إن الاستثمار في الصناديق المشتركة يلعب دوراً مهماً في سعي الإنسان نحو تأسيس رأسمال يساعده في تأمين مستقبله، ولكن ما هي الصناديق المشتركة على وجه الدقة؟ وكيف يمكن تحقيق أفضل استفادة منها؟ يناقش هذا الموضوع كبير الخبراء الإكتواريين لدى «تقاعد»، وهي الشركة المتخصصة في مجال الادخار والتقاعد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جوناثان كيمب.
لماذا يجب اعتبار الصناديق المشتركة جزءاً من استراتيجية التخطيط المالي على المدى البعيد؟
- لقد أصبحت الصناديق المشتركة تحظى بشعبية كبيرة للغاية على مدى العقدين الأخيرين، حيث يتولى هذا القطاع الاقتصادي إدارة أصول تقدر قيمتها بما يزيد على 12 تريليون دولار أميركي. ولكن، ما هو الصندوق المشترك؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه في استراتيجية الاستثمار؟
إن البساطة هي إحدى أهم المنافع التي تعود على الفرد من وراء قيامه بالاستثمار في الصناديق المشتركة. يعمل الصندوق المشترك بشكل أساسي على جمع عدد من المستثمرين الذين يقومون في العادة باستثمار أموالهم في الأسهم والسندات وسواها من الأوراق المالية، ويكون من نصيب كل مستثمر مجموعة أسهم تمثل حصة ذلك المستثمر من ممتلكات الصندوق. وتعمل هذه الآلية على تكوين المداخيل والإيرادات من خلال طريقين رئيسيين:
المداخيل والإيرادات الناتجة عن توزيعات أرباح الأسهم والفائدة على السندات.
والمداخيل والإيرادات الناتجة عن قيام الصندوق ببيع الأوراق المالية التي حققت زيادة في أسعارها.
ويعكس سعر الصندوق مقدار المداخيل التي نجح الصندوق في تحقيقها للمستثمرين فيه، فكلما ارتفعت المداخيل التي يقوم الصندوق بتحقيقها، أدى ذلك إلى ارتفاع قيمة الصندوق. ومن جهة أخرى، يمكن للمستثمرين جني أية أرباح حققوها وتحصيلها بشكل فعلي عندما يقومون ببيع أسهمهم. وعلاوة على ذلك، بينما توفر بعض الصناديق الخيار للمستثمرين بتلقي دفعات مداخيل بشكل دفعات نقدية يقوم الصندوق بأدائها لهم، فإن بعض الصناديق الأخرى تقوم باستثمار المداخيل والإيرادات التي تم تحقيقها في الصندوق مجدداً بشكل تلقائي.
ما هي المزايا المتوقعة من الاستثمار من خلال الصناديق المشتركة؟
- كما ذكرنا، تُعتبر الصناديق المشتركة آلية استثمار تمتاز بالبساطة، في الوقت الذي توفر فيه للمستثمرين «نافذة تسوق واحدة متكاملة» يمكنهم من خلالها القيام بالاستثمار في مختلف الأوراق المالية في أحد أسواق الأسهم التي يتم اختيارها. وهناك ميزة أخرى للصناديق المشتركة تتمثل في إدارتها بطريقة مهنية ومحترفة، وبذلك فإنها تعتبر وسيلة معقولة التكلفة لصغار المستثمرين للحصول على مدير يقوم بالاستثمارات لصالحهم ومراقبتها ويكون مكرِّساً لخدمتهم طوال الوقت.
ويأتي تنويع المخاطر كواحدة من المنافع الأخرى التي تحققها الصناديق المشتركة لمن يقوم بالاستثمار فيها، وهو ما يتحقق للمستثمر عندما يقوم بشراء أسهم في هذه الصناديق المشتركة بدلاً من شراء أسهم أو سندات محددة. وتتجلى الحكمة من تنويع المخاطر بهذا الشكل في الاستثمار في عدد كبير جداً من الأصول بحيث يتم تقليل آثار الخسارة التي قد يتم تكبدها في أحد الاستثمارات عن طريق تحقيق الأرباح في استثمارات أخرى، وهناك صناديق مشتركة ضخمة الحجم بشكل كبير بحيث تكون لديها القدرة على امتلاك المئات من مختلف الأسهم في قطاعات اقتصادية متنوعة، بينما لا يستطيع المستثمر بناء مثل هذه المحفظة لوحده من خلال المبلغ البسيط الذي يملكه.
بالإضافة إلى ما تقدم، يأتي انخفاض تكاليف المعاملات كميزة أخرى للصناديق المشتركة، وذلك نظراً لأن الصندوق المشترك يقوم بشراء أو بيع كميات ضخمة جداً من الأوراق المالية في كل مرة، وبالمقارنة فإن تكاليف المعاملات تكون أعلى بالنسبة للأفراد الذين يقومون بالتعامل بكميات أقل بكثير من الأوراق المالية نفسها.
ومن بين المزايا الرئيسية الأخرى التي توفرها الصناديق المشتركة للمستثمرين هي أنها تتيح لهم طلب تحويل الأسهم التي يملكونها في الصندوق المشترك إلى نقد في أي وقت، تماماً مثل أية أسهم أخرى يتعامل بها المستثمرون.
وختاماً، يعتبر شراء أسهم في صندوق مشترك أمراً سهلاً ومبسطاً للغاية، إذ لا يتطلب ذلك سوى قيام الفرد بالبحث عن الشركات التي توفر صناديق مشتركة من أكثر من مدير، والتي تمتاز بانخفاض الحد الأدنى المطلوب للمبالغ التي يمكن للشخص الاستثمار فيها. ومن بين الأمور المهمة أيضاً للعديد من الأشخاص توفير الإمكانية لهم لاستثمار مبلغ بسيط كل شهر في الصندوق المشترك.
كيف ينبغي إدارة استثمارات الصناديق المشتركة؟
- كما هي الحال بالنسبة لأي استثمار آخر، هناك مخاطر محتملة مرتبطة بالاستثمار في أي من أسواق الأسهم، نظراً لاحتمال ارتفاع قيمة الاستثمارات أو انخفاضها. ومع ذلك، يجب التقيد ببعض الإرشادات الأساسية عند اتخاذ قرار الاستثمار في الصناديق المشتركة:
يجب تقسيم الاستثمارات إلى استثمارات على المدى القريب (لمدة تقل عن خمسة أعوام) وعلى المدى البعيد (لمدة تزيد على خمسة أعوام) والغرض هنا مجدداً هو تحقيق التوازن بين درجة المخاطر ومستوى العائد.
يجب اختيار الصناديق التي تعبر عن أهدافك المالية والأهداف التي ترجو تحقيقها من استثماراتك، حيث إنه من المنطقي أن تتناسب الزيادة في درجة المخاطر بشكل مطّرد مع طول المدة التي ترغب فيها في الاستثمار.
يجب مراقبة الصناديق بشكل منتظم وبوتيرة أعلى إذا كانت الأهداف موضوعة على المدى القريب.
بالنسبة للمستثمر العادي، تُعتبر الصناديق التي تركّز استثماراتها في أسهم الشركات الكبرى من حيث القيمة السوقية أفضل الخيارات الاستثمارية حيث إنها تشهد درجة أقل من التقلبات في السعر بالمقارنة مع الشركات التي لها قيمة سوقية متوسطة أو قليلة.
تجنب الشعور بالخوف في حال حدوث انخفاض في السوق - فارتفاع أسعار الأسهم وانخفاضها هو من الأمور الطبيعية في أي سوق للأسهم ويجب على المستثمرين وضع رؤية استثمارية على المدى المتوسط/البعيد.
وختاماً، يجب توخي الحرص في توزيع الاستثمارات على امتداد مختلف فئات الأصول بهدف إدارة المخاطر بشكل جيد وتنويعها.
العدد 4142 - الأربعاء 08 يناير 2014م الموافق 06 ربيع الاول 1435هـ