العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ

الأوقاف... وثائق وحكايات لحقوق شرعية - 1

المنامة - محمد حميد السلمان 

10 يناير 2014

جاء في تَاج العَرُوس من جَوَاهِر القَامُوس العلامة المرتضي الزبيدي، في مادة حبس أن الوقف هو: «كل شيء وقفه صاحبه وقفاً محرماً لا يباع ولا يورث من نخل أو كرم أو غيرها كأرض أو مستغل، يحبس أصله، ويسبل غلته هكذا في سائر الأصول تقرباً إلى الله تعالى». وفكرة الوقف في حد ذاتها قديمة جداً تعود لحضارات ما قبل الميلاد باعتبار أن كل الأمم السابقة لم تخلُ من وجود نبي أو رسول بها يوضح لها أحكام الخالق عز وجل.

والأوقاف عند كلا الطائفتين في البحرين متخمة بحكايات وأحداث لا تنتهِ، منذ صدر الإعلان الحكومي الرسمي أيام المستشار بلغريف في عهد الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة في شهر يوليو/ تموز من العام 1927 بإنشاء إدارة للأوقاف لكلا الطائفتين. وللأوقاف الجعفرية تحديداً أهمية خاصة باعتبار أن وقفيات المساجد والحسينيات على أيدي المحسنين من الطائفة الشيعية الكريمة الذين قاموا بإيقاف أجزاء من ممتلكاتهم ومدخراتهم لصالح دعم المواقع الدينية بالذات قد ملأت آلاف الصفحات، عدا الخرائط والمخططات، منذ بدأ السيدعدنان بن السيدعلوي بن السيدعلي آل السيدعبدالجبار القاروني التوبلي بوضع سجله المعروف حتى اليوم باسمه «سجل السيدعدنان» بعد أن تولي إدارة الأوقاف الجعفرية في العام تأسيسها 1927، بالإضافة لمنصبي القضاء وإدارة أموال القاصرين، ولم يكمل عمله في الأوقاف بسبب وفاته المفاجئة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1928. إلا أنه خلال تلك الفترة القصيرة وبإمكانيات ضئيلة وأدوات تقنية عتيقة جداً؛ بذل السيد جهداً كبيراً في حفظ الأوقاف المعروفة لديه، على الأقل، بعملية مسح شاملة لها في معظم قرى ومدن البحرين. ومازال هذا السجل، للأسف، بخط اليد، ولم يوثق أو يحقق جيداً بالطرق العلمية الحديثة على رغم كونه وثيقة تاريخية ومرجعاً أساسياً، حتى اليوم، تستند إليه إدارة الأوقاف الجعفرية في تسجيل أراضيها وأملاكها غير الموثقة.

إلا أن الوثائق التي سنستعرضها هنا لاحقاً، ومنها وثيقتنا المعنونة باسم الواقف السيدمحمد بن حسين الدرازي، هي خارج ذاك السجل. ولكن لابد أن نشير أولاً إلي الإعلان الحكومي الذي صدر بتاريخ 27 محرم 1346 هـ (27 /7/ 1927) وحمل الرقم 17/69، بسبب «سوء تدبير الأوقاف» كما أشار إليه الإعلان المذكور. وكانت الأوقاف قبل هذا من مسئولية أصحابها المباشرين، أو من يعينهم الواقف بإشراف القضاة الشرعيين. كما كان التوثيق يتم بمحرر يُصدّق من قبل أحد القضاة أو المشايخ المعروفين، من دون توافر سجلات تدون فيها هذه الملاك وتحفظها من الضياع.

والوثيقة تقول:

«بسم الله الرحمن الرحيم

17/69

1346

حكومة البحرين

إعلان

نعلن للعموم من جماعة أهل السنة والشيعة في البحرين ـــ أنه من سبب سوء التدبير في الأوقاف قد تعينت إدارة شرعية لأجل تسجيل الأوقاف وتدبيرها أحسن تدبير، والإدارة المذكورة تشتمل وتنحصر في خصوص المحكمتين الشرعيتين السنة والشيعة ـــ فلهذا نخبر جميع متولي الأوقاف بأن يخطروا الإدارة المذكورة ويخبروها بجميع ما في أيديهم من نخيل أو عقارات (ثم يرسم؟؟) في دفاترها المخصوصة لذلك بموجب أوراق الوقفية التي يقدمونها إلى قضاة المحكمتين الشرعيتين موضع خصوص الكتاب ـــ لأجل أن (تجبيها ؟؟) القضاة على حسب القانون الشرعي لا غير ـــ فكل من يتأخر عن تقديم الاطلاعات المذكورة في مدة شهر واحد إلى سلخ شهر صفر 1346 من هذه السنة من غير عذر ولا سفر، أو يخفي شيئاً من الوقف أو يعطي اطلاعات غير صحيحة مع علمه بذلك سيجازي لدى المحكمة. ليكون معلوم.

حرر في 27 محرم 1346».

والغريب في هذا الإعلان أنه يدعو المحسنين لتسليم إحسانهم وأعطياتهم التي هي من حر مالهم وبكامل إرادتهم وحريتهم منحوها وأوقفوها للمساجد والحسينيات وبقية أعمال الخير؛ للحكومة وحدها كي تتصرف بها وتديرها كما تريد عبر مجلس لإدارة تلك الأوقاف تعينه هي ولا يُنتخب من قبل الناس، كما ليس لصاحب الوقف أية حرية في اختيار من يدير أوقافه أو المسئولية عنها، بل ويُعاقب إذا لم يعترف أو أخفي شيئاً من أوقافه التي منحها للخير أساساً!.

العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً