العدد 4151 - الجمعة 17 يناير 2014م الموافق 16 ربيع الاول 1435هـ

في معرض تركيبي بـ «البارح»... «ألفاء» تقدم «العالم يتحرك ثابتاً»

تصوير محمد المخرق
تصوير محمد المخرق

أنجزت مجموعة ألفاء معرضها الجديد «العالم يتحرك ثابتاً»، من خلال ثلاثة عشر عملاً تركيبياً، باحثة عن الجمال وتأويله فيما وراء المألوف، بأعمال ربما تراها عادية ومألوفة، لكن «ألفاء» عبر تغربيها لها واقتطاعها من الواقع وتقديمها تركيبياً، تقترح قراءة أخرى، فيها من الجمال الكثير.

شاركها مجموعة من الفنانين الطالعين الذين يعرضون أعمالهم لأول مرة. وافتتح المعرض في دار البارح للفن المعاصر، يوم السبت (4 يناير كانون الثاني الجاري)، واستمر أسبوعاً تداول فيه الفنانون أعمالهم بالنقاشات والإثراءات عبر جلسة فنية خصصوها لتلقي انطباعات الفنانين والأصدقاء والمهتمين الذين زاروا المعرض.

القميش: نحن نرى...

قدّم حسين القميش ثمان لوحات، خمس منها لوجوه معصوبة العيون المرسومة بالفحم، وثلاث خالية سوى من خلفية معتمة، وكأنه يقول: «لا أريكم إلا ما أرى»، فأنا أرسم عيونكم وأتحكم فيها، «بل أنا لا أريكم شيئاً، فإن اكتفيتم بما أريكم إياه، وألغيتم ذواتكم فإنكم لا ترون شيئاً».

هكذا تماماً كما اللوحة الفارغة، فنحن أمام صور فوتوغرافية لا ترينا إلا ما أراد الفنان. إذاً لابد من البحث عن بقية الصورة، والتي تقدِّم شيئاً لتغطي آخر، وهذا هو معنى التغطية، في صيغة نقدية يقدمها العمل.

الجميل أن الفنان عكس ذلك على نفسه، مشيراً إلى أنه «يتحدى ما يفرض عليه من أفكار، قبل أن يطلب من المشاهد أن يرى ويدرك الحقيقة».

في عمله الثاني ربط القميش مجموعة من صور الأطفال ببالونات علقها في السقف، وترك الأخرى في الأرض، ليحكي قصة الآمال التي تصعد بنا ونصعد بها للأعلى، بينما يبقى بعضها في الأرض كلما حدقنا للأسفل.

عبيد: كرسيٌ مظلم وسقف مفتوح

«غرفة معيشة، مبعثرة أشياؤها، في شكل عدائي وكأنها لا ترحب بك، نائية خارج الدار، مع كرسي مدرسي مسلطة عليه الأضواء»، هكذا يقدم إبراهيم عبيد «إدد»، تجربته عن تشكُّل هويته التي تتغير بمرور الزمن القاسي.

فمع الابتسامات الأولى والمناغاة الطفولية البريئة من الأبوين والأهل يبدأ الإنسان يشكل هويته، وتبدأ الهوية في التبدل والتحول مع اتساع بيئة الإنسان وانتقاله من البيت إلى المدرسة.

يحاول «إدد» رسم ملامح الهوية الطفولية مع دخوله للمدرسة وتصنيف الزملاء له عرقياً، واكتفى بأن وضع لهذه التجربة طاولة وكرسي مدرسي، ثم انتقل ليعيد تأثيث غرفة نومه بشكل مهترئ، فما عاد السرير سوى مجموعة من الأعمدة الحديدية، وما عاد الباب يتسع له، ولا عادت المرآة تستقبله، وحتى خزانته أصبحت تتوارى مقابلة الجدار، صادة بوجهها مخفية تفاصيله التي بات يستحي منها، ولم يعد فوق رأسه سقف يظلله من الشمس أو يحميه من المطر، لا شيء سوى السماء المفتوحة التي ربما تحمل أملاً.

العزي: وطني حقيبة

زهراء العزي العراقية الأصل في عملها «ليس بعد» تركت أمتعتها التي كتبت عليها وطن فوق كرسي مهمل، تنتظر المحطة القادمة، مسجلة على الجدار جدول الأماكن والسنوات التي اجتازتها من لندن إلى باريس إلى البحرين في سبيل العودة إلى وطنها العراق، الذي يبدو أن أوانه لم يحن، تاركة خانته بدون موعد محدد.

فنياً، يتخذ العمل صيغة سردية عبر مشهد مختزل لتجربتها في الحنين إلى المكان، وتحول حقيبتها إلى وطن إلى أن تحط رجلها على تراب تهواه وتنتسب له وتحن إليه.

الحسن: هل فات أوان الإصلاح؟

في عمل «بعد فوات الأوان» يستخدم ياسر الحسن ثمانية صحون، واحد سليم والأخرى مكسورة ومرممة، ولكل منها طريقة في الترميم. يلجأ لاختزال ما حوله من مجريات الأحداث اليومية والتجاذبات السياسية ليبين صعوبة الترميم بعد الكسر رغم محاولات العلاج، «اللي انكسر صعب يتصلح»، خصوصاً حينما يتعلق بالذات الجماعية أو الفردية، لكن يبقى ثمة أمل يبذره الفنان عبر السؤال عن سبب المشكلة، وهل فات الأوان للإصلاح؟

أريج: جروح على الجدار

أريج محمد قدمت عملين الأول أسمته «لكل مرة»، متناصة مع قصة الرجل الذي يحفر في الجدار خطاً غائراً عن كل مرة يتسبب له صديقه بألم، ليبين أن جروح النفس لا تتلاشى، إذ اتخذت جداراً ومثلت القصة من خلال جراحها، راسمة خطاً لكل ألم في صيغة تنفيسية عن الذات، داعية زوار المعرض لاحتذائها، ورسم جراحهم على الجدار.

عملها الثاني «دعني أفكر» اشتبكت فيه رموش العيون مع شعر الرأس في صورة جمالية، مطلقة للخيال، تاركة للفرشاة نسج عقدها بتلقائية إلى حيث يتوقف اللون، وتنتهي الخطوط ويبدأ المتلقي في التأويل.

أما ميثم المبارك فاستغرق في البحث عن الجمال المهمل في إعادة تشكيل الصدى بشكل متوازن ليبين أن ثمة جمال في المهمل الذي لا ننتبه له، لكنه يحمل قصصاً كثيرة.

فيما راح هشام توفيقي يلتقط مجموعة من المشاهد ويحاول هزهزة الصورة حتى تتلاشى وتبدو كالظلال، مقاوماً ما فيها من ثبات وتصلب لكشف ما وراءها من معنى، سعياً لإيقاظ الروح الجميلة التي تؤرق الأفكار المعلبة، حيث «يرى نفسه جزءاً من قوة روحانية».

ندى العرادي في عمل «لوحدك» اتخذت من الأرجوحة المقطوعة سبيلاً لتبين صعوبة ألا يتوازن الإنسان مع الآخرين، مؤكدة «لا نستطيع أن نزدهر في الحياة إذا لم نتشاركها مع الآخرين».

العدد 4151 - الجمعة 17 يناير 2014م الموافق 16 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:25 ص

      زائر

      معرض جميل ويحكي خبايا أنفُس عاشت بمحيطات تهميشية، او أجواء تمرد، تحية لهذا الشباب المبدع.

اقرأ ايضاً