أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 2014 «السنة الدولية للزراعة العائلية»، بهدف إعادة هذه الزراعة إلى صلب السياسات الزراعية والبيئية والاجتماعية. وتتولى منظمة الأغذية والزراعة (فاو) تسهيل تنفيذ فعاليات هذه السنة الدولية بالتعاون مع الحكومات ووكالات التنمية الدولية وجمعيات المزارعين والمنظمات غير الحكومية.
والزراعة العائلية نظام في الإنتاج الزراعي تديره وتشغله عائلة برجالها ونسائها وأولادها. ويقدّر أن 70 في المئة من الإنتاج الغذائي العالمي يوفره مزارعون عائليون، وأن 40 في المئة من الأسر في العالم تعتمد على الزراعة العائلية. ويقول خبراء إن الزراعة العائلية أفعل بمقدار الضعفين من قطاعات إنتاج أخرى في مكافحة الفقر، ولها امكانات كبيرة في حماية التنوع البيولوجي، خصوصاً بالحفاظ على الأنواع المحلية من نباتات وحيوانات. وتساهم النساء بنحو 50 في المئة من قوة العمل الزراعي في المزارع العائلية في البلدان النامية
يمكن ممارسة الزراعة العائلية في معظم مناطق العالم حيث تستخدم الموارد المحلية بشكل عقلاني. حتى في المناطق الصحراوية يمكن مزاولة أنواع معينة من الزراعة العائلية، بما في ذلك الزراعة الرعوية وتربية الأسماك في حال توافر المياه العذبة أو الممولحة.
الحد من هجرة الأرياف
في مساعي تخفيض الهجرة من الأرياف إلى المدن، تجدر حماية المزارع العائلية كأساس للمجتمع الريفي والاستقرار الاجتماعي. على الحكومات ووكالات التنمية والتمويل الدولية دعم جميع أنواع الزراعة العائلية، بما في ذلك الهندسة الزراعية والبستنة وزراعة الغابات وتربية الأسماك وتربية النحل، فضلاً عن النباتات والحيوانات التقليدية.
الزراعة العضوية
الاستغناء عن المواد الكيميائية الزراعية يتيح إنتاج محاصيل عالية الجودة تساهم إيجابياً في صحة المستهلكين وفي تعزيز التنوع البيولوجي والحفاظ على المحاصيل المحلية. وقد باتت للمحاصيل العضوية سوق رائجة، ويمكن أن تغلّ على المزارع جيداً إذا أحسن تدبيرها. وتمارس الزراعة العضوية في أي مكان، في حدائق المنازل وفي الحقول.
حدائق السطوح في المدن
حتى في المدن المكتظة بالسكان يمكن ممارسة الزراعة على سطوح المباني، بحيث توفر غذاءً ودخلاً للعائلات الفقيرة.
ويمكن استعمال براميل بلاستيكية (PVC) سعة 100 الى 200 ليتر للغرس، تُفتح ثقوب في جوانبها الخارجية، وتُملأ بتراب خصب، ثم تغرس أنواع النباتات في الثقوب، وتروى بواسطة نظام تنقيط. ويمكن بهذه الطريقة غرس ثلاثة إلى أربعة أضعاف عدد النباتات في كل وحدة مساحة مقارنة بالزراعة التقليدية في الحقول. على سبيل المثال، يمكن غرس 150 نبتة مثل الخس والفراولة والطماطم وسواها في كل متر مربع من سطح المبنى. وإذا لم تتوافر سطوح للزراعة، يمكن استخدام جدران الشرفات لغرس النباتات في أوعية. وتسمّد الأتربة بالكومبوست (سماد طبيعي) الذي يتم إنتاجه من مخلفات المواد العضوية المتولدة في المطابخ. هذا التسميد يخفض كمية النفايات الصلبة في المنازل بنسبة قد تزيد على 50 في المئة. ولا شك في أن بستنة السطوح تحسّن نوعية الهواء والبيئة المحلية.
الحفاظ على الخبرة
الخبرة هي أهم الأصول الزراعية العائلية التي تحتاج إلى حماية هذه الأيام. وتتم خسارتها نتيجة هجرة المزارعين العائليين من الأرياف الى المدن، بسبب ارتفاع تكاليف المواد والمتطلبات الزراعية وصعوبة الوصول إلى الأسواق. والخبرة لا يمكن شراؤها، بل يجب الحفاظ عليها ونقلها من الجيل القديم إلى المزارعين الشباب. على المجتمع العصري أن يحرص على نقل المعرفة في إدارة المزارع العائلية والصغيرة.
التطوع في المزارع
يخطط كثير من الناس لقضاء إجازاتهم السنوية في سياحة خارجية أو داخلية، لكن البعض لا يقدرون على ذلك. ثمة وسيلة رائعة للاستراحة من الازدحام والضجيج، وتوفير المال، وجعل الأطفال والبالغين في تماسّ مع الزراعة والطبيعة. هذه «السياحة» التي بدأت تتنامى في بلدان كثيرة هي الإقامة في مزارع، حيث يتاح للأفراد والعائلات دعم المزارعين الصغار بشكل مباشر.
يمضي «السياح» أياماً أو أسابيع في ضيافة إحدى العائلات الزراعية، يساعدونها في العمل في مقابل الوجبات والاقامة. وهذا مربح لكلا الطرفين، خصوصاً لشباب المدن الذين تتاح لهم تجربة العيش في أحضان الطبيعة. الحكومات والمنظمات مدعوة إلى تشجيع مثل هذه السياحة الزراعية في الأرياف.
وقت العمل
إن فورة الأغذية المصنعة والاندفاع نحو الزراعات الوحيدة المحصول ذات المردود العالي يؤديان الى تدهور التربة واستنزاف المياه، بل لهما تأثير سلبي على الصحة.
يمكننا جميعاً المساهمة في دعم نظم الزراعة العائلية. من يملك أرضاً فليزرعها خضاراً وأشجاراً مثمرة. ومن لا يزرع فليدعم المزارع العائلية الصغيرة بشراء منتجاتها.
العدد 4157 - الخميس 23 يناير 2014م الموافق 22 ربيع الاول 1435هـ