قبل عشر سنوات مضت، كان يتوسط ساحة الفردوس ببغداد تمثال كبير لطاغية بغداد صدام باللباس العسكري، رافعاً يده، وتعلو كتفيه رتبة «المهيب الركن» الخاصة به، لكن عندما اعتقلوه واستخرجوه من حفرة جهنم، وجيء به كان مكتوف اليدين وكان يحمل قرآناً، حيث أُخذ إلى غرفة القاضي، وقرأعليه لائحة الاتهام، بينما هو كان يردد: «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين».
آخر كلمات قالها طاغية العراق الكيماوي والسفاح وقاطع العظام صدام هو نطقه بالشهادة لعلها تشفع له، بينما هو يعدم الشعب العراقي بالكيماوي بجميع مكوناته، وشنّ حروباً على جارتيه الكويت وإيران، إلا أن الشعب العراقي قال كلمته في إعدامه في ذلك اليوم، تماماً كما قالها من سبقه من فراعنة مصر، حينما أدركه الغرق قال: آمنت برب موسى وهارون. فكانت هذه نهاية كل طاغية حينما يقترب أجله وينتهي أمله في الحياة.
العراق اليوم وبعد عقود من الظلم والظلام يعيش أيضاً سنوات أسوأ من ذي قبل بسبب العنف والتفجيرات الدموية اليومية والمؤامرات الدولية والمحلية من رموز وقادة كبار تحاك ضده، حيث لا يراد له ولا لشعبه أن تشرق عليه شمس الحرية وتضيء مدنه ومناطقه بنور القمر والهداية أبداً، العراق اليوم هو في حرب حقيقية ضد الإرهاب الممول والمنظم من قبل دول ومنظمات إرهابية والعالم العربي يتفرج عليه.
10 سنوات مضت، والدم العراقي ينزف كما كان ينزف من قبل في قطع الرؤوس بالشوارع، ونسف الكلمة الحرة أصبحت عادة، وقتل الديمقراطية هدف.
لماذا، هل أن جريمته أن اقتلع طاغية العصر وحارب بؤر الفتن والدجل؟ هل العراق يشرب كأس الحقد والبغضاء الدفين إلى الأبد، هل لأنه تنفس الحرية وشم رياح الديمقراطية ووضع يده على مقدرات وخيرات دجلة والفرات وعائدات النفط؟
لماذا يراد للعراق الضعف والهزيمة والانغماس في التخلف والموت البطئ والدمار الأسود ونزف الدم الأحمر بدلاً من التقدم والتطور ورفع راية السلام والاستقرار، بينما يراد لدول أخرى الاستقرار والتطور؟ هل ذهب طاغية لتأتي محاولات خفية لجلب طاغية آخر؟
مهدي خليل
هل بدأت الفتن الطائفية تظهر من جديد بين المسلمين، وهل بدأت النظرة الدونية للآخرين تسيطر على العقول المتطرفة. وهل هناك من يستفيد من ذلك. وهل يريد هؤلاء أن يعود زمن الفتن والتكفير وما أدى إليه ذلك من حروب ومذابح. وانتهت إلى كوارث الدين منها بريء. لقد بدأ هؤلاء باستغلال الدين وذلك لاستغلال الناس وظلمهم.
فهؤلاء أهل ضلال لأنهم السبب في فتن وانفكاك بين أهل الوطن الواحد وبين أهل الدين الواحد. وهؤلاء يسعون للسيطرة على العقول ويوهمون الناس بأنهم لا يمكن أن يكونوا مسلمين ومؤمنين إلا بواسطتهم. وكذلك نزعوا من القلوب العاطفة الإنسانية.
وهؤلاء يقومون بهدم كل شيء جميل في الإنسان. إن الكثيرين يبكون حزناً وأسفاً على ما وصلته إليه أمتنا من إباحة الدماء والتعدي على كرامة الناس بالقول والفعل.
والغريب أن بعض الحكومات تقف إزاء هذه الحقيقة موقف التردد والتخاذل وعدم الإدراك لمخاطر هذه الظاهرة. وكأنها تتعمد ذلك لتسود. لذلك يبرز إلى الذهن سؤال محير وهو هل هذه الحكومات لها دور في ظهور مثل هذه الظاهرة. والأسباب التي دعت لطرح هذا السؤال أنه من المؤكد أن هذه الحكومات لديها معلومات مفصلة تتعلق بزعماء هذه الظاهرة على الأقل في دولهم. وهي تعلم بأن هؤلاء مفلسون سياسياً ومحبون للمال ومتشوقون للألقاب تدفع لهم الأموال ويسخر الإعلام لتوزيع الألقاب عليهم ويتم استحواذهم وتسخيرهم لأداء مهمة واحدة.
وهي خلق البلبلة بين الشعب الواحد وإحياء الطائفية الميتة من زمن طويل، وهذا مفهوم قديم ولكن مازالت بعض الحكومات تستخدمه لأنها مازالت تجد فيه يشغل الناس عن تصرفاتها غير السوية. وأنها أي الحكومات تحاول البحث عن رجال يدعون التدين ولكنهم أيضاً يسعون للمال والشهرة باسم الدين. وذلك للتسلل إلى نفوس البسطاء من الناس لتحقيق التفتت الداخلي والترويج بأن الآخر خصم للدين وليس خصماً سياسياً.
وذلك لخلق حالة ذعر منه. إن هذه الحكومات تدرك أن الشعوب التي تصيبها البلبلة الفكرية والدينية والتشكك في كل شيء يكون احتواؤها والسيطرة عليها سهلاً وبهذا يمكن شل أية حركه للمعارضين. لذلك يجب أن تدرك هذه الحكومات أنها ستكوى هي بنار هذه الفتنه وما العراق وسورية إلا خير مثال على ذلك.
خليل النزر
خُلقنا من جوهر ومادة والجوهر هي الروح والروح هي الفيض الذي مصدره الخالق «الفيض الإلهي» ويعيش المخلوق خلال اتحاد الجوهر والمادة في صراع بينهما حتى تطغى إحداهما على الأخرى، وبالتالي يحدد الإنسان مصيره «وليس كما يعتقد الجبرية أن مصير الإنسان قد اختاره وحدده الخالق مسبقاً»، فيكون الإنسان متعلقاً بالجانب الذي غلب عليه فلو غلب على طابعه الجوهر تراه متنزهاً عن الأمور المادية التي تتسم بحب الذات وتتفرع منها بقية الغرائز التي تدفع الإنسان للعنف والعدوان تحقيقاً لمصالحه الشخصية والعكس صحيح فإن كان طابع الجوهر هي السمة الغالبة على الإنسان فلا يقع عرضة لإشباع غرائزه بطريقة شاذة، وإثبات ذلك أمر بسيط جداً، فخذوا على سبيل المثال غريزة الأكل فالإنسان يقوم بالأكل تلبية لمعدته الخاوية وليس اندفاعاً من الروح «الجوهر» فالجسد «المادة» هي المحرك للشهوات والغرائز وليست الروح فإذا مات الجسد أو فنت المادة «جدلية علمية» فإن الروح تتحرر وهي باقية غير محصورة بزمان أو مكان، وأصل هنا إلى صراع المادة مختصاً بالحديث عن الحضارة.
الحضارة مرتبطة بعنصرين أساسيين لا يمكن مطلقاً أن توجد من دونهما وهذان العنصران هما المكان «رقعة جغرافية» وجماعة من الناس بحيث لو غاب أحد العنصرين، كالمكان مثلاً لن يمكن أن تنشأ حضارة لأن الأفراد حينها يكونون من جماعات الترحال «البدو» ولو غاب العنصر أو الركن الثاني وهم الجماعة فهذا يعني انعدام مقومات الحضارة وبالتالي لا تنشأ حضارة أيضاً، ومن مفهوم أضيق قد يطلق عليها «الدولة»، والحضارة أستطيع أن أصفها بمنجزات أو نتاج الجماعة البشرية في مكان معين والتي من غير الممكن تجزئتها لأنها وحدة واحدة، والحضارة أيضاً متسعة التطور والنمو، فهي في مراحلها الزمنية مختلفة من حيث التطور العلمي والأدبي والمعماري أيضاً، فبداية الحضارة ليس كوسطها أو نهايتها ونستطيع القول إن الحضارة تزول وتنتهي ويشار إلى نهاية حضارة معينة بأفول الحضارة.
ما من حضارة إلا وضمت شخصيات عظيمة أثروا فيها العديد المنجزات منهم العلماء والسياسيون والأدباء والفنانون ولا أتجاهل طبقة العبيد التي مثلت طاقة العمل الضخمة التي حولت الأفكار إلى شواهد وصروح بعضها إلى الآن قائمة وتصنف ضمن عجائب الدنيا، كل تلك المنجزات تصل بالحضارة إلى حد معين من الرقي، وتبقى الجماعة التي تنتمي إلى حضارة معينة هي المسئولة عن المحافظة عليها لأطول زمن ممكن، إلا أن القول ‘ن حضارة ما باقية إلى الأبد غير صحيح فما من حضارة طال بها الزمن إلا وأصبحت سحيقة والتاريخ أخبرنا بذلك ولم يبقَ من بعض الحضارات القديمة إلا آثارها والبعض الآخر طمس.
علي جاسم
ماذا أقول والفقيد أعظم من الكلمات؟ فهل أبكي وقد فاضت أنهار مدمعي، وكيف أرثيك وأي اللغات تسعفني؟
من أين أبدأ، هل أبدأ بالحديث عمّا أصابنا بعدك؟ أم أصف ما كنا عليه بوجودك؟ ولعل ما حل بنا يحتم علينا البدء بذكرياتنا معك، وبلحظات السعادة التي قضينها بقربك، وبحنانك وعطفك، وحبك المتواصل، والتي كانت تمر دون أن نشعر بها، ولم نكن نضع في حسباننا في يوم من الأيام أن هذه اللحظات ستنتهي.
ها هو اليوم العاشر، الذي مرَّ على رحيلك، ولم نرَ نور وجهك المبتسم. والذي يدمي القلب ويعمّق الجراح أنك أبكيت محبيك، وعزائي الوحيد أنك لا زلت في القلب والذاكرة، ولن ننساك.
وأخيراً... هاهي الكلمات تتوقف لتعلن سلاماً على روحك الطاهرة يا أيها العم جاسم.
محمد باقر بوشهري
داخِل خَيمة يَكاد أن يَقتلعَها الهَواء مِن شدة بُرودتِه
دآر حَوار بٍين طِفل سُوري ووَالدتِه
- أمِي أشعرُ بِالبرد
والدك يُشعل النَار هُناك اذهب وتَدفأ
- أمِي لكَن حَرارتهَا لآ تُدفئني كغطائي المخملي
تَصبر يا حَبِيبي
- والى متى يا امُي اكَاد أموت مِن البَرد
الى أن تَصحو انسانِية العَرب
- وأن لم تَصحو؟
سأصنعُ لك مِن جلدي غِطاء
حِينها بكى ووضَع رأسهُ على الثَلج، وهَو يُردد ليتهُ يَصحو لكي لا تموت أمي مِن أجلي.
رباب سمير النايم
قم وهلهل إنه شهر ربيع
قم ففيه ولد الهادي الأمين
من بنوره زلزلت دور الظلام
وتهاوى لجلاله نصْبَ قوم ظالمين
من بنوره شعَّ في الكون ضياء
وكأن جَوْنَةٌ قد وضعت هذا الجنين
إنه المختار أحمد الأمين
سيد الكونين طه وختام المرسلين
بلغ الحق وقاسى الظلم لكن
كان خير المرسلين الصابرين
إذ أتى الوحي نبي التائبين
قم وأنذر جَمْعَ رَهْطِ المشركين
واتلوا آياتٍ من الذكر عليهم
فإذا الدهشة تعلوهم فباتوا عاجزين
فاهتدى الواعي منهم للصوابِ
وافترى الآخرُ مَن هُم جاهلين
في دياجي الغي والشركِ مَضَوا
والأباطيل على مر السنين
حاولوا طمس الرسالة والهدى
فأساؤوا لنبي العالمين
فتلَقوا صفعاتٍ علَّمَتْهُم
أنهُ إلا شفيع الذاكرين
قصدوا بها التفريق والفتنةَ تنخُر
في جموع الساجدين الراكعين
ما دروا أن الإساءة سددت
ثغراتٍ بصفوف المسلمين
بخٍ لنا إذ نحن أبناء البشير
جامع الشمل حبيب المؤمنين
فارفعوا أصواتكم بالصلوات
ولد اليوم أمير العاشقين
زينب محمد علي متروك
العدد 4146 - الأحد 12 يناير 2014م الموافق 11 ربيع الاول 1435هـ