العدد 4151 - الجمعة 17 يناير 2014م الموافق 16 ربيع الاول 1435هـ

مربع الكوفي... ليس مربعاً

عندما شاهد صديقي المصمم الفنّي محمد ناصر، التخطيطات الأولية للوحات «مربع الكوفي» للفنان الصديق عباس يوسف، قال: «في البدء حدثتني نفسي بأنّ هذه اللوحات يسيرة جداً فهي جمل ومربعات، وأنني أستطيع فعل ذلك. لكن وبعد تقليب كثير في اللوحات وجدت أنّ كل شيء محسوب بقدر لا أقوى عليه، وأنه لا يجيد ذلك إلاّ مَنْ ألف الخطّ العربي طويلاً ثقافة وممارسة».

الحدث الثاني على طاولة عباس يوسف، الذي لن يحصر عن الجالس معه شيئاً، وسوف يحدثه حتى عن أثر حضوره في مزاجه وفي مزاج لوحاته - حين رأيت لوحة الكوفي المربع الواحدة تتوالد وتنقسم وتتعدد وتتقلب حروفها، وتتداخل ثمّ تتفكك وتنفكّ عن بعضها البعض، وتتمدد أطوالها وتمتدّ وتقصر وتطول، فلم تستكن واحدة من هذه اللواحات حتى لحظة طباعتها.

سألته «متى تهدأ هذه الحروف؟ فيرد: لا أعرف. يقول أشياءً كثيرة فأغيب عنه، ثمّ فجأة يقول: «هذه اللوحة فيها شغل يا صديقي». وهذا يعني أنّها لن تهدأ سريعاً. يتصل بي ليخبرني أنّ لوحة ما قد صارت لوحات، وأنّ عليّ الحضور لمشاهدة المواليد الجديدة.

هل هذا هو الكوفي المربع فعلاً، الذي ظهر ونشأ في كوفة العراق؟ فالمربع ذو الأضلاع الأربعة المتساوية هو عماد هذا الخطّ ومنه جاءت التسمية، لكنّ هذه الاحتمالات غير الحصرية في تشكله تتجاوز مفهوم المربع المحصور نفسه.

من حادثة المصمم محمد ناصر وفي حضرة عباس يوسف، تبينّ لي أنّ المربع الكوفي ليس مربعاً. وأن حركة الحرف فيه مفتوحة على المساحة وعلى دفقات الخطّاط. فكل امتداد أو ارتداد هو الحركة حركة الحرف نفسه في نفس الخطّاط، وهو حركة تنفسه أيضاً. وأنّ كل شيء فيه مفتوح على خاطر الفنان ولحظات الخلق فيه. خذ لوحاتك يا صديقي فالانقسام الحيّ فيها لا يهدأ، وأنها ليست مربعة.

العدد 4151 - الجمعة 17 يناير 2014م الموافق 16 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:15 م

      تفصيل

      الخط الكوفى نتج من خلال دمج العناصر الفنية فى تشكيل زخرفة من الطوب المستعمل فى بناء الجدران. تطور هذا الخط عبر الزمان و إنتشر فى العالم الإسلامى و عموما يقع فى خمسة أنواع: البسيط، المورق، المزخرف (المزهر)، المعقود (المضّفر) و الكوفى الهندسى. أتمنى أن لا ينسى هذا الفن العظيم العريق.

اقرأ ايضاً