شاءت الإرادة الآلهية أن تستوطن أمراض وراثية معينة بلداناً ومناطق محددة ويبقى العلم والمعرفة الطبية في بحث دؤوب في تحديد جذور وكوامن تلك الأمراض ومسبباتها وصولاً إلى خطط علاجية، جذرية إن أمكن.
من الأمراض الوراثية التي استوطنت مملكتنا والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، مرض فقر الدم المنجلي، وهو مرض وراثي يصيب خلايا الدم الحمراء محدثاً تغييرات شكلية ووظيفية مهمة تؤدي إلى التقليل من كفاءة حمل وإيصال الأكسجين والتروية الدموية إلى أعضاء الجسم كافة، وينتج عن تلك التحويرات في شكل كريات الدم الحمراء اتخاذها شكل المنجل.
لدينا عدد ليس بالقليل من المرضى المصابين والحاملين لمرض فقر الدم المنجلي، يقدر بالآلاف، وهذا ما استوجب من مؤسساتنا الصحية تسخير الكثير من الجهود والموارد في سبيل التخفيف من نوبات المرض وتجنب حدوث مضاعفاته وعلاجها. لكن كما هو الحال دوماً تبدأ رحلة العلاج والوقاية من المريض نفسه سواءً كان مصاباً بالمرض أو حاملاً له.
فقبل كل شيء هناك رعاية شخصية يجب على المريض بذلها في الحفاظ على صحته العامة والابتعاد عن محثثات نوبات المرض من تجنب المجهود العضلي الشديد والاهتمام بتناول السوائل والغذاء الجيد وعلاج مسببات ارتفاع درجات الحرارة وارتداء اللباس المناسب وخاصة في أيام الشتاء وانخفاض درجات الحرارة.
إن موارد الرعاية الصحية لدينا على تفاوت مستوياتها، من أولية مثل شبكة المركز الصحية المنتشرة إلى تغطية المناطق كافة، أو ثانوية كالمستشفيات والمراكز المتخصصة، تمت تهيئتها اجمالاً لمباشرة وتقديم الرعاية الصحية المناسبة طبقاً لنوعية وشدة نوبات مرضى فقر الدم المنجلي، وسواءً لجأ المريض بمحض اختياره الى أيٍّ من هذه المراكز أو المستشفيات بديهيّاً فإنه سيحصل حقّاً على رعاية صممت لتفي بقدر مناسب من الكفاءة والمهنية والجودة، ولا بد هنا من أن أشير الى أن التفاوت في التعاطي وبذل الرعاية الصحية لهذه الشريحة من المرضى، أمر وارد نشهده باستمرار، لكنه لا يخرج بالضرورة عن نطاق التفاوت الطبيعي في تقديم الرعاية ليس فقط لمرضى فقر الدم المنجلي وانما يمكن اسقاطه على جميع الأمراض الأخرى، ونشد هنا على سواعد زملائنا من أطباء وممرضات وممرضين لبذل المزيد من الرعاية والتقليل قدر الامكان من ذلك التفاوت حتى نصل إلى المضي بمعيار رفيع من الرعاية والعلاج.
من المخطط أن تشهد الأسابيع المقبلة ولادة صرح جديد ولبنة مهمة في رعاية ليس فقط مرضى فقر الدم المنجلي، وانما يشمل أمراض الدم الوراثية الأخرى، وهذا ما ذهبت اليه رؤى حكومية رشيدة وترجمته واقعاً موارد كبيرة وضعت لتفي باحتياجات مرضانا المصابين بهذا المرض، وحتماً سيكون هذا الصرح بداية يمكن من خلالها اطلاق برنامج وطني يعنى بأمراض الدم في نهج علمي يجعل من المريض محوره الأساس ويساهم في اشراكه في الوقاية والعلاج، متى ما وضعت الآليات المناسبة والموارد للوصول الى أهداف الخطة الاستراتيجية للصحة العامة لمملكتنا الحبيبة بشكل عام، وخدمة لفئة من المرضى لطالما عانت من ويلات المرض ولاتزال، لكنها، وكما هو الحال للمرضى الاخرين، دوماً يستحقون رعاية وعناية مثلى.
وهنا أهمس، لا بل أقولها مدوية، لنشحذ الهمم ليسجل لنا العام 2014، وهو العام الذي سيشهد تدشين مركز علاج أمراض الدم الوراثية، انطلاقة برنامج وطني متكامل لرعاية المرضى المصابين بأمراض الدم الوراثية، لا يبدأ بمرحلة تشخيص المرض مخبريّاً بل ينطلق من مسح واستقصاء علمي وإحصائي دقيق في تبيان واستجلاء عوامل الخطر للإصابة بهذه الأمراض كافة ومن ثم رسم السياسات الصحية للتعاطي معها قبل أن نشهد تسجيل حالة اصابة جديدة، فنحن دوما نقول، وسنظل، الوقاية خير من العلاج.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"العدد 4157 - الخميس 23 يناير 2014م الموافق 22 ربيع الاول 1435هـ
مريض
اعتقد ان في ضربة من وزارة الصحة إلى مرضى السكلر .. فهؤلاء لا يكتبون في الصحف والمجلات عبث يغطي عيونه ويضربك ويقول ما شفتك
ماذا بعد
حتى وان تم افتتاح هذا الصرح ماذا بعد الافتتاح .. نحن نعاني من قلة الكوادر المؤهلة والمدربة للتعامل مع مرض فقر الدم المنجلي . ولا اري ان هناك توجه من وزارة الصحة لابتعاث الاطباء لتخصص في هذا المجال ...