رأى حقوقيون أن وقف انتهاكات حقوق الإنسان يتطلب إرادة سياسية جادة، داعين الجهات الأمنية خلال ندوة نظمتها قوى المعارضة مساء أمس الأول (الثلثاء) تحت عنوان: «انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين»، إلى «الالتزام بالقانون والمواثيق والاتفاقيات الدولية الداعية إلى احترام حقوق الإنسان».
وتحدثوا عن وجود زهاء 3 آلاف حالة اعتقال (بين محكوم وموقوف) في السجون البحرينية منذ بدء الأزمة السياسية، لافتين إلى أن «وتيرة الاعتقالات لم تتوقف حتى الآن».
وفي ذلك قدم رئيس مرصد البحرين لحقوق الإنسان المحامي محمد التاجر، ورقة حول «حقوق المرأة والطفل في البحرين»، إذ قال: «إن العاميين الماضيين شهدا عدة انتهاكات، وأخطرها في حق المرأة والطفل، فقد شهدت البحرين توثيق اعتقال 300 امرأة، كما أن الأطفال المعتقلين يشكلون ما نسبته 60 في المئة من إجمالي عدد المعتقلين، وعليكم أن تتوقعوا النسبة الحقيقة إذا كان عدد الأطفال المعتقلين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً والذين أترافع عنهم يقدرون بـ 119 من مجموع 185 معتقلاً تم توثيقهم، فكم يبلغ المجموع الحقيقي، وإذا كان توثيق دائرة الحريات في جمعية الوفاق قد وصل إلى 450 معتقلاً في شهر سبتمبر/ أيلول 2013 فماذا عن الباقين؟».
ووصف عدد حالات الاعتقال بـ «المخيفة»، مبيناً أن هذا العدد تقريبي وأن العدد الحقيقي لا يعلمه أحد على وجه الدقة، منوهاً إلى أن وتيرة الاعتقالات لم تتوقف.
ومن جانبه، قدم النائب الأول للأمين العام بجمعية التجمع الوطني الديمقراطي (الوحدوي) المحامي محمد المطوع، ورقة عن «انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين قبل وبعد تقرير بسيوني وتجاوز العقود والإعلانات والاتفاقيات الدولية»، تناول فيها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حماية حقوق الطفل إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفصّل فيما يتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مشيراً إلى أن «بعض الممارسات الأمنية لا تتوافق مع العهد الدولي، كتوقيف الأشخاص في غالبية الأحيان في قضايا أمنية بدون إذن قضائي».
وتابع أن ما «تناولته وسائل الإعلام المسموعة والمرئية من عرض صور للمتهمين وإصدار أحكام بتجريمهم قبل صدور الحكم وتعرض الإعلام لفئة من المجتمع بالشتم والتحقير والازدراء، يتعارض مع المادة 17 من العهد».
وانتقد صدور تشريعات مغلظة والمساس بمسئوليات الآباء عمّا يرتكبه الأبناء القصر، ورأى بأن إسقاط الجنسية ومنع التظاهر في العاصمة قد مسَّته شبهة دستورية.
أما فيما يتعلق بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فقد تعرض لما حدث من ممارسات ضد العمال في أحداث 2011 من تسريح بشكل جماعي، منوهاً إلى أنه ونظراً لظروف الضغط التي مارستها منظمة العمل الدولية تم إرجاع جزء منهم، ولكن بمستوى متدنٍ من العمل كتحويل مديرة مدرسة إلى عاملة في مكتبة، وتحويل البحرينيين إلى مدرسين من معهد البحرين للتدريب بعد أن كانوا مسئولين وغيرها.
وواصل المطوع، «إن ما وثقه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق حول التعذيب يكشف وبوضوح تعارض الوضع مع ما جاء في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة»، لافتاً إلى أن «تقرير اللجنة أشار إلى ارتكاب الدولة أعمال تعذيب أفضت في بعض الأحيان إلى إزهاق روح، ومنهم عبدالكريم فخراوي وزكريا العشيري، واستخدام القوة التي أفضت إلى الموت كما في حالة عبدالرضا بوحميد والحاج عيسى عبدالحسن والألم الجسدي مثل ما حدث مع الأطباء».
وأضاف المطوع أن «الدولة تجاوزت أحكام الاتفاقية في مادتها الثانية بعد إصدار تشريع السلامة الوطنية الصادر بمرسوم 23 لسنة 2011، وقد خلص تقرير اللجنة إلى أن الانتهاكات كانت ممنهجة، ولم تلتزم الدولة بأحكام الاتفاقية».
وأضاف أن الدستور تضمن منع التعذيب والمعاقبة عليه، وقال: «إن الدولة على رغم الإجراءات الشكلية لم تُعاقب المتهمين في قضايا التعذيب والقتل بحق المتظاهرين، وقد صدرت أحكام في القتل أعلاها 7 سنوات ثم أنزل إلى 3 سنوات، والبعض إلى 6 شهور، ولم ينفذ أحد الأحكام، بالإضافة إلى حكم البراءة للبعض الآخر».
وعرج في حديثه عن الانتهاكات إلى الحديث عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، لافتاً إلى أن القيود على المرأة تأتي في البحرين أسوة بالرجل من الجهات الرسمية، وأنها تعاني من التمييز في التشريعات مثل القانون المدني وقانون الإجراءات الجزائية وقانون أحكام الأسرة، والتي لا زالت المرأة تُطالب بالشق الجعفري منه.
أما رئيس دائرة الحريات بجمعية الوفاق هادي الموسوي، فقد طرح ورقة تحت عنوان: «الانتهاكات وراء وخارج القضبان»، إذ قال: «منذ السبعينات وقبلها، كثيرون يتحدثون عن التوقيف أو السجن أو التحقيق ومدى عدم التزامه بالقانون المحلي والدولي، وبعد (14 فبراير/ شباط 2011) زاد الوضع حدة وأصبح الجميع معنياً بالأمر، وشاهد ذلك بعينه ويمكننا اليوم الحديث عن زهاء 3000 حالة اعتقال بين محكوم وموقوف، وأن هذا العدد تقريبي والجهات المعنية ما زالت غير قادرة على الإفصاح عن العدد الحقيقي والدقيق لكونه أيضاً مخز، ونحن اليوم نحتاج لإرادة سياسية جادة لوقف الانتهاكات».
ووجّه انتقاداً للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن عملها يتركز على إصدار البيانات حول الأيام العالمية، وأن اهتمامها بأية حالة مرتبط بمدى تسليط الإعلام الخارجي عليها، وانتقد الموسوي أيضاً مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، إذ قال: «لم تعمل المفوضية حتى الآن، ونتوقع عدم جدية عملها بسبب عدم وجود إرادة سياسية واضحة لوقف الانتهاكات».
وختمت الندوة بعرض عدد من المعتقلين السابقين ما تعرضوا له خلال فترة اعتقالهم.
العدد 4149 - الأربعاء 15 يناير 2014م الموافق 14 ربيع الاول 1435هـ