي الحكاية بانتصار هذه الفتاة وزاوجها من رجل من أغنى الرجال وفي بعض الأحيان من الأمير أو الحاكم، نلاحظ احتفاء قصة سندريلا بأنها فتاة فقيرة وتكون مكافأة هذه الفتاة الفقيرة بالزواج من رجل كبير المقام حتى تنتقل من الطبقة التي كانت فيها إلى طبقة أعلى بالزواج وتصبح أميرة.

العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً