بعد أشهر من المناورات والتكتمات، أُعلِن عن تنحّي وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي عن منصبه، تمهيداً لترشحه للمنصب الأعظم: رئاسة الجمهورية!
لم يبدأ التمهيد بهذا الإعلان، وإنما بدأ منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، فالنظام القديم أخذ يستعيد مواقعه التي خسرها العام الماضي تحت حكم «الاخوان المسلمين»، وبدأت كوادره تعود إلى قلاعها التي كانت تحتلها وتعشعش فيها منذ ستين عاماً، في مجالات السياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام. ومع العودة كانت حرب التصفيات، وكان الفتك العنيف بالخصوم.
الإعلام في هذا الزمان يلعب دور المدفعية الثقيلة في دكّ الحصون، وهكذا عادت كتائب النظام السابق لتصفية آثار المرحلة القصيرة التي سيطر فيها الأخوان على الفضاء الإعلامي والسياسي والقضائي، وبدأ ذلك بإغلاق القنوات.
لقد ارتكب الأخوان أخطاء قاتلة، وارتكب إعلامهم الديني أخطاء قاتلة أخرى، مع تورطهم أو توريطهم بأجندات تكفيرية، حين قبلوا التماهي مع السلفيين المتشددين، لحسابات سياسية قصيرة النظر. وحين تم سحقهم لم يجدوا من يتعاطف معهم غير منظمات حقوق الإنسان الدولية وقلةً من التيارات السياسية.
الإعلان لم يكن مفاجئاً للمتابعين لتقلبات الساحة السياسية المصرية، فرغم محاولة التكتم على خطة اللعب، إلا أن النظام القديم العائد بشبقٍ جنوني إلى السلطة، لم يستطع كتم رغباته. وهكذا نطق باسمه ممثلوه على الفضائيات، وفي أعمدة الصحف القومية. كانت رغبةً مكتومةً، وكان لابد أن تظهر على قسمات الوجوه وفلتات الألسن.
السيسي استغل حركة الملايين في الشارع ضد نظام الاخوان، وطرح نفسه منقذاً للبلاد. كانت الإشارة الأولى التي بعثها لتسويق نفسه ساذجةً جداً، حين أوعز إلى أجهزته بنشر صورةٍ له وهو طفلٌ يؤدي التحية العسكرية للرئيس القومي جمال عبدالناصر. كانت رسالةً تنم عن سذاجةٍ وسوءِ فهمٍ لحركة الجماهير.
لقد أخطأ السيسي في فهم اللحظة التاريخية التي تمر بها مصر والدول المجاورة، كما أخطأ في فهمها الأخوان وكثير من الأحزاب الإسلامية والقومية. فالربيع العربي، ولنعترف بشجاعة، لم ينطلق لوجود عشرات الملايين من المؤمنين بشعار «الإسلام هو الحل»، أو «أمة عربية واحدة»، وإنّما لأن النظام العربي الرسمي بلغ نهاية عمره الافتراضي، ودخل في مرحلة الغيبوبة. كانت أنظمة ما بعد الاستقلال، وصلت مرحلة الشيخوخة والإفلاس الحضاري، مع انهيار آمال التنمية وانتشار البطالة وتغلغل الفساد إلى العظم وانسداد الأفق أمام شعوب ستون في المئة منها من الشباب.
خارجياً كان النظام العربي قد أعلن تسليمه بالهزيمة أمام الغطرسة الإسرائيلية، واستعداده للتآمر على من يقاومها كما حدث في حربي تموز والرصاص المصهور، بل والمشاركة في محاصرة قطاع غزة حتى التجويع كما حدث مع نظام حسني مبارك. كانت آخر ورقة توت يتستر بها النظام الرسمي العربي قد سقطت مع نهاية حرب غزة مطلع العام 2009، وسقط معها ما تبقى من شرعيته في أعين الجماهير.
الأجهزة الإعلامية ذات الأداء المتخلف، قامت بتسويق وزير الدفاع بصورةٍ فجّة، وكان قمة الاستخفاف بالعقل المصري، حين ظهر على الفضائيات من يخاطب السيسي بقوله: «كمّل معروفك يا سيسي». كان الجنرال قد تعامل مع معارضيه بعنفٍ، انتقده عليه حتى حلفاؤه الغربيون. كان مشروع دكتاتورٍ يتحرّك على الأرض، وكانت تسويقاً إعلامياً رخيصاً لمستبدٍ جديد.
مصر مازالت تقدّم الدروس. فقد سقط أول رئيس منتخب لأول مرة في تاريخها، مهما كان عليه من المؤاخذات، وعاد العسكر بعد عامٍ واحدٍ فقط من الفراق، ليجدّدوا قصة عشقهم الأبدي للعرش!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4141 - الثلثاء 07 يناير 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1435هـ
مقال رائع
تحليل عميق .. لما حدث في مصر حتى الآن
العسكر
لا يصلح لمصر سوى الدكتاتورية اما الانتخاب فهذا حلم قد تبخر لدى العرب .لكن العجيب ان هناك من يشجع الدكتاتورية .وما الله بغافل عما يعمل الظالمون مع انى لا احب الاخوان لكن اشعر انهم ظلموا .
محمد
مشكور يا استاد قاسم بس شنو الحل اذا المعارضة في الدول العربية ما يعتمد عليه في ادارة بيت مو دولة ؟
وصرت تحت خيارين تسليم البلاد .......او ابادة شعب
الله يستر
الافضل له انه يتم في منصبه اذا كان ذكي
كمل معروفك يا سي سي
هذا الشعار أكبر اهانة توجه للشعب املصري الشقيق وثورته الكبيرة. حفظ الله مصر والمصريين الأشقاء.
الله يرحم
الله يرحم الشعب والمسكين
عيل و الثورة .... شنو رايهم ؟؟؟؟
لابد من المخاض
كل الثورات على مر التاريخ لابد لها أن تمر بمخاض يتم فيه الفرز وبالخصوص ثورات غير مكتملة وبدون قيادة موجهة.
رئيس طل
أشوفك يا سيد قمت تقط خيط و خيط أي رئيس منتخب الله يهديك هذا توت عنخ آمون احيوه وصوت له هذه الجماعة لا تستحق ان تكون في المقدمة هل يعقل رئيس ومنتخب ان يقول امامه وامام انظار العالم شخص بان مكون وان كان صغيرا من الشعب المصري بانه مجوس و زنادقه ويجب طردهم وهو كانه ابوالهول لم يحرك ساكنا
هذا رئيس منتخب رئيس طل ومنتخب طلين اذا مهب خمسة اطلال
يستحقون
هم على حق .. المصريون لا يصلح لهم الا فرعون..
ثم لنتكلم بصراحة، الاخوان يستحقون ماحصل لهم فها هم يبيعون الوطن من اجل الجماعة، ويحرقونه ويقتلون اخوانهم ..
هؤلاء مثلهم مثل من هم في سوريا والعراق وليبيا وتونس..
لايجب ان يتركوا..
اثبتت الثورات العربية ان العرب لا يمكن ان يحكمهم الا دكتاتور لانهم "غجر رعاع" وليعذرني الجميع ..
ليس الشعوب هكذا
بالنسبه الى يستحقون قد لا نختلف لانها جنت على نفسها براغث
ولكن همج رعاع اسمحلي اقولها لك اما انك تسرعت او على اقل تقدير لم تفهم الواقع جيدا وتحتاج الى اعادة نظر
متى حكم دكتاتور في التاريخ الحديث او تاريخ حرق روما الا وعذابات الناس تحت قدميه
هذا ما تريده خذه وحدك
الشعوب لن تقبل
واخيرا عن أي ثورات تتكلم وعن أي تجربه منها وضعت تصورك
ثورات لم يمضي عليها الا 3 سنوات بالكثير وهي في مرحلة النضوج
اصبر قليلا لا تحكم على شعوب هكذا بجرة قلم
حماقة الاخوان
ضيعت مصر حتى ارادو التخلص منهم وعلى يد ايا كان سيسي او عيعي فلما اسقطو حكم الاخوان غابت الالسكره وجاءت الفكره اكتشفوا ان الحرس القديم عاد وبقوة وكانك يابوزيد ما غزيت مسكين الشعب المصري بسهوله ينضحك عليه
لا احد يتعلم الدرس ...
شعوب تصنع دكتاتورياتها ...
سيمبارك
سندخل في عهد مخلوط جزء مبارك وجزء سيسي
مبارك على نكهة سيسي
نعم لقد نجح في خداع الشعب المصري ونحن عائدون الى عهد مبارك نفس النهج ونفس الطريقة طريقة المنقد ثم يكون هو الطامة الكبرى
نحن امة منتجة للغباء و مستهلكه له
سيرشح نفسه و سيفوز و سيخرج مئات الالوف لتحيته و ابهتاف باسمه ثم بعد عشرات السنين سيصل بها التذمر لتطلب منقذا غيره على شاكلته لتعيد الدورة