العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ

القطان: الشائعات المغرضة والحملات الإعلامية المحمومة لها دوافع مشينة ضد أمن الأوطان واستقرارها

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

رأى إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، أن الشائعات المغرضة، التي تبث عبر المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي، والحملات الإعلامية «المحمومة»، تحمل دوافع مشينة ضد عقيدة الأمة ومثلها، وضد أمن الأوطان واستقرارها.

وفي خطبته يوم أمس الجمعة (24 يناير/ كانون الثاني 2014)، شدد القطان على الدور الكبير للبيت والمسجد في والأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، في المحافظة على سلامة المجتمع من شرورها وأخطارها، بدءاً بالوعي وتقوية الوازع الإيماني وتبيين الحقائق ونشرها، وعدم التساهل في نقل الكلام وبث الأنباء، ولاسيما في أوقات الأحداث والأزمات، وعدم التهويل والإثارة في التعليقات، والمبالغة في التحليلات المشبوهة، وإيجاد صيغة علمية وآلية عملية للحوار الحضاري، والموقف السليم في الأحداث والمتغيرات، واختلاف الظروف والمستجدات، بإخلاص وصدق وشفافية، من دون تزييف أو التواء.

وقال: «إن الشائعات تتطور بتطور العصور، ويمثّل عصرنا الحاضر عصراً ذهبياً لرواج الشائعات المغرضة، وما ذاك إلا لتطوّر التقانات، وكثرة وسائل الاتصالات، التي مثلت العالم قرية كونية واحدة، فآلاف الوسائل الإعلامية، والقنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية والمواقع والمنتديات إلى ما يسمى (بالفيسبوك والتويتر والواتس آب) كلها على رغم مساهمتها في الخير إلا أن كثيراً منها يتولّى كِبرَ نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية المحمومة، في صورة من أبشع صور الإرهاب النفسي والتحطيم المعنوي، له دوافعه المشينة، وأغراضه المشبوهة، ضد عقيدة الأمة ومُثلها، وثوابتها وقيمها، وضد أمن الأوطان واستقرارها، والتحريض على ولاة أمورها، وتشويه منجزاتها ومكتسباتها».

ووصف الشائعات والحملات الإعلامية المحمومة، بأنها «ألغام معنوية، وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة، تفعل أفاعيلها الخبيثة، وتفعل في غرضها ما لا يفعله العدوّ بمخابراته وطابوره الخامس، مركّزة على شائعات الفوضى والفساد والخوف، وإثارة القلق والفزع والرعب والحروب والتخريب والتفجير، وزرع بذور الفتنة الطائفية، وإثارة البلبلة بين الناس، ولاسيما في أوقات الأحداث والأزمات، يوافق ذلك فراغ عند المتلقي وفضول، وبطالة وخمول، فتسري الشائعة في الناس مسرى الهواء، وتهيج فيهم هيجان البحر المتلاطم». وذكر أن خطورة تلك الشائعات والحملات تكمن في أنها «سلاح جنوده مغفّلون أغرار، سحرتهم الشائعات ببريقها الخادع، فأصبحوا يرددونها كالبَّبغاوات من دون أن يدركوا أنهم أدوات يُستخدمون لمصالح أعدائهم، وهم لا يشعرون».

وتساءل: «كم كان للشائعات آثارها السلبية على الرأي العام، وصنّاع القرار في العالم، وكم كانت سبباً في أن يصرف الأعداء جبهة الأمة الداخلية عن مشكلاتها الحقيقية لإغراقها في مشكلات مفتعلة، علاوة على تمزيق الوحدة الإسلامية (والوطنية)، والعمل على تفتيت الجبهة الداخلية؟».

واعتبر أن «الشائعات جريمة ضد الوطن وأمن المجتمع، وصاحبها خائن مجرم في حق دينه ومجتمعه وأمته ووطنه، مثيرٌ للاضطراب والفوضى في الأمة، وقد يكون شراً من مروّج المخدرات، فكلاهما يستهدف الإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى... والأمة مطالبة كلٌ في مجاله للقضاء على هذه الظاهرة التي لها آثارها المدمرة ضد أمن الأمة واستقرار المجتمع والوطن».

وأضاف «منذ أن خلق الله الخليقة وُجد الصراع بين القوى، صراعٌ يستهدف أعماق الإنسانية، ويؤثر في كيان البشرية، وإذا كانت الحروب والأزمات والأحداث والكوارث والنكبات تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حرباً سافرة مستترة تتوالد على ضفاف الحوادث والملِمَّات، وتتكاثر زمن الفتن والتقلبات والمتغيّرات، وهي أشدّ ضراوة وأقوى فتكاً، لأنها تستهدف الإنسان من حيث عُمقُه وعطاؤه، وقيمُه ونماؤه».

وتابع «أتدرون ما هي هذه الحرب القذرة؟! إنها حرب الشائعات، وكفى بها من حرب خطيرة ومدمرة... الشائعات من أخطر الحروب المعنوية، والأوبئة النفسية، بل من أشد الأسلحة تدميراً، وأعظمها وقعاً وتأثيراً، وليس من المبالغة في شيء إذا عُدَّت ظاهرة اجتماعية عالمية، لها خطورتها البالغة على المجتمعات البشرية، وأنها جديرة بالتشخيص والعلاج، وحريةٌ بالتصدي والاهتمام لاستئصالها والتحذير منها، والتكاتف للقضاء على أسبابها وبواعثها، حتى لا تقضي على الروح المعنوية في الأمة، التي هي عماد نجاح الأفراد، وأساس أمن واستقرار الأوطان والمجتمعات، وركيزة بناء أمجاد الشعوب والحضارات».

وأشار إلى أن «المستقرئ للتأريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت حيث وُجد الإنسان، بل إنها عاشت وتكاثرت في أحضان كل الحضارات، ومنذ فجر التأريخ والشائعة تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري لكل الشعوب والبيئات... ولما جاء الإسلام اتخذ الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها لما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه، وسلامة لُحْمته، والحفاظ على بيضته، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكاً مرذولاً، منافياً للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمثل العليا، التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء، والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء»، متسائلاً: «وهل الشائعة إلا نسف لتلك القيم؟! ومعول هدم لهذه المثُل؟!».

وأردف «إذا كان في دنيا النبات طفيليات تلتفُّ حول النبتة الصالحة، لتفسد نموّها، فإن الشائعات ومروّجيها أشدُّ وأنكى، لما يقومون به من خلخلة البُنى التحتية للمجتمع، وتقويض أركانه، وتصديع بنيانه، فكم تجنّوا على أبرياء؟! وأشعلوا نار الفتنة بين الأصفياء؟! وكم نالوا من علماء وعظماء وقادة ورموز دينية ووطنية ؟! وكم هدّمت الشائعة من وشائج؟! وتسبّبت في جرائم؟! وفككت من أواصر وعلاقات؟! وحطّمت من أمجاد وحضارات؟! وكم دمّرت من أسر وبيوت؟! وأهلكت من حواضر ومجتمعات؟! بل لرب شائعة أثارت فتناً وبلايا، وحروباً ورزايا، وأذكت نار حروب عالمية، وأججت أوار معارك دولية، وإن الحرب أوّلها كلام، ورب كلمة سوء ماتت في مهدها، ورب مقالة شرّ أشعلت فتناً، لأن حاقداً ضخّمها ونفخ فيها».

كما وصف القطان مروّج الشائعة بأنه «لئيم الطبع، دنيء الهمة، مريض النفس، منحرف التفكير، صفيق الوجه، عديم المروءة، ضعيف الديانة، يتقاطر خسَّة ودناءة، قد ترسّب الغلّ في أحشائه، فلا يستريح حتى يزبد ويُرغي، ويفسد ويؤذي، فتانٌ فتاكٌ، ساع في الأرض بالفساد، يجرُ الفتن والمحن ويتآمر على البلاد والعباد».

وواصل في وصفه لمروج الشائعة، بقوله: «إنه عضو مسموم، ذو تجاسر مذموم، وبذاء محموم، يسري سريان النار في الهشيم، يتلوّن كالحرباء، وينفث سمومه كالحية الرقطاء، ديدنه الإفساد والهمز، وسلوكه الشر واللمز، وعادته الخبث والغمز، لا يفتأ إثارة وتشويشاً وتحريضاً، ولا ينفك كذباً وتحريشاً، ولا يبرح تقوّلاً وتهويشاً، فكم حصلت وحصلت من جناية على المؤهلين الأكفاء بسبب شائعة دعيٍّ مأفون، ذي لسان شرير، وقلم أجير، في سوء نية، وخبث طوية، وهذا سرّ النزيف الدائم في جسد الأمة الإسلامية».

وأفاد بأنه «منذ فجر التأريخ والشائعات تنشب مخالبها في جسد العالم كله، ولاسيما في أهل الإسلام، يروّجها ضعاف النفوس والمغرضون من أعداء الديانة، ويتولى أعداء الإسلام عبر التأريخ - ولاسيما قتلة الأنبياء ونقضة العهود - يتولون كبر الشائعات، بغيةَ هدم صرح الدعوة الإسلامية، والنيل من أصحابها، والتشكيك فيها، ولم يسلم من شائعاتهم حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، فقد تعرّضوا لحملة من الافتراءات، والأراجيف ضد رسالتهم، تظهر حيناً، وتحت جُنح الظلام أحياناً».

ونوّه إلى أن «المجتمع الإسلامي يصطلي بنار تلك الفرية، ويتعذّب ضميره، وتعصره الشائعة الهوجاء عصراً، ولولا عناية الله لعصفت بالأخضر واليابس، حتى تدخّل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة الفظيعة، ويرسم المنهج للمسلمين عبر العصور للواجب اتخاذه عند حلول الشائعات المغرضة».

العدد 4158 - الجمعة 24 يناير 2014م الموافق 23 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:37 ص

      اى

      اى واحد يتكلم عن الحق اتهمتونه باشاعات مغرضة وهدم المساجد ماحرك ساكن فيك ولا استنكرت هاده العمل المشين قول كلمة الحق او اسكت المشتكى لله

اقرأ ايضاً