العدد 4150 - الخميس 16 يناير 2014م الموافق 15 ربيع الاول 1435هـ

فعاليات وطنية تحمِّل جميع الأطراف المحلية مسئولية نبذ الكراهية

طالبت بتعريف لها بعيد عن «المزاجية» أو «المآرب السياسية»

المشاركون في ندوة «وعد»: محمد التاجر، الشيخ مثيم السلمان، مقدم الندوة، عصمت الموسوي - تصوير محمد المخرق
المشاركون في ندوة «وعد»: محمد التاجر، الشيخ مثيم السلمان، مقدم الندوة، عصمت الموسوي - تصوير محمد المخرق

حمّلت فعاليات وطنية جميع الأطراف المحلية مسئولية نبذ الكراهية الطائفية في المجتمع البحريني، مطالبة في الوقت نفسه باعتماد تعريف واضح للكراهية بموجب ما أقرته الأمم المتحدة وبعيد عن التعريف الذي يتم تحديده وفقاً لـ «المزاجية» أو «المآرب السياسية».

جاء ذلك خلال ندوة «التسامح ومناهضة الكراهية»، التي استضافتها جمعية «وعد»، مساء يوم الأربعاء الماضي (15 يناير/ كانون الثاني 2014).

وخلال الندوة، قالت الإعلامية عصمت الموسوي: «كل دولة شهدت حراكا سياسيا قسمت المجتمعات بين مؤيدين ومعارضين، وبالتالي فإن الكراهية نتيجة وليست سببا. وفي البحرين، الكراهية وعدم التسامح ستظل معنا للأسف طالما بقيت الأزمة السياسية مستمرة، ولاشك أن وثيقة اللاعنف ولا للكراهية من الأمور التي قد تسهم في تخفيف وطأة هذا الأمر».

وتطرقت الموسوي في كلمتها إلى أبرز مغذيات الأسباب للكراهية في البحرين، من بينها استمرار أمد الأزمة وانعدام الحوار الجدي في التعاطي معها خلال الفترة الماضية، وعنف الشارع الذي يقابله عنف التصدي للمتظاهرين، واستمرار وتيرة التجنيس، وتوظيف الأجانب على حساب أبناء الوطن.

وقالت: «عندما يقرأ المواطن إعلانات الوظائف في صحف هندية وباكستانية بينما هو عاطل، فإن ذلك يكون مبعثاً للكراهية. إضافة إلى الدوس على صور القيادات السياسية والدينية، وتحطيم المساجد نكاية بمرتاديها، وعدم محاسبة متجاوزي القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتطبيق القانون بانتقائية في هذا الشأن».

وأضافت قائلة: «الإعلام المحرض واستفادة الفئة المأزومة من الأحداث، وعدم تمكين برامج المصالحة الوطنية التي نحن بحاجة إليها، والتي كانت ضمن توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، هي أمور من شأنها أن تعمق الكراهية».

وانتقدت الموسوي في هذا السياق، دعوة الخبراء الأجانب للإشراف على فعاليات المصالحة الوطنية، والتي تقام في فنادق الدرجة الأولى، معلقة على ذلك بالقول: «من يصالح من؟، إن ذلك تسخيف لبرامج المصالحة».

كما انتقدت عدم قيام النخب الدينية بالتنديد بالأمور التي تحض على الكراهية، مشيرة في الوقت نفسه إلى البرامج التلفزيونية التي تتعرض للشخصيات وتسيء للبحرين كلها حكومة وشعبا، على حد قولها.

وأشارت إلى أن التعويل على المعالجات الأمنية للأزمة، والأحكام القضائية القاسية، ومن بينها محاكمة طفل بالسجن 10 سنوات أو سجن لاعب لمدة 27 عاما، ناهيك عن اتباع سياسة الإفلات من العقاب، هي أمور تغذي الكراهية، وخصوصاً في ظل عدم انجاز التسوية المدنية والتعويضات التي وُعد بها الضحايا وأهاليهم، وفقاً للموسوي.

كما اعتبرت انسحاب «الوفاق» من المجلس النيابي، وإفساح المجال لجهات لا تمثل الشعب لدخول المجلس، من بين الأمور التي أسهمت في تغذية الكراهية في المجتمع البحريني.

وختمت الموسوي حديثها بالقول: «قد لا ينفع إصدار الوثائق أو اللجان التي تندد بالكراهية، إن لم تحل هذه الأمور، إذ سنظل ندور في الحلقة ذاتها، طالما لا توجد جدية في علاج الأزمة».

أما المحامي محمد التاجر، فأكد ضرورة أن تتحمل كل الجهات بحسب إمكاناتها، مسئولياتها في الحديث عن الإصلاح.

وقال: «علينا أن نقدم المصالح العامة على الشخصية والحزبية الضيقة، وأن نستمر في تحقيق العدالة والتنمية على أن يستعيد الشعب حريته وحقوقه، وهذه مسئولية الجميع، بما فيها الجمعيات السياسية».

وأضاف: «هناك نواب وشوريون ووزراء وإعلاميون يمارسون التحريض ويهددون من يحرضون أو يتهمونه بالتحريض بحسب مقاساتهم، إضافة إلى المواقع الإلكترونية المحسوبة على الدولة، ونحو أكثر من 2000 حساب تابعة لموظفين رسميين، هدفها فقط الحض على الكراهية والشتم، بل ان عناوين بعض حساباتهم تأخذ نمطا طائفيا بحتا».

وتابع: «كما أن دعاوى القتل والكراهية موجودة حتى في بعض إعلانات الشوارع، مصبوغة بالدم وتحرض على القيادات الدينية، إضافة إلى الخطابات الحالية المليئة بالطائفية والكراهية الموجهة للقيادات السياسية والدينية».

وتطرق التاجر في حديثه إلى ما جاء في الدستور البحريني الذي كفل حرية التعبير وأكد عدم المساس بالعقيدة الإسلامية ووحدة الشعب بما لا يثير الفرقة والطائفية، والمادة «20» من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تحظر أي دعوة للكراهية أو العنف، لافتا في الوقت نفسه إلى ما انتهت إليه لجنة تقصي الحقائق بانتقاد دعوات التشهير والكراهية التي جاءت عبر التلفزيون الرسمي و «الفيسبوك» و «تويتر».

وقال: «كانت هناك عدة إشارات دولية عن البحرين في عدة مناسبات ومن قبل أكثر من جهة، وخصوصا ما قالته بريطانيا عن العبارات الطائفية التي تستخدم عبر وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة، والتي حثت كذلك على الالتزام بالمعايير الأخلاقية لتجنب التحريض على الكراهية والعنف».

وتابع: «المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي هي الأخرى عبرت عن أسفها في افتتاح دورة مجلس حقوق الإنسان بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وصعوبة الوصول إلى حل دائم، وكررت نداءها إلى البحرين للالتزام بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان».

وأكد التاجر حاجة البحرين إلى ما اسماه بـ «الإعلام الوسطي»، من خلال التزام وسائل الإعلام بالحيادية واحترام التوجهات والأطياف كافة، محملا الدولة في الوقت نفسه مسئولية التخفيف من الكراهية ضد الآخر.

وقال في هذا الشأن: «الهجوم الذي شنته الحكومة ضد خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حين قال ان الأزمة في البحرين طائفية، يجب أن يكون دافعا لها لتقوم بواجبها من خلال مسئولية ضبط الإعلام الرسمي ليكون معبرا عن الجميع، وعلى الدولة ألا تضيق بالرأي الآخر».

وأعرب التاجر عن أمله في انتهاء حالة الاستقطاب الطائفي السائدة في الوقت الحالي، مؤكدا ضرورة أن تقوم الدولة بمعاقبة من يحض على الكراهية، وأن تسمح لإعلام المعارضة بأخذ دوره، وأن تسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول البلاد.

ومن جهته، تطرق مسئول قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان ميثم السلمان إلى ما شهدته البحرين من نمو ملحوظ في التحريض على الكراهية منذ انطلاق الاحتجاجات في شهر فبراير/ شباط 2011 ، وما وثقه تقرير لجنة تقصي الحقائق والعديد من التقارير الدولية، بشأن تورط الإعلام الرسمي وشبه الرسمي وجهات مختلفة في بث مواد من شأنها التحريض المباشر وغير المباشر على الكراهية الطائفية والازدراء الديني.

وقال: «لم تتوقف حملات التحريض الطائفي التي تسعى لتشطير المجتمع وتعميق الفرقة بين المكونات الشعبية حتى اليوم، والتي لم يتم اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية تجاه القائمين عليها».

وتابع: «إن الذين يمارسون التحريض على الكراهية الطائفية ويطلقون النعوت الازدرائية على بعض المكونات الشعبية، لا يمارسون هذه الجرائم سرا، ولم تعد المسألة مجرد شبهة تقتضي متابعة تصريحات القائمين عليها ولغتهم وموادهم ومقالاتهم والبحث عن أدلة تثبت تورطهم في جرائم التحريض على الكراهية؛ بل ان الجهات التي تتبنى لغة التحريض على الكراهية تقترف جرائم التحريض على الكراهية جهاراً نهاراً وعبر وسائل الإعلام وعلى حساباتها الشخصية في (تويتر) من دون حسيب أو رقيب».

واعتبر السلمان أن المسئولية الوطنية والدينية والتاريخية، تحتم على الجميع في هذه المرحلة الحساسة أخد موقف صريح وواضح في مناهضة جميع ألوان التحريض على الكراهية؛ باعتبار أن مصلحة الوطن وسلامة النسيج المجتمعي والأخطار المحدقة به من استمرار شحن المساحات الإعلامية بلغة التحريض تنبئ بآثار كارثية، على حد وصفه.

وأكد ضرورة أن يقوم الجميع بصرف النظر عن الاختلافات السياسية والانتماءات المذهبية والخلفيات الاجتماعية والمناطقية، بأخذ موقف صارم وحازم من الجهات التي تحرض على الكراهية، أيًا كانت هذه الجهات، ومن أي مذهب أو دين أو قبيلة أو عائلة أو منطقة.

وقال: «صناعة المستقبل الاجتماعي والسياسي الآمن لكل البحرينيين، هي مسألة لا مجاملة فيها، وحماية البحرين من الانزلاق إلى منعطفات العنف الطائفي، هو واجب علينا جميعا».

إلا أنه استدرك بالقول: «البحرين بحاجة لتعريف واضح لمفهوم الكراهية؛ وخصوصا في ظل وجود تعريفات سياسية ومزاجية للكراهية بعيدة عن التعريف الدولي الذي أقرته الأمم المتحدة للكراهية».

وأكد السلمان الحاجة لتعريف موحد للكراهية، منبثق من القانون الدولي لحقوق الإنسان، واعتماد تعريف الأمم المتحدة للكراهية؛ ليكون مرجعا قانونيا ومدنيا وحقوقيا في الحكم على الموضوع.

وقال: «البحرين عضوٌ في الأمم المتحدة وملزمة بحزمة قوانين وضوابط؛ فعليها تبني تعريف الأمم المتحدة للكراهية ليكون المرجع الذي يتم الاحتكام إليه في تعريض التحريض على الكراهية والحكم على القضايا المرتبطة به بعيدا عن التعريفات المزاجية للكراهية، أو التعريفات التي تُطرح من الحكومات والأحزاب لمفهوم الكراهية والتي ربما ينحاز تعريفها لمآربها وغاياتها السياسية».

وحمّل السلمان الدولة مسئولية تنفيذ العهود الدولية الملزمة، ومنها ما تقرر في المادة «20/2» من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه مملكة البحرين، وهي المادة التي تنص على أنه: «يُحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف».

كما حمّل السلطة المسئولية الكاملة في حال قيام المسئولين الرسميين بجميع المستويات بالإدلاء بتصريحات تروّج للتمييز أو تعرّض مكونا وطنيا أصيلا للازدراء والاستخفاف والاستحقار، أو تقوّض مبدأ المساواة والتفاهم ما بين التلاوين الوطنية، أو تعزّز الكراهية بالمكونات المجتمعية.

وختم السلمان حديثه بدعوة الحكومة لتبني ما جاء في الإعلان العالمي للتسامح في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995 من نشر لثقافة التسامح والاعتدال، ونبذ التمييز ومناهضة الكراهية، بما يقتضي ضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات القضائية والإدارية، وإتاحة الفرص الاقتصادية والاجتماعية لكل شخص دون أي تمييز.

العدد 4150 - الخميس 16 يناير 2014م الموافق 15 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:30 ص

      هل الكراهية مشكلة ؟

      الكراهية ليست مشكلة، مثلًا لو كان الضباط في الأمن يكرهوننا لكن القانون يجعلهم يقبلون الشيعة في الأمن فلن يكون للكراهية أي تأثير، لكن إذا كان الضباط في الأمن لا يكرهوننا لكنهم لا يقبلون الشيعة في الأمن والقانون لا يحاسبهم على ذلك هنا يصيبنا ضرر كبير، لا نريد منهم إلا العدل، مكروهين لكن سواسية أمام القانون، أفضل بكثر من أن نكون غير مكروهين لكن القانون يتحيز لهم .

    • زائر 5 | 2:45 ص

      كن حرا ولا تكن اجيرا نظير حفنة من الدراهم

      ان تتبنى فكرا مخالفا للمعارضة فلا ضير من ذلك اما ان تكون اجيرا تدفع لك الاموال لتحرب المعارضة فهو السقوط وامتهان الحقارة.

    • زائر 4 | 2:26 ص

      تكلمنا وباح صوتنا

      قلنا الى الاعلام الرسمي و الى (معارضة المعارضة) لا تحرضون على الكراهية ولا تشكلون جماعات لمهاجمة الابرياء... ولا تسبونا على المنابر ... ولاتدفنو آثار وعروق اجدادنا ولا تهدمو المساجد لا تمنعو الصلاة فيها...ولا تسرقو الاراضي ولا تنهبو ثروات الوطن... ولا تعذبو ولاتسجنو المواطنين ...وفرو فرص العمل للعاطلين...ولا تجنسو
      يعني كل هالكلام ما افيد...عمك اصمخ

    • زائر 3 | 2:15 ص

      لا اعرف الموسوي اوالتاجر او السلمان..

      ولكن من اسماء عائلاتهم اعرف انهم من الطائفة الشيعية الكريمة وحبذا لو ان جمعية وعد حرصت ان يكون أحد المتحدثين في ندوة نبذ الطائفية من الطائفة السنية حتي يكون هناك راي آخر اما ان ات يكون كل المتحدثين من طائفة واحدة يتعارض مع أهداف الندوة في المصالحة الوطنية وكل ما سمعنا نفس الكلام ونفس الجمل والمفردات ولكن مردد ثلات مرات..وفق الله الجميع علي جهودهم في رأب المصالحة الوطنية

    • زائر 2 | 11:15 م

      الإعلام الأعور سبب رئيسي

      مجوس صفيوويون خونة وأما السلطة حرقت القرآن وهدمت المساجد ولا زالت تحرف المساجد عن أماكنها هدمتونها ولا زلتم تحاربونها .

    • زائر 1 | 9:14 م

      صناعة الكراهية بالممارسة ..

      شارك وأيد الكثير من المواطنين الآخرين في
      هدم المساجد
      القتل والتعذيب
      التحقيق مع اطياف المواطنين (اطباء معلمين طلاب ممرضين موظفين ووووو (
      الاهانة والاحتقار للمذهب
      التوقيف والفصل عن العمل
      الوشاية الوشاية الوشاية خاصة في الأعمال بوضع الدوائر الحمراء والأبلاغ عن زملائهم في العمل
      العقاب الجماعي برش المسيلات
      منع المناقصات و التوظيف و الغاء مشاريع اسكانية و ووو
      تهميش مناطقا من الخدمات وووو
      التجنيس التجنيس ويعطى حقي والا امر بضربي
      اليس ذلك مصدر للكراهية !

اقرأ ايضاً