العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ

الرحيل المر

في ذكرى عبدالرحمن منيف

نعيش في ذلك العالم ونبحث عن «إلياس نخلة» وعن «منصور عبدالسلام» وعن «رجب» و «طالع» وعن «متعب الهذال» و «شمران» وعن الكثير الكثير من الشخصيات التي عشنا معها في رواياتك بين تلك المسافات الطويلة، وبين «الآن هنا» وبين «عالم بلا خرائط» و «أرض السواد». نحكي لأطفالنا عن تلك القصص وكأننا نحدثهم عمّا يحدث اليوم. يتساءلون: أهي قصص قديمة؟ وكأنهم يريدون أن يقولوا القول نفسه الذي قلناه في ذلك الزمن عندما قرأناك!

تلك الروايات، نعم، هي تحدثنا عن ذلك الهم الذي لايزال موجوداً، وعن واقعنا في الأمس والآن. قصص ليست مثل غيرها، وأبطال ليسوا هم أبطال من الخيال كما تعودنا أن نقرأ في بعض القصص. إنها من نسج الخيال لأنهم أبطال نتكلم معهم، ونصغي إليهم، ونحس بأرواحهم، ونستشعرهم وهم يغلون من الخوف علينا، وينيرون لنا الطريق كي لا نقع في الأخطاء نفسها.

عالم ينطبق عليه ما صاغه الروائي اسماً إلى تلك الرواية «عالم بلا خرائط» الذي كتبها مع صديقه الروائي والشاعر والرسام جبرا إبراهيم جبرا. نعم نحن مازلنا عالماً بلا خرائط. ولايزال البحث عن مواصفات الخارطة التي نقيم فيها مفقوداً. فمنذ عشرة سنوات ونحن نبحث عن أبطال حقيقيين، أبطال ليس من نسج الخيال، أبطال يلمسوننا مثل أبطالك يا «متعب الهذال». أبطال نسكن معهم عالم الحقيقة، ويقولون لنا كيف نتصرف، ويعلموننا كيف نصرخ في وجه ذلك الواقع المر، ونستشرف منهم مستقبلنا كي نعيش على ذلك الأمل كما قال صديقك سعد الله ونّوس: «نحن محكومون بالأمل».

منذ أن غبت عنا انقطع الخيط الذي كان يربطنا بذلك الأمل. رحمك الله يا عبدالرحمن منيف، كنت على رغم آلامك، والكثير من واقعك المر تكسّر وتحطّم لنا بعض الحواجز. منيف اسم سيبقى على رغم مرور كل السنوات، وسنتذكره في كل يوم، وفي كل شهر، وفي كل سنة بسبب هؤلاء الأبطال الذين عاشوا فينا وعشنا فيهم.

العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً