«اللي ماله أول ماله تالي»، من هذا المنطلق يسعى بعض الأفراد المهتمين بالتاريخ والتراث إلى البحث والتقصي والغوص داخل الوثائق والكتب التاريخية للوصول إلى تاريخ الأماكن والأشياء والأشخاص والأحداث.
هذا الغوص الذي يتطلب وقتاً وجهداً للوصول إلى المعلومة، ناهيك عن كتابتها وتدوينها ونشرها والبحث عن الصور التي تعززها... يعد جهداً لا يُستهان به، في وقت صار التاريخ البشري على محك التحريف أو النسيان أو الإنكار، خصوصاً أن أغلب هذه الجهود هي جهود فردية وبتمويل ذاتي تام.
إن ما يقوم به بعض أصحاب الحسابات في مواقع التواصل الإجتماعي التي تُعنى بتاريخ المناطق، هو في الواقع جهدٌ مقدّرٌ ومشكور، كحساب البلاد القديم والدراز وذكريات المنامة وغيرها من الحسابات المنتشرة على شبكة الإنترنت، وهي تؤرّخ لتاريخ البحرين بحسب المنطقة، وتعنى بتاريخ شخوصها بشكل ملفت لذاكرة من عاشها ولخيال من يقرؤها في الوقت الحالي، ناهيك عن حسابات بعض الشخصيات الأخرى التي اهتمت بهذا الجانب حباً وشغفاً، وبدافع الشعور بالمسئولية تجاه تاريخ بلادنا الذي قد يُحَرَّف أو يندثر إن لم يجد من يدوّنه بكل صدق وأمانة، كحسابات مهدي النجار، وتوفيق الرياش، وتاريخ البحارنة الذي يقوم عليه الشيخ بشار العالي، وتاريخ البحرين الذي يقوم عليه عباس الجمري، وأصدقاء دلمون التي تعمل تحت مظلة جمعية تاريخ وآثار البحرين، وغيرها من الحسابات التي نقف إجلالاً لجهود أصحابها في الاهتمام بهذا الجانب التراثي والتاريخي العظيم لجزيرتنا ولأبنائها على امتداد العصور.
ولابد أن نشير إلى ما يقوم به موقع «سنوات الجريش» أيضاً، الذي يقوم عليه الزميل جاسم حسين بشكل تطوعي فردي، واعتبر مثالاً على هذا الاهتمام الذي لا يرتجى من ورائه ربحٌ ماديٌ ولا يسعى أصحابه إلى شهرة أو انتصار لجهة دون أخرى، فجهوده تقوم على توثيق الأحداث في شتى مناطق البحرين، وتوثيق الأماكن التراثية في كل المناطق. بل وتعدّى الأمر الأماكن والأحداث ليتناول بعض الشخصيات التي كانت بارزةً في منطقة ما في وقت ما، ومثّلت علامةً فارقةً في زمنها لجماعتها على الأقل.
وحين ذكر هذه الحسابات والمواقع لابد أن نذكر المتطوعين ممن يرسلون الصور والمعلومات حول أبسط الأشياء وأعظمها، من الذين لم يحرّكهم سوى حرصهم على تاريخ البلاد وشخوصها، فمثّلوا رافداً مهماً من الروافد التي تسقي هذه المواقف بالمادة الغنية.
كل هذه الجهود وما يتلوها من مناشدات يطلقها أصحاب هذه المواقع والحسابات بين فترة وأخرى حول بعض الأماكن التراثية التي تعاني خطر الاندثار أو النسيان، من غير أن تجد صدى رسمياً يُذكر، تجعلنا نتساءل عن الدور الرسمي للدولة في دعم هؤلاء الأفراد أو على الأقل في الاستجابة لنداءاتهم حين يستنجدون بأصحاب القرار من أجل حفظ موقع تراثي لا يجد من يسأل عنه وقد اعتُدى عليه الوقت بالضرر، كما حدث حين أطلق موقع سنوات الجريش نداءات حول «عين الحكيم» في قرية شهركان التي تعاني خطراً حقيقياً هي وما حولها من نخيل من غير أن تجد هذه النداءات صدى يذكر.
لكل هؤلاء المعروفين وغير المعروفين، ولغيرهم ممن لم تسعفني ذاكرتي بذكرهم نقول: شكراً لكم... فلولاكم لما عرفنا الكثير من تاريخ هذي الأرض وأهلها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4156 - الأربعاء 22 يناير 2014م الموافق 21 ربيع الاول 1435هـ
تحية
تحية للأخ جاسم حسين وكل المهتمين بهذا الجانب الحيوي المهم .. واشير إلى أنالإهمال
شكراً لك ولهم
يستحقون الاطراء