على جثثنه أدور هالفضئيات
ياهو إلي يصور ياخذ الاجره
صفر كل النتايج للعراقيين
بس بالفتنه جابوا عشره من عشره
تعب حتى الشِعر ويه العراقيين
وصار بحال أهلنه وبالعراق أدره!
هذه مقاطع من هموم شاعر عراقي معاصر توضح الجانب الأكبر من مشكلة كل العراقيين اليوم بعد حوالي عشر سنوات من سقوط حكم الديكتاتورية الذي ساسهم بالحديد والنار طوال 33 عاماً.
وفي جانب آخر توضح الحكاية التالية التي وقعت في ثمانينيات القرن الماضي ما لم يتغير في العراق حتى اليوم. تقول بأن صديقين يعملان في أحد المصانع أُرسلا إلى اليابان، وكسلوك طبيعي ناتج عن الحرمان الأزلي للمجتمع العراقي في عهد الطاغية، تجنب الصديقان النزول في الفنادق المصنفة بالنجوم لسبب سيتضح لاحقاً، فنزلا عند عائلة يابانية حوّلت مسكنها إلى نزلٍ ومطعمٍ يديره رب العائلة مع زوجته وابنته، فالزوجة طاهية للطعام، والبنت نادلة تقدم الشراب. وخلال الأسبوعين اللذين قضاهما الصديقان عند هذه العائلة، تكوّنت فيما بينهم بعض ألفة ومودة، خصوصاً أنهم كانوا خلال ساعات المساء يتشاركون بالجلوس إلى طاولة واحدة ليتسامروا معاً.
وفي اللحظات الأخيرة من الليلة الأخيرة التي تسبق صباح عودتهم طلب المهندس العراقي من الرجل الياباني صاحب النزل أن يحرّر له فاتورة الحساب لكنها تخالف ما سيدفعونه، بأن تكون أسعار المبيت والطعام والشراب هي ذات الأسعار التي تطلبها الفنادق، لأن هذه الفاتورة ستُقدم للمصنع عند عودتهم، ليحصلوا على الفارق بين السعرين. فانتفض الياباني منزعجاً من هذا الطلب قائلاً: لا، هذا تزوير، هذا عمل غير أخلاقي. وباستثناء أن ما كان يقوم به الياباني في عرض عائلته أمام الأغراب هو ذاته في نظر العرب حرام وغير أخلاقي؛ لكنه يطرح هنا السلوك اللاأخلاقي الذي ارتكبه الصديقان تجاه الوطن وليس تجاه أفراد عائلة.
وعلى شاكلة هذا السلوك تجاه الوطن العراقي، نفهم الشكوى المريرة والمستمرة من معظم قطاعات الشعب الجريح حقاً ضد نواب البرلمان منذ بدأت انتخابات العراق لأول مرة بعد السقوط. حيث ظن العراقيون أنه بسب الديمقراطية وبوجود البرلمان، سوف يصبحون أفضل وأرفه من الدول النفطية المجاورة لهم. ولكن للأسف ازداد زرع التفرقة والقتل على الهوية في عراق اليوم الضحية؛ بل أن بعض البرلمانيين، كما تشير الصحافة العراقية، صاروا هم سُرّاق أموال الشعب.
والقادم اليوم من زيارة أربعين الإمام الحسين (ع)، اكتشف أن العراق، رغم كل ما تمثله المراقد المقدسة من دعم هائل لميزانيته المتخمة أساساً بعائدات النفط وبعد عشر سنوات، لا يجد سوى آهات وأنات وشكاوى لا تنتهي ممن لا يستفيد الكثير من ثروات بلاده، سواء أكان مواطناً عادياً بسيطاً، أو تاجراً متواضعاً، أو مدرساً، أو موظفاً، أو مثقفاً طواه الزمان في عراقٍ كان هو مصدر الثقافة وحركة النشر الكبيرة لولا عهد الطاغية.
وكان من المفترض أن يكون النظام الحزبي الحالي بعيداً عن العناوين السابقة، من شوارع متسخة دائماً، وصبيةً بعمر الورد يبيعون النفط على ناصية الطريق للدراجات النارية و»الستوتة»، ومن فاسدين ومفسدين في بلد نفطي عريق يضطر بعض مواطنيه إلى التسوّل في الطرقات، ولا في كثرة المتلاعبين في المقاولات ومشاريع الجمهورية، ولا حتى في تعاون البعض، ممن باع ضميره ودينه ووطنه للتكفيريين والإرهابيين، من خارج العراق، لأجل حفنة دولارات.
ولا ينحصر الإهمال والفساد في بعض الوصوليين، بل هو كذلك في سلوكيات بعض المواطنين الين ينتظرون الدولة دائماً لتزيح ما يلوثون به وجه العراق الجريح، سواءً في الطرقات، أو في النفس البشرية الأمارة بالسوء.
وها هي المراقد المقدسة، التي تعتبر نعمة العراق الأولى قبل النفط، ونقلاً عن إذاعة سبل السلام، والعهدة عليها، تذكر بأن المردود الاقتصادي الذي حققته كربلاء وحدها فقط على يد زوار الإمام الحسين (ع) للعام الحالي (1435هـ)؛ بلغ حوالي 35 مليار دولار. هذا الرقم ضخّه العدد الهائل جداً من الزوّار بين 10 و20 صفر، والذين بلغوا حوالي 25 مليون زائر بحيث وصف الإعلام العالمي المشهد بالظاهرة غير المسبوقة في التاريخ لزيارة إنسان استُشهد قبل 1374 عاماً، كما أن مبلغ الربح الكبير يشكّل ضعف ميزانية العراق المقدرة لعام واحد. في حين بلغت مصاريف إطعام الزائرين حوالي 5 مليارات دولار، عبر مضائف لخدمتهم في طرق (المشاية) بلغت حوالي 3 ملايين مضيف، وحوالي 300 ألف مضيف داخل كربلاء وحدها، في ثاني أكبر عملية تكافل اجتماعي يشهدها التاريخ بعد دولة الإمام علي (ع)، لإيواء وإطعام 25 مليون زائر، في عملية بشرية لا يكاد يصدقها العقل.
أمام هذه الأرقام الفلكية التي من المفترض أن تكون حافزاً ومشجّعاً لتحسين أوضاع المناطق المقدسة على الأقل؛ تأتي الوعود تباعاً ببناء مدن جديدة لخدمة الزوار خلال السنوات الثلاث القادمة، وخطط لبناء شبكة نقل حديثة ومتطورة ومجانية لنقل الزائرين في طرق المشاية، ومطار بكربلاء المزمع اكتماله في نهاية العام 2015، وشبكة حديثة للنقل بقطارات خفيفة، وباصات كهربائية، وجسور متحركة في محيط الحرمين للتغلب على الازدحام البشري الهائل، وغيرها؛ تبقى خططاً بطيئةً أو منعدمة التنفيذ على أرض الواقع.
ومعها يأتي قلق الزائرين من ألا يُنجز من هذه المشاريع، بسبب سوء الوضع الأمني والفساد البشري المستشري، سوى بناء فقط المجمع التجاري في وسط كربلاء المسمى «سيتي سنتر كربلاء»، لأن وراءه شركة استثمارات خليجية، ولأن ليس له علاقة بتسهيل خدمات المراقد المقدسة بذاتها!
وفي الوقت الذي لا يمكن أن نبخس عمل السلطات الأمنية وخططها التي أسفرت، كما قيل، عن قتل واعتقال العديد من الإرهابيين الذين حاولوا إيذاء زوار كربلاء، وإحباط العديد من محاولات قصف المدينة المقدسة بصواريخ «غراد»، وبالتالي إنقاذ الآلاف؛ تبقى بعض الإجراءات الأمنية بأجهزتها الكلاسيكية وغير الفعالة، عاجزةً أمام ضعاف النفوس والحاقدين، ما يزيد في معاناة الزوار أمام حواجز التفتيش بدل أن تكون هذه الإجراءات لتسهيل انسياب حركة الزائرين.
ويبقي عراق الأنين، في ظل التناحر والأنانية الحزبية، وضيق الأفق، وعدم الثقة بين العراقيين أنفسهم، وعدم الحرص على بناء النفس العراقية الجديدة التي مزّقها الطغاة السابقون قبل بناء الطرق؛ يعاني من أهله في الداخل، ومن بعض جيرانه، في الخارج، لدرجة أن يبقى، كلب الحراسة والتفتيش عند حواجز المطارات حتى اليوم، أميركياً بامتياز.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 4140 - الإثنين 06 يناير 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1435هـ
لن يهدأ العراق
لن يهدأ عراق تحكمه إيران ؛ و ما قوي الإرهابيون إلا بتسهيل من إيران.
وين يهدأ العراق واموال البترول تقول لا حكم للطائفة الشيعية
البعض يرى ان لا حق للعرب في حكم اي بلد وان كانوا اكثرية ساحقة وكأن وكلاء الله في خلقه
شكرا يا استاذ.
السلام عليك يا ابا الاحرار ... وشكرا لك استاذي على المقال الرائع.