منذ أن كان على مقاعد الدراسة كان يردِّد ما يقوله أستاذه «شوف يا ابني خليها حلقة في ودانك، كلمة الحق ليس لها مكان في مهنتك كمحامٍ. المحاماة القضاء الواقف كلمة مجازية، محاولة إضفاء القدسية على القضاء كلام فارغ. الأصل هو أنك تتعلم أصول استخدام النصوص لإضفاء الشرعية على ما هو ليس شرعيّاً، يعني أنت (ترزي)، تفصل القانون على ما هو مطلوب، من قبل من بيدهم السلطة والقوة. أنت إذا أردت أن تطلع فوق، شبِّك علاقاتك مع من بيدهم السلطة والمال. ممكن تأخذ بعض قضايا الغلابا والمظلومين، للتمويه، لكن خذ قضايا أصحاب السلطة والمال».
بالطبع لم يكن يستطيع أن يجاهر بما يعتقد به أمام زملائه الطلبة، لا في الجامعة ولا في رابطة الطلبة، ولا في جلسات النقاش. بالعكس تظاهر بالوطنية، وانضم إلى التنظيم الحزبي وأبلى في تلخيص الكتب وحفظ المقولات المأثورة لكبار الثوريين، لكن وعلى سبيل الاحتياط رفض أن يكون مسئولاً عن أحد. وفي العمل الطلابي كان مبرزاً في الندوات والكتابات والنشاطات.
بعد تخرجه وضع رجله على أول السلم. انضم إلى مكتب محام مشهور بعلاقاته القوية مع النافذين. وبدأ يتسلم ملفات بعض المنتمين إلى الدائرة الداخلية للسلطة والبزنس، لكن من الدرجة الثانية، ضباط، موظفين، جليسات الليل، قضايا فساد، انتهاكات، انحرافات، وقد برع في تشكيل صحيفة الدفاع، لكل قضية، بليِّ عنق الحقيقة، بالتكييف القانوني. ما جعله يتقدم بسرعة، الجانب المهم هو التفاهم مع القضاء الجالس، فالطرفان القاعد والواقف يقومان بمهمة واحدة مع توزع الأدوار، الحفاظ على النظام ورجالاته، وإدانة وتجريم من يعارضون النظام، وكله بالقانون.
بعد أن شبَّ عن الطوق أنشأ له مكتباً خاصاً وأتى بـ «الترزية» من بلد المصدر، فهم أيضاً من مدرسة محامي الشيطان، قليلي الكلفة وقليلي الضمير وهو المطلوب.
جاءت التحولات المفاجئة في البلد، مرحلة الانفتاح، وإذا الوعود تحلق في السماء بعهد جديد... عهد الحريات والحقوق والديمقراطية. هنا استعاد صاحبنا علاقاته الطلابية القديمة، وسجله القديم. نعم! أنا كنت أيضاً في التنظيم السري، لكنكم تعرفون الظروف، حملت المبادئ في قلبي، ولم أنسَ الرفاق، عملت أشياء لا تعرفون بها للحفاظ على التنظيم واستمرار القضية. لا عليكم من المظاهر. وحيث إن الوضع في حالة سيولة، والشعار «عفا الله عما سلف»، فقد وجد طريقه بسرعة إلى التنظيم العلني وارث التنظيم السري. وهكذا تصدر صاحبنا المشهد، لكنه فوجئ بأن مشاعر الحذر تجاهه قوية، وأن التنظيم العلني مفتوح للنقاش حول كل شيء وللمساءلة. هنا استشعر أن ليس له مكان قيادي، ولذلك سرعان ما تجمع في صفِّ من هم أمثاله في حركة انشقاقية، وبمباركة الأجهزة الرسمية، رفعوا لواء التنظيم الأم «لن نتخلى عن تنظيمنا الأم، فهو عنوان شرفنا».
صاحبنا بدا يتنطط على الحبال ما بين سلطة لا تقبل إلا بالولاء الكامل، وما بين متطلبات الشعبوية في اتخاذ مواقف معارضة شكلاً بل ومزايدة أحياناً، مع طعن الرفاق في الخلف من خلال أية ثغرة. لكن هذا الوضع المتقلب مرهق وقد يطول، لذلك قرر صاحبنا اختصار الطريق. الأحزاب ما هي إلا وسيلة وليست غاية، والخدمة الوطنية متعددة الوجوه، وأنا من خلال مهنة القضاء الواقف، وشخصيتي كمحام أستطيع أن أسهم أيضاً. أنا رجل القانون، أنا أحترم القانون حتى لو كان ظالماً؛ لأننا نريد خلق ثقافة احترام القانون، وهكذا مرت عملية التكيف ونقل البارودة من كتف إلى كتف.
شكل مع مثلائه منظمة حقوقية «جونجو»، تحمل مبادئ جميلة، لكنها مبرمجة على تزييف الوعي والتصدي للحقوقيين المناضلين. تفرعت نشاطاته، وجرى اختياره في اللجان الحكومية المشكلة لصياغة القوانين المحبوكة، والوفود التي تلف العالم في ترويج لدولة النظام والقانون ومرافقة الوفود الرسمية كمستشار قانوني، وهكذا عرفته محافل جنيف ولندن وباريس وبروكسل والقاهرة، وواشنطن ونيويورك وغيرها، للتصدي للمعارضين والحقوقيين وتسفيههم، واستخدام بلاغته وحجته كمحام للشيطان. واحتدم البلد بالصراع الذي انفجر كالبركان، وانطلق القمع من عقاله... لا خط أحمر، كل شيء مستباح، القتل، التعذيب، الاغتصاب، رجالات ونساء، شيوخ وأطفال، لكنه وأمام المقاومة الداخلية، والضغط الخارجي، فقد كان لابد من إضفاء مشروعية على ما يجري. القضاء عادل ومفتوح، من له قضية فليتقدم. وهكذا تقدم بعض الضحايا، وبدأ الصراع في أروقة المحاكم ما بين الضحايا والمعذِّبين، وهنا كان صاحبنا جاهزاً، بطاقم متكامل من «الترزية» و«الأرزقية».
أضحى مقاولاً للجهات الرسمية، عدم كفاية الأدلة، أو مقتضيات القيام بالمهمة هي العناوين السحرية لمرافعات محامي الشيطان، وفي تكامل بين القضاء القاعد والقضاء الواقف، وهكذا خرج الجناة مرفوعي الرأس، والضحايا منكسرين بدموع باكية تبحث عن العدالة المفقودة. صاحبنا أضحى صاحب حظوة ونفوذ، ومن هذا الباب دخل في عالم شراكات البزنس، لكنه فقَدَ أهم شيء... الكرامة والنزاهة، لكن لا يهم.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4142 - الأربعاء 08 يناير 2014م الموافق 06 ربيع الاول 1435هـ
وطني معروف
الرجال تعرف بلمواقف د منصور في غنى ... عن تمجيد الدات....؟!!
أنا عرفته
كان طالباً في إحدى الدول الآسيوية وكان عضوا في الجبهة الشعبية وكان يمشي على خطاك يا عزيزي ابو منصور
الفساد كالجيفة تجذب الديدان والحشرات
بلد مملؤ بالفساد في كل مفاصله لا بد ان تتكالب عليه الديدان والحشرات
مزايدات ومهارتات يجب أن تتوقف
حينما سألوك وأنت رئيس جمعية البحرين للشفافية من أين أتيتم بالمال الذي أوصلكم إلى جنيف اعترضت وقلت أن هذا الشأن لا يحق لأحد أن يتدخل فيه، فأين الشفافية وأين المصداقية؟. لذلك أعتقد أنه آن الآوان لوقف هذا الإسفاف ومحاولة تجميل الذات وتعظيمها من خلال ....... فأنت لست بأفضل منهم وأقترح عليك بكل اخلاصٍ واحترام وقف هذا السيل من المزايدات الفارغة . . .
شكلك من الي على راسهم بطحة!
وكأنك انت المقصود بهذا المقال!
روح اسال ربعك
من وين حصلوا كل هل الاموال الطائله يدفنون البحر ويبيعونه علينا شفت دوله تسير بهذه الطريقه اللي يحوش لامه وابوه شوف المليارات في ارصدتهم جاي تسال واحد فقير من وين له البيزات حق جنيف مو مشكلتكم انكم طباله حتى السؤال مو من تفكيرك ملقنينك اياه احنا فلوسنا من عرق جبينا مو من خلال البوق واستغلال النفوذ والرشوات اللي تحت وفوق الطاوله انتوا اخر من يتكلم عن النزاهه
اراضي شاسعه يستحوذ عليها اولي النفوذ بجرة قلم ومحد يسالهم من اين لك هذا البحرين غنية مو فقيره بس لو فيها عدالة
محامي الشيطان
ما هو الفرق بين محامي الشيطان وكتاب قصص الشياطين
كلاكيت
محام آخر للشيطان يقول:
" بعد انتهاء الجلسة سألت فضيلة عن السبب فقالت إنها لا تحتمل رؤية مثل هذه المشاهد، وعبرت عن أسفها عن الذي حدث لنا في البحرين في تلك الأيام السوداء، ولم ينتهِ بعد. عندما أخبرت (صاحب الفلم) عن ذلك قال قل لها إنه اختار أقل المشاهد بشاعة و«ألطف» الصور! "
ونقول له:
ولايهمك! أكتب على جوجل "أحداث البحرين" وستنهمر عليك آلاف الصور البشعة والفيديوهات المخزية ليس أقلها رأس الشهيد أحمد فرحان والبداح وعلي جواد والمساجد "بيوت الله" المهدمة.
أحسنت يا أبا منصور
سلمت يدك على هذا المقال الرائع ،
المحامي الشيطان حيث أنه الغاية تبرر الوسيلة ،
محامي الشيطان واحد من افلم بطل سنيما الامريكيه ال باشينو
انصح بمشاهدتها
بارك الله فيك
لولا هؤلاء لكانت البحرين بخير
بدأت ولم تنتهي
التقاذف بمن يحلو لي مزاجه هذا ديدن الضعفاء يادكتور والامثله ليست فى هذا القطاع بل شمل قطاعات اوسع وكل يغني على ليلاه بعضا اخذ بتشكيل دكاكين على مقاسه ولك بالنظر فى حولك تري التنظيمات كالفطر والكل يسعي زعامة شيئا ما ولكن دون فائدة تجدى منهم بل شكلوا عبئا على العمل الوطني وخسر العمل الوطني افرادا مخلصين بسبب الحسد الفكري دلالة على الحكمة" أسوأ الناس خلقا من اذا غضب منك أنكر فضلك وأفشي سرك وجحد عشرتك وقال عنك ماليس فيك" هاي ديدنهم يادكتور
شكرا لك ايها العكري
يا كثر المنتفعين و المتمصلحين و الوصوليين الذين فضحتهم انتفاضة 14 فبراير
شمسان
ماهكذا تورد الأبل يا عزيزي
الى الزائر-1
من خلال ما ذكرت يبدوا انك مخربط بين سيرة شخص وآخر، اتصور لم تصيب الهدف.
طبيعة المهنة
كل مهنة لها طبيعتها. صاحبنا لم يفعل ما لم يكن من طبيعة مهنته. إبحثوا عن المهنة فى اليونان القديمة و ظهور السفسطة و طريقة التعامل معها و بها.
عزيزى الدكتور
مثله وامثاله كثيرون وقد بانوا اكثر في فبراير 2011.
لعنها الله من مباديء
انا عرفته ذلك الشخص الذي نجح على الحافة في انتخابات النواب في فصله الاولي وصال وجال ولازال مع الظلم شراكة لكن تبقى دعوة المظلوم سيلقاها دنيا قبل الاخرة